دهوك ـ «القدس العربي»: عكست الأوضاع المأساوية للنازحين من مناطق القتال في العراق عموما في المخيمات، مأساة إنسانية حقيقية خلال البرد القارس، مع خصوصية الأوضاع لنازحي منطقة سنجار شمال غرب الموصل.
وفي جولة لـ«القدس العربي» في عدد من المخيمات المنتشرة في كل مكان في محافظة دهوك شمال العراق، يمكن بسهولة تلمس أزمة إنسانية تعجز إمكانيات حكومة الإقليم والحكومة المركزية لوحدها عن التعامل معها. وقد أشار المسؤولون في مجلس المحافظة وإدارة بعض المخيمات التي تملأ سهول وجبال وقرى المحافظة، عن وجود عجز في توفير الكثير من الاحتياجات الضرورية لسكان المخيمات، معترفين أن لا حل لمشكلتهم إلا في إعادتهم إلى مناطقهم بأسرع وقت ممكن.
وقال عضو مجلس محافظة دهوك صباح علي لـ«القدس العربي» بأن محافظة دهوك التي كان يقطنها مليون و100 ألف نسمة، قد استقبلت حوالى 800 ألف نازح من الموصل، مع توقع زيادة العدد إذا بدأت معركة تحرير الموصل. وأكد علي أن النازحين شكلوا ضغطا هائلا على المحافظة من حيث توفير احتياجات المخيمات من خدمات الإغاثة وإقامة المخيمات وتجهيزها بالماء والكهرباء والخدمات الصحية والتعليمية، بالتزامن مع الأزمة الاقتصادية التي يمر بها الإقليم جراء قطع بغداد رواتب الموظفين وقطع الميزانية. وأكد علي أيضا أن المحافظة رغم انها تؤدي واجبها في استقبال النازحين، إلا أن توافد الكثير من النازحين للسكن في المدن شكل أعباء إضافية على سكان المحافظة من حيث ارتفاع أسعار المواد وإيجار العقارات والمزاحمة في العمل، منوها إلى أن المساعدات الدولية التي تقدمها منظمات الأمم المتحدة وغيرها لا تتناسب مع احتياجات هذا العدد الكبير من النازحين.
وذكر هكار محمد مسؤول مخيم كبرتو القريب من دهوك ان المخيم يضم 2400 عائلة تتكون من 14200 نسمة ويشكل اليزيديين القادمون من سنجار حوالى 90٪ من سكان المخيم، وأكد ألمسؤول ان أبرز احتياجاتهم هذه الأيام ومع قدوم فصل الشتاء هو الوقود لتشغيل المولدات الخاصة بالمخيم لتوفير القليل من الكهرباء لسكان المخيم، كما يستخدمه الناس في تشغيل المدافىء النفطية، إضافة إلى مشاكل توفير المواد الغذائية الكافية والخدمات الصحية والمياه.
وذكر أن النازحين لديهم الحرية في البحث عن عمل أذا توفر لهم وذلك لمساعدتهم في توفير بعض متطلبات عائلاتهم.
أما المسؤول الإداري لمخيم شاريا سعود مصطاف نجم فأشار إلى وجود 3345 عائلة في المخيم تضم 18493 شخص غالبيتهم من سنجار. قد كرر نفس مشكلة الاحتياجات التي تعاني منها معظم المخيمات وخاصة الوقود، إضافة إلى مشكلة نقص التعليم، حيث يوجد لديه 8881 طالب وطالبة ولا يوجد في المخيم سوى ثلاث مدارس فيها 24 صفا وهو عدد قليل من المدارس التي ساعدت في بنائها منظمات إنسانية أجنبية. وقد لاحظنا أن ادارة المخيم تحاول ان توفر بعض وسائل التسلية لإشغال وقت فراغهم وخاصة للشباب وذلك من خلال التنسيق مع بعض النوادي والاتحادات الرياضية لإقامة نشاطات رياضية تستوعب طاقات الشباب.
أما النازحون الإيزيديون الموجودون على سفوح جبل سنجار شمال غرب الموصل، فقد شاهد مراسل «القدس العربي» خيامهم وقد أمتدت على شكل مجموعات متفرقة على امتداد الجبل وخاصة حول الطريق الرئيسي الذي يقطعه، ونظرا لبعد المسافة بين الجبل ومدن دهوك ولعدم وجود شبكة كهرباء وماء، فهم يواجهون صعوبات أكبر من باقي المخيمات القريبة من المدن، في الحصول على متطلبات المعيشة وخاصة الوقود في بيئة تنخفض فيها درجات الحرارة عن الصفر في الغالب بسبب الارتفاع الكبير للجبل ومجيء الشتاء البارد. وقد عملت إدارات المجمعات على توفير بعض مولدات الكهرباء، كما روى الإيزيديون الكثير من قصص معاناتهم وقتل رجالهم وسبي نسائهم وهروبهم من تنظيم «داعش»، مع الإشارة باعتزاز إلى نجاح الرجال الإيزيديين بمساعدة البيشمركة في التصدي لكل محاولات التنظيم للسيطرة على الجبل الذي جعلته العائلات ملاذ آمن من ملاحقة التنظيم لهم. وتبقى أزمة النازحين الفارين من جحيم المعارك في العراق صورة واضحة لظلم الإنسان لأخيه الإنسان وابتلاء المدنيين بالمخططات السياسية المحلية والدولية.
مصطفى العبيدي