العرض الأمريكي لتونس: الصهيونية مقابل الديمقراطية

حجم الخط
10

لا مال ولا ذهب ولا غاز ولا بترول ولا حتى قواعد عسكرية قد يستخدمها المارينز كما اقتضى الحال في ليبيا، أو ربما في الجزائر. ما يعرضه الأمريكان على تونس مختلف تماما هذه المرة ولن يكلفها حسبما يبدو أي أعباء أو نفقات مالية.
انهم يرغبون منها باختصار شديد أن تقطع ما تبقى من خطوات للمصالحة الفكرية والنفسية مع الصهيونية، وأن تحجب بالكامل كل الاصوات والمواقف والافكار الرافضة لها، وتقنع شعبها بأن الصهيونية ليست سوى فكرة في سوق الأفكار الحر والمفتوح، وأنه من حق اي كان أن يعتنقها أو يتبناها من دون أن يصبح شيطانا رجيما وعدوا لدودا، وان كل ذلك القدر من الشر والخطورة التي صورها بها خصومها ومناوئها لم يكن سوى ضرب من ضروب معاداة السامية والتجديف غير اللائقين. أما ما يعدونها به في المقابل فهو أن تمنح ديمقراطيتها صك الاعتماد الرسمي الذي يساعدها على تثبيت أقدامها، ويجعلها تحصل على الدعم والرعاية المطلوبين.
قد تقولون ولماذا اختيرت تونس بالذات لتلك المهمة؟ وهل أن امريكا التي لم نعد نسمع عنها سوى جشع رئيسها وولعه المفرط بجباية المال العربي، مهتمة حقا بتغيير العقول والافكار وكسر الحاجز النفسي السميك بين الشعوب العربية والاسرائيليين؟ والجواب هو أن الرمزية التي حصلت عليها تونس باعتبارها مهد الثورات العربية والبلد الذي ظل يفاخر بأنه الاكثر تعليما وانفتاحا وقربا من اوروبا، وبعدا عن الانغلاق والتعصب الشرقي، هي التي جعلتها مرشحة اكثر من غيرها لأن تكون المنصة المثلى للتطبيع النفسي والثقافي مع ما كان يوصف حتى وقت قريب في وسائل الاعلام المحلية بـ»الكيان الصهيوني». وهذا التطبيع بالذات هو الهدف الاستراتيجي الاكبر لا لاسرائيل وحدها، بل لامريكا ايضا، باعتبار المكاسب العظيمة التي ستجنيها من وراء تحقيقه. قطعا لم يفكر به الامريكان الان فقط، ولا سعوا قبل وقت قصير لتحقيقه ولكن تزامن ظهور ما سمي لائحة اقتراحات قدمها اعضاء في الكونغرس الامريكي لرئيس الحكومة التونسية عند زيارته الاسبوع الماضي واشنطن، كان ابرز ما فيها بندا وصف بـ»المستعجل» يحث فيه النواب تونس على «ضرورة الوقوف ضد كل الاجراءات والقرارات التي تمس مصالح اسرائيل أو تستهدفها في منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو»، وفي كل المنظمات الدولية التابعة للامم المتحدة»، مع ما يستجد حاليا من تطورات في الخليج ومع ما يروج معها عن وجود اتصالات متقدمة بين اسرائيل وبعض الدول الخليجية، هو ما جعل الامر شديد الاهمية. فما يعرفه الامريكان بالتأكيد هو أن طريق الالف ميل تبدأ بخطوة.
والخطوة الاولى والاهم بنظرهم هي أن تنأى تونس بنفسها تماما ونهائيا عما يجري في تلك المنطقة الملتهبة من العالم، وان تهتم أولا واخيرا ببيتها الداخلي فقط. انهم لا يقولون لها بالطبع بصراحة وبالمكشوف أن ذلك شرط ضروري لابد منه لاستمرار المساعدة الامريكية، التي وعد ترامب بتقليصها العام المقبل، بل يرسلون فقط اشارات قوية لا تخطؤها العين على انه لابد للتونسيين من أن يفكروا مليا ببلدهم، وان يضعوا مصالحهم قبل أي اعتبار آخر، وأن ينظروا للامور بمنطق براغماتي صرف ويتخلوا عن العواطف والمشاعر والمبادئ التي لن تغنيهم أو تطعمهم من جوع.
وهنا قد يرد البعض بأن كل ذلك ليس سوى استنتاج متحامل، فيه الكثير من المبالغة والتجني. وان ما اقترحه بعض اعضاء الكونغرس لا يعكس بالضرورة موقف الادارة الامريكية أو وجهة نظرها، وأن رئيس الحكومة التونسية، قال من جانبه في إحدى الاذاعات المحلية بأن تونس «غير معنية» بذلك البند بالذات من لائحة المقترحات المذكورة. ولكن هل كنتم تتصورون أن يخرج ترامب أو وزير خارجيته ليعلن على الملأ بأن الصهيونية في كفة وديمقراطية تونس في الكفة المقابلة؟ وهل كنتم تتوقعون أن يظهر مسؤول رسمي تونسي في هذا الوقت بالذات ليقول بالفم مليان ومن دون لف ولا دوران «نعم لقد قالوا لنا طبعوا مع اسرائيل نطبع معكم، ونمنحكم كل ما تحتاجونه من مال وأمن واستقرار ورفاه؟». أليس الافضل والاسلم للجميع أن تتم العملية بسلاسة وبعيدا عن التعقيدات الرسمية؟ إن ما يعرضه الامريكان على تونس يتعدى انتزاع موقف سياسي رسمي، يعلمون مسبقا انه سيرتبط في الاخير بالموقف الجماعي العربي. إنهم يطلبون منها أكثر من كامب ديفيد ووادي عربة وشرم الشيخ، التي لم تنتج تطبيعا نفسيا وثقافيا مع الصهيونية، وخلفت بالمقابل «سلاما» ساكنا وباردا لاسرائيل مع مصر والاردن، لم يجعل الشعوب العربية تبدل نظرتها التقليدية إلى ما ظل يعتبر العدو التاريخي للامة.
ولكن قبل الوصول إلى ذلك اليوم الذي سيقف فيه مندوب تونس في اليونيسكو رافضا التصويت على أي قرار يمس اسرائيل أو يسيء لها، فانها ستجتاز سلسلة اختبارات صعبة. قد يكون اختبار اليوم اي التاسع عشر من الشهر الجاري واحدا من اكثرها حساسية ودلالة. فالليلة بالذات يصعد وفق البرنامج الذي سطره المشرفون على مهرجان قرطاج على ركح المسرح الاثري كوميدي صهيوني معروف هو ميشيل بوجناح. ولتفهموا أبعاد الحفل، يكفي أن تقرأوا بعض فقرات البيان الذي أصدرته وزارة الثقافة في أعقاب الضجة التي حصلت عند الاعلان عن العرض. فبعد التذكير بالثورة التي حصلت في تونس، خلص البيان إلى انها اي الوزارة «لا تتدخل في المضامين والمحتويات التي يتفق حولها أعضاء الهيئات والجمعيات المديرة للمهرجانات والتظاهرات» تقيدا بقيم الدستور، ثم أشار بشكل سريع إلى أن « مناصرة القضية الفلسطينية من ثوابت السياسة التونسية، بما فيها الثقافية»، قبل أن يؤكد في الاخير على انه «اعتبارا لحساسية الموضوع واتخاذه مسارا سياسيا خرج عن سياقه الثقافي، فإن الوزارة ستقوم بالمشاورات المتصلة مع الاطراف ذات العلاقة، في نطاق التشاور والتشاركية في اخذ القرار، انسجاما مع المصلحة الوطنية العليا التي تعلو فوق كل اعتبار».
إن ما يعنيه ذلك ببساطة هو انه لم تعد هناك لا مبادئ ولا ثوابت ولا قيم ولا عدو يسمى الصهيونية، وان كل شيء بات مفتوحا للمراجعة وقابلا للاخذ والرد من باب ما تكفله ديمقراطية تونس من حقوق وحريات واسعة وعريضة. والكلمة التي سيغطى بها كل ذلك في الاخير هي المصلحة الوطنية. لقد قال مدير مهرجان قرطاج في تصريح اعلامي إنه «لا يمكن التراجع عن العرض، لأن الامر بات يتعلق بهيبة الدولة ومصيرها، حيث لا يمكن التلاعب بمصير السياحة التونسية ومقاطعة السياح لبلادنا في صورة الغاء العرض». مضيفا أن «تونس في موقع ضعف حاليا ومن الضروري أن يتفهم الجميع هذه المرحلة». وما سيقوله التونسيون الليلة هو إن كانوا سيقبلون بالعرض الامريكي بأن يكون التصالح مع الصهيونية هو مفتاح النجاح لديمقراطيتهم أم لا؟ ومهما كان جوابهم فانه سيعني الكثير لمن يرسمون على الورق في واشنطن وغيرها خرائط المنطقة ومصائر الشعوب.
كاتب وصحافي من تونس

العرض الأمريكي لتونس: الصهيونية مقابل الديمقراطية

نزار بولحية

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول تونسي ابن الجمهورية:

    او لا اذكر الكاتب ان ميشال بوجناح هو تونسي من اب تونسي وام تونسية و جد تونسي و جدة تونسية …يعنى ابا عن جد …و ليس مجرد فنان صهيوني …
    الثورة التونسية التى يتحدثون عنها صباحا مساء … كان شعارها الحرية و الكرامة ….و من الحرية هى حرية الرأى و التعبير و حرية رؤية العروض الفنية و الثقافية …و انا كتونسي لن ارضخ الى اين كان وباسم اى مسمى ان يختار لى احد ما أشاهد و ما لا أشاهد…و الخط الاحمر الوحيد هو من يمس الأمة التونسية…و السيد بوجناح لم يمس يوما بسوء لا تونس و لا التونسيين و بالعكس هو واحد من دافع عن تونس فى كل المنابر الإعلامية الغربية عندما كان الآخرون يفتحون أبواب الارهاب و دعاة الخراب على مصراعيه للإجهاز على البلاد و استباحتها للمجرمين و الخونة الذين لم يترددوا عن ذبح التونسيين و محاولة تركيع الدولة و إنهاء الجمهورية ….سيد بوجناح انت تونسي وطنى مرحبا بك فى بلادك …
    مصلحة تونس قبل كل شئ و فوق كل اعتبار …و لا أشك لحظة ان الحكومة التونسية سوف تضع مصلحة تونس نصب أعينها…و البراغماتية التونسية معروفة …فنحن لم نقل يوما اننا سنرمى إسرائيل فى البحر …و خطاب الزعيم الراحل فى أريحا قال على الفلسطينيين ان يقبلوا التقسيم ….عندما كانت القدس فلسطينية…لكن للاسف لم يقبلوا ….و 52 سنة فيما بعد حتى ساحة الأقصى لم يعد بإمكانهم الوصول إليها….تحيا تونس تحيا الجمهورية

  2. يقول جواد ظريف:

    من وضع تونس في هذا الموقف الحرج هم الذين يستثمرون مئات الملايير في امريكا خوفا وطمعا عوض استثمارها في دول العالم العربي تونس شعبها طيب كادح وصبور وكل استثمار سيرجع بالفائدة علي الجميع لاكن هناك مثل إيطالي يقول ان الأمطار تسقط فقط في المناطق الرطبة.

  3. يقول عبد الوهاب عليوات:

    قبل أشهر سمعنا غناءا تونسيا عن مصالح تونس الكبرى مع الولايات المتحدة ورفضا قاطعا للتدخل الجزائر في قرارات مصيرية تهم مستقبل تونس الأمن بإقامة قاعدة عسكرية تستخدم ضد ليبيا أو ربما ضد الجزائر حينما يحين الوقت..
    بحسب ما يؤكده بولحية اليوم هنا بعد ضمنا…
    لكن الاملاءات الأمريكية بأخذ مواقف سياسية محددة لتونس في خارجيتها يتم بلعها ببعض الشاي المنعنع فوق أسطح الأنتلجانسيا التونسية..
    وبغض النظر عن التنظير الأعمى وغير الواقعي عن ضرورة الابتعاد عن ما يحدث في الشرق الأوسط لكن الأكيد أنه بالكاد بقيت ثوابت فكرية واضحة لدى الأنتلجانسيا التونسية عن العدو والصديق والحق والباطل والأخ الجار و السيد من وراء البحار.. عكس الفئات الشعبية البسيطة التي تدرك ببساطة حسها النقي أن أمريكا لن تنتشل تونس لا من انهيار اقتصادها ولا من ضعفها السياسي والأمني.
    الشرف الفكري يقتضي أن يكون المرأ عادلا في أفكاره من غير تلون ولا انبطاح.. ومن يقبل أن يربط مصلحة بلاده بأمريكا فعليه أن يتجرع مرارة المهانة ويرضخ للإملاءات الأمريكية بصمت.. أما الجزائر فهي ليست بحاجة للتدخل في شؤون تونس حتى تمد يد العون للشقيقة والأخت.. لا عبر إملاءات كالإمريكية ولا عبر اشتراطات كالمغربية لأخذ ذلك الموقف أو ذاك.. ما يهم الجزائر هو أمن المنطقة ككل لأن مصير المنطقة كلها مرتبط ببعض مهما أنكرت تلك الأنتلجانسيا التي كتبت منذ أشهر شامخة الأنف عن رفضها للتدخل الجزائري ثم عادت تبرر بضعف تونس تخاذلها أمام أمريكا..
    ماذا لو أغلقت الجزائر حدودها مع تونس فقط.. هل ستنفعهم أمريكا؟؟؟

    1. يقول تونسي ابن الجمهورية:

      @عليوات: تونس لا تتدخل فى أحد و لا تقبل ان يتدخل أحد فى سياستها و انت تعرف ان علاقات الدول تقوم على المصالح المشتركة و ليس على العواطف الجياشة و الكلام الذى لم يعد يعنى شئ عن ما يسمى الأخوة العربية الإسلامية…
      تساؤلك عن ماذا لو أغلقت الجزائر حدودها مع تونس ؟ الجزائر أغلقت حدودها مع المغرب منذ 1994 و هذا من حقها طبعا وماذا حدث للمغرب اكيد انهم يموتون جوعا منذ ذلك التاريخ …حتى ان المغرب الذى لا يسبح على بحر من الغاز و النفط مثله مثل تونس يتولون على أنفسهم و يعملون لكى يبنوا بلدانهم بعرق الجبين و ليس ب98% عائدات نفط ….اظن ان بغلقك الحدود سوف تحرم مليونى جزائري من عطلة الصيف …و هذا شئ مؤسف لهم ….
      سيد عليوات لا امريكا و لا اوروبا و لا الجزائر و حتى الزمبابوى سينقذ تونس من انهيار اقتصادي بل التونسيين أنفسهم بالعمل ليل نهار و التعويل على قيمة العمل التى أوصلت تونس إلى مستوى لم تصله دول تسبح على بحر من النفط و الغاز ..
      تحيا تونس تحيا الجمهورية

  4. يقول محمد فوزي التريكي:

    تحت شعار “المصلحة الوطنية العليا التي تعلو فوق كل اعتبار”
    على الشعب التونسي ان ينسى مجزرة حمام الشط في الأول من تشرين الأول/أكتوبر عام 1985 الغارو الإسرائيلية على مقرات منظمة التحرير الفلسطينية التي سقط فيها 68 شهيداً واكثر من 100 جريح من فلسطينيين وتونسيين روت دمائهم الطاهرة أرض تونس الخضراء (50 فلسطينياً و18 مواطناً تونسياً وجرح 100 شخصاً وخسائر مادية قدرت بـ (5,821,485) ديناراً تونسياً ( نحو 8,5 ملايين دولار).
    وتحت شعار “المصلحة الوطنية العليا التي تعلو فوق كل اعتبار”
    علينا ان ننسى كذلك عملية اغتيال خليل الوزير الذي إغتالته “إسرائيل” سنة 1988 في تونس بالتزامن مع أحداث الإنتفاضة الفلسطينية الأولى.
    وعلى التونسيين ان ينسوا عملية اغتيال صلاح خلف ابو اياد على يد الموساد الإسرائيلي على يد العميل لديه” حمزة أبو زيد” بتخطيط وتوجيه من صبري البنا زعيم منظمة أبو نضال في 14 يناير 1991 في تونس .
    اما آخر جريمة للموساد الإسرائيلي على التراب التونسي فهي عملية اغتيال المهندس محمد الزواري يوم 15 ديسمبر 2016الشبيهة بعملية اغتيا مازن فقهاء في غزة بمسدس كاتم للصوت ومن حسن حظ غزة انه تم القاء القبض على الجنات اما في تونس فلا زال ملف عملية اغتيال الزواري مُغلقا لتظل المصلحة الوطنية العليا فوق كل اعتبار..عسى ان تتوقف جرائم الكيان الصهيوني في تونس و فلسطين وفي الوطن العربي.!!!

  5. يقول توفيق ميزان:

    اعتقد انها احدى حماقات ترامب بان تطالب حكومته من رئيس الحكومة التونسية او اي مسؤول رسمي تونسي انتهاج سياسة تصالح مع الصهيونية باعتبار العداء والكره الشديد المتأصل في نفسية التونسي مهما كان توجهه الفكري او السياسي تجاه كل ماهو صناعة إسرائيلية ،ولن تفلح المحاولات من هنا وهناك وان كانت رسمية في تغيير هذا الموقف ،وسيبقى الكيان الصهيوني لدى عامة الشعوب كيانا لقيطا محتلا لارض عربية لها رمزية وقدسية عظيمة .

  6. يقول سوري:

    لا يمكن لدولة ثائرة ان تنصاع لإملاءات امريكو- صهيونية ويوسف الشاهد اليوم في معركة كبيرة ضد الفساد والارهاب ولايمكن له ان يفتح بابا يأتيه منه الريح في وقت هو أحوج ما يكون فيه الى التضامن الشعبي ومسألة التطبيع مع اسرائيل هي مسألة تخص التونسيين يجب ان تكون ضمن استفتاء شعبي ونقاش برلماني وليس بقرار سلطوي. اما فيما يتعلق بالكوميدي “الصهيوـ تونسي” بوجناح فلا ضير ان يقدم عرضه فهو يهودي تونسي ونحن لسنا ضد اليهود شريطة ان لا يروج للفكر الصهيوـاسرائيلي

  7. يقول محمد فوزي التريكي:

    لماذ منع عرض الفنان الفرنسي ديودينه سؤال موجه لتونسي ابن الجمهورية
    في مساء الأحد 18 حزيران2017 ، كان من المتوقّع أن يصعد الفنان المسرحي الفرنسي من أصول كاميرونية ديودونيه على خشبة “قبة المنزه” في تونس العاصمة بمشاركة المسرحي التونسي مهدي محجوب. غير أن العرض جرى إلغاؤه في آخر لحظة.
    إذا كان الإلغاء في حدّ ذاته مثيراً خصوصاً مع فنان إشكالي مثل ديودونيه، فإن الأكثر إثارة ربما هو الصمت المطبق الذي حفّ به، وكأنه عرضٌ لفرقة مدرسية ألغي لأسباب تقنية.
    العرض لم يحظ بكثير من الإشهار في تونس، وظلّ موقع الفنان المسرحي الفرنسي هو أنشط من قام بالدعاية وكان واضحاً أن الجمهور الذي يستهدفه موجود في فرنسا وليس في تونس، وهو أمر ليس مستغرباً حين نعرف أن ديودونيه شبه ممنوع من العرض في فرنسا منذ فترة، وأن جمهوره بات يتعطّش لحضور عروضه، وقد وجد الفنان الساخر في تونس والمغرب، مهرباً من هذا المنع، كونهما بلدين قريبين جغرافياً وفيهما جاليات فرنسية واسعة كما أن جزءاً من مواطنيهما فرانكفونيو الثقافة. لكن، بعد حادثة تونس يبدو أن على المسرحي الفرنسي أن يبحث من جديد عن متنفس بديل.
    قد يكون علينا العودة إلى السياقات الفرنسية، فديودونيه لديه هناك أكثر من سبب يعطّل صعوده على المسارح، طبعاً تأتي في صدارتها تهمة معاداة السامية التي تلاحقه منذ سنوات عديدة، ثم في 2015 أضيفت له تهمة “مناصرة الإرهاب” حين سخر من شعار “أنا شارلي”.
    ما هو مسموح في فرنسا مسموح في تونس وما هو ممنوع فيها ممنوع عندنا
    انتهت الملاحظة

  8. يقول تونسي ابن الجمهورية:

    @ محمد فوزى : اولا تحية الى مواطنى العزيز محمد فوزى التريكى
    ..لقد افتقدك هذا المنبر الإعلامي اتمنى ان المانع خير …
    سيد محمد ديودونيه يعرض بكل حرية فى فرنسا …لقد حاول منعه رئيس الوزراء السابق مانوال فالس لكنه فشل …و القضاء أنصفه و انصف حرية التعبير و ديودونيه يقوم بعروض عديدة و لك ان تذهب الى موقعه على الإنترنت لترى البرنامج الى نهاية 2018 …
    انا معك فى ان منع عرض ديودونيه فى تونس مرفوض رفضا باتا و تشوبه الريبة و كان عليه أن يتجه للقضاء …. الجدل مسموح به لكن المنع مرفوض و باسم اى مسمى …الخط الاحمر الوحيد هو المس من الأمة التونسية و الدولة التونسية و النظام الجمهورى …و مصلحة تونس فوق كل اعتبار …..تحيا تونس تحيا الجمهورية

  9. يقول طارق المؤدب - تونس:

    العرض الذي قدمته الولايات المتحدة الأمريكية – القوّة السياسية الأولى في العالم – لتونس – مهد الثورات العربية – و المتمثّل في التطبيع مع الكيان الصهيوني مقابل حفنة من المساعدات له أبعاد متعدّدة. أولا، رغم تغيّر الوجوه في البيت الأبيض فإن السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية لم تتغيّر و تسعى أساسا إلى ضمان شروط بقاء إسرائيل عبر توزيع الحرب في بعض من مناطق الوطن العربي و الديمقراطية في البعض الأخر. ثانيا، سياسة المقايضة التي تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية تنزع عن تونس صفة أساسية – صفة السيادة الوطنية – و تجعل منها رسميا – في حال قبول العرض – دولة عميلة تتخلى عن القضية الأم – القضية الفلسطينية – من أجل ضمان مصالحها. ثالثا، إختيار يوسف الشاهد لمفاوضة هذا العرض يشير إلى نهاية حقبة الشيخين و بداية حقبة رجل الولايات المتحدة الأمريكية الجديد في تونس.

إشترك في قائمتنا البريدية