«القدس العربي» تستطلع آراء الشارع التركي قبيل 3 أيام من الاستفتاء التاريخي على نظام أردوغان الرئاسي

حجم الخط
3

إسطنبول ـ «القدس العربي»: استطلعت «القدس العربي» آراء شريحة من الشارع التركي حول الاستفتاء المقرر تنظيمه الأحد المقبل حول تعديلات دستورية تشمل تحويل نظام الحكم من «برلماني» إلى «رئاسي»، ويشكل خطوة تاريخية جديدة في الحياة السياسية للرئيس رجب طيب أردوغان.
ويمكن للمتابع أن يلمس حجم الانقسام في توجهات الشارع نحو التصويت بـ«نعم» أو «لا» في الاستفتاء المقبل، وهو الأمر الذي ما زالت تؤكده استطلاعات الرأي التي تشير إلى استمرار الانقسام الحاد والتقارب الكبير وغير المسبوق في نسب المؤيدين والمعارضين وهو ما يجعل من الصعوبة بمكان التكهن بالنتيجة المتوقع إعلانها مساء الأحد.
يقول أحد سائقي التاكسي في إسطنبول وهو شاب (35 عاماً): «سوف أصوت بنعم بكل تأكيد، وسوف ننجح، النجاح مضمون بالنسبة لنا، نحن نحب الريس (لقب يطلقه أنصار أردوغان عليه) ولن يأتي لتركيا من عشرات السنوات قائد عظيم مثله ونحن نعمل كل شيء لأجله»، متوقعاً أن تصل تأييد التصويت بـ»نعم» 60٪ حسب تقديره.
وما زالت صور أردوغان ورئيس وزراءه بن علي يلدريم وشعارات (EVET) التي تعني «نعم» تطغى على الشوارع والميادين والأزقة في جميع المحافظات، مقابل صور زعيم المعارضة كمال كلتشدار أوغلو وشعارات (HAYIR) التي نعني «لا» بشكل أقل، فيما تجوب سيارات انتخابية تنادي عبر مكبرات الصوت وتحث الناس على تأييد أو رفض التعديلات الدستورية التي ستمنح أردوغان ـ في حال إقراراها- صلاحيات تنفيذية واسعة.
ويقول شاب تركي: «أنا لست (أردوغاني) لكن سوف أصوت بنعم يوم الأحد المقبل، لا أردى مشكلة في توسيع صلاحيات الرئيس فهو يعمل بشكل جيد، نعلم أن لديه الكثير من المشاكل ولكن لا توجد لدينا خيارات واسعة، المعارضة ضعيفة ولن أصوت لليسار الذي دمر البلاد (يقصد حزب الشعوب الديمقراطي المعارض)».
وفي منطقة الفاتح ذات الطابع الإسلامي المحافظ، زار ياسين أقطاي نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم مقر الحملة الانتخابية للحزب أثناء تواجدنا في المقر، حيث عمل على رفع معنويات العاملين في الحملة الانتخابية وطالبهم بتكثيف العمل خلال الساعات المقبلة، مطمئناً أنصاره بأن «التقديرات الداخلية والاستطلاعات غير المعلنة التي يجريها الحزب تشير إلى نتائج مطمئنة لخيار (نعم)».
وباستثناء بعض استطلاعات الرأي التي تجريها قليل من المراكز البحثية المستقلة والتي يمكن اعتبار نتائجها غير موجهة، تستخدم الأحزاب التركية الاستطلاعات في اتجاهين، الأول هو الاستطلاعات السرية الداخلية التي يمكن الاستفادة من نتائجها في توجيه الحملات الانتخابية ومعرفة حجمها في الشارع وبناء خطط عملها بناءاً عليها، واستطلاعات أخرى غير واقعية وتهدف إلى توجيه الرأي العام، حيث شهدت الأيام الأخير نشر عشرات الاستطلاعات التي تقول المعارضة إنها تُجمع على رفض التعديلات، ويقول الحزب الحاكم إنها تجمع على تأييد التعديلات الدستورية.
وفي منطقة بيشيكتاش باسطنبول، يقول أحد بائعي الصحف اليومية وقد ارتدى وشاحاً كتب عليه ما يُظهر معارضته للتعديلات: «بالتأكيد لا، سنقول لا للديكتاتورية، ولن نسمح أن يتم إعادة تركيا إلى الوراء وتحويلها إلى دولة رجعية يحكمها رجل واحد».
ويرد بائع الكعك التركي (السميت) الذي يقف إلى جانبه، بالقول: «لا نريد التحول إلى دولة عربية»، وعند سؤاله ماذا يقصد بذلك؟، قال: «أردوغان يتحول إلى صدام وقذافي، لماذا أنت متفاجئ، هو بالحكم منذ 15 عاماً، ويعمل من أجل البقاء في الحكم حتى عام 2029، بماذا يختلف بذلك عن صدام والقذافي وباقي الحكام العرب، سنقول لا ولن نسمح بتحويل تركيا إلى دولة رجعية».
لكن شاهين اوزدمير (55 عاماً) قال: «أنا سوف أصوات بلا، لأنني أعارض النظام الرئاسي، لكن المؤشرات قوية على أن أردوغان سوف ينجح هذه المرة أيضاً، إنه بالسلطة ولديه قوة كبيرة، يسيطر على الإعلام والإمكانيات ووسائل النقل ويستطيع توجيه الناس من خلال هذه الإمكانيات غير المتوفرة لدى المعارضة»، ويقول آخر: «سوف أصوت بنعم لنعطي درساً لأوروبا التي تعدت على الشعب التركي».
ويرى مراقبون أن تصعيد أردوغان للأزمة مع الاتحاد الأوروبي خلال الأسابيع الأخيرة ساهم في رفع مستوى التوجهات القومية لدى الناخبين الأتراك، ورفع بالتالي من نسبة المؤيدين للتعديلات الدستورية انطلاقاً من خطاب أردوغان الذي طالب فيه الشعب التركي بـ»توجيه صفعة إلى أوروبا من خلال التصويت بنعم».
كما ألمح أردوغان إلى إمكانية إجراء استفتائين آخرين خلال المرحلة المقبلة، الأول يتعلق برأي الشعب التركي بإنهاء ملف الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، والثاني يتعلق بتغيير إحدى مواد الدستور المتعلقة بإعادة العمل بقانون الإعدام لتطبيقه على قادة محاولة الانقلاب وهو ما يداعب توجهات وأمنيات شريحة واسعة من القوميين الأتراك.
ويرجح المراقبون أن تصب النسب المرتفعة التي حققها التصويت في خارج البلاد في مصلحة أردوغان، حيث ارتفعت نسبة المصوتين إلى قرابة 1.5 مليون من أصل قرابة 3 مليون ناخب، معظمهم في أوروبا، ما يعني أن نسبة التصويت اقتربت من 50٪ بعد أن كانت لا تتجاوز غي أحسن أحوالها 40٪ في الانتخابات الماضية، وسط توقعات أن تصل نسبة التصويت في الداخل إلى أكثر من 85٪.
والثلاثاء، قال أردوغان في خطاب جماهيري في مدينة شانلي أورفا: «ثمة تدفق مذهل للأصوات في الخارج. أدلى نحو 1.42 مليون شخص بأصواتهم»، داعياً أنصاره إلى التدفق بأعداد غفيرة على صناديق الاقتراع للتصويت بنعم في الاستفتاء.

«القدس العربي» تستطلع آراء الشارع التركي قبيل 3 أيام من الاستفتاء التاريخي على نظام أردوغان الرئاسي

إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    بالنسبة لي فإن النظام البرلماني أفضل بكثير رغم مشاكله مع تعدد الأحزاب
    أما النظام الرئاسي ففيه دكتاتورية قد تحد من تنوع الآراء
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول Dinars:

    الـ إردوغان هذا غسل عقول الأتراك بما فيه الكفاية وهو بذلك قد ضمن نتائج الإستفتاء لصالحه وليس لصالح الأتراك الذين سيكتشفون حقيقة إردوغان يوم يستفرد بالسلطة بعد استغل النظام البرلماني لينال مآربه.

  3. يقول Dollars:

    لقد زرت تركيا في عام 2006، وعدت هذا العام، في مارس الماضي، ولقد لاحظت فرقا كبيرا. والبلد الذي تطور على قدم وساق، والطرق السريعة والجسور والأنفاق والقطارات السريعة، دولة حديثة. زرت عدة مدن، Iskishehir، البورصة، كوتاهية، … شعور جيد أن نرى دولة إسلامية حديثة ونظيفة ودافئة. وهذا مثال لبلداننا التي اتخذت مسار الانحطاط بسبب حكامنا.

إشترك في قائمتنا البريدية