القانون الدولي …قانون الأقوياء

حجم الخط
0

درجت الأمم المنتصرة على وضع شروطها ورؤيتها على الأمم المنهزمة ، شروط ورؤية تخدم مصالحها على حساب المنهزم .
لما انقضت ابرز حروب العصر الحديث والمتمثلة في الحربين العالميتين الأولى والثانية بانتصار دول الحلفاء على دول المحور ظهرت امريكا كدولة اولى في العالم فوضعت رؤيتها وتصورها بما يخدم مصالحها وسياستها ، ولما كانت تعلم كره الناس للإستعمار ونفورهم من المستعمرين عملت على صياغة سياستها بأسلوب جديد يتمثل في انشاء وابراز مؤسسات وهيئات دولية تكون هي الفاعلة والمؤثرة فيها لتنفي عن نفسها شبهة الاستعمار والسعي لأن ترث تركات الدول السابقة في السيطرة والاستيلاء على الدول والشعوب الأخرى فكانت على درجة كبيرة من الذكاء في تغيير اساليب السيطرة والاستئثار بالعالم وخيراته . فصاغت بصفتها المنتصرة في تلك الحروب ما يعرف بالقانون الدولي والذي يحدد علاقة الدول مع بعضها ويدعو للسلم العالمي والتدخل لفض النزاعات ومحاربة المعتدين … هكذا سطرت عناوينه ! . فأمريكا بتفردها الدولي احكمت سيطرتها على المنظمات والمؤسسات الدولية ومنها القانون الدولي لتبسط كامل سيطرتها على دول العالم تحت غطاء دولي وتحت عناوين براقة فأصبحت تشرع وتعدل القوانين الدولية وفق مصالحها وما يتناسب مع تطلعاتها، فتحتَ هذا القانون صنفت الكثير من حركات التحرر الإسلامية والعالمية والكثير من الدول ضمن قائمة الإرهاب والتطرف واستثنت الكثير من الحركات والدول من ذلك التصنيف رغم ممارستها للإرهاب بشكل دوري وممنهج، وبذلك جعلت القانون الدولي اداة في يدها تحقق به ما تشاء من اهداف وتشكل عناوينه كيفما تشاء ، فتحتَ باب محاربة الديكتاتورية ونشر الحرية والديمقراطية احتلت العراق ودمرته تدميرا كليا طال البشر والشجر والحجر اعاده إلى عصور الظلام والتخلف ، وتحت مسمى انقاذ الشعب الافغاني من الرجعية والتخلف احتلت افغانستان وذيق اهلها العذاب اشكال الوان .
لقد انكوت دول العالم الفقيرة والضعيفة بنار مؤسسات الأمم المتحدة فالحروب والفقر ونهب الثروات هي من مظاهر هذا الاكتواء ، فإقامة دولة اسرائيل على ارض فلسطين وتشريد اهلها الم يكن بقرارات دولية ظالمة مجحفة ؟!.
فالقانون الدولي ليس قانون السلم والأمن وفض النزاعات كما يُّدعى بل هو قانون الأقوياء تصاغ بنوده وتبدل ويتم تأويلها حسب مصالح الأقوياء ، فبنود القانون الدولي المسطرة شيء والممارس على ارض الواقع شيء آخر يناقضه ويعارضه ، فكم من القوانين الدولية يداس عليها عندما يتعارض الأمر مع مصالح وسياسة الأقوى !، وللتأكد من ذلك فليُسأل اهل فلسطين كم قانون وقرار نفذ من تلك التي خرجت من الأمم المتحدة والمتعلقة بقضيتهم ؟ !. وعلى ذلك كان من الخطأ الثقة بالقانون الدولي والمؤسسات الدولية وكان من الخطأ والخطر التوجه اليها لحل تلك القضايا فلا قيمة ولا اعتبار للإنسانية في قاموسها بل الاعتبار كل الاعتبار لمصالح الأقوياء .
إن البشرية والعالم اجمع بحاجة لنظام وقوانين جديدة تقوم على اساس العدل والرحمة بالناس والشفقة على حالهم تراعي انسانيتهم وتكون المصلحة والغاية اخراجهم من الاستعباد والظلم والشقاء لا الهدف سلب خيراتهم ومص دماؤهم، ولا يكون ذلك الا في الإسلام بصفته مبدأ ربانيا جاء رحمة للبشرية والناس كافة وكرم الإنسان خير تكريم، فمسؤولية اعادة الاستقرار والامن والهناء للعالم تقع على عاتق المسلمين، فعليهم أن ينقذوا انفسهم ويخرجوا من الحال الذي وصلوا اليه ومن ثم السعي والعمل بجد لإخراج البشرية من الظلمات إلى النور .
عطية الجبارين ـ فلسطين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية