كان اللقب السائد لدمشق- الشام هو «قلب العروبة»، وكانوا يضيفون إلى هذا اللقب صفة «النابض»، فتصير الشام «قلب العروبة النابض»، ومرجعاً لقراءة مآلات المنطقة واحتمالاتها.
عندما تفتح وعينا السياسي بعد هزيمة الخامس من حزيران، كانت دمشق في قبضة حزب «البعث»، الذي قادها إلى السقوط في يد السلالة الأسدية. وبدأ نبض القلب يخفت، ولم نعد نستمع سوى إلى عبارات جوفاء صارت مرادفاً لهزيمة العرب، إلى أن تحولت المدينة، التي عرفت بصخبها السياسي في الخمسينيات، إلى قلب يختنق ولا يعبّر. وصار هذا التعبير بالنسبة لنا مجرد كلام بلاغي لا معنى لبلاغته، ولا يثير سوى الأسى والسخرية.
قلب بلا عروبة أو عروبة بلا قلب! وانقلبت دمشق، ورسم لها الضباط ورجال المخابرات موتها المكفن بالاستبداد. وكان على الفلسطينيين واللبنانيين أن يدفعوا الثمن الدموي، من تل الزعتر إلى اغتيال الحركة الوطنية، قبل أن يُطبّق الضباط الخبرات الدموية التي اكتسبوها في لبنان في حماه، ويتم تحويل سوريا بأسرها إلى مزيج من الخراب والسجون.
لكن كل هذا القمع لم يكن سوى تمرين على الخراب الكبير الذي يختتم به حزب «الأنبياء الكذبة» مسيرته الدموية. تحطم العراق وسُلم إلى الغزاة الأمريكيين، ومن بعدهم إلى العته الطائفي- الأصولي، وها هي سوريا تواجه اليوم مصيرا سوف يكون درسا للشعوب في الخضوع للطغاة.
دلالات المصير السوري هي المؤشر إلى المصير العربي، وبهذا المعنى فإن شعار القلب الدمشقي لم يكن شعارا فارغاً. فالقلب السوري، الذي يحتضر على مائدة اللئام اليوم في جنيف، هو مؤشر إلى موت النظام العربي وانحلاله النهائي، وقراره بتسليم البلاد إلى القوى الأجنبية بدلا من تقديم التنازلات للشعب.
قلب العرب فقد استقلاله، وصار ساحة صراع دولي واقليمي، والدم السوري، الذي يراق منذ خمس سنوات، صار اليوم معبرا إلى إعادة إخضاع المنطقة وإفقادها كل مقومات الوجود الوطني.
الذين يرقصون طربا على إيقاع القصف الروسي لسوريا، يشبهون الذين رقصوا طربا على إيقاع القصف الأمريكي للعراق. كل لصوص العالم اجتمعوا على سوريا، كي يحطموا القلب العربي ويسحقوا نبضه.
لا أفق في هذا الأفق المسور بالقتل، لا أفق سوى المزيد من الموت والخراب وإبادة الروح.
وسوريا اليوم تتحول من فضيحة العرب إلى فضيحة العالم، يريدونها مقبرة للقيم الإنسانية، ومعبراً إلى إنهاء المنطقة العربية بأسرها.
لا أريد أن أحمّل مسؤولية الخراب للذين يخربون سوريا فقط: النظام وأشباهه، القوى العسكرية الأصولية، إيران، دول الخليج وتركيا، الخمول المصري، امريكا وروسيا… النخب والقوى السياسية السورية تتحمل المسؤولية أيضاً لأنها كانت عاجزة عن صدّ هذا الخراب، وتحويل الانفجار الشعبي السوري النبيل، المطالب بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، إلى أفق قادر على الانتصار.
في جنيف يقيم العالم مأتما لسوريا، ويتقدم الموكب شبح فقد كل مقومات الوجود اسمه نظام بشار الأسد، يتقدم الشبح متفاخرا وفاجرا ويشعر بالنصر، لأنه باع الوطن لقاء سلطة لا سلطة لها، ومعه وحوله يتلاقى اللصوص من كل أرجاء الأرض، ليبشروا بحلّ ليس سوى مقدمة حروب لا نهاية لها.
هذا المأتم الفاقد للحياء يشير إلى الحضيض الذي وصلت إليه المنطقة العربية، ويأتي استكمالا منطقياً لهزيمة العرب في حزيران 1967، يوم ارتفع ذلك الشعار الأحمق بأن العدوان فشل لأن هدفه كان إسقاط الأنظمة التقدمية!
الوطن يسقط، أما النظام فلا يسقط، هذه هي فلسفة الفاشية البعثية التي قادت إلى الخراب الشامل لسوريا والعراق. صحيح ان النظام في العراق سقط والنظام السوري لن يستمر، ولكن ثمن هذا السقوط الذي صنعته عبقرية الاستبداد كان أكثر فداحة من الفداحة نفسها.
يقول لنا مأتم جنيف أن الأرض احترقت وشعوب هذه المنطقة وثقافتها تقف فوق الخراب الشامل، وأن علينا أن نخترع بداية كي لا نندثر.
هذا الواقع المروّع، لشعب تحول إلى أشلاء، يجب ألا نسمح له بابتلاع الحلم الذي لاح حين امتلأت شوارع المدن بصيحة الحرية.
البداية في زمن النهايات هي هذه الصيحة، التي انفجرت من حنجرة القاشوش التي لن ينجح الاستبداد في خنق أصدائها رغم نجاحه في استئصالها. هذه الصيحة تدعونا إلى اعادة تأسيس كل شيء، من منطلق الدفاع عن البقاء.
الموت يحاصر كل شيء، وسياسات الدول الكبرى هي فضيحة القيم ومقبرة السياسة. أما فضيحة العرب فهي الاستبداد والثروة المهدورة من قبل من يحكم الساعة العربية المنقلبة. فضيحتان تلتقيان على قتل شعب صارت مأساته هي المأساة، وألمه هو الألم.
سوريا اليوم هي امتحان القيم الانسانية، وإعلان صارخ بأن هذه القيم تداس اليوم بأحذية لصوص نظام عالمي صار رهينة الرأسمالية المتوحشة، ونظام عربي صار رهينة النهاية.
صرنا كلنا سوريين، والضمير لا يعود إلى العرب فقط، بل يعود إلى كل من لا يزال مؤمنا بالحرية والعدالة.
نموت في سوريا ومع السوريات والسوريون في التشرد والمجاعة والقصف والبرد والجوع والمهانة.
كلنا تحت حذاء القمع والاستبداد والعته الطائفي والأصولية العسكرية المتوحشة.
كلنا هناك أي هنا، ولا خيار لنا سوى أن نعيد تأسيس القيم، انطلاقا من صرخة أطفال درعا، الذين كان موتهم إعلانا لموت الطفولة في هذا العالم المتوحش.
الياس خوري
ابداً يا سيده سلمى، ابداً، لا شئ يعيب البعث و مبادئ البعث، المشكلة الكبرى يوم استغل البعث ومبادئة العظيمة حفنة من التيوس والمترزّقين بالبزات العسكرية الذين لايفهمون لا البعث ولا حتى واحد زائد واحد، بحكم ما على أكتافهم من دبابير خاطتها لهم معامل جيوش الاحتلال والاستعمار بعد ان تركوا البلاد بالظاهر مثبتين بالعلن والخفاء في اماكنهم .
بقدر فرحتنا و سعادتنا عند قراءة هكذا مقالات قيمة و صائبة بقدر ما تحيي جراحنا و تدمي قلوبنا ومع هذا لا ننكر أنها في نفس الوقت تبعث فينا الأمل والنور.
الى السوريين : صرنا كلنا سوريون. لا أجد أبلغ من هذه الكلمات ولكن اعذرونا ”نحن البسطاء” اذا لم نستطع أن نفعل لكم الكثير.
شكرا يا أخي الياس لا يحضرني الآن إلا صورة حنظلة للمرحوم الشهيد ناجي العلي الذي قتلته أيادي الغدر لأنه كان شاهدا على الجريمة.
تحية عطرة للسيد إلياس صاحب القلم الشريف وصوت الحق والحقيقة.
كان هناك إسرائيل واحدة في الشام صار هناك إثنان …الثاني هو النظام الأسدي.
كان هناك شعب مشرد واحد صار هناك شعبان .. الثاني هو الشعب السوري
لم نكن نتصور أن هناك نظام آخر غير النظام الصهيوني له مثل هذه الحظوة الدولية ولكننا كنا مخطئين فقد تبين أن للنظام الأسدي الأرعن حظوة تفوق تلك التي يمتلكها نظيره الصهيوني.
يا صاحب باب الشمس
لا فض فوك وسلمت يداك.
نعم يا أخي إلياس،
ها هي التي كانت «قلبَ العروبة النابض» تواجه اليومَ مصيرًا لن يكونَ سوى درسٍ تاريخيٍّ للشعوب التي خضعت، وما زالت تخضع، للطغاة.
صحيحٌ أن المسؤول الأول والأخير عن هذا الجحيم كلِّهِ إنما هو النظام الأسدي المافْيَوي الطائفي المجرم، سواءً كان من خلال تواطئهِ العلني مع أسياده الروس والفرس أم من خلال تواطئهِ السرِّي مع أسياده الأمريكان والصهاينة. إلا أن الكثير من المحللين يرون أننا، نحن الشعوبَ الخاضعة والمذعنة، نستأهل كلَّ هذا البلاء الذي يحصل فينا اليوم، ويا للحزن! نستأهله لأننا في الأغلب والأعم التهينا برغائب أجسادنا قبل كل شيء زمانًا طويلاً. نستأهله لأننا لم نهبَّ قلبًا واحدًا وجسدًا واحدًا في وجه هذا النظام الفاشي والهمجي والوحشي في الوقت المناسب. نستأهله لأننا كنا في الأغلب والأعم عبيدًا منافقين ومهادنين لهذا النظام المجرم منذ البداية. ويحضرني هنا قول أحدهم في سياق مماثل تمامًا: «لا تسألوا الطُغاة لماذا طغوا كلَّ هذا الطغيان، بل اسألوا العبيد لماذا ركعوا كلَّ هذا الرُّكوع»!!!
مع ذلك لنا أمل في أن يعود هذا القلب للخفقان ليبعث الروح من جديد في هذا الجسد العربي المهتريء.لا ننسى كذلك قلب العروبة الآخر مصر أم الدنيا الذي كلما عاد للخفقان يحاولون إيقاف هذا النبض ولنا أمل كذلك في أن يعود ليضرب بهمة ونشاط لتعود قاطرة الأمة العربية لتجرها للإنعتاق من البسطار ومن البيادة ومن كل تسلط على هذه الشعوب المقهورة.
شكرا يا موونة على تعليقك وحبك الاخوي السامق واتمنى من الله تعالى ان ينصر المجاهدين الذين دافعوا عن كل مظلوم بغض النظر عن دينه وطاءفته والذين لم يقبلوا ان يرموا وردا او يخطوا حبرا في وجه الة القتل التي طحنت عظام ابناءهم تحت دبابات السادي الدكتاتور والاعجب ان هناك من يفتح جوارير الشبيحة الاعلاميين ليستورد نفس عبارات النظام السوري حيث يعظ الضحايا عن ضرورة عدم الخلط بين المطالبة بالحرية والعدالة وبين (الارهاب ) واسوا من هؤلاء الذين لم يطلقوا رصاصة في وجه ظالم ولا محتل الا انهم متفرغون لتلميع الطاغية عبر لفت النظر الى بشاعة غيره فهو شر مسكوت عنه وكفاح الثوار السوريين ارهاب!وعمالة !! ناسيا ان داعش تجلس عن يمين النظام وشماله ورايت اناسا يصفون الثورة السوريةفي الاعلام انها ثورة وفي المحافل الخاصة بالمؤامرة!! بل انهم والله شهيد على ما اقول يصفون ثوارها بثوار الناتو (وكان الناتو يقصفهم على اراءكهم الوثيرة وكان الناتووروسيا وطهران وميليشيات الغدر التابعة للنظام بل وبعض الاعتدال العربي لا يرمونهم عن قوس واحدة !!) الى الذين يفتحون جوارير الشبيحة الاعلاميين ويتلقون دروس السياسة منهم وينعقون خلفهم كالببغاوات اقول اتقوا الله فلحوم المحاهدين مسمومة وادعوكم الى ان ترموا وردا على من يهتك اعراض نساءكم ويطحن عظام اطفالكم لان حق الدفاع عن النفس في وجه طاغية ارهاب ! الذين يسلقون المقاتلين الرجال الرجال وهم يهزون اراءكهم ويلمزون المقاومين الشرفاء ويتكلمون بلسانين ووجهين هؤلاء معروف من هم في كتاب الله الذي يتدبرونه فيسبون انفسهم
*سوريا الى التقسيم والكبار تقاسموا الكعكة والميدان وحده سينسف كل شيء على رؤوس كل الذين يظنون انفسهم عمالقة تحية لمن اثروا الصمت ولزموا خنادقهم ولا نامت اعين المتفرجين الذين يدخنون غليونا عن بعد الاف الاميال ويخطبون على طريقة ماوتسي تونغ عن اللخظة الثورية في شعب دخل اطفاله في مفرمة لحم بشري وهم يتفلسفون
الاخت سلمى انت وردة دمشقية عاالية انتظر تعليقاتك وافتقدك كروحي تعليقاتك المختصرة العميقة تدل على قلب لم تلوثه صحبة السوء وعلى ثقافة عالية لا تحرمينا تعليقاتك وتحية لك ولشيخ المعلقين الاخ كروي داوود وعلى طريقته وفي ميزان حسناته لاحول ولا قوة الا بالله
اخ كروي ما اصدق ما كتبت يدك لنا اليوم من شعر عن ثورةةالدم والاحرار ثورة سوريا التي نعد الله ان ننصرها بدمنا لا باقلامنا وايهما حانت اولا فلسطين او سوريا نسال الله ان نكون البضاعة وان كانت نفوسنا ابقة وعاصية الا انها تغتسل بنور الكتاب المجيد الذي يهدي بنوره كلما اظلم الطريق وتكالبت الفتن وقل السالكون وكثر الناعقون وضل حلماء العقول فلم يحدوا الا تجريم الابطال والكلام باستحياء عن الطغاة وتركيز الاعين على هبل لكي لا يرى الناس سوءة مناه الحديث عن هامان لكي لا ينظروا الى فرعون قال تعالى عن حطب جهنم وحطامها ان فرعون وهامان وجنودهما كانوا ظالمين ومريض قلب من يجد في قلبه فسحة او في فكره مجالا ليلوك لحوم المجاهدين بغل الحاقد وببغاءية المقلد ويغض الطرف عن سوءة الدكتاتور ! بل يبحث عن فضاءله ومبرراته
حياك الله أخت غادة وحيا الله الجميع
ولا حول ولا قوة الا بالله
*تصحيح للاية ان فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطءين