الرباط – «القدس العربي» : إشارات متضاربة في العلاقات المغربية الجزائرية، التي لم تهدأ منذ منتصف الستينيات، ولم تعرف مسارا مستقيما، وإن كانت الخمسة عقود الماضية، عرفت فترات قصيرة من التعاون والوئام، فإنها طوال هذه العقود ذهبت بين المواجهة بأشكال متعددة، مسلحة وإعلامية ودبلوماسية، أو فتور مع تلميحات وهجمات إعلامية، بغض النظر عن القضية أو القضايا، التي تسببت في هذه المواجهات، وإن كان أطولها وأخطرها المواجهة على خلفية نزاع الصحراء المفتوح منذ 1975.
الأسبوع الماضي شكلت مصافحة رئيس الحكومة الجزائرية أحمد أويحيى في أبيدجان للعاهل المغربي الملك محمد السادس على هامش القمة الافريقية الأوروبية الخامسة وتصريحات أويحيى فيما بعد، إشارة إيجابية لكن الإشارة السلبية لم تنتظر حيث أعلنت الخطوط الملِكِية المغربية رفع شكوى أمام المحاكم الفرنسية ضد وزير الخارجية الجزائري بتهمة القذف والافتراء.
وقالت مصادر إعلامية إن الخطوط الملِكِية المغربية تستعد لتقديم شكوى أمام القضاء الفرنسي ضد عبد القادر مساهل، وزير الشؤون الخارجية الجزائري، وعلى خلفية إطلاقه اتهامات “لا أساس لها من الصحة” حين قال إن الطائرات المغربية لا تنقل المسافرين فقط بل تنقل “الحشيش”.
وقال موقع “إم 6 أنفو” الفرنسي، إن دفاع شركة الخطوط الملِكِية المغربية سيضع شكاية أمام محكمة باريس من أجل “القذف والافتراء” وأوضح أن قرار اختيار القضاء الفرنسي، حكما في مواجهة الوزير الجزائري، جاء عقب اجتماع عقد بداية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، في المقر الاجتماعي للشركة في مدينة الدار البيضاء، حضرته إدارتها العامة، ومحامين مغاربة، ومكتب فرنسي شهير للمحاماة، وهو اللقاء الذي تم فيه دراسة وفحص كل الخيارات المتعلقة بالمتابعة القضائية.
وخلفت تصريحات مساهل، أزمة دبلوماسية بين البلدين الجارين، وصلت حد استدعاء سفير الرباط والقائم في أعمال السفارة الجزائرية من طرف الحكومة المغربية، وأدانت الخارجية المغربية التصريحات ووصفتها بأنها “تنم عن مستوى غير مسبوق من عدم المسؤولية في تأريخ العلاقات الثنائية بين البلدين”.
وعبر أحمد أويحيى رئيس الوزراء الجزائري مساء السبت عن استغرابه لما حملته تصريحات مساهل من تأويلات في المغرب وقال “أنا لا أحمل المسؤولية للحكومة المغربية ولكن لأوساط في المملكة من مصلحتها تغذية الصراع..لا توجد مشاكل جوهرية بيننا وبينهم هناك لقاءات منذ سنة 2005.
وكان المسؤول الجزائري يشير في تصريحاته إلى تعليقات إعلامية وسياسية على الحادثة مفادها أن خطوته نحو الملك جاءت بعد الضجة التي أثارتها تصريحات وزير الخارجية الجزائري، عبد القادر مساهل، التي اتهم فيها المغرب بـ”تبييض أموال المخدرات في البنوك الأفريقية” وقال “الأمر لا علاقة له بتصريحات الوزير .. كيف نصحح مواقف وزيرنا وهل هو من حكومة ونحن من حكومة أخرى وهل هو من بلد وأنا من بلد آخر؟”.
ويتهم المغرب الجزائر بدعم جبهة البوليساريو التي تسعى لفصل الصحراء الغربية التي استردها المغرب من إسبانيا 1976 وتقول الجزائر إن دعمها للجبهة يأتي من منطلق إيمانها بحق الشعوب في تقرير مصيرها.
وتسعى الأمم المتحدة منذ 1988 تسوية النزاع إلا أن جهودها لا زالت متعثرة وتقدم المغرب 2007 بمبادرة منح الصحراويين حكما ذاتيا تتمتع هيئاته المنتخبة السلطاات واسعة تحت السيادة المغربية، إلا أن جبهة البوليساريو والجزائر رفضتا هذه المبادرة.
وتنشر الأمم المتحدة منذ1991 بعثة لإجراء استفتاء للصحراويين لتقرير مصيرهم في دولة مستقلة أو الاندماج بالمغرب ومراقبة وقف إطلاق النار في المنطقة (مينورسيو) وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة ، عن تعيين الكندي كولين ستيوارت ممثلا خاصا له للصحراء الغربية ورئيسا لبعثة المينورسو. وذكر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، أن ستيوارت سيخلف في هذا المنصب مواطنته كيم بالدوك التي أنهت مهامها في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. وقال دوجاريك إن “الأمين العام ممتن للسيدة بالدوك لقيادتها القوية ومثابرتها خلال توليها مهامها”.
ويأتي تعيين المسؤول الجديد على رأس بعثة «المينورسو» بعد العلاقات المتوترة بين المسؤولة السابقة والرباط، التي بلغت حدتها عندما أقدم المغرب على طرد 84 موظفا مدنيا في البعثة عقب إطلاق الأمين العام السابق للأمم المتحدة، بان كي مون، تصريحات مسيئة اعتبر فيها الصحراء «أرضا محتلة» خلال زيارته المنطقة العازلة التي تسهر فيها «المينورسو» على وقف إطلاق النار.
ونشرت الأمانة العامة للأمم المتحدة على صفحتها أن رئيس «المينورسو» الجديد يتمتع بخبرة تفوق 25 عاما في مجال السلام والأمن والشؤون الدولية، وشغل منصب نائب رئيس مكتب الأركان في الأمم المتحدة لدى الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا ورئيس أركانه، كما شغل مناصب عدة في بعثات الأمم المتحدة الميدانية، بما في ذلك بعثة رئيس الدولة بالنيابة، ورئيس الشؤون السياسية لبعثة الأمم المتحدة المتكاملة في تيمور الشرقية (2007-2009).
وفي الفترة من 1999 ــ 2004 عمل كولين مع إدارة الأمم المتحدة لتقديم الدعم في تيمور الشرقية، كما مثل مركز كارتر في الضفة الغربية وغزة وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
محمود معروف
كلمة واحدة نحن إخوة