يرى كثير من الروائيين العرب أن دلالة التميز الإبداعي تكمن في العالمية، وأن مفتاح العالمية يتجلى في الترجمة إلى اللغات العالمية، وبالأخص الإنكليزية.
في حين لا نجد نقادنا ومفكرينا يحتفلون بالعالمية، وإن كانت الرغبة في ترجمة أعمالهم إلى الإنكليزية مطلبا حيويا ومرغوبا فيه. لقد ظل هاجس العالمية مطروحا عندنا بشكل كبير منذ زمان طويل. ورغم المجهودات المبذولة لترجمة بعض الأعمال الروائية العربية إلى اللغات الأخرى ما يزال حضور الرواية العربية على المستوى العالمي محفوفا بكثير من عدم الاعتراف والحظوة على نطاق واسع.
ومع تزايد التنافس على تصنيف الجامعات الدولية، ومعاينة كون الجامعات العربية تحتل أدنى المراتب في هذه التصنيفات، بات حلم الارتقاء إلى درجات عليا هاجسا لدى المسؤولين والمهتمين بالشأن الأكاديمي العربي. وبدا لافتا للانتباه إعطاء التصنيف قيمة خاصة لدى العرب، كما باتت تبذل مجهودات خاصة نحو نيل الحظوة وتسجيل رتب أحسن. لا نجادل في أهمية تطوير إبداعنا وفكرنا وبحثنا الأكاديمي ليحتل موقعا مهما على الصعيد العالمي. لكن السؤال المطروح هو: كيف يمكننا الارتقاء بأعمالنا لتحتل درجات عليا في مصاف الجامعات العالمية؟ من بين ما تفتقت عليه مواهب مسؤولينا في التعليم العالي، في المغرب، مؤخرا الدعوة إلى كتابة دراسات باللغة الإنكليزية في بعض الشعب، وتقديم ملخصات للأطروحات باللغة الإنكليزية. وكأن من بين ما سينجم عن تطبيق هذا الإجراء الحصول على نقاط أعلى في سلم التصنيفات العالمية. لا نعترض على الفكرة في حد ذاتها، ولكن على الكيفية التي تطبق بها، من دون أن يكون هناك تريث في التطبيق، ولا سيما على من هم على عتبة تقديم أطروحاتهم، ومطالباتهم بشيء لا يمكن معه سوى تأجيل مناقشتهم للوفاء بما فرض عليهم بين عشية وضحاها.
رغم عدم اعتراضنا على الفكرة، في حد ذاتها، نتساءل هل المشكل الجوهري هو فقط في الكتابة بالإنكليزية؟ ولعل مرد السؤال يعود إلى سؤال آخر أهم: ماذا سنكتب بهذه الإنكليزية؟ هل يشفع لنا، عالميا، أننا نكتب بالإنكليزية لتصبح لكتاباتنا أهمية على المستوى العالمي، ونحن نعرف أن العديد من الكتابات الإنكليزية التي يكتبها أمريكيون وإنكليز وسواهم لا قيمة لها؟ فهل العبرة باللغة أم بالمضمون الفكري الذي يمكن أن تحمله هذه اللغة؟ وإن كانت الإنكليزية. إن مبرر طرح هذه الأسئلة يكمن في ما نجده مع العديد من الأطروحات التي تدبج في أقسام اللغة الإنكليزية باللغة الإنكليزية، ولكننا لا نجد للكثير منها أي حضور أو تأثير في الثقافة العربية بله العالمية؟ وحين نسجل هذه الملاحظة لا نقلل من أهمية ما ينجز من دراسات يقدمها عرب باللغة الإنكليزية. ولكننا نريد من وراء إثارتها التأكيد على أن اللغة في حد ذاتها، بدون التجديد الذي يمكن أن تضيفه للمعرفة الإنسانية لا قيمة لها. وليس كل من كتب، ممن هم من أصول عربية بالإنكليزية، يحتل الموقع الذي عرفه إدوارد سعيد أو إيهاب حسن على سبيل التمثيل؟
ما قلناه عن البحث والدراسة، يمكن أن نعممه على الإبداع العربي المترجم إلى اللغات الحية. بل يمكننا قوله عن الإبداع الذي ينجزه عرب، وهم يكتبون بلغات أخرى. وحين نقارنه بما تعرفه الرواية الأمريكية الجنوبية يتبين لنا الفرق. ويبرز هذا الفرق أكبر، بالنظر إلى الأثر الكبير الذي خلفته الليالي العربية منذ ترجمتها الأولى إلى الفرنسية، ثم بعد ذلك إلى اللغات الأخرى، حيث صارت الآن أثرا عالميا وإنسانيا بامتياز.
لا لأحد أن يماري في المكانة التي تحتلها اللغة الإنكليزية عالميا. والدعوة العربية إلى تطوير علاقتنا بهذه اللغة مهمة جدا لأنها فعلا بوابة انتقالنا إلى مواقع أفضل من واقعنا الحالي. لكن ذلك لا يمكن أن يكون على حساب تطوير لغتنا العربية لتكون لغة العلم والمعرفة الجديدين. كان الأحرى أن يطالب طلبة الدكتوراه في العلوم وفي التكنولوجيا بكتابة أبحاث باللغة العربية، وملخصات بهذه اللغة، وإن كتبت أبحاثهم بغير العربية، لأن هذا سيسهم في تطوير العربية علميا، ويوجد جسورا بين الأبحاث العربية في الجامعات العربية المختلفة. وفي الوقت نفسه، يطالب باحثو الأقسام الأخرى التي يشتغل أصحابها باللغة العربية بالاهتمام باللغة الإنكليزية، وإعداد أبحاث بها. وفي هذا السبيل لا بد من انتهاج مقاربات عملية تساعد طلبة الدكتوراه على العمل الجماعي بالترجمة والاشتغال باللغات المختلفة التي يجب أن تحتل فيها العربية موقعا لا يقل أهمية عن غيرها من اللغات.
إن أهم الإنجازات العلمية والمعرفية تتحقق الآن باللغة الإنكليزية، لذلك فنحن مطالبون، قبل الكتابة بالإنكليزية، أن نقرأ بهذه اللغة أولا، لنواكب جديد النظريات، ونتمثلها بعمق، ونسهم في تطوير معرفتنا بهذه المعارف باللغة العربية أولا. وفي الوقت نفسه يمكننا إشراك الأجانب في مؤتمراتنا للاحتكاك بالأفكار الجديدة. ونعمل بالتدريج على ترجمة كتاباتنا العربية أو الكتابة بالإنكليزية، في مختلف الحقول والتخصصات، وبذلك نتطور معرفيا، وتكون مشاركتنا في الفكر الإنساني ليس بواسطة اللغة فقط، ولكن بواسطة المعرفة أولا وأخيرا، وهذا هو رهان العالمية الحقيقي.
٭ كاتب مغربي
سعيد يقطين
أتساأل كيف تصح مطالبة الطلاب بإنجاز بحوثهم باللغة الانجليزية في بلد كالمغرب
–
تهيمن عليه اللغة الفرنسية ثم من اين استمدوا هذه الشجاعة لنزع بعض صلاحيات
–
لغة ماما فرنسا المدللة ؟
–
اتفق مع السيد سعيد فيما ختم به مقاله واعتقد انه عين الصواب
–
تحياتي
لسنا وحدنا الذين يحاولون الجري وراء اللغة الإنمكليزية بكل التفاصيل وبدونها، وأهم الدراسات عن الرواية الحديثة مكتوبة بالإنكليزية، والفرنسيون -على كون الفرنكونية- منتشرة فيالبلدان المغاربية وبعض البلدان الواقعة جنوب البحر الأبيض وبعض الدول الإفريقية، قلت الفرنسيون الأكاديميون أنفسهم يتسارعون إلى النهل من اللغة الإنكليزية لأسباب عديدة مرتبطة بالاقتصاد والساسة ومجدات الأدب. ليس عيباً الدخول في هذه التجربة وتعميقها في شتى الميادين ، والبقاء أيضاً للأصلح
ان اللغة هي الفكر ، وكلما استقامت اللغة استقام الفكر ، ان الامعان في التعبير عن قضايا ثقافتنا لهو طريق العالمية ، وماذا نقصد بها اه ان منتجها الإبداعي ،يتم تداوله وفهمه في ثقافات متنوعة ، ومدى التوفيق في التعبير الاشكاليات ، وتقديم رؤية حضارية ، سيدي ان النظرة الدونية لادبنا تجعل من اقزتم نلهث ليقراءنا الغرب المتعجرف ، ان الأديب الءي يسعى للكتابة بلغة اخرى هي محاولة ينسلخ بها عن هويته ، ام في التعليم فالأمر يختلف فلابد أن تكون لغة التعليم اللغة الأم ، مع تعلم اللغات الأخرى وهذا أمر بدهي، أما ترتيب جامعتنا فهذا أمر ذو شجون ، فكل معوقات وافات المجتمع تنكس سلبا على التعليم ، السؤال اى هما يجر قاطرة التحديث المجتمع ام المدرسة والجامعة ، الإجابة معا التطوير المتوازي .