شبكات التواصل الاجتماعي.. «فيسبوك» و»تويتر» و»غوغل» و»لينكيدلن» و»إنستوغرام» و»ماسنجر» وفايبر» و»سكايب» إلخ… نعمة أم نقمة؟ وهل هي حقا لصالح المستخدم العادي، أم انها لخدمة «الأخ الاكبر»؟
أقر وأعترف بأنه لا خيار لدينا في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين سوى استخدام شبكات التواصل الاجتماعي واللحاق بموكب الحضارة، بعد أن اصبحت هذه الوسائل جزءا أساسيا ومكونا ضروريا من مكونات الحياة المعاصرة، مثلها مثل الكهرباء والتلفزيون والطائرة والسيارة وغيرها.
ومثل باقي الأشياء التي يستعملها الانسان.. لها فوائد كثيرة كما لها مضار جمة. ومن فوائدها:
ان شبكات التواصل هذه فتحت الفضاء امام عامة الناس للتواصل في ما بينهم و»قربت البعيد وكسرت كل الحواجز والحدود»، وعرفت الناس على بعض بالصوت والصورة… فلم يعد الانسان ينتظر ساعي البريد، كما كان في الماضي، ليحمل إليه أخبار من يعز ويحب في الغربة، بشقيها المفرح والمحزن، فأصبحت الأخبار تتطاير عبر الأثير، وفي اللحظة التي وقعت فيها.. وأصبحت الاتصالات رخيصة، وفي كثير من الأحيان مجانية، ولم تعد مقصورة على الفئة الميسورة من الناس، بل أصبحت في متناول عامتهم، بتوفر الهواتف الذكية وتوابعها وغيرها من اجهزة الكمبيوتر وأجهزة التابليت «الآي باد وسامسونغ» وغيرها الكثير.
وفتحت وسائل التواصل الحديثــة الأبواب واسعة امام الناس لتبادل المعلومات والأفكار، وإبداء الاراء وتناقل الأخبار حول ما يدور من أحداث في عالمنا.
وتساعد التكنولوجيا الحديثة في إنقاذ حياة الكثير من الناس في مواقع الكوارث وتسمح للمنكوبين في إعطاء الصورة الحقيقية لأوضاعهم.
ولم يعد الانسان ينتظر وصول الخبر فقط، بل يمكن ان يشارك في صنعه ونشره، والمساعدة في خلق رأي عام مؤيد لقضية بعينها، تماماً كما حصل خلال الحرب العدوانية على قطاع غزة في الصيف الماضي، حيث كانت تدور حرب موازية للحرب الإسرائيلية المدمرة، ساحتها وسائل الاتصال الاجتماعي. ولهذه الحرب جندت إسرائيل 400 طالب مختص لخوض هذه الحرب الإعلامية التي أبلى فيها الفلسطينيون ومؤيدوهم بلاء حسنا، ونجحوا في دحر الدعاية الإسرائيلية المعتمدة على الأكاذيب.
ولا ننسى ايضا الاعلام الإلكتروني والمعلومات حول كل شيء.. وتوفرها بمجرد «كبسة زر».
والمهم أيضا أن وسائل التواصل الاجتماعي أنهت احتكار شركات الاتصالات التقليدية وأراحت ميزانيات البيوت من فواتير الاتصالات الضخمة التي كانت تعاني منها في مطلع تسعينات القرن الماضي فنازلا.
طبعا ما تقدم ليس إلا غيضا من فيض المنافع التي ليس هذا المقال بصدد الحديث عنها، أو سردها، فالمستخدمون المزمنون لهذه الوسائل هم بالتأكيد اكثر خبرة ومعرفة مني بمنافعها ومزاياها. ولكن الغرض هو تسليط الأضواء على هذه الشبكات وكشف مضارها ومخاطرها، بقدر ما تسمح به المساحة المخصصة للمقال.
وسأحاول أن أضع ما قرأته وما نجحت في تجميعه من معلومات حول هذه المضار والمخاطر أمام القارئ، وعليه أن يستقي منها ما يريد. وسأطرحها في نقاط ولن اطيل في التفاصيل المملة. كما لن أخوض في تفاصيل سوء استخدام هذه الوسائل من قبل بعض المستخدمين الذين لا يجدون ما يقولونه سوى «أنا زهقان» و»أنا جوعان» و»أنا تعبان» الى آخره من هذه الرسالة المزعجة.
ومن مضار وسائل شبكات التواصل أنها:
٭ رغم فتح الآفاق الا انها تكرس العشائرية والعائلية وتثير الحساسيات وربما الخصومات، وتساعد على الإنطوائية، فاللايكات التي يحصل عليها تعليق او صورة ما، تأتي بأغلبيتها من الأقارب والأصدقاء المقربين، وحتى هذه لا تأتي غير مشروطة، فإذا لم ترد اللايك، بأفضل منه وربما تعقبه ايضا بتعليق، فقد لا تحظى بمثله في مناسبات أخرى.. فالكثير يجودون بلايكاتهم، لتأمين مثلها لتعليقاتهم او صورهـــم وما شــــابه ذلك.. ويعترف البعض بأنهم يشعرون بالحزن الشديد، وربما الإحباط عندما لا يحصلون على الإعجاب، او كما سميناها بداية، اللايكات التي يتوقعونها.. ويبقى الحكم الفصل هو.. اللايك باللايك والبادئ أكرم.
٭ وتقضي شبكات التواصل على الحياة الاجتماعية في البيت الواحد وتصبح وسيلة التواصل بين الزوج وزوجته في التعبير عن الحب والعواطف، وهما جالسان على مقعد واحد.
٭ هل يعلم المستخدم أن حقوق الطبع والنشر والاستخدام لما ينشر، جميعها بأيدي شبكات التواصل. بمعنى أن كل ما ينشر من صور على صفحات المستخدمين الخاصة يصبح ملكا للشبكة ويحق لها التصرف بها.. والتصرف بها بأي شكل تراه مناسبا بدون ان يكون للمستخدم قول أو حق الاعتراض أو الاحتجاج. وحق المستخدم ينتهي بمجرد نشر الصورة او غيرها.
٭ وهل يعلم المستخدم أن كل ما يقول ويكتب في صفحاته ومدوناته صغر أم كبر، ينتهي في ملفات اجهزة مخابرات ودوائر أمن «الأخ الأكبر» الذي يحفظها الى حين الحاجة.. والشيء المؤكد ان «الأخ الأكبر» يستغل هذه الشبكات والهواتف المحمولة ليشدد قبضته على ما يدور في خلد المستخدمين وفي نفوسهم، ويحلل المعلومات التي يدونها على مواقعهم لمعرفة اتجاهاتهم وعقائدهم ومواقفهم السياسية وأوضاعهم الاجتماعية، بل وحتى ليعرف نقاط قوتهم ونقاط ضعفهم.. فطالما استخدم ما يكتب المستخدم العادي تعبيرا عن أحاسيس شخصية أو مواقف سياسية ضده، وانتهى الكثير منهم في غياهب السجون. والأمثلة على ذلك كثيرة. ولكن قبل سرد بعض منها لا بد من التأكيد على أن المعلومة التي يدونها المستخدم لا تزول بالتقادم، بل تحفظ في ملفه إلى حين الحاجة لرفع البطاقة الحمراء في وجهه في الزمان والمكان المناسبين.
ومثال حي على ذلك إدانة شابة عراقية في محكمة «أولد بيلي» في لندن يوم الأربعاء الماضي بجرمين متمثلين بكتابة رسائل في وسائل التواصل الاجتماعي، يفهم منها أنها تشجع على الإرهاب. واعترفت الصبية بالتهمتين. ولكن لم يكشف النقاب عن محتويات الرسالتين اللتين كتبتا، في الفترة ما بين يونيو 2013 ومايو 2014. وستصدر المحكمة حكمها على الصبية أواسط مايو المقبل.
والسلطة الفلسطينية دخلت على الخط واعتقلت شخصا بسبب تعليق على صفحته في الفيسبوك، وفعلت الشيء ذاته سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد عدد من الفلسطينيين. وأثارت قضية اعتقال الناشط السعودي في حقوق الانسان على مواقع التواصل الاجتماعي، رائد بدوي والحكم عليه بعشر سنوات سجن وألف جلدة ضجة في جميع أنحاء العالم، وتسببت بازمة دبلوماسية بين الرياض واستكهولم، بعد أن أدانت وزيرة خارجية السويد مارغوت وولستروم الحكم الذي صدر ضد بدوي، إلى جانب قضايا أخرى.
٭ هل تعلم ان لشركة «فيسبوك» مكاتب في تل أبيب.. وهي عبارة عن ثلاثة طوابق من بناية مخصصة للمكاتب في جادة روتشيلد، يعمل فيها 60 موظفا ومن المتوقع إن ينضم إليهم قريبا 30 آخرون للعمل ضمن طاقم البحث والتطوير و10 آخرون سينضمون للعمل ضمن فريق المبيعات. وهل تعلم أيضا أنها اشترت شركة «اونابوا» الإسرائيلية للاستفادة من تقنياتها، من أجل لعب دور فعال في زيادة عدد الأشخاص المتصلين بالإنترنت. كما اشترت عدة شركات ناشئة إسرائيلية، بينها «سناب تو» و»فيس كوم».
وان مؤسس ومالك شركة «فايبر ميديا» التي توفر الاتصال والتواصل مع الآخرين مجاناً عبر المكالمات الهاتفية والفيديو والرسائل النصية، وبلغ عدد المشاركين فيه أكثر من 100 مليون مستخدم حول العالم، هو تالمون ماركو، وهو إسرائيلي- أمريكي خدم في الجيش الإسرائيلي لمدة 4 سنوات وشغل منصب المدير التنفيذي المسؤول عن المعلومات في القيادة المركزية، ومقر هذه شركة في قبرص، ولكن لا رقم هاتف لها. والشركة غير ربحية، وتقدم خدمة مجانية 100٪ خالية من الإعلانات! وحسب نتائج البحث على غوغل تريندز، فإن 7 دول من الدول العشر التي تحظى فيها خدمة «فايبر» بشعبية كبيرة هي بلدان إسلامية أو فيها أغلبية مسلمة، وجميعها في الشرق الأوسط.. و»فايبر» تحتفظ بحق قراءة جميع رسائلك وسجل هاتفك، حتى تلك التي ليست ضمن البرنامج، ولديها الصلاحية لمعرفة موقعك الجغرافي، وحساباتك الشخصية وتسجيل الصوت والتقاط الصور وتسجيل الفيديو. كما يمكنها الوصول إلى جميع الملفات على هاتفك وقراءة إعداداتك وحتى البرامج التي تستخدمها.
وتعتقد «البوابة العربية لأخبار التقنية» بإن فايبر هي برنامج تجسس إسرائيلي يجمع كافة البيانات عن المشترك، لذلك فهي تدعو جميع المشتركين إلى حذف اشتراكهم من التطبيق، ثم محوه من الجهاز واستخدام البدائل الأخرى.
فقط وجب التنبيه.. وأترك لك عزيزي القارئ أن تستخلص ما تريد.
٭ كاتب فلسطيني من أسرة «القدس العربي»
علي الصالح
للاسف الكبير الكل انجر وراء هذه الشبكات دون علم او دراية بما يحاك من وراء هذه التكنولوجيا التي هي بمثابة تتمة للغزو الثقافي الامبريالي الامريكي الذي غير مجري الحياة والمبادس الانسانية ونضر الالحاد في اوروبا وها هو يدق المسمار الاخير في نعش الامة العربية والاسلامية عبر هذه الوسائل التي يبدوا ظاهرها جميلا لكنها تحمل في طياتها العديد من المشاكل النفسية و لما لها من اثر كبير في تغيير سلوك الفرد العربي والمسلم والتاثير عليه بمواد اعلامية موجهة لتحطبم الهوية العربية والاسلامية ؟ لربما قد تطول المدة ولكنهم مستعدون للانتظار طويلا ليحققوا مآرهم .