بغداد ـ «القدس العربي»: أيقن قادة الكتل السياسية في العراق، خطورة إجراء عملية العدّ والفرز اليدوي، على ما حققوه من نتائج في الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي جرت في 12 أيار/ مايو الماضي، لذلك قرروا التوجه صوب تشكيل كتلة «موحّدة» للوقوف بوجه «دعاة» كشف المزوّرين.
أغلب قادة الكتل الذين كانوا «متحمسين» لإجراء العدّ والفرز اليدوي، تراجعوا عن مواقفهم، بحجّة الخشّية من الدخول في فراغ دستوري.
وينتهي عمر الدورة التشريعية الحالية لمجلس النواب العراقي في 30 حزيران/ يونيو الجاري، الأمر الذي يتطلب الإسراع في المصادقة على أسماء المرشحين الفائزين، ليدعو رئيس الجمهورية مجلس النواب الجديد للانعقاد، واختيار الكتلة البرلمانية الأكبر المكلّفة بتشكيل الحكومة.
لكن إجراءات العدّ والفرز اليدوي لنحو 10 ملايين صوت، قد تحتاج إلى نحو ثلاثة أشهر، وهذا ما يحذّر منه قادة الكتل السياسية.
تحالفات، «سائرون» المدعوم من التيار الصدري، و«الفتح» بزعامة هادي العامري، و«تيار الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، إضافة إلى الحزبين الكرديين الحاكمين (الديمقراطي ـ بزعامة بارزاني، والاتحاد الوطني ـ بزعامة طالباني)، سبق أن أعلنوا مواقفهم الداعمة لتعديل قانون الانتخابات، وإجراء العد والفرز اليدوي، غير إنهم «تراجعوا» عن ذلك مؤخراً.
حملة «التراجعات» شملت أيضاً زعيم ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، الذي أعلن ذلك قبل نحو أسبوع، خلال حديثه أمام مرشحي ائتلافه عن العاصمة بغداد.
مصدر مطلع على تفصيلات الاجتماع، قال لـ«القدس العربي»، إن «المالكي دعا مرشحي ائتلاف دولة القانون عن العاصمة بغداد على مأدبة إفطار، لكننا تفاجئنا بأن الحضور اقتصر على المرشحين الخاسرين فقط، ولم يحضر الإفطار أي مرشح من الفائزين باستثناء وزير العمل والشؤون الاجتماعية».
وأضاف: «تفاجئنا بتبدل طرح المالكي الذي كان من أشد المتحمسين لإعادة العدّ والفرز اليدوي، وكشف حجم التزوير الذي حرم دولة القانون من 5 مقاعد إضافية في العاصمة، و5 مقاعد أخرى ببقية المحافظات».
ورغم إقرار المالكي بحجم «الظلم» الذي تعرض له الائتلاف بسبب التزوير، حسب المصدر، لكنه (المالكي) راح يحذّر من خطورة دخول البلاد في فراغ دستوري، وربما حرب أهلية، في حال تم إعادة عدّ وفرز الأصوات يدوياً.
وطبقاً للمصدر، الذي اشترط عدم الكشف عن هويته، فإن المالكي دعا إلى «تمشية الأمور كواقع حال».
لكنه اعتبر أن الهدف الأساس من اللقاء هو «ضمان عدم مضي المرشحين الخاسرين بالطعون»، لأن ذلك سيكشف حجم التزوير الذي حصل داخل الائتلاف نفسه، وأخذ نسب من أصوات المرشحين إلى زعيم الائتلاف أو لرفع شخصيات أخرى تم تحديد صعودها إلى البرلمان سلفاً (عبر المال أو بتوجيه خاص)».
المصدر بين أن «عراب هذه العملية في ائتلاف دولة القانون هو أحد المرشحين الذين تربطهم بزعيم دولة القانون صلة قرابة»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن «هذا الأمر ينطبق على جميع الكتل السياسية الأخرى».
ورقة ضغط
أبرز المتحمسين لإعادة العد والفرز اليدوي، هو رئيس الوزراء العراقي، زعيم تحالف «النصر» حيدر العبادي، لكونه يسعى إلى استعمال ذلك «ورقة ضغط» على الكتل السياسية للتحالف معه وتجديد الولاية له، حسب المصدر، الذي أضاف: «بعد أن حدث شبه اتفاق بين المالكي والعامري وعلاوي والحزبين الكرديين الرئيسين على التحالف معاً، واتفاق الصدر والحكيم (قبل إعلان تحالف الصدر والعامري) واستبعاد العبادي من تلك الاتفاقات، قرر الأخير الضغط عليهم بموضوع إعادة العدّ والفرز اليدوي».
ووفقاً للمصدر، عضو في ائتلاف «دولة القانون»، فإن المالكي كسب حزبي بارزاني وطالباني، بالموافقة على شروطهم، تطبيق المادة 140، ومشاركة البيشمركه بإدارة المناطق المتنازع عليها، إضافة إلى تعديل نسبة الإقليم في الموازنة المالية، إضافة إلى أن الحزبين الكرديين يعتبران الانضمام إلى المالكي ردّا على «انتزاع كركوك منهم».
وفي المقابل، لم يحسم العبادي أمره بالانضمام إلى تحالف «سائرون»، كونه لم يتخل عن حزب الدعوة بعد، وهو الشرط الوحيد لتجديد الولاية له.
وعلى إثر ذلك، قرر العبادي «ضرب» التحالفين بتشكيله لجنة رفيعة المستوى للتحقيق بالخروقات التي شهدتها العملية الانتخابية، حسب المصدر، الذي أكد أن العبادي «يريد من خلال هذا الإجراء الضغط على الأكراد للتحالف معه، وأيضاً التحالف مع سائرون لتجديد الولاية له، مقابل ضمان أن تكون نتائج العد والفرز مطابقة، لبعض الكتل، ومختلفة لدى البعض الآخر».
وتابع: «قادة الكتل قرروا تشكيل تحالف موحّد يجمعهم، لإنهاء ملف تهديدهم بفقدان المقاعد التي حصلوا عليها، والضغط باتجاه إجراء عدّ وفرز جزئي يكون مطابقاً للنتائج المعلنة».
«إخفاء التزوير»
في الأثناء، أكد النائب عن التحالف الوطني، الممثل السياسي للمكوّن الشيعي، رحيم الدراجي، أن بعض الكيانات السياسية تمارس ضغوطاً على القضاء من أجل «إخفاء معالم جريمة التزوير» خلال الانتخابات، داعياً إلى مساندة القضاء، فيما طالب العراقيين بالحذر من «الالتفاف» على إرادتهم.
وقال في بيان، إن «عراقنا يشهد اليوم تطورات خطيرة بين مد المزورين وجزر الحاكمين، نشهد مؤامرة التسلق على حقوق المرشحين وسرقة إرادة وأصوات الناخبين من قبل طبقة سياسية فاشلة وعاجزة عن إدارة وقيادة البلاد، ومع ذلك فهي لا تزال مصممة على استمرار هذا الفشل والتردي».
واستنكر ما وصفها بأنها «ضغوط تمارسها بعض الكيانات السياسية على سلطة القضاء العراقي، من أجل إخفاء معالم جريمة التزوير التي قادتها هذه الكتل الفاشلة وتوجت تزويرها بحرق صوت الناخب العراقي في تحدٍ سافرٍ لإرادة العراقيين».
وأضاف: «لكن مع هذا يبقى الأمل هو ثقتنا العالية في كل الإجراءات التي سيسلكها القضاء العراقي الشجاع في التصدي لهذه الجريمة الكبرى بحق الدولة العراقية والتصدي أيضاً لكل الضغوط التي تمارسها بعض الكتل السياسية، والتي تريد وأد العملية الديمقراطية في عراقنا الجديد من خلال مصادرة إرادة الشعب وسلب حقوقه وتزييف واقعه».
وطبقاً للدراجي فإن «العملية الانتخابية شابها الكثير من التزوير والشبهات والتهم، مما يوسمها بفقدان الشرعية والقدرة على النهوض بالواقع المحتضر، لذا نرى أن مسؤولية القضاء العراقي الشجاع تتمثل في وقف هذه التداعيات الخطيرة واتخاذ قرارات حاسمة بحقها كجريمة مخلة بالشرف أولاً وانتصاراً لأرادة الشعب ثانياً، قبل أن يذهب لمحاسبة المقصرين والمتورطين في استهداف العملية الانتخابية التي صادرت وشوهت صوت الناخب وتجاوزت على حقوقه».
ومضى إلى القول، «إننا نرفض أي محاولة لعقد جلسة لمجلس النواب أو السعي لتشكيل حكومة بحجة الفراغ الدستوري، ونقولها بصدق وأمانة تباً للنظام السياسي وتباً للعملية الديمقراطية التي يتشدقون بها والتي تطير بجناحين أحدهما التزوير والآخر الحرق».
وناشد العراقيين بـ«اليقظة في الدفاع عن إرادتهم التي عبروا عنها في صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم وأن يكونوا رافضين لكل المزورين الذين يريدون أن يجلسوا تحت قبة البرلمان ليشرعوا القوانين وهم فاقدون للشرعية ومرتكبو الجريمة بل وعدم السماح لهم بالتسلق على إرادتكم وتحديد مصيركم، ونحن معكم في خندق المواطن لحماية مستقبل أبناء العراق».
وتابع: «نذَكر الشعب العراقي بتصرفات هذه الطبقة السياسية المزورة التي جلبت لنا الذلة والمهانة في إدارتها السيئة لمقدرات دولة محورية في الإقليم بحجم العراق، وعليه نطالب الشعب أن يتحلى باليقظة والحذر من الالتفاف على إرادته والدفاع عنها بكل الطرق التي كفلها الدستور العراقي، وأن لا يرضخ لأباطيلهم وتخرصاتهم، بل يكون لزاماً عليه الوقوف أمامهم وانتزاع حقوقه المشروعة في العيش الكريم في وطن حر بقي بهذه الحدود وبهذا الفضاء بدمائه الزكية وليس بمنة من أحد».
ودعا «الجميع إلى مساندة القضاء العراقي في إجراءاته لحماية حقوق الناخبين والمرشحين وحماية العراق مما يراد له وإرجاع الأمور إلى نصابها، كما ندعو إلى مساندة الحكومة لحفظ الأمن والاستقرار وفقاً للقانون والدستور».
التدخل الإيراني بنتائج الإنتخابات نجح في الضغط على عملائه بالعراق بوقف العد اليدوي! الحكومة القادمة ستكون أيضاً تابعة للولي الفقيه!! ولا حول ولا قوة الا بالله