اللغة العربية بين تضليل الخصوم وتقصير الأبناء

حجم الخط
43

ينطق باللغة العربية قرابة نصف مليار من سكان العالم المعاصر، وهي الرابعة في ترتيب انتشارها البشري، وحروفها تحتل المرتبة الثانية بعد اللاتينية من حيث الاستخدام الكتابي، كما أنها لغة المقدس المتمثل في الوحي والقرآن الكريم لدى 1.62 مليار مسلم، وتعترف بها 26 دولة كلغة رسمية. ومع ذلك فقد انتظرت هيئة الأمم المتحدة حتى 18 كانون الأول/ ديسمبر من العام 1972 قبل اعتماد العربية كلغة رسمية في مختلف مؤسسات المنظمة، ومن هنا جاء إقرار هذا التاريخ كيوم عالمي يحتفي بلغة الضاد.
لكن العربية ليست في أفضل أحوالها، وهذا ما يتوجب على أبنائها الإقرار به أولاً، قبل الانخراط في أي سيرورة لانتشال هذه اللغة الجميلة، العريقة والنبيلة والحية، من حال الركود الذي تشهده منذ عقود غير قليلة، وإنقاذها مما تتعرض له من انتهاكات فظيعة في وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية بصفة خاصة، تنعكس نتائجها المباشرة في اضطراد تدهور الفصحى لدى فئات اليافعة والشباب على نحو محدد.
ولعل الخطوة الأولى هي إعادة الاعتبار إلى قيمة اللغة العربية في الحياة اليومية للمواطن، بحيث تخرج من المعاجم والنصوص المكتوبة إلى ساحات التخاطب العام على اختلاف ميادينه، وكذلك إلى العلوم والمعارف المعاصرة سواء كما حفظتها العربية ذاتها في ذخيرة اصطلاحية غنية خلّفها لنا تراث العرب العلمي والفلسفي، أو كما اكتسبتها من منجزات شعوب أخرى ضمن سياق تفاعل الثقافات والحضارات.
خطوة أخرى ضرورية في السياق إياه هي تنقية اللغة العربية من عوامل انقراض بعض مفرداتها، أو تقعر بعضه الآخر، أو انفصاله عن الاستخدام الفعلي، أو اغترابه عن دلالة التواصل الواقعي، أو افتقاده إلى روح المعاصرة. صحيح أن العديد من لغات العالم تعاني من مشكلات مماثلة، إلا أن لغة الضاد تحديداً تقع تحت ضغوط اللحاق بالحياة أكثر من سواها، لأسباب سياسية واجتماعية وتاريخية لا تقتصر على تجربة الاستعمار وحدها، ولا على تخلّف العرب في اللحاق بركب التحديث الصناعي والتطوير التكنولوجي.
وليس جديداً التذكير بأن اللغة العربية تتعرض منذ عقود إلى جهود تأثيم منهجية ومنتظمة، لا تتصل بواقع استخدامها أو قيمتها الثقافية، بل تنطلق من إدانتها مسبقاً وطبقاً لمفاهيم مضللة من نوع «الإرهاب الإسلامي»، أو أخرى أشد تضليلاً تختلق الربط الخبيث بين العربية والنصّ الجهادي المتطرف، أو تنسب إلى الفصحى صفات تقديس ليست في اللغة ولا يقرها أبناء العربية أنفسهم. وتلك جهود لا ينخرط فيها خصوم العرب والعربية فحسب، بل تعمد إلى استغلالها أنظمة الاستبداد والفساد أيضاً، من خلال تجهيل المواطن وإفقاره لغوياً، أو دفعه إلى اعتناق مفاهيم التضليل ذاتها من باب استثارة رد الفعل وإذكاء الغلوّ.
كل هذه الخطوات، وسواها، لا تلغي ضرورة احترام التعدد اللغوي، الناجم أصلاً عن تعدد إثني حيوي، داخل النطاقات البشرية والجغرافية لانتشار اللغة العربية، كما أنها لا تحجب حق اللهجات العامية في البقاء والاغتناء إلى جانب اللغة الأكبر. فالأمة لغات بقدر ما هي أعراق، والإبقاء على صيغة التعايش ضمن إطار التنوع يحفظ ويبني أكثر مما يبدد ويقوض.

اللغة العربية بين تضليل الخصوم وتقصير الأبناء

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سلام عادل(المانيا):

    الجانب الاخر المهم اننا كبلدان خارج الجزيرة العربية كانت لنا لغاتنا الوطنية وبقيت هذه اللغات هي المحكية بمفرداتها القديمة ومع المفردات العربية التي اتت مع العرب بصفتهم الحكام ثم من خلال المناهج التربوية فلذلك يجب ان لا نلوم السوري والعراقي والمغربي في حال انه لا يمكنه ان يتقن العربية والعربية الفصحى بعيدة جدا عن لغتنا المحكية سواء في البيت او الشارع ففي العراق ستجد مفردات اكثر من مفردات العربية تستخدم في البيت والشارع اصولها تبدا من سومر واكد انتهاء بالفارسية والتركية واخيرا الانكليزية

  2. يقول ابوتاج الحكمة:تاج العروبة قدسنا العربي،بالصدق والأخباروالأدب:

    طلع البدر علينا،
    وجب الشكرعلينا،قدسنابدرجلي
    اخي د.جمال البدري شكرالكم وكذلك بمصر حظروا اول الأمر كتاب النحوالواضح !

  3. يقول بلحرمة محمد المغرب:

    اللغة العربية تعيش احلك ايامها بفعل اهلها حكاما كانوا او محكومين فعندما نتابع رئيس عربي يلقي خطابا امام شعبه وهو يتحدث بالفرنسية فتلك هي المصيبة العظمى والكارثة الكبرى وعندما يستضاف وزير التربية الوطنية في بلد مغاربي من طرف فضائية فرنسا 24 في نسختها العربية ويتكلم مع المديعة باللغة الفرنسية وعندما اثارت انتباهه الى انه في فضائية فرنسا 24 في نسختها العربية ويجب عليه التحدث بالعربية يجيب السيد الوزير جوابا كارثيا حيث قال انه لا يتقن اللغة العربية وعندما لا تزال معظم اداراتنا تتعامل بالفرنسية بدل اللغة العربية فكيف تريدون والاحوال كدلك ان تكون لغة القران الكريم في افضل احوالها؟ السنا مولعين بكل ما ياتينا من الاخر حتى ولو ضارا ومهلكا وسلبيا؟ الم يعد التحدث باللغات الاجنبية وخاصة الانجليزية والفرنسية موضع افتخار عند العديد من المجتمعات العربية؟ الم تتهم اللغة العربية بانها لغة التخلف والجمود؟ الم يقل ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع الانساني في مقدمته الشهيرة – ان المغلوب مولع بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر احواله وعوائده -؟

  4. يقول د اويس/ بيت المقدس:

    العربية ام اللغات اااا لغة اهل الجنة ااا وهي لغة تعليم ادم عليه السلام بالجنة وعلم ادم الاسماء كلها ااا وهي لغة ام القرى مكة
    شرفها الله تعالى ااا وهي لغة القران العظيم الكتاب المهيمن على كل الكتب ااا وهي لغة سيد الثقلين صلى الله عليه وسلم ااا
    وفيها ثلاث عشر مليون كلمة ويمكن ان تتسع لمئة وعشرين مليون كلمة اا العربية هي اللغة الوحيدة التي يستطيع اصحابها التواصل عبر الفي عام يعني لو سمعت خطبة للنبي عليه الصلاة والسلام اولمن قبله من العرب تفهمها تماما ولا يستطيع العبراني ان يفهم العبرية القديمة او الانجليزي يفهم اللاتينية القديمة ااا العربية فيها اكثر من 25000 جذر مقارنة مع الانجليزية التي لها 2500 جذر ااا العربية هي اللغة الوحيدة التي تعبر بتشكيل اللفظ عن حال شأن الكلام او المتكلم
    اما اهم ما في هذا التعليق اني ابشركم بان العربية ستعم ارجاء العالم بداية النصف الثاني من العقد القادم بعد نزول الخلافة الراشدة بيت المقدس وسيدخل الاسلام كل بيت في العالم بعز عزيز او ذل ذليل ووالله اكثر ما تحسدنا عليه الامم بعد القران والرسول عليه الصلاة والسلام اللغة العربية الجميلة العريقة النابضة واما اولئك الذين يحاولون استبدال الذي هو ادنى بالذي هو خير نقول جائكم اصحاب رسول الله عليهم السلام بخير ما عندهم ليخرجوكم من الظلمات الى النور وجائكم الغرب بشر ما عندهم ليردوكم الى الظلمات افلا تعقلون

  5. يقول سلام عادل(المانيا):

    ق ان حال اللغة هو من حال البلد او الوطن فان كنا متخلفين في كل شيء فان اللغة سوف تتخلف وهو امر عادي فعندما تخترع انت شيء جديد لالانسانية ستقوم باعطاءه اسم وبذلك تضيف لاللغة مفردة جديدة وعندما تكتشف نجم جديد او كوكب بالسماء ستعطيه كذلك اسما وعندما تبدع نوع من الشعر او الرواية او الرسم ستعطيه اسما وكل ذلك يغني اللغة فهل حالنا يسمح بذلك,

  6. يقول الحسن المريني ـــ باريز:

    أن تتكلم اللغة العربية هذا لا يعني أنك عربي بالضرورة .. فالكندي ـــ من كيبيك ــ ليس فرنسيا كما أن البرازيلي ليس برتغاليا .. أن يعتنى باللغة العربية شيء أما أن يحدث تعريب قسري يذهب حد تجريم الكتابة و الكلام بلغة غير عربية في بعض البلاد العربية كما حدث لشاعر في المغرب كتب قصيدة باللغة الأمازيغية هو المرحوم علي صدقي أزايكو فوجد نفس رهن الإعتقال و المجلة في غياهب الحظر ؟؟؟ يجب أن نؤمن بالتعدد الثقافي و اللغوي لإنه ثراء للوطن و إخراس البوم التي تنعق صباح مساء و تحث على التعريب القسري .. الملايين من المواطنين في المغرب لا يفهمون شيئا من كلام القضاة في المحاكم و تكون النتيجة ” لا يعذر أحد بجهله للغة العربية ” أما حين توقف الشرطة في البلاد العربية أميريكيا أو فرنسيا فإن هناك من يتطوع بترجمة الأسئلة حتى تكون المحاكمة عادلة و تستجيب للمعايير .. و هلم هدرا … التعصب للغة العربية إقصاء للمكونات الأخرى .. الأوطان هي عش كل المواطنين و فيها تمارس حقوقهم و تتجلى هوياتهم .. علماء الإجتماع مثل كلود ليفي سترواس يقولون ليست هناك لغة متقدمة و لغة متخلفة ولا ثقافة متقدمة و ثقافة متخلفة ..إذن فحين يتعلق الأمر بالتعليم مثلا فإصلاح التعليم يجب أن يتوجه لكل المواطنين باختلاف لغاتهم و إثنياتهم و كل ما عدا ذلك هو إقصاء و تهميش قد تكون له عواقب وخيمة أقلها التوترات العنيفة كما يحدث الآن في بعض مدن الجزائر ـــ البويرة نموذجا ـــــ و أكبرها الفتن و الحروب الأهلية .. كما أود الإشارة إلى نقطة مهمة تنتشر كثيرا في المناقشات هي : حين يطالب البعض بالإعتناء باللغة العربية في المجتمعات المتعددة لغويا يوصفون بالشرفاء و حين يطالب البعض الآخر بالإعتناء باللغة الأمازيغية مثلا في بلدان شمال أفريقيا فالتهمة جاهزة : إذكاء النعرات

  7. يقول اشرف:

    الى تونسي : انا لم أرفض ولم أقبل..فقط عرضت النصوص الدستورية التونسية كما هي.أما تونس فهي لا توجد في الحضارة القديمة بل كانت جزءً من ليبيا الحالية.ولم تظهرككيان واقليم الا في عهد الفاطميين في العصور الوسطى.راجع كل التاريخ الفرنسي والعربي والامازيغي..انت لم تجبني على سؤالي بل تهربت من الجواب.انت تقول انك تونسي طيب.تونس جزء من الجغرافية العربية المعاصرة ومن الجامعة العربية ؟؟؟؟؟؟
    لا تكابرعلى الخطأ من اجل اغراض غيرواقعية.

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية