يتفق العراقيون في أن للاحتلال ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﻟﻠﻌﺭﺍﻕ دور أساسي في إسقاط ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ وﺍﻨﻬﻴﺎﺭ ﺒﻨﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ والحزبية، ﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﺒﻁﺒﻴﻌﺔ ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻡ السابق وطريقة ﺒﻨـﺎئه للدﻭﻟـﺔ، ﻓﻀﻼﹰﻋﻥ ﻤﻜﺎﻨﺔ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ الحكومية وأجهزتها ﻓـﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ الداخلية، ومن ثم علاقاتها مع المحيط الإقليمي والدولي.
وكما لا يخفى على كل ذي بصيرة من غير العراقيين في أن اندفاع الإدارة ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﻭﻤﻥ ﺘﺤﺎﻟﻑ ﻤﻌﻬﺎ إﻗﻠﻴﻤﻴاً ودوليا في غزو بلاد الرافدين ﻓﻲ إبريل 2003، ساهم في ﺘﺩﻤﻴﺭ اﻠﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺘﻴﺔ الاجتماعية والاقتصادية ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ ﻭﺘﻘﻭﻴﺽ مؤسساتها، عن طريق ﺘﻌﻤﻴﻕ ﺸﻘﺔ ﺍﻟﺨﻼﻓﺎﺕ ﺒﻴﻥ ﺃﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺸـﻌﺏ، ومن ثم ﺘﻤﺯيق ﺍﻟﻨﺴﻴﺞ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ الحاضن للمشروع ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ، ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻓﺭﻀﺕ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴـﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ الجديدة ﻭﺍﻗﻌﻬﺎ ﺍﻟطائفي، وتركت بصماتها الخاصة ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﺤﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻجتماعية، مربكة بوصلة ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ وحقه في الاختيار ما بين الولاء ﻟﻠﻤـﺫﻫﺏ ﻭﺍﻟﻁﺎﺌﻔﺔ، ﺃو الولاء ﻟﻠﻭﻁﻥ ﻭﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﻴﻥ، للحفاظ ﻋﻠﻰ ﻭﺤﺩﺘﻪ ﻭﺘﻤﺘﻴﻥ ﻟﺤﻤﺘﻪ ﺒﻴﻥ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﺃﺒﻨﺎﺌﻪ ﻭﺸﺭﺍئحه، حيث عمق الاحتلال الحس الطائفي الشيعي وشجع النظام الحاكم في عدائه ومحاربته للمكونات الأخرى، وتهيئة الظروف المناسبة للارتماء في أحضان إيران تحت ذريعة الدفاع عن حقوق المكون الشيعي في حكم البلاد، والبقاء في السلطة لينتقل العراق في النهاية من فترة الاحتلال الأمريكي، الذي اسقط النظام والدولة إلى فترة الانتداب الإيراني الهادف إلى إسقاط الهوية العراقية وتغيير تاريخها.
وبهذا يفوق حجم التدخل الإيراني خطورة الاحتلال الأمريكي في نجاحه في تغيير النظام، وإذا كان الاحتلال الأمريكي للعراق قد نجح في اسقاط الدولة العراقية وتغيير النظام البعثي، فإن الجمهورية الإسلامية ونظام الولي الفقيه يسعيان في مشروعهما على التراب العراقي، إلى اسقاط العراق كبلد بكامله وضمه سياسيا ومذهبيا وقوميا، بعد أن استطاعت إيران وبفضل الحكومات الطائفية ومليشياتها من تهميش المكون السني وقمعه بسلاح المذهبية، ومن ثم دفعه للوقوع في فخ التنظيمات الجهادية طلبا للأمن والحماية.
من هذا المنطق لم تكن تصريحات مستشار الرئيس اﻻيراني على يونسي، في أن تصبح بغداد عاصمة للإمبراطورية الإيرانية اعتباطا ولا صدفة، بل هي إيذان ببدء تكرار فترة جديدة من الوجود الفارسي، وما دعوة الناطق في «وكالة مهر الحكومية الإيرانية»، حسن هاني زاده للعرب العراقيين «إلى ترك الهوية العراقية والعروبية» وإجبار العراقيين للاختيار ما بين العروبة التي وصفها «بالمزيفة»، إلا إشارات للتذكير بحقيقة الأمر الواقع الجديد المتمثل في النية الرسمية الإيرانية لإسقاط الهوية العراقية وربط البلاد بمشروع الإمبراطورية، التي أكل الزمان عليه وشرب.
من هنا، أخطأ النظام العراقي الحاكم في اضطهاده وقمعه للعرب السنة، في قراءته لتصدي العراقيين للنفوذ الأمريكي والإيراني، على أنه امتداد لثورة مذهبية سنية هدفها الإطاحة بنظام الاحزاب الشيعية، وليس ثورة شعبية وطنية ضد الاحتلال والفساد، ومن أجل الحرية مثلها مثل ثورات الشعوب التي تعرضت لذل الاحتلال.
لم يفرق النظام الحاكم ومرجعيته الدينية ما بين الدفاع عن العراق والدفاع عن المذهب، بتسليمهم أمور العراق إلى إيران، على الرغم من معرفة الزعماء الشيعة، كمقتدى الصدر وغيره بطبيعة خفايا المشروع التوسعي الفارسي، ودور نظام ولاية الفقيه في العراق، الرامي إلى تفضيل المصالح القومية العليا لإيران في تنفيذ استراتيجيتها التوسعية، على حساب السيادة والوجود العراقي في المنطقة، التي ترتكز على شحن العداء والبغضاء وتمزيق وحدة صف العراقيين وجعل المعايير الطائفية والحزبية فوق المعايير الوطنية والقومية، ومن ثم تحويل العراق والمنطقة العربية إلى ساحة احتقان شيعية ـ سنية بامتياز.
كما أخطأت أيضا بعض فصائل المقاومة العراقية وقياداتها التي كان لها شرف مقاتلة المحتل الأمريكي والإيراني، والمشاركة في المشروع التحرري الذي استطاع إلحاق الهزيمة بالمشروع الأمريكي وأجبره على الرحيل، حين لم تفرق بين الدفاع عن العراق ووحدته، وإعادة الدولة والنظام اللذين أسقطهما الاحتلال الأمريكي في 2003 حين تحالفت مع «تنظيم الدولة الإسلامية»، سواء عن طريق التحاق عدد من النخبة العسكرية والحزبية السابقة بتنظيم «داعش» أو عن طريق مغازلة هذا التنظيم المتشدد، الذي لا يتوافق مع واقع الدولة الوطنية العراقية، في ما يتعلق بشرعية تعدد مكوناتها وقدسية تنوع معتقداتها السماوية، ناهيك عن رؤيته الخاصة في فهم وقراءة تاريخ بلاد الرافدين، وأهمية آثارها التاريخية، حيث يُكمن هذا الخطأ في الانزلاق في فخ مشروع تنظيم «الدولة الخلافة الإسلامية» (داعش) الذي يراد منه وأد المشروع التحرري الوطني، من خلال الخلط ما بين الفكر الإسلامي الإرهابي المتطرف، والأفكار القومية والتحريرية لاستعادة السيادة والأمان، وتخليص البلاد من النفوذ الإيراني ونظامه الطائفي السائر في فلك قم وطهران. فثمة حاجة لرؤية صريحة لا مجال فيها لأي احتمال، إن ما نحتاجه في هذه الفترة العصيبة التي يمر بها العراق بعد احتلال إيران لبلادنا وتدمير «داعش» لكنوز تراثنا، هو العودة الوطنية المخلصة للدفاع عن بلاد الرافدين وتاريخها وليس الحزبية القومية أو المذهبية الفئوية، فجرح عراقنا كبير ولم يعد بلدنا كما كان.
لقد أخطأت المرجعية الدينية ومن خلالها الحكومة الطائفية في رؤيتها وتحالفها مع إيران، حين لم تفرق بين الدفاع عن الهوية العراقية والدفاع عن المذهب. وكما لم يفرق البعض من القوى السنية والقومــــية ما بين الدفاع عن العراق العربي المهدد بالسقوط وبين إعادة بناء دولتهم الساقطة بدبابات الاحتلال.
٭ كاتب من تيار المواطنة العراقي
أمير المفرجي
لا أدري لماذا لا يتعلم الشبعة بالعراق مما جرى للأحوازيين من ظلم
أليس الأحوازيين شيعة أيضا
الجمهورية الاسلامية المزعومة تدعم القومية الفارسية
فهل يريد الشيعة العرب الأقحاح دعم المشروع الفارسي
هل تستهويهم فكرة التبعية للغير
ولا حول ولا قوة الا بالله
* أوافق بشدّة : ـ
** ( أمريكا ) دمرت ( الدولة العراقية ) ونسفتها من أساسها وغادرت ؟؟؟
* ( ايران) قبلت ( الهدية ) الأمريكية وبسطت هيبتها ونفوذها ع العراق
ولكن في النهاية أتوقع : سوف ينقلب ( السحر ع الساحر ) الإيراني
ويتعرض العراق للتفتيت والتقسيم وحرب ( داحس والغبراء ) ؟؟؟
شكرا .
كا حزب بما لديه فرحون ….ولكن لايوجد حزب واحد يمكن ان يقال له انه يخاف حدود الله
أشكرك يا أمير المفرجي على هذا المقال بعنوانه ومحاولة تشخيص الإشكالية في دولة “الحداثة” بنسختها العراقية بعد 2003، وأخيرا مقال يتكلم بلسان المواطن، وليست صياغته بلسان النخب، بغض النظر نخب أي تيار حزبي كان. ولكني أختلف معك يا أمير المفرجي في مسألة أنَّ دولة “الحداثة” فيها أي مفهوم من مفاهيم التعدّدية، والدليل على ذلك مثلا دولة الكيان الصهيوني الديمقراطيّة، ثم هل هناك مكان للأخلاق أو للقيم أو لِلُغة واحدة؟ تكون اساس التفاهم والتعامل مع الـ آخر في دولة “الحداثة”؟ فما هي لغة التفاهم مع الكيان الصهيوني الذي يعتمد اللغة العبرية والتي تجتمع مع لغة دول الخليج والتي تعتمد اللغة العربية، في حين “لغة الحرب على الإرهاب” تعتمد اللغة الإنجليزية، ولغة “إيران” هي اللغة الفارسيّة، ولغة “تركيا” هي اللغة التركية؟!
مفهوم “من ليس معنا فهو ضدنا” أو ثقافة الـ أنا هو اساس دولة “الحداثة”، ولذلك أظن يُخطئ من يظن أنَّ هناك تعدّدية في دولة “الحداثة” بشكل قانوني، بداية من تعدّد الأزواج، لكن بعيدا عن القانون فهي تدعمه بداية من تعدّد العشيقات، حيث لا تعتبر الخيانة الزوجية لها أي علاقة بالجرائم ولذلك تجدّها تغلّظ العقوبة قانونيا على أي جريمة لها علاقة بالشرف أو تحطيم مفهوم الأسرة بالخيانة الزوجيّة، فاللّغة أي لغة كانت، بغض النظر إن كان اساسها التأويل كما هو حال لغات الفلسفة مثل الأوربية والأورو أسيوية أو كان اساسها الاستقراء والاستنباط كما هو حال لغات الحكمة مثل العربية والصينية التقليدية، لا يمكن أن تكون لغة للحوار، إن لم يتفق الطرفان على معنى المعاني فيها، فلذلك لا يمكن اعتبار أي لغة بدون وجود قواميس وهيكل للغة مكتوب في كتب معتمدة من أهل كل لغة من اللغات، ولا يمكن أن تكون هناك أي ترجمة صحيحة بين اللغات بدون اعتماد معنى المعاني لكل لغة بلغتها من خلال كتب قواميس تلك اللغة، فلا يمكن استخدام معنى لغة ما في ترجمة لغة أخرى، فهذا هو التدليس اللغوي الذي هو اساس أي سوء فهم، دولة الكيان الصهيوني لا يوجد بها حتى الآن دستور، فكيف يمكن أن تكون دولة المواطن، بغض النظر إن كان من ضمن شعب الرب المُختار من قبل السّامري (الجيش والأجهزة الأمنية والقضائية) أم لا، كما هو حال الشيخ رائد صلاح ممن يرفض الاشتراك في العملية السياسيّة أو حنين الزعبي ممن يُشارك في العملية السياسية لقوات الاحتلال على سبيل المثال لا الحصر.
أهل فلسطين ممن صمد ولم يهرب من فلسطين عام 1948 بسبب المذابح التي قامت بها قوات الهاغانا وغيرها من قوات الكيان الصهيوني “للأغيار” من أجل إرعابهم ودفعهم على الهروب، مثلهم مثل أهل العراق المقاوم في المحافظات المنتفضة الستة، هم أمل العالم لإيجاد حل بديل، بدل مفهوم دولة “الحداثة” الديمقراطية مثل الكيان الصهيوني، التي لا تعترف بدستور ولا حدود ولا قيم ولا أخلاق ولا إنسانيّة، والتي لا تختلف عن العملية السياسية لقوات الاحتلال بعد عام 2003،
وبالمناسبة لاستيعاب أي موضوع تحتاج إلى الانتباه إلى توقيت نشره والسياق والأجواء التي نُشرت فيه، فمثلا هناك سبب من عمل اسطورة من آينشتاين في وقته، مثلما الآن الإعلام الإيراني يعمل اسطورة من قاسم سليماني لدرجة الرغبة في عمل يوم ميلاده عيد وطني، ففي وقت آينشتاين كانت هناك رغبة في تأسيس الكيان الصهيوني، ويرغبون في قائد لها، فيجب تكوين أو صناعة رمز أو أيقونة للدولة، مثلما يُريد الإعلام للإمبراطورية الإيرانية بعد صناعة أيقونة الخميني وخامنئي، ولكن من الواضح أنّ العالم آينشتاين يختلف عن المثقف والسياسي في حساباته وانسانيته، فرفض أن يقبل استلام منصب رئيس الكيان الصهيوني في حينها، ولا ندري هل سيكون لدى قاسم سليماني العسكري (الذي يجمع المثقف والسياسي ورجل الأمن) أي شيء من انسانية آينشتاين العالم؟
وبالمناسبة الكثير يوعز إلى انتفاضات أدوات العولمة، في أنَّ شرارة البداية لها كان حرق البوعزيزي نفسه، بعريضة الشكوى ضد الشرطية، أمام الدائرة التي رفضت استلامها، حفاظا على هيبة النظام، ممثلة في ممثل النظام وهو الشرطية، في سيدي بوزيد – تونس في17/12/2010، في حين أنا أظن أنَّ شرارة اشعال انتفاضات أدوات العولمة كانت في 14/12/2008 في مهد الحضارة الإنسانية وادي الرافدين، والتي فيها كان مؤتمر صحفي أمام عدسات القنوات الفضائية العالمية وعلى الهواء مباشرة رمى منتظر الزيدي حذاءه على ممثلي النظام الديمقراطي جورج بوش بالنسبة للغرب ونوري المالكي بالنسبة للشرق، الذي اساسه بُني على أكاذيب تم تلفيقها في الأمم المتحدة، واسلوبه في التعامل الإعلامي اساسه أكاذيب، ورمي الحذاء على ممثلي هذا النظام الفاسد لعدم وجود مصداقيّة فيه.
شكرا أستاذ على هذا المقال ، و عنوان المقال كان بليغ يكفي حتى عن قرٱته ؛ أضيف فقط أن حتى دول الخليج لها دور كبير في ذهاب الدولة و الهوية في العراق
أكيداً أن السنة العرب في العراق عندهم حساسية مفرطة من أيون ، ولا اري في ذلك عقلاتية …انا اري ان ايران جارٌ لنا ولدينا تأريخ مشترك طويلٌ ومع الأسف شديد التعقيد . وتأريخنا المشترك يحتم علينا التعايش بسلام حتي نستطيع ان نتشارك معاً الخيرات الوفيرة علي الجانبين من الحدود . نعم يجب ان يغدو العراق قوياً ، ولكن علينا التخلص من عقدة ايران . صدقا اقولُ ان كلا قيادات البلدين مسوولتين عن حربٍ عقيمة ، وآن للسلام ان يسود