تناول الكثير من الصحف والفضائيات ووسائل الإعلام الأخرى، ومواقع التواصل الاجتماعي، بشيء من الدهشة وربما الصدمة والاستهجان والاستغراب، عمليات التزوير الكبرى التي جرت في الانتخابات العراقية الأخيرة.
وقد تكون العملية تستحق ذلك بالنسبة لاؤلئك الذين ينظرون إلى الوضع العراقي نظرة سائح، في حين من يتفحص المشهد بصورة علمية سيجد أن التزوير الذي جرى، هو حلقة منطقية من سلسلة التزوير التي وُضعت لهذا البلد منذ بدايات التحضير لغزوه واحتلاله. فقد قامت الولايات المتحدة الأمريكية بنسج العديد من الحجج والدلائل المزورة ووضعها أمام الرأي العام الدولي، بغية استدرار الدعم من الدول الأخرى للقيام بعمل عسكري يستهدف استقلال وسيادة البلد.
وما زالت صورة وزير الخارجية الامريكي السابق كولن باول ماثلة في الأذهان، وهو يحمل في يده قنينة صغيرة قال عنها بأنها سلاح كيماوي عراقي قادر على إبادة نصف العالم في خمس وأربعين دقيقة فقط، في حين كان الزعماء الآخرون من الامريكيين والبريطانيين يتبارون في صنع وطرح الحجج المزورة، لإقناع الدول الأخرى وجرهم للعدوان على العراق، منها علاقة العراق بأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001. وامتلاكه أسلحة دمار شامل، تبين في ما بعد أنها مجرد قصص من الخيال. وعندما حصل الغزو في 2003 بدأت سلسلة أخرى من عمليات التزوير، استهدفت الإرادة العراقية بشكل شامل ومنظم. كانت بواكيرها الادعاء بأن الاحتلال تحرير، وتشكيل مجلس حكم قائم على تزوير الإرادة العراقية، ونقلها من خانة الوطنية إلى الطائفية والقومية.
ثم توالت عمليات التزوير المُنظم، في التصويت على الدستور المزيف، وتزوير استقلال وسيادة وطنية، وكذلك تزوير انتخابات أولى وثانية وثالثة، أنتجت كلها حكومات قائمة على تزوير الإرادة الشعبية. حتى وصلنا اليوم إلى الانتخابات البرلمانية الرابعة التي جرت الشهر المنصرم، والتي أفرزت قصصا وحقائق ومعلومات عن عمليات تزوير مُنظم لم يسبق لها مثيل في أي مكان في العالم.
نعم في الإطار العام أحدثت عمليات التزوير في الانتخابات الاخيرة حالة من الاستفزاز لدى الكثيرين، لكن الاستفزاز الأكبر كان من نصيب كل مواطن عراقي، شارك في الانتخابات أم لم يشارك، لأن الأمر الذي جرى أعطى انطباعا بأن الطبقة السياسية لم تكتف باستثمار موارد البلد وثرواته ومستقبله لحسابها الخاص، ووضع البلاد في صدارة كل شيء سيء في العالم وحسب، بل مضت إلى أبعد من ذلك في استثمار المواطن نفسه، وجعله مجرد رقم يوضع في صندوق هذا المرشح، كي تجدد له فترة نيابية أخرى أمدها أربع سنوات، أو آخر كي يصل إلى قبة البرلمان لأول مرة. فما الذي يعنيه بيع 31 مركزا انتخابيا في الولايات المتحدة، و 22 مركزا في الاردن، و10 مراكز في المانيا، ومركزين في السويد، ومركز واحد في كل من تركيا وبريطانيا، إلى أحزاب وكتل وشخصيات موجودة في العملية السياسية؟ ألا يعني ذلك أن كل عراقي بات مجرد بضاعة يُباع ويشترى من دون علمه، وبخمسين دولارا فقط لا غير؟ أليست هي سوق نخاسة تُفتح من جديد في القرن الواحد والعشرين؟ أما أصبح العديد من العراقيين الذين سرقت أصواتهم، سواء صوتوا أم لم يصوتوا، مجرد نصف جدار أو منضدة استخدمته تلك المرشحة للبرلمان التي لم تحصل إلا على 128 صوتا، فأضيف لها 2000 صوت من صندوق، تم شراؤه لتصبح أصواتها 2128، ومرشح آخر أضيف له 4000 صوت كي يصبح له 6000 صوت وغيرهم كُثر؟ بل هنالك معلومات تشير إلى أن هنالك مراكز انتخابية تم استحداثها في داخل العراق باسم النازحين العراقيين من مناطق سكناهم كي يصوتوا فيها، بينما الحقيقة كشفت عن أنها مراكز وهمية لا غير، أقيمت فقط لأغراض البيع، وإضافة الأصوات إلى الحرس القديم من الساسة كي لا يخسروا في الانتخابات. وسواء أُعلن عن إلغاء بعض المراكز التي جرى فيها التزوير وعددها ألف مركز، حسب بيان مفوضية الانتخابات، أم لم يعلن، فالامر سيان، لأن الواقعة حصلت، وهي دليل على أن الدولة باتت ملكية خاصة لنخبة من الفاسدين والسراق، بينما المواطن في العراق بات مجرد وسيلة من وسائل الوصول إلى السلطة، وليس السلطة هي وسيلة من وسائل حمايته وتحقيق مصالحه.
لقد ساهم العديد من الاجراءات في الدفع بعمليات التزوير الاخيرة على أوسع نطاق. أولا، تشكيل المفوضية العليا للانتخابات من ممثلين عن الاحزاب السياسية الموجودة في المشهد، حسم ولاؤهم إلى أحزابهم وباتوا مجرد موظفين ينفذون ما يُمليه عليهم زعماء الأحزاب والكتل. ثانيا، استغلال موضوع النازحين والمهاجرين في الخارج والتصرف ببطاقاتهم الانتخابية لحساب العديد من الكتل. ثالثا، الحملات الواسعة لشراء الأصوات مستغلين الحاجة المادية لعدد من المواطنين، في حين أن آخرين ذهبوا لبيع أصواتهم بشكل متعمد، كرد فعل سلبي على عدم إيمانهم بالعملية الانتخابية، وشعورهم المؤكد بأنها مجرد لعبة سياسية غير نزيهة. رابعا، هشاشة نظام التصويت الإلكتروني ووجود إمكانية عالية في إحداث خروقات فيه لصالح أي طرف. خامسا، تحول العضوية في البرلمان إلى مصدر ثراء فاحش، ما أدى إلى تكالب العديد للترشح للعضوية وبيع وشراء الأصوات، حيث تنافس ما يقارب 7000 مرشح على 329 مقعدا، فإضافة إلى الرواتب والامتيازات والحمايات والعقارات، باتت المساومات على العقود التجارية الخاصة بالدولة، جزءا رئيسيا من حراك أعضاء مجلس النواب العراقي، لانها تدر عليهم عمولات بملايين الدولارات، تظهر بصورة واضحة في العقارات والشركات التي باتوا يمتلكونها في العديد من دول الجوار.
يقينا أن عمليات التزوير التي ظهرت على أوسع نطاق في الانتخابات الاخيرة، هي عار على كل الجهات التي ساهمت فيها، مرشحين وأحزابا وكتلا ومفوضية وسلطات. كما أنها عار على المجتمع الدولي، الذي مارس الكذب والتزوير في الادعاء بصنع عراق جديد فيه ديمقراطية وعملية انتخابية وحكومة شرعية منتخبة، بل العار الاكبر هو من نصيب بعثة الامم المتحدة في العراق، التي كانت مجرد شاهد زور في كثير من الحقائق التي مرت على هذا البلد، منذ عام 2003 وحتى اليوم. ففي الوقت الذي يعلن فيه رئيس البعثة أمام مجلس الامن في التاسع والعشرين من الشهر المنصرم، بأن جماعات مسلحة قامت بتزوير وترهيب خلال الانتخابات، فقد أحجم تماما عن ذكر أسماء تلك الجماعات المسلحة، التي يعرفها جيدا، ولدى البعثة تفاصيل كاملة عما قامت به في الكثير من مخيمات النازحين، وفي العديد من المدن العراقية. وهذا نوع آخر من التزوير يطال الحقائق الدامغة. كما أنه أعلن في أفادته أمام المجلس بأن الأمم المتحدة على أهبة الاستعداد لتقديم المشورة والنصح، ودعم أي أجراءات ضرورية للحفاظ على الثقة في العملية الانتخابية. في حين أن ما يتطلب من البعثة في العراق ومنه شخصيا، الحفاظ على حقوق المواطن أولا، وعدم السماح للسلطات بتزوير إرادة الناس، والاعلان بكل شفافية عن كل الجهات التي تزيح الحقائق بهدف صنع حقائق أخرى مزيفة.
باحث سياسي عراقي
د. مثنى عبدالله
هناك معلومات تقول بأن نسبة من ذهب من العراقيين للإنتخابات لا يتعدون ال 20% بسبب علمهم بالتزوير! ولا حول ولا قوة الا بالله
واقول/ العراق ٩٨ عاما من التزوير وهو
عمر مايسمى الدوله العراقيه. العراق اسس
على التزوير. حكومات وانظمه تعاقبت قامت
على التزوبر، اخلاق زورت.قيم زورت.
مباديء زورت، الانسان زور. السياسه
زورت.الاقتصاد زور . المجتمع زور
الشهادات زورت واخيرا الانتخابات زورت
ومايبني على الباطل فهو باطل لهذا نجد
ان الفشل صفة لازمت الدوله العراقيه
منذ تاسيسها.
قليلاً من الإنصاف يا جمال !
و الإنصاف من جمال الأخلاق
و لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا “
بالفعل ، بات كل شئ في العراق مزوّر و مزيف ، و المجتمع الدولي و الأمم المتحدة بالذات ، من اكبر المساهين في جريمة التزوير هذه !
.
المعروف في عمليات التجميل ، ومن اسمها ،، تقوم بتجميل من تجرى له ، فيتحول الشكل من القباحة و البشاعة الى شكل مقبول ، ومن الجمال الى الأكثر جمالأً ، كما يفترض !
.
في العراق ، اجريت عميات تبشيع بعد الاحتلال ، فباتت بغداد الحسناء ، عجوز شمطاء ، لم تنجح اقسى سنوات الحصار في تبشيعها مثلما هي اليوم ، فباتت على يد برلمانات و حكومات الباطل و الزور ، اسوء مدن العالم في العيش ، بعدما كان يطلق على المرفه المتنعم الغارق بالخير ، بانه متبغدد !
.
و هناك مثل تركي شهير ، يقول ، لا حضن اجمل من حضن الأم و لا مدينة اجمل من بغداد !
.
افاض الدكتور العزيز مثنى مشكوراً بإسلوبه المعروف في شرح ما جرى و يجري ، في العملية السياسية المسخ و دستورها الاكثر مسخاً ،و التي اوصلتنا الى حضيض غير مسبوق !
.
الأمر الوحيد الذي تطور و بشكل سريع و مبتكر و ابداعي خلال السنوات ال15 الماضية ، هو التزوير نفسه ، فصاروا يبتكرون طرقاً للتزوير و تزييف الحقائق لم تخطر على بال ابليس نفسه !
.
اقول ، ان في جميع الدول التي تحترم نفسها ، فإن الانتخابات هي فرصة عظيمة و تجربة تقترب من القداسة ، لإيصال الافضل او على الاقل الفاضل ليتولى سوس الناس و قيادتهم ، و فرصة لاستبدال الذي هو خير بالذي هو ادنى ، و آلية للتخلص من الفاسدين و السيئين الذين افرزتهم الانتخابات السابقة ، وخدعوا بهم الناس ، و بالتالي هي الوسيلة الافضل التي ابتكرها البشر للغاية الاعظم وهي ايجاد الانسب
لخدمة البلاد و العباد ، ولهذا يطلق عليه مسؤول ، لأنه سيسأل في حال اساء استخدام السلطة و مطلوب منه تقديم كشف كامل بأدائه في اية لحظة للشعب الذي اوصله الى هذا المنصب !
.
عندنا الأمر معكوس تماماً (ليس في العراق فحسب ، وانما معظم دول المنطقة ، و مصر ليس عنا ببعيد !) الانتخابات باتت غاية عظمى لشرعنة الفساد و القعر و الطغيان ، و ايصال كل امعة ، فاسد ، عفن النفس ليتحكم برؤوس العباد و مفاصل البلاد، و خداع العالم (الراضي بمزاجه او لحماية مصالحه) بأن ما يجري هي ديمقراطية حقيقية في بلاد ، هي المثال المريع لقعر التخلف السياسي!
الاخ الدكتور مثنى
التزوير كما بينت حضرتك حصل منذ الادعاءات الغربية بوجود اسلحة دمار شامل ومارس صدام نفس التزوير لبقاء العراق تحت الحصار من اجل معاقبة الشعب بعد ما جرى فيما يسمى الانتفاضة كما تسميها المعارضة الحكومة الحالية او صفحة الغدر والخيانة كما كان يسميها النظام مما جعل سنوات الحصار تغير كثيرا في الاخلاق العراقية ولكن يبقى الامل في الاجيال القادمة وحصول التزوير الحالي يؤشر الى حالة ايجابية بمعنى ان اغلب الموجودين الان في السلطة شعروا بان الشعب لا يحترمهم وينبذهم فلذلك لجئوا للتزوير لانهم كانوا يعرفون النتيجة نتطلع الى عراق اخر تبنيه الاجيال الحالية والقادمة من الشباب
الى السادة القراء المحترمين وأخص منهم بالذكر من وضع تعليقا على المقال الكروي داوود , جمال كردستاني, محمد شهاب أحمد, العزيز د.أثير الشيخلي , والاخ سلام عادل لكم مني جميعا خالص الود والتقدير والامنيات بشهر رمضان المبارك سائلا المولى عز وجلأن يعيده عليكم وعوائلكم وأصدقائكم ومحبيكم باليمن والبركة والخير الوفير , وعلى عراقنا وأمتنا العربية والاسلامية بالاستقلال الناجز والرفعة .
تقبلوا فائق التقدير
مثنى
شيئ مؤسف ..