هوس الزعامة على الأمة شغل العقل السياسي الحاكم في عواصم عربية أربع، هي الرياض والقاهرة وبغداد ودمشق. حصلت تحالفات ومشاريع وحدة ومواثيق بينها، لكن جميعها ذهبت أدراج الرياح، بسبب تآمر هذه العواصم بعضها ضد الآخر.
على سبيل المثال تحالفت الرياض والقاهرة لإسقاط العراق منذ بداية تسعينيات القرن المنصرم وحتى عام 2003، بل إن انتهاء المواثيق بين هذه الأقطار كان دائما ما يجري بطريقة دراماتيكية وفجائية، كما حصل في ميثاق العمل القومي العراقي السوري عام 1979، والميثاق العربي بين مصر والعراق والأردن واليمن نهاية التسعينيات، وفي كل الحالات كانت الضحية دائما هي الامة وليس هذا القطر أو ذاك.
في العام المنصرم كان خط سير القاهرة والرياض يجري بسرعة كبيرة نحو بعضه بعضا، مدفوعا بمهددات وطنية وقومية كبيرة، خاصة بعد الاتفاق النووي الايراني، واحتلال طهران مكان الرياض في القلب والعقل الأمريكي، وكذلك مصالح شخصية مدفوعة بالعداء المشترك للإخوان المسلمين. وقد تمثلت تلك الاندفاعة بزيارة الملك سلمان للقاهرة في أبريل 2016، وتوقيع اتفاقيات استثمارية بنحو عشرين مليار دولار، وإمداد القاهرة بالنفط لخمس سنوات بكلفة 23 مليار دولار، وإنشاء تحالف استراتيجي بين العاصمتين، لكن خط السير هذا توقف بقوة الاندفاعة نفسها التي بدأ بها، وتبين أن كل ما قيل كان حبرا على ورق، بل ظهر أن الطرفين لا يمتلكان حتى رؤية مشتركة في ملفات إقليمية يفترض وجودها بين الحلفاء، والعلة هي التنافس على زعامة الأمة ولا شيء غير ذلك. فعلى الرغم من أن ما يميز مصر والسعودية القرب الجغرافي، وأنهما زاويتان مهمتان في المثلث العربي، الذي يشكل مركز ثقل جيوسياسي حاسم في حالة التوافق بينهما، لكن المعضلة الكبرى هو التباعد الايديولوجي الكبير بين السياستين بسبب المصالح الضيقة، إلى الحد الذي يتناسى فيه الطرفان بأن مهددات الامن الوطني والقومي تعصف بهما معا من كل جانب. فمصر تواجه مشاكل كبيرة وخطيرة بأبعاد ثلاثة، دولية وأقليمية ووطنية. فالبعد الدولي المتمثل بالدخول الامريكي والروسي بصورة مباشرة في ملفات المنطقة، قلل الدور المصري المعتاد إلى درجة التلاشي. كما أن سقوط النظام العربي حاصر مصر من كل جوانبها، خاصة ما يحدث في ليبيا والسودان. أما البعد الداخلي فصوره واضحة جدا للعيان، من خلال الاضطراب الأمني في سيناء، والاضطراب السياسي الناتج عن شكوك الشرعية السياسية للنظام الحاكم، وخواء الخزينة، وتراجع الاحتياط النقدي، وسقوط الجنيه بسبب تراجع مداخيل السياحة وقناة السويس والفساد المالي، وها هي اليوم تسعى للاقتراض من صندوق النقد الدولي، الذي لا يقرضها إلا بشروط الاصلاح ورفع الدعم، وهذه كلها تزيد من مشاكل مصر الداخلية وترفع وتيرة الاضطراب السياسي والاجتماعي فيها.
كذلك المملكة هي الاخرى تعاني من سقوط النظام العربي وتفكك الدولة العربية، حتى باتت مطوقة بالنيران الملتهبة في العراق وسوريا واليمن، إضافة إلى تراجع أهمية النفط وأسعاره ووارداته، وضعف الاهتمام الامريكي بها، مقابل صعود إيران ومشروعها الإقليمي للهيمنة. أما ما يمتلكه الطرفان من مقومات ذات قابلية كبرى على انتشال الامة فهي كثيرة وكبيرة، فالرياض تمتلك القوة الناعمة ممثلة بما يقرب من الترليون دولار احتياطي نقدي، ولها المركز الروحي المؤثر على حوالي مليار ونصف المليار مسلم في العالم. بينما مصر لديها القوة الصلبة ممثلة بجيش قوي يبلغ تعداده ربع مليون جندي تقريبا، كما لديها موارد بشرية تصل إلى مئة مليون إنسان، ومساحة 3.260 مليون كم2. هذه الخريطة الجغرافية والديموغرافية والموارد الطبيعية والقوة العسكرية، قادرة على أن تعطي توازنا مريحا مع دول المثلث غير العربي، تركيا وإيران وإسرائيل، لو خلصت النوايا وارتفعت مصالح الامة في العقل السياسي لصانع القرار في البلدين. كما سيشكلان عامل ضغط سياسي وأمني كبير لصالح الامة، في ساحات فلسطين والعراق وسوريا واليمن وغيرها من الملفات الإقليمية.
إن ضمان أمن الدول يتمثل في مستويات ثلاثة، المستوى القومي، والمستوى الاقليمي، والمستوى الدولي، ومصر والسعودية كلاهما يعانيان من خلل في مستوى عمل هذه المنظومة. فمستوى الامن الاقليمي لكليهما يعاني من عدم الاستقرار التام، ولا توجد أي آليات لتحقيق هذا الاستقرار حتى الساعة، فالتوازن الفلسطيني الصهيوني معدوم، والتوازن بين العراق وإيران تلاشى، والتوازن بين الخليج وإيران متناقض تماما، وكل الدول العربية ما زالت حتى الآن تحت تأثير خارجي كبير، سببه خلل بنيوي كبير في إدراك المصالح العربية، لذلك نجد التناقض موجودا حتى بين دول الخليج التي يضمها مجلس إقليمي ونسيج اجتماعي متشابه. وإذا كانت معادلة الأمن الوطني والإقليمي تلعب دورا مهما في رسم سياسات الدول، وهذه المعادلة يجب أن تتغير في حال تغيرات الوضع الدولي والعلاقات الدولية، فإن الأقطار العربية ما زالت مصرة حتى اليوم وأمام كل التغيرات التي حصلت، على أن تبقى معادلة أمنها هي هي كما كانت في عشرينيات القرن المنصرم ومنها المملكة السعودية. فمعادلة ضمان أمن الطاقة للولايات المتحدة مقابل ضمان الأمن الوطني السعودي، مازالت في ذهن صانع القرار السعودي، على الرغم من نزول السعودية من قائمة أولويات واشنطن، وحتى عندما حاولت الرياض تنويع علاقاتها ردا على هذا التغيير، لم تفلح في مسعاها لانها مازالت مسكونة بذلك العشق الامريكي الذي انتهى.
كما أن القاهرة التي وضعت كل بيضها في السلة الامريكية، عادت مرة أخرى تغازل الروس من خلال تأييد سياسات الهلال الشيعي بالدعم السياسي والعسكري للنظامين العراقي والسوري، والابتعاد عما يجري في اليمن، لا لارادة في التغيير بل طمعا في أن يلتفت إليها الضامن الامريكي والغربي.
أن القاهرة والرياض حتى في أفضل الظروف السياسية التي مرت بها علاقاتهما كانتا تفهمان ما يجب عمله بشكل مجزأ وليس موحدا، وهذا ينطبق تماما على جميع الاقطار العربية. فمصر تريد علاقات مع إيران والسعودية ترفض ذلك، والاخيرة ترفض التعاون مع حكومات عربية ذات ولاءات إيرانية، بينما مصر تود وتسعى لذلك. ولو عدنا إلى تاريخ العلاقات المصرية السعودية نجد بأن سمتها كانت الخلاف المستديم. ففي بداية الستينيات تبادل الطرفان تهديدات سياسية وعسكرية في ساحات مثل اليمن، الذي دعم عبدالناصر الثورة فيه، والانقلاب على الوحدة الذي اتهمت فيه السعودية. وربما تكون اللمحة الجيدة الوحيدة في هذا التاريخ هي الاتفاق بينهما في حرب عام 1973 على استخدام سلاح النفط لتعزيز الفعل العسكري، فكانت نتائجه شاهدا على أن هذين القطرين قادران على صنع إرادة وفعل عربيين حقيقيين لو خلصت النوايا.
إن العمل العربي المشترك لن يكتب له النجاح إلا عندما تكون نظرة الحاكم إلى قضايا بلده مرتبطة ارتباطا عضويا بأهداف الأمة، وإن تشكيل محاور وتحالفات في ظروف الاضطرار ستبقى هامشية، لانها ليست خيارا استراتيجيا بالنسبة له، وسيغادرها في أول فرصة تتحسن ظروفه فيها.
باحث سياسي عراقي
د. مثنى عبدالله
بإختصار : لا يمكن الوثوق بالعسكر
وأقصد هنا القادة الكبار المتاجرين بشعارات الوطنية و القومية
الملكيات ببلادنا أيضاً عسكرية والدليل تخرج معظمهم من أكاديميَّة ساندهيرست العسكريَّة البريطانية !
ولا حول ولا قوة الا بالله
بالله عليكم لا بوجد مقارنة مصر بلد المؤسسات مصر يوجد بها مفكرون وعلماء ولو قليل بها استقلال ذاتي اما…بترول فقط
القاهرة الحالية القاهرة الرسمية تعيش على الماضى القاهرة تتسول كل شىء القاهرة أرضها مستباحة فى سيناء لايجرؤ أحد على تحريك جندى او أدخال سلاح ألا بموافقة أسرائيلية أما لو أرادت تحريك مروحية يتطلب الامر أذنا مكتوبا بالموافقة مثل أوذون حكمدار المقاطعة فى رام كوهين القاهرة أصبحت بوابا فى غزة تفتح البوابة وتغلقها بأمر الكفيل الصهيونى القاهرة عطشانة مافيش موية وفلسانة ما فيش رز وجعانة مافيش قمح وخربانة ولسانها أطول من رقبة الزرافة القاهرة الرسمية تدهورت للحضيض كايرو الان تغنى أغنية الست “ظلمونى ” بينما الكفيل يرقص رقصة ويعرض بالسيف
من المستفد الذي بيننا من وراء نشر الفتن وحب الزعامه وما يترتب حولها من مشاكل غييير تجار السلاح الغير مرخصين وبعضا من ساسة السياسيين المنتشريين ببعض الدول لدمار العالم والانسانيه وجعل العالم متوحشا لا وجود للبسيط الطيب والحر عندهم انهم يبحثون عن تجنيد اكثر للبشر لوضعهم في خانة العبيد لديهم .. افيقوا يا انسان كما خلقنا الله نحن نبحث عن الحياه وهم يقتلوننا فرادا للبارزيين المناضليين, ويقتلون كثيرا من الناس عندما لا يتوفر مناضليين ببلدهم يسمع لهم .. الشرير ابو راس موجود ولاكن لن اذكر اسمه راجعوا احداثي والصور وبعضا من النقاط ضدي سيظهر للعاقل المتوازن من هو الشخص الذي يعمل امامنا انه منا ولكنه ضدنا ويخدعنا بافكاره ومؤيديه وكتابه وبعلمه, شيطان كبير موجود في بلد والدي ويالا الاسف .. سينتشر الاكاذيب اكثر لانهم يدركون ان الحقيقة اصبحت قريبه للظهور العالمي ,, لا تضيعوا بالاراء الشريره الجديده واستفتوا قلوبكم وارواحكم لنعلم الطريق الحقيقي , لان الطريق الصحيح غير مرئي ولاكن يمكننا الاستشعار به لنبتعد عن الفتن والضوضاء.. وانهم الان يركون على ابعاد الكتاب الاحرار الصادقيين من الشاشاة, حتى لا يبقى امام العامة سوا الشر فيصدقون الشر ويقع الاغلب بالافخاخ كما وضعوني سابقا بفخ تحت الارض .. ولاكن هيهات باذن الله سيغلبون ويخسرون ونسحقهم وندعوا الله بان لا نخاف منهم ونتحد بالحق ضد الدمار والارهاب والفتن , اليهود والمسحيين والمسلميين والعرب وقعوا باول مصيده ولاكن الاحرار سيساعدون الناس لانقاذهم بسرعه وقوه ونعلمهم الحق ..
هل يقرأ الحكام العرب هذه المقالات؟ هل يستمعون لمحللين من قامة الدكتور مثنى عبدالله وآخرون؟؟ماطينة مستشاريهم؟؟
الحاكم العربي ياسيدي يدفّعنا الثمن منذ بداية تأسيس الممالك والجمهوريات؛ويبقي على حياته وحياة مقرّبيه بالبزنسة السياسية؛فهو يعلم يقينا مالذي تريده امريكا.وبالتالي يعرف مالمطلوب منه.
أخطأت السعودية خطأ جسيما يوم تحالفت لاسقاط العراق؟ وهي تدفع الآن ثمنا باهضا قد يبدو فسحة مقارنة بما سيقع”لاقدّر الله” لها اذا بقيت ايران في اطماعها في ظل الغطاء الروسي والامريكي الذي تحضى به…
اتمنى من كل قلبي؛أن يصحى الحاكم العربي من سباته ويعي أهمية مشاركة الشعب له في اتخاذ القرار وان ينصت لصوت هذا الشعب،
أشكرك استاذي مثنى على هذا التحليل السياسي القيّم،دمت لنا بالف خير
تحية للاخوة القراء والمعلقين وتحية لقدسنا الغراء بيتنا الثاني….
يتحالفون فقط لاسقاط بعضهم البعض … بصراحة ارى ان مصر اصلح للزعامة ..
هذه هي ثقافتنا والحاكم حاله حال اي شخص في مجتمعاتنا فالكل يريد ان يصبح مركز المجموعة التي فيها فنرى بالعائلة ثقافة الانصياع لالاخ الاكبر او الاخت الكبرى سواء كنت القرارات صحيحة او لا وكذلك ابتلينا بالعشائرية والطائفية الحل باعتقادي هو الغاء مؤسسة الجامعة العربية واهتمام كل بلد بحالة وحل مشاكله وتنميته من خلال العلاقات الثنائية مع بعضها البعض او ان تصبح هناك مؤسسات تجمع الانظمة المتشابهة مع بعضها او تحول الكل الى انضمة ديمقراطية يصل بها الحاكم الى الكرسي من خلال انتخابات نزيهة بوجود احزاب ومؤسسات مجتمع مدني نافذة وليس صور فقط. وبالتالي سوف لن يتامر حكام العرب على بعضهم البعض
شكرا على مقالاتك د مثنى عبد الله التي دائما ما تكون في الصميم ، تحياتي لك من المغرب.
الى المعلق سلام عادل: ما تفظلت به هو بالضبط ما يسعى اليه الكيان الصهيوني لاشاعة الفوضى في المنطقة ، الغاء المؤسسات و اهتمام كل بلد بحاله و تنميته ، و العمل على ايجاد علاقاات اخرى ثنائية (مع اسرائيل طبعا) يعني الفوضى الخلاقة .
اما حديثك عن انظمة ديمقراطية اتية من انتخابات نزيهة ، فلا ارى فائدة منها ما دام من يطلبونوها ينقلبون عليها حين لا يكونوا هم من فازوا بها .
د مثنى سلام من الله على اناملك التي خطت مقالا ركزت فيه على الشلل العظيم في موقعين جيوسياسيين يمكن ان يقلبا اسطر التاريخ القادم لو كانت السياسات مبنية على تحالفات استراتيجية الطابع وعربية الانتماء وخرجت من ضيق مشاكل الدولة القطرية الى الدور الاقليمي الوازن الذي يجب ان تلعبه دولتان بوزن مصر والسعودية
*ذكرت في مقال هام لك كيف كان الخطا السعودي جسيما عندما دعمت العربية السعودية سقوط خط الدفاع الاقوى ضد التغول الفارسي والمشروع الاستراتيجي الطاءفي الايراني
*التغيير استاذي مثنى يبدا من تصالح الانظمة مع شعوبها فكلها ملكيات متدثرة بلقب جمهوريات كما اعتدت ان اسمي مملكة الاسد وعاءلته وما كان ينوي مبارك فعله من توريث جمال ولم تات الصورة الجمهورية الزاءفة بخير من الملكيات المقنعة بلقب جمهوريات بل انها جادت باسوء انواع العسكر الانقلابيين الذين يستمدون وجودهم من اعلان الحرب الامنية والتجويعية والترويعية على شعوبهم
*رايت في المقال كحلا عربيا اصيلا وحنينا الى الوحدة العربية في رايي المتواضع د مثنى الحكام المشغولون بحرب وجود مع شعوبهم ويفتقرون للشرعية الانتخابية ويحجمون دولهم ودورها من دول اقليمية الى دول قطرية محكومة بعاءلات معادلة بقاءها في السلطة اهم من معادلة اصلاح الاقتصاد والسياسة والقوة الحربية هؤلاء الحكام ليسوا مؤهلين لهذا النوع الطاهر من الخطاب الذي يفترض فيهم ان مصلحة الوطن اعلى من مصلحة بقاءهم في السلطة د مثنى ببساطة ثلاث انظمة حكم لو نجحت شعوب المنطقة في اجراء اصلاح سياسي او تغييرها ستدفن المشروعين العنصريين الوحشيبن في المنطقة المشروع الطاءفي الفارسي والمشروع العنصري التوسعي الصهيوني انها مصر العربية السعودية والاردن
تقبل تحيتي ووجداني المتاثر كثيرا بروحك العربية التي لم تلوثها الهزاءم والخيانات وقد كتبت عن تاثري البالغ بك استاذي مثنى في تعقيبي على تعليقك على مقالة مضارب بني تعس سقط التعقيب اول مرة ونشر بعد انتهاء صلاحية المقال تقبل احترامي وصادق انتماءي الى روحك العربية التي ما غيرها زمن الهزاءم والتفتت والحصاد المر لكسل استراتيجي معيب من انظمة لا يتوقع منها ان تعطي الاصلاح وهي فاقدته فملف الفساد المالي والسياسي وحده وتخبط السياسات والتاخر عن التحالف الاستراتيجي مع القوى العالمية الصاعدة (الصين الهند باكستان ) والالتصاق بالقوى التي توشك شمسها ان تغرب (امريكا ) محبط
استنفذهم الصراع على الزعامة حتى لم يتبقى امة ليتزعموها.