القوات العراقية بدأت عمليات «كسر الإرهاب» لإستعادة الفلوجة من تنظيم «الدولة»

بغداد ـ «القدس العربي» ووكالات: بدأت القوات العراقية، أمس الاثنين، عملية واسعة باسم « كسر الإرهاب» لاستعادة مدينة الفلوجة ـ على بعد 60 كيلومترا إلى الغرب من بغداد ـ التي شهدت معارك طاحنة خلال وجود القوات الأمريكية في العراق، وتمثل اليوم أحد أبرز معاقل تنظيم «الدولة الإسلامية».
وكان قائد الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت، قد أعلن في بيان له أن «20 ألف مقاتل من قوات الاتحادية تساندهم الآليات المدرعة وكتائب المدفعية وصلوا، إلى مشارف الفلوجة استعدادا لاقتحامها».
وأكد ضابط في وزارة الدفاع أن الهجوم بدأ من عدة محار، وتم توزيع القوات المشتركة عليها، مع تحمل الجيش العراقي المهام الرئيسية في الهجوم. فقد شنت قوات «مغاوير الشرطة» هجوما على قاطع الزيدان، وشنت قوات الرد السريع هجومها على منطقة الضباط والهياكل. أما القوة التابعة لجهاز مكافحة الإرهاب فقد اشتبكت مع عناصر «الدولة» في قرية المزرعة القريبة من الفلوجة شرقا.
واضاف المصدر ان الهجوم من المحور الشرقي (قاطع ناحية الكرمة ومعمل الإسمنت )، الذي يبعد 10 كيلو مترات عن مركز قضاء الفلوجة، شنته الفرقة الثامنة من الجيش العراقي بمساندة قوات الحشد الشعبي ومقاتلي العشائر (لواء الكرمة) والشرطة الاتحادية. ومن جهة المحور الجنوبي ( محور تقاطع السلام أو مدينة الحبانية)، يتواجد لواء الصمود شرطة الأنبار الفرقة 14 وشرطة الفلوجة
واكد ان دور الحشد الشعبي يتركز حاليا على المشاركة من خلال القصف المكثف على مواقع تنظيم داعش شمال وشرق الفلوجة، حيث يستخدم الحشد المدفعية والراجمات المحمولة على السيارات إضافة إلى إطلاق صواريخ ذات قدرة تدميرية كبيرة، منها صواريخ «القاهر» الإيرانية، التي سلمتها إيران للميليشيات مؤخرا. منوها إلى أن أبرز الكتائب المشاركة في القصف هي «بدر» و»العصائب» و»حزب الله العراق» و»سرايا عاشوراء».
وأعلن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، في سلسلة رسائل عبر مواقع التواصل الاجتماعي: «نبدأ عملية تحرير الفلوجة. دقت ساعة التحرير واقتربت لحظة الانتصار الكبير وليس أمام داعش إلا الفرار».
وأضاف: «اليوم سنمزق رايات الغرباء السود الذين اختطفوا هذه المدينة والعلم العراقي سيرفع ويرفرف عاليا فوق أراضي الفلوجة». وأشار رئيس الوزراء إلى ان «القوات الخاصة والجيش والشرطة والحشد الشعبي ومقاتلي العشائر سيشاركون في عملية تحرير الفلوجة»
وجاء في بيان بدء العمليات الصادر من قيادة العمليات المشتركة: «شمر اليوم الرجال الأبطال من قواتنا المسلحة والحشد الشعبي وأبناء العشائر عن سواعدهم ليسحقوا هذه العصابات الإرهابية في الفلوجة الحبيبة». وشدد البيان على أهمية تحرير الفلوجة، التي تشكل أحد أهم معاقل التنظيم الجهادي منذ كانون الثاني / يناير 2014.
وأفادت المصادر عسكرية عراقية مختلفة تحقيق القوات العسكرية انتصارات تمهيدية مبكرة عبر تحرير العديد من المناطق المحيطة بالفلوجة وفي أطرافها. وقالت قيادة العمليات المشتركة إنه تمت استعادة السيطرة على منطقة النعيمية، وإن القوات الأمنية تقدمت باتجاه جسر التفاحة. كما حررت القوات الأمنية، يوم الاثنين، منطقتي الحراريات والليفية في كرمة الفلوجة.
وأعلن قائد الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت، في بيان له انه «بعد ان أعلنت ساعة الصفر من محور لواء المغاوير السادس، باتجاه منطقة الحراريات، تم تحرير حراريات الفلوجة بعد تقدم نحو كيلومترين بعمق وجود العدو، بوقت قصير من انطلاق محاور التقدم البري».
وأكد «تدمير سبع عجلات مفخخة في هذا المحور كانت تحاول إعاقة تقدم القوات المشتركة، ولكنها فشلت».
وأعلن قائد الشرطة الاتحادية تمكن القوات الأمنية يوم الاثنين من تحرير منطقة الشهابي ومعمل الشتايكر والليفية ومخازن الكرمه ومعمل الاسمنت قرية البوعودة وجميلة ومعمل الزيوت الشامبو والبوحديد الناصر جنوب الكرمة في قضاء الفلوجة، كما أعلن عن قتل المدعو حجّي حمزة ـ الذي يعرف بـ»والي الفلوجة» ـ ومعه عدد من مساعديه ونحو 30 إرهابيا.
وذكر بيان لخلية الإعلام الحربي ان»قوات الحشد تمكنت الاثنين، من السيطرة على مفرق الكرمة من جهة سكك الحديد والمخازن وتصل إلى مشارف منطقة السجر وتخوض معارك قوية».
ومن جانب آخر، أعلنت مصادر أخرى، عن دخول القطعات الأمنية إلى جامع الخلفاء وسط قضاء الفلوجة باتجاه منطقة المطاعم، بينما كانت المعارك مستمرة عصر أمس في الحي العسكري والصناعي لتطهيرهما من عناصر»الدولة».
وتمثل استعادة السيطرة على المناطق التي تخضع لسيطرة الجهاديين ـ مثل الفلوجة ـ أهم الأمور التي تشغل المسؤولين العراقيين وفي مقدمتهم العبادي. كما تؤدي قوات التحالف بقيادة واشنطن دورا مهما في دعم القوات العراقية في تنفيذ العمليات، بينها خطوات أولى لتنفيذ عملية تحرير الموصل ثاني مدن العراق من سيطرة الجهاديين.
فقد نفذت قوات التحالف، خلال الأسبوع الماضي، سبع ضربات جوية في الفلوجة. وشنت القوات الأمريكية هجومين واسعين ضد المسلحين في الفلوجة عام 2004، اعتبرا أعنف من حرب فيتنام.
وفي بيان رسمي لها، طلبت قيادة العمليات المشتركة من سكان المدينة الذين ما زالوا فيها، الاستعداد للخروج منها عبر طرق طرق مؤمنة. كما دعا البيان جميع الأسر إلى «الابتعاد عن مقرات عصابات داعش وتجمعاتها اذ سيتم التعامل معها كأهداف للطيران الحربي». وطلبت – في بيان منفصل – من «كافة العائلات التي لا تستطيع الخروج من الفلوجة رفع راية بيضاء على مكان وجودها».
ومن جهتها أعلنت القوات العراقية قصف أهداف في المدينة بطائرات حربية طراز «اف – 16». وأشار بيان لخلية الإعلام الحربي إلى ان «الضربات الجوية أسفرت عن تدمير معمل تلغيم وتصنيع العبوات الناسفة لعصابات داعش وقتل العشرات من الإرهابيين وحرق عجلتين».
واضاف البيان: «كما دمرت جزءاً من معمل لتدريع العجلات وقتل مجموعة من الإرهابيين، وتدمير مقر ما يسمى «الاقتصادية» وقتل من كان بداخلها، وتدمير ما يسمى «المحكمة الشرعية» لعصابات داعش وقتل العديد من الإرهابيين».
وقالت مصادر رسمية ان عشرات العائلات تمكنت من الخروج من الفلوجة التي يمنع الجهاديون الأهالي من مغادرتها. وتواجه القوات العراقية نفسها الاتهام بمحاصرة المدينة ومنع وصول المواد الغذائية إلى المدنيين.
واحتشدت القوات العراقية منذ أيام عدة على أطراف المدينة التي تعد – مع الموصل – من أكبر مدن العراق، وهي آخر المدن الرئيسية التي ما زالت تحت سيطرة التنظيم المتشدد. وباتت القوات العراقية تحاصر الفلوجة من معظم الجهات بعدما استعادت السيطرة على مساحات واسعة في محافظة الأنبار ذات المساحة الشاسعة، بينها الرمادي كبرى مدن المحافظة.
وعبرت قوى سياسية عن مخاوفها من وقوع ضحايا بين المدنيين المحاصرين في المدينة جراء القصف الشديد مع تزايد حالات النزوح والهروب منها. فقالت النائبة عن الأنبار لقاء وردي في تصريح صحافي، إن «هناك اعدادا كبيرة من الناس داخل الفلوجة، تصل إلى 70 ألف مواطن»، مشيرة إلى انه «كان هناك ضحايا جراء الحصار على المدينة، وأننا نخشى وقوع ضحايا من المدنيين ولهذا أكدنا على دقة الأهداف والحفاظ على أرواحهم، وألا يكون هناك استهداف عام لهم».
وتمكن تنظيم «الدولة» من السيطرة على مناطق واسعة في شمال العراق وغربه منذ الهجوم الواسع في حزيران / يونيو 2014، بسبب إخفاق القوات العراقية في وقف الهجوم رغم الفارق العددي الكبير بين الجانبين. وأعلن الإسلاميون «دولة الخلافة» في المناطق الواسعة التي سيطروا عليها بعد ذلك التاريخ، في العراق وسوريا.
وقتل عدد كبير من قادة التنظيم في ضربات جوية نفذتها قوات التحالف، خلال الفترة الماضية.
وأعلن التحالف الدولي مطلع الشهر الحالي، قتل أحد قادة التنظيم البارزين وصف بقائد التنظيم العسكري في محافظة الأنبار.
واعترف ابو محمد العدناني، المتحدث باسم التنظيم في رسالة صوتية يوم السبت، بأن التنظيم يفقد سيطرته على مناطق كثيرة.
لكن معركة الفلوجة ستكون أكبر تحد يواجه تواجد التنظيم المتطرف في العراق.
وذكرت مصادر أن القوات العراقية لم تدخل إلى المدينة حتى عصر أمس لكن طائرات حربية تواصل توجيه ضربات إلى أهداف معينة داخلها.
وتتوفر لدى القوات العراقية ـ خصوصا بمساندة مقاتلي عشائر الأنبار ـ معلومات واسعة عن المنطقة تؤمن لها تنفيذ العملية، لكن ينقصها التدريب وقوة السلاح التي تمتلكها القوات الأمريكية.

 

القوات العراقية بدأت عمليات «كسر الإرهاب» لإستعادة الفلوجة من تنظيم «الدولة»

مصطفى العبيدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية