الخرطوم ـ «القدس العربي»: ربط حزب «المؤتمر الشعبي» في السودان، أمس الثلاثاء، مشاركته في الحكومة المقبلة، بتمرير التعديلات الدستورية، التي أقرها مؤتمر الحوار الوطني، معتبراً أنها «خط أحمر».
وقال الأمين السياسي للحزب، كمال عمر لـ»القدس العربي»، إن «قضية الحريات كانت أكبر عقبة في مؤتمر الحوار الوطني، وشهدت خلافات وجدلا واسعا حول قوانين الأمن والصحافة والمطبوعات والنقابات والأحزاب السياسية وبعض النصوص في قانوني الإجراءات الجنائية والنظام العام».
وأشار إلى «تمكن مؤتمر الحوار الوطني من توسيع الحريات وإيجاد آليات لمراقبة التجاوزات التي تحدث».
ولفت إلى أن «كل أعضاء اللجنة اتفقوا على هذه التعديلات وتم إدراجها في باب كامل واعتُبرت نموذجا أساسيا لوثيقة الحقوق التي تعتبر جزءا أساسيا من الدستور المقبل».
وأضاف: «لجأ المؤتمر الوطني بعد ذلك لحيله المعروفة في مثل هذه المواقف ونزع 18 صفحة تتحدث عن القوانين المقيدة للحريات، وكاد الحوار أن ينتهي حينها، لكن الشيخ حسن الترابي تنبه للمأزق وتم حوار مع المؤتمر الوطني وكل القوى السياسية وادخلت ورقة التعديلات ضمن توصيات الحوار الوطني ووقع عليها كل أعضاء آلية الحوار، واعتمدت ضمن المخرجات وذهبت للبرلمان بمرسوم دستوري من الرئيس».
وحسب عمر، «النصوص التي يثار الجدل حولها الآن خضعت للنقاش التام وأجيزت من قبل وعندما علم أهل المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) أنها ستصبح جزءا من الدستورجاؤوا بفزاعة (علماء الدين) ليقرروا أنها مخالفة للشرع».
وأوضح أن «المؤتمر الوطني يلجأ لهذه الفزاعة متى ما احتاج لها».
وشدد على أن «اللجنة الطارئة التي نظرت في أمر هذه التعديلات تجاوزت صلاحياتها». واعتبر أن «اتفاق القوى السياسية الموقّع في مؤتمر الحوار له إلزامية على البرلمان نفسه ويشبه الوضع بما حدث في اتفاقية نيفاشا وما تلاها من اتفاقيات، حيث أصبحت تلك الاتفاقيات جزءا من الدستور».
وتابع أن «البرلمان أراد انتزاع تفويض اللجنة الطارئة ليدخل يده في (مخرجات الحوارالوطني) التي يقول إنها أصبحت ملزمة لكل الموقعين عليها». وأوضح أن «المبدأ الدستوري لا يحتوي على التفاصيل مثل الولي والمهر وغير ذلك».
وأكد أن «للمرأة الحق في مباشرة كل حقوقها في الحياة وليس الزواج فقط. وبخصوص الردة القرآن نص على (لا إكراه في الدين)».
وأشار إلى «سابقة قضائية في السودان وهي قضية مريم اسحاق التي ابطلت محكمة الاستئناف حكما عليها بالردة قبل عامين».
وحول التعديلات، الخاصة بحرية التعبير، أوضح أن «اللجنة تريد إنزالها من درجة الدستور إلى القوانين»، مضيفاً أن «إبعاد التعديلات الدستورية يعني تلقائيا انسحاب المؤتمر الشعبي من المشاركة في الحكومة المقبلة».
وتابع: «أعضاء المؤتمر الشعبي سيلتقون الرئيس البشير خلال أسبوعين»، مشيراً إلى أن «الرئيس هو الضامن الوحيد لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني».
وكان مجمع الفقه الإسلامي، أصدر مذكرة حول التعديلات الدستورية المقترحة قضت أن المادة (38) حول حرية الاعتقاد والعبادة والمذهب تخالف نص المادة (5/1) من دستور 2005 التي لم يطلها التغيير والتي تنص على وجود أن «تكون الشريعة الإسلامية والاجماع مصدراً للتشريعات التي تُسن على المستوى القومي وتطبق على ولايات شمال السودان».
واعتبر المجمع أن «هذا التعديل يبيح الكفر بالله تعالى والخروج عن الإسلام والتحلل من سائر الأديان».
وحول المادة (31) والتعديل المقترح الذي ينص بأن (من حق المرأة تزويج نفسها دون الحاجة لولي)، قالت المذكرة أن ذلك «مخالف للعرف المستقر في السودان القائم على الشرع».
كذلك، من التعديلات المثيرة للجدل المادة (28) المتعلقة بعقوبة الإعدام.
ويرى مجمع الفقه الإسلامي أن النص المقترح يحصر عقوبة القتل فقط في البغي وقتل النفس عدواناً. ويعد أن إجازة هذا التعديل يلغي ويعطل عقوبة القتل المنصوص عليها في كثير من الأحكام الشرعية والقانونية كالردة والرجم والخيانة العظمى والاغتصاب وغيرها.
ورد مجمع الفقه على خطاب من لجنة الدستور حول هذه التعديلات بالقول: «هذه التعديلات المقترحة مخالفة للشرع ولا يجوز إقرارها أو إجازتها».
صلاح الدين مصطفى