نجاح محمد علي: تختلف العقوبات الأخيرة التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران عن سابقاتها في أنها وإن كانت أحادية، لا تحظى بتأييد أوروبي ولا أممي ومعظم دول العالم، عدا إسرائيل والسعودية وبعض الدول الخاضعة لأمريكا، فهي تتوافق مع أزمات إيرانية داخليّة، ومظاهرات تتكرر هنا وهناك احتجاجاً على سوء الأوضاع الاقتصادية والبطالة وهبوط الريال الإيراني بشكل حاد، ما يجعل البعض خصوصاً في المعارضة المقيمة في الخارج، يعول عليها لتغيير نظام الجمهورية الإسلامية.
ورغم أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شكل ما سماها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف «إدارة حرب» وهو يعلن مراراً مع وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون أن الهدف من العقوبات ليس تغيير النّظام، إلا أن هذه الادارة أقدمت مؤخراً على تقديم دعم غير مسبوق لبعض فصائل المعارضة الإيرانية وتكليف السعودية بتبني المجموعات التي تنادي بتغيير النظام ومنها بالطبع المعارضة الملكية ومنظمة مجاهدي خلق وجيش العدل البلوشي ومنظمات أهوازية انفصالية، تستثمر أخطاء إيران خصوصاً ما يتعلق بالتضييق على الحريات الاجتماعية وحقوق القوميات والأقليات.
وتؤكد دراسة حديثة أنجزتها جامعة أصفهان انحسار الشعور الديني مقابل تعاظم الإحساس القومي بنسبة كبيرة، ويهدد ذلك وحدة الكيان الإيراني ومخاوف جدية من أن تؤدي العقوبات إذا نجحت، ورافقتها احتجاجات مستمرة، إلى زعزعة النظام من الدّاخل، وتطبيق خطة قديمة لتقسيم إيران إلى كيانات عدّة.
وفي هذا الواقع دفعت العقوبات الأمريكية الجناح الإصلاحي حتى قبل أن يتم تدشينها يوم الثلاثاء الماضي، ليقدم جملة اقتراحات أعلن عنها الرئيس الأسبق محمد خاتمي تمحورت حول إيجاد مصالحة وطنية، لا تقتصر على الإصلاحيين والمحافظين، بل تتعداها لتوسيع ما وصفها خاتمي بتوسيع دائرة (أنفسنا) وهي تشمل في الغالب المؤمنين فقط بنظام ولاية الفقيه.
دعا خاتمي إلى الإفراج عن المعتقلين السياسيين، وتغيير إداء الإعلام الرسمي في التعاطي مع المعترضين على أداء النظام، وأن يصار إلى إطلاق عفو عام والتخفيف من القيود المفروضة على حرية التعبير وعلى المرشحين للانتخابات بعيداً عن التفسير التعسفي لمجلس صيانة الدستور في تحديد أهلية المرشحين وسماع صوت المعترضين والمحتجين وغيرها من المقترحات التي من شأنها أن تعزز قدرة النظام على مواجهة تحديات ما بعد العقوبات.
وقبل خاتمي، وجه الزعيمان المعترضان ميرحسين موسوي ومهدي كروبي ملاحظات عملية لتحسين أداء الحكومة في المرحلة الراهنة، وكان لافتاً موقف موسوي الذي كان رئيس وزراء إيران خلال فترة الحرب مع العراق حيث الاقتصاد الإيراني يواجه عقوبات أمريكية مماثلة ودعم دولي وإقليمي كبيرين للعراق ضد إيران، ومع ذلك كانت حياة المواطن اليومية أفضل وأسهل بكثير من الآن.
وإذ قوبل موقف الإصلاحيين بترحيب كبير من عموم الناس في الداخل فإنها جوبهت بردود أفعال متفاوتة من الإيرانيين في الخارج إذ سخرت منه المعارضة التي تدعو إلى تغيير النظام ومعها الفصائل التي تنادي بتقسيم إيران على أساس قومي، وأشاد به عامة الإيرانيين الذين يرتسم في ذهنهم مستقبل شبيه بما جرى ويجري في سوريا، أو النموذج الليبي، دون أن يغيب عنهم العراق.
ويشعر الإيرانيون حتى أولئك الأكثر تفاؤلاً، بقلق كبير إزاء العقوبات التي يقولون إنها حتى لو لم تسقط النظام ولَم تسفر عن حرب أهلية من أجل الانفصال، فإنها ستجعلهم معزولين عن العراق أقرب جيرانهم وكانوا وقفوا إلى جانبه في ساعة العسرة فخذلهم.
خطوات مدروسة
تحركت طهران قبل سريان المرحلة الأولى من العقوبات، على الصين وروسيا والدول الأوروبية وضمنت موقفاً صلباً رافضاً للعقوبات وهي تواصل مع الأوروبيين البحث عن آلية مناسبة لمواجهة الأضرار التي يمكن أن تسببها العقوبات على المدى البعيد بعد سريان حظر صادراتها النفطيّة.
واتخذت الحكومة بالتعاون مع القضاء عدة إجراءات سبقت تطبيق العقوبات وأدى ذلك إلى رفع قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، ما يشير إلى أن انهيار الريال الإيراني له صلة بالحرب النفسية والإعلامية التي تشنها أمريكا وإسرائيل والسعودية والمعارضة الإيرانية المدعومة منها على النظام، وإلى الصراع التقليدي بين المحافظين والإصلاحيين، وهيمنة الجناح المتشدد على البازار، وعلى مرافق اقتصادية كبرى لا تخضع لنظام الضرائب ولا تمر عائداتها المالية الضخمة على الميزانية العامة.
بموازاة ذلك وبينما يشتد الخناق الأمريكي على إيران يواصل وزير الدولة للشؤون الخارجية العُماني يوسف بن علوي، وساطة بدأها في واشنطن لإحياء مفاوضات غير مباشرة جرت في السابق ببن طهران وواشنطن ومهدت لإبرام الاتفاق النووي مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا.
وإلى جانب عمان، تتحرك سويسرا لضبط إيقاع العلاقات الإيرانية السعودية المتدهورة من خلال رعاية مصالح إيران خصوصاً في فترة الحجّ، وأيضاً بنقل رسائل بين واشنطن وطهران بينما ترامب وروحاني يتبادلان التصريحات الغاضبة ويكرر ترامب في أكثر من مناسبة رغبته في لقاء نظيره الإيراني بدون شروط مسبقة والأخير لا يمانع متسائلاً في خطاب متلفز الاثنين للأمة: «كيف تتفاوض مع شخص يرفع السكين عليك ويطعنك من الظهر عدة مرات؟» وموجهاً رسالة إلى الإيرانيين خارج سياق الوساطة العمانية الهادئة بقوله إن بلاده كانت ولا تزال مع المفاوضات التي تهدف إلى الوصول لنتائج وإبرام اتفاقيات، وأنه لا معنى للمفاوضات مع الولايات المتحدة في ظل العقوبات، وأن هدف ترامب من الدعوة للتفاوض إثارة الانقسام في بلاده.
مصالحة
من هنا فان الرأي السائد في إيران أن هناك فرصة كبيرة لتحقيق مصالحة تاريخية مع الولايات المتحدة إذا كان ترامب يرغب بذلك بالفعل، بما لا يتعارض مع نظرية الإمام الخميني الرافضة لعلاقة الحمل والذئب، وهذا لن يتحقق ما لم ترجع واشنطن إلى الاتفاق النووي وترفع العقوبات وتقدم ضمانات أنها لن تغدر بإيران كما فعلت مع الاتفاق النووي وفي إسقاط حكومة محمد مصدق عام 1953 والتي يقول إيرانيون إنها لم تتدخل في اليمن ولا في سوريا أو في لبنان، ولَم تكن تمتلك صواريخ بالستية.
ويقول محللون إيرانيون من المعترضين على بعض السياسات الإيرانية في الداخل والخارج، إن التعامل مع الاتفاق النووي وكأنه غير موجود، ووقف صادرات إيران من النفط والاستعداد لحصار طويل رغم أنه أمريكي، مع الاعتماد على المنتوج المحلي وتدعيمه، سيحول العقوبات إلى فرصة لبناء اقتصاد قوي مقاوم، على غرار ما حصل بفعل الحرب مع العراق التي خرجت منها إيران قوة صاروخية جعلتها رقماً صعباً في المعادلات الإقليمية والدولية.
هكذا يقول إيرانيون وهم يرددون: الخير فيما وقع. فهل ينجحون؟
11TAG
…كان ذلك من الممكن الوصول إليه لولا أن النظام الإيراني اجتنب سياسة التوسع و التدخل خارج حدوده . وبما أنه اختار التمدد و التدخل فهو أصبح لا يختلف عن الولايات المتحدة وأصبحت ( إيران) بالتالي تنطبق عليها قاعدة “الظالم بالظالم”…
ايران التي تندعي بانها دولة مسلمة وهي من تقتل العرب في اليمن وفي العراق ولبنان وسوريا . ايران خطر على جميع المسلمين عربا وغيرهم انهم يحرضون على قتل كل سني والاستيلا على مدن السنة وحل محلهم طاءفيون شيعة . فاصحوا ياعرب وقفوا الى جانب اي دولة تقارع ايران .