القدس ليست مدينة فلسطينية، رغم أنها العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، وإنما هي مدينة عربية إسلامية فلسطينية جامعة، تضم المسجد الأقصى الذي كان يتوجه نحوه المسلمون في صلاتهم اليومية، ولذلك فإن القرار الأمريكي باعتبارها عاصمة للإسرائيليين ونقل السفارة إليها يشكل لطمة على وجوه كل العرب وانتهاكاً لكرامتهم.
الموقف العربي الراهن تجاه القدس والقضية الفلسطينية مخز ومهين، وهذه أقل الأوصاف التي يمكن أن نطلقها عليه، لا بل كان العرب في السابق يسكتون على انتهاكات الاحتلال ومجازره بحق الشعب الفلسطيني، أما الآن فقد تطور الموقف العربي المخزي والمعيب إلى التنظير للاحتلال وتبرير أفعاله والتحالف معه في واحدة من أسوأ تجليات هذا الزمن الرديء.
من المخجل أن نجد كاتباً عربياً يكتب مقالاً يُنظر فيه للصداقة مع «اسرائيل» والعداء مع إيران، فيحتفي به الاسرائيليون ويقولون له: «نحن في خندق واحد»!
من المخجل والمخزي أن نجد كاتباً عربياً يكتب في صحيفة عربية وباللغة العربية أن اسرائيل تحتل عاصمة عربية واحدة، بينما إيران تحتلُ أربع عواصم، ولهذا علينا أن نحارب إيران ونتحالف مع إسرائيل.. ونسي ذلك الأحمق أو تناسى بأن العرب يجب ألا يكون مصيرهم الحتمي البقاء تحت احتلال، وأننا لسنا في وارد الاختيار بين احتلال وآخر حتى يختار لنا «الاحتلال الاسرائيلي» لأنه من وجهة نظره أفضل من «الاحتلال الإيراني».. هذا فضلاً عن أن اسرائيل تحتل مدينة القدس التي هي شرفُ الأمة وعاصمة عروبتها.
من المخجل والمخزي أيضاً أن يُقام احتفال اسرائيلي رسمي بذكرى «النكبة».. نكبة فلسطين والأمة، أما مكان الاحتفال ففي قلب أهم عاصمة عربية، وفي الموقع نفسه الذي انطلقت منه ثورات العرب عام 2011.. هذه ليست مصادفة وإنما هي مفارقة يُراد لنا أن نقرأها ونفهمها جيداً.
من المخجل أن يشارك فريق رياضي عربي، يتحلى بروح غير رياضية وتجري في عروقه دماء غير عربية، يُشارك في مسابقة اسرائيلية في القدس المحتلة، بينما ـ وفي الوقت نفسه- يتساقط الشهداء في غزة من أبناء اللاجئين الممنوعين من العودة إلى منازلهم. من المخجل أن تتسابق أنظمة عربية على التطبيع مع اسرائيل وإقامة العلاقات والاتصالات السرية والعلنية، مع تجييش كل وسائل الإعلام من أجل تبرير هذا التطبيع والترويج له، بينما تواصل إسرائيل تدمير البشر والشجر والحجر في الأراضي التي تحتلها، إذ حتى المبادرة العربية التي تشترط السلام مقابل التطبيع ضربتم عرض الحائط بها.. قدمتم التطبيع من دون انتظار السلام!
وأخيراً، فمن المخجل أن تنقل الولايات المتحدة سفارتها من تل أبيب الى القدس، وتعتبر المدينة المقدسة عاصمة للاسرائيليين، خلافا لكل التعهدات السابقة التي تنص بوضوح على أن هذه القضية يتم حسمها في مفاوضات الحل النهائي.. ومع ذلك كله فلا تنعقد الجامعة العربية، ولا يجتمع الحكام العرب، ولا نجد موقفاً عربياً يليق بمقام القدس أو يتناسب مع حجم الكارثة.
العرب أمام زمن بالغ الرداءة، والقضية الفلسطينية، بما فيها القدس وما فيها من مقدسات تتجه الى مزيد من التهويد وتغيير الواقع على الأرض، وأسوأ ما نواجهه اليوم هو أننا أصبحنا نتمنى من العرب السكوت والوقوف على الحياد، لكن الكثيرين باتوا يفضلون التحالف مع الاحتلال والتنظير لهذا التحالف.. في حالة من البؤس لم يسبق أن عرفتها الأمة من قبل.
كاتب فلسطيني
محمد عايش
اللهم انصر الشعب الفلسطيني الأبي وارحم الشهداء الذين دافعو ليس فقط عن حقوقهم المشروعة بل و عن العروبة والاسلام. لن يستسلم الشعب الفلسطيني مهما طال الزمن ولن يركع امام أمريكا وحليفها الكيان الصهيوني مهما تكالبت عليه الدول العربية. فلسطين ستنتصر لان شعبها مسلح بشيئ يفتقده العدو.