قبل الدخول إلى تداخلات ما يمكن أن نسميه الصراع التركي الروسي على الساحة السورية، لابد من الإشارة إلى ما يمتلكه كل منهما من أوراق ضغط على البلد الآخر، مع انهما يبديان حرصاً متبادلا على عدم التصعيد الضار بمصالحهما المشتركة.
تشكل روسيا السوق الأهم لتسويق المنتجات التركية دون منازع، في وقت تعتمد فيه تركيا على توريد حاجات السوق المحلية من دول الاتحاد الأوروبي. كما أن تركيا تستورد من روسيا ثلثي حاجتها من الغاز المسال ونصف حاجتها من البترول.
وفور إعلان الرئيس الروسي عن عقوبات اقتصادية رداً على إسقاط الطيران الحربي التركي للطائرة الروسية، واستباقاً لأي تصعيد خطير في العلاقات بينهما، اتجهت تركيا صوب الدول العربية للتمهيد لفتح الأبواب أمام تسويق المنتجات التركية كأسواق بديلة عن السوق الروسية.
وفي خطوة لاحقة، اتجهت تركيا مؤخرا إلى بدء مباحثات مع دولة قطر، ثالث أكبر منتج للغاز في العالم، تتعلق بزيادة التعاون لتلبية حاجات تركيا من الغاز المسال على المدى الطويل، بعد توقف المباحثات بين شركة «غاز بروم» الروسية مع الجانب التركي حول إنجاز مشروع أنابيب الغاز المعروف باسم «السيل التركي» لإنشاء مجمع للغاز لغرض توريده إلى الدول المستهلكة في جنوب أوروبا.
باشرت روسيا تدخلها العسكري في النزاع السوري المسلح نهاية أيلول/سبتمبر لحماية حليفها في دمشق بعد خسارات متتالية لمناطق استراتيجية واستنزاف شبه كامل لقدرات الجيش النظامي الذي اعترف الرئيس السوري في أواخر تموز/يوليو بنقص في موارده البشرية وتدني معنويات مقاتليه التي عبر عنها بأن «الجيش السوري قد تعب».
انتهجت الاستراتيجية العسكرية الروسية خطة استهدفت بالدرجة الأولى الفصائل الإسلامية المعتدلة المدعومة من التحالف الدولي بشكل عام، وتحظى برعاية تركية سعودية قطرية بشكل خاص، متجاهلة وجود لاعبين إقليميين ودوليين في ساحة الصراع.
وقد جوبهت تلك الاستراتيجية منذ أيامها الأولى بانتقادات حادة بلغت ذروتها في بيان وقعته كل من العربية السعودية وتركيا وقطر، دعا إلى ضرورة عدم استهداف المدنيين والفصائل السورية المعتدلة، والتركيز على تنظيم الدولة الإسلامية، لكن روسيا تجاهلت البيان واستمرت باستهداف المشافي والأسواق وبيوت المدنيين في مختلف المناطق.
وإذا كانت روسيا تمتلك غالبية أوراق الحل السياسي للأزمة السورية، فهي تدرك أن تركيا والسعودية وقطر يمتلكون القدرة الأكبر على التأثير في المسار العسكري للفصائل السورية، كما انهم يسعون إلى إضعاف كل من إيران وروسيا من خلال إضعاف نظام الرئيس بشار الأسد.
ومع اقتراب شبه إجماع دولي على ضرورة بذل ما أمكن من جهود للتوصل إلى حل سياسي من خلال مؤتمر فيينا، حاولت روسيا من خلال تدخلها العسكري لتغيير موازين القوى على الأرض لصالح الجيش السوري للضغط باتجاه تسوية سياسية لا تستبعد الرئيس السوري، وهو موقف يتناقض تماما مع الموقف السعودي الذي يصر على رسم مستقبل سوريا دون إعطاء أي دور للرئيس السوري.
قياسا إلى النجاحات القليلة التي حققها التحالف الدولي بعد عام ونصف من الضربات الجوية بإنفاق مالي هائل من عدة دول مساهمة في التحالف، فشلت روسيا في إحداث تغيير حقيقي في موازين القوى لاستخدامه كأوراق ضغط على المجتمع الدولي في مبادرات الحل السياسي مع تحملها لوحدها أكلاف تدخلها العسكري.
وفي الوقت الذي نجحت فيه روسيا بتحقيق نجاحات عسكرية محدودة باتباع سياسة الأرض المحروقة عبر غارات مكثفة باستخدام مختلف أنواع الأسلحة المحرمة دوليا، تمكنت فصائل سورية مسلحة على صلة بتركيا من استعادة السيطرة على عدة مناطق في ريف حلب ومناطق أخرى يقطنها التركمان السوريون من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية بدعم جوي تركي أمريكي مشترك.
وعلى ما يبدو، فان روسيا رأت في تلك الإنجازات تمددا للنفوذ التركي في سوريا، ردت عليه بتركيز قصفها واستهدافها للتركمان السوريين في مناطق جبل التركمان التابعة لمحافظة اللاذقــية شمال غربي سوريا، حقق على إثر ذلك الجيش السوري بعض التقدم.
وقد احتجت تركيا على استهداف التركمان السوريين الذين يقدر عددهم بأكثر من مليون ونصف، بما يشكلونه من عمق ديموغرافي يمكنّها من استثماره في مواجهة الطموحات الكردية لإقامة كيان كردي من ثلاث جغرافيات متصلة في العراق وتركيا وسوريا.
بعد أقل من أسبوع على بداية التدخل العسكري حذر الرئيس التركي من استمرار انتهاكات الطيران الروسي للأجواء التركية، لكن الحدث الأبرز والأكثر توقعا لمزيد من التداعيات هو إسقاط الطائرة الروسية لمخالفتها ما يعرف باسم قواعد الاشتباك المتعارف عليها دوليا.
بعيدا عن تداعيات تلك الحادثة على العلاقات بين البلدين، تبقى الساحة السورية هي الساحة الأرجح لتصفية الحسابات بينهما، وتحقيق مكاسب لهذا الطرف على حساب الطرف الثاني.
لكل من طرفي الصراع على الساحة السورية، قوى محسوبة عليها، فروسيا تتبني دعم الجيش السوري والتشكيلات الأخرى التي تقاتل إلى جانبه، وهي رؤية متطابقة مع السياسية الإيرانية للحفاظ على بقاء حليفهما المشترك.
في مقابل ذلك تتبنى تركيا والسعودية وقطر، دعم الفصائل الإسلامية الموصوفة بالاعتدال لتحقيق غايتين، الأولى القضاء، أو على الأقل، منع تنامي قوة تنظيم الدولة الإسلامية والحد من تمدده، والثاني إسقاط الرئيس السوري، مع الأخذ بالحسبان الخلافات داخل التحالف الدولي على ترتيب أولويات تلك الغايتين.
ليس مستبعدا زيادة وتيرة تقديم المساعدات الروسية إلى أقصى حدودها الممكنة لدعم الجيش السوري، والتنسيق مع إيران لتجنيد المزيد من المقاتلين لزجهم في القتال إلى جانب الجيش السوري تلافيا للنقص في موارده البشرية والتراجع الملحوظ في رغبة الميليشيات الشيعية بالقتال إلى جانبه لانشغالها بمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق التي استنزفت المزيد من مقاتليها.
في الجانب الآخر، هناك أيضا مؤشرات واضحة على زيادة دعم الفصائل الإسلامية المعتدلة والكيانات السياسية التي من المتوقع أن تنظم العربية السعودية مؤتمرا خلال الأيام، أو الأسابيع، المقبلة لجمع المعارضة السورية المشتتة في إطار جامع يستطيع تهيئة نفسه لقيادة المرحلة الانتقالية المتوقعة بغياب الرئيس السوري.
ويبقى القول، أن روسيا ستحاول تعزيز تحركها على الصعيد العملياتي وعرقلة الجهود التركية التي تبذلها لإقامة منطقة آمنة على حدودها المشتركة مع سوريا، وتعطيل إنجاز تسوية سياسية أممية للازمة السورية، كما أنها «قد» تتبنى خيار دعم الأكراد في شمال سوريا وجنوب تركيا كقوى على الأرض تتولى مساندتها جوا للقتال إلى جانب الجيش السوري.
وإذا كانت تلك الخيارات الميدانية المتاحة على الأرض كأوراق روسية، فان لتركيا وشركائها في سوريا لديهم المزيد من الأوراق التي يمكن أن تعزز من تأثيرهم في رسم مستقبل سوريا وإضعاف نفوذ إيران وروسيا من خلال زيادة دعم الفصائل المسلحة بالأسلحة النوعية، خاصة تلك القادرة على إسقاط الطائرات الروسية استنساخا للتجربة الأفغانية ضد الوجود الروسي نهاية سبعينيات القرن الماضي.
ومع الإقرار بعدم إمكانية أي تدخل بري قتالي روسي تبقى هناك إمكانيات أمام تركيا لتدخل بري مدعوم من التحالف الدولي والفصائل السورية قادر على قلب موازين القوى على الأرض.
رائد الحامد
التركمان ليسوا سوريون و إنما اتراك ولاؤهم لآخر سلطان عثماني و لتركيا ، و بعد إقامتهم في سوريا عشرات السنين قل ان تجد من كبارهم او اطفالهم من يتكلم العربية و هم بخلاف اخوتنا الأكراد المتواجدون كسكان أصليون في المنطقة منذ آلاف السنين فان هؤلاء احضرهم اخر سلطان عثماني و اسكنهم هذه المنطقة لكي تسهل عليه سرقة لواء إسكندرون السوري و ضمه الى تركيا و لاستخدامهم في اي وقت ضد العرب و الأكراد بحجة الدفاع عن رعاياه ، لذا اطال الله عمركم من الخطىء حسبهم على السوريون و سوريا مهد العروبة و دمشق عاصمة الأمويون .
ومع الإقرار بعدم إمكانية أي تدخل بري قتالي روسي تبقى هناك إمكانيات أمام تركيا لتدخل بري مدعوم من التحالف الدولي والفصائل السورية قادر على قلب موازين القوى على الأرض.
– انتهى الاقتباس –
نعم سيكون هناك تدخل بري تركي مباشر بسوريا والعراق
الهدف المعلن سيكون محاربة حزب العمال الكردستاني
والهدف المخفي هو بتمكين الجيش الحر من المنطقة
و لأنه سيكون هناك جيش حر عراقي بالموصل!
وهو البديل لداعش وسيتكون معظمه من السنة
ولا حول ولا قوة الا بالله