في العادة حين يتحدث الناس عن باريس فإنهم يذكرون فورا الصور الأولى المطبوعة إما في مخيلتهم أو في الصور التي تظهر أمامهم حين يكتبون «باريس» في محرك البحث غوغل. وإن توجهنا بالسؤال ذاته إلى الملايين من السياح المتنزهين في شوارع العاصمة فإنهم سيجيبون بالطبع بأن باريس هي «شانزليزيه» و»لو مولان روج» و»بيجال» و»مونمارت» و»اللوفر» و»ميوزي دي أورسي»، ولكن، سواء كان الباريسيون أو السواح فإن كليهما لن يرى أبدا حقيقة المدينة. فخلف البريق والحلم والرومانسية وأجواء فيلم أملي بولان توجد صدمة الواقع المر لأولئك الفرنسيين الذين لا تريد المدينة الجميلة أن تراهم.
هم بشر من لحم ودم مثلنا نراهم يلتحفون الأرصفة، يختبئون من البرد قرب حرارة مخارج المترو أو يختبئون من الحر الشديد خلف ظل شجرة زرعت لتزيين المدينة. الحق يقال بأنني فوجئت عند مجيئي إلى فرنسا بوجود العدد الهائل من المشردين من الفرنسيين.
وقاربت بين حالهم وحال الفقراء في مخيم في غزة مثلا. ربما أكون ساذجة في شهادتي، ولكني لم أشعر يوما بأن المشردين يلقون في الشوارع في غزة، ربما نجد عمالة الأطفال ومشاكل إجتماعية كبيرة أخرى، ويكون هذا بديهيا، نظرا لظروف الحرب على غزة والحصار وأمور أخرى، أما أن أجد الشيء ذاته في باريس أو في أي مدينة أوروبية فإن الأمر يختلف، وربما يكون بسبب توقعاتي الكبيرة بأن الفقر ليس إلا من نصيبنا نحن في بلادنا «المشحرة».
المناظر قاسية حين ترى أن حكومتك، والتي تعتبر من أكثر الحكومات التي تعتني بمواطنيها في أوروبا، سواء عن طريق الأمان الصحي، أو عن طريق التعليم وبدل البطالة وأمور عديدة أخرى، تقف عاجزة أمام العدد المتزايد من المشردين في شوارعها. رجال ونساء في مقتبل العمر محاطون بكلابهم في أغلب الأحيان، فهم ليسوا مثل من ألقاهم في الشوارع لا يلقون بكلابهم بل يهتمون بها وبإطعامها وعلاجها قبل إهتمامهم بأنفسهم.
العديد من بينهم سقط ضحية لغلاء المعيشة وسعر الإيجار الباهظ في المدن الكبيرة، ومنهم من يقتل من البرد، وأستخدم القتل، لأن الحكومة مسؤولة عن مقتلهم والمجتمع اللامبالي أيضا. وكم من أولئك السفهاء من يعتقد بأنهم إختاروا ذلك! وهل يختار الإنسان الشارع والإدمان على الكحول نمطا لحياته؟! الفقر لا يصيب مدنا دون أخرى ولا يصيب أناسا دون آخرين، ولا تجوز مقارنته أبدا مع الفقر في بلادنا أو في أفريقيا أو حتى في الهند أو في أي مكان في العالم، ولكن نظرة الإنسان هي التي تختلف في مفهومه لفقر وكيفية معاملته للفقير دون أن يشعره بالشفقة أو الإزدراء. وسواء في باريس أم في غزة فإن الفرق يكمن في المؤسسات التي تتشكل لحمايتهم ودعمهم نفسيا وماديا وفي التضامن والتكافل الإجتماعي معهم!
حملة «الماركات الباريسية» لصالح المشردين!
«كريستيان ديور»، «جان بول جوتييه» و»إيف سان لوران» إن تحدثنا عنها فسيخطر ببالنا مجددا عالم الأزياد والموضة والسحر والبريق الذي يعمي القلوب ويغري العيون. ولهذا السبب قامت مؤسسة «أورور» باستخدام البريق لتسليط الضوء على المشردين في العاصمة الفرنسية. وباستخدام «لوغو» الماركات العالمية وإعادة طباعته على صور لمشردين في أماكن مختلفة من باريس. فمثلا في صورة أولى نرى رجلا مسنا يتكئ برأسه على أكياس بلاستيكية ليغط في النوم على الرصيف في المدينة، ونرى على الصورة «لوغو» كبير للماركة الفرنسية الشهيرة «كريستيان ديور»، ولكن وبدلا من «ديور» تحايلت المؤسسة على القارئ واستخدمت «لعبة الكلمات» وحولت الكلمة إلى كريستيان «دور» أي «في الخارج» لتصبح «كريستيان في الخارج» وكتبت بأسفل الصورة وبخط أصغر «فلنتحلى بالأناقة ولنهتم في من لا يمتلكون شيئا».
وفي صورة أخرى نشرت المؤسسة رجلا مشردا حافي القدمين يرتكي بظهره على جدار ويجلس على كراتين فرشها على الرصيف. وكتبت على الصورة لوغو «إيف سان لوجمان» أي «إيف بلا سكن»، بدلا من «إيف سان لوران». وفي صورة ثالثة إستخدم لوغو «جان بول جوتييه» المصمم الذي يحتفى به هذه الأيام في العاصمة الفرنسية ليتحول إلى جان بول «جالير» أي جان بول يعاني. الفكرة جاءت من مسؤولة الإعلانات في المؤسسة بيرين دوكير والمصور الفوتوغرافي إيريك نويل، الذي أهداها فكرته. الفكرة لاقت ترحيبا واسعا على شبكات التواصل الإجتماعي وقام مستخدمو الإنترنت باستخدام «هاش تاغ، فلنتحلى بالأناقة» على «تويتر» ونشروا من خلاله الصور الثلاث.
وتأتي الحملة كرد على قرار البلدية في إغلاق مراكز طارئة لإيواء المشردين في العاصمة منذ شهر مارس/آذار الماضي، فوجد عدد كبير من المشردين نفسه ملقى على الأرصفة الباردة. فما كان من المؤسسة إلإ أن تلقي الضوء على تلك الأشباح غير المرئية باستخدامها «لوغو ماركات» عالمية معروفة ومرئية لدى الجميع، سواء من السواح أو الباريسيين أنفسهم!
التكنولوجيا والحرب الجديدة على أمازون!
ليس في الحلم بل في الواقع سيتمكن الشغوفون من قراءة الكتب ومن طباعتها بأنفسهم وقتما يشاءون. تماما كضغط زر «كافيه لاتيه» بسكر أو بدونه، في ماكينات تستقبل المبلغ المالي الزهيد لتقدم لنا فنجان قهوة ساخنا يدفء بردنا أو زجاجة مشروب غازي يروي الظمأ في يوم صيفي حار. أصبح بإمكان أي عطش لاقتناء الكتب أن يضغط بزر على شاشة الماكينة في المكتبة ويطبع ما يريد من الكتب الطازجة والخارجة توها من الماكينة.
في الولايات المتحدة مثلا وفي جنوب منهاتن في نيويورك، بدأ المستخدمون في طبع كتبهم المفضلة في مكتبة «لا مكنالي جاكسون» عن طريق استخدام «ماكينة الاسبرسو للكتب الورقية»، ولن نستغرب بداية استخدامها في نيويورك، فالفكرة خلقت من شركة أمريكية «إيكزيروكس» منذ عشر سنوات وبدأ استخدامها في فرنسا عن طريق إستخدام برنامج «ايرينيو»، وتم تصغير حجم الماكينة بمساعدة الياباني ريكوه وتوظيفها في فرنسا عن طريق شركة «أورسيري» الفرنسية.
تأتي ماكينات «إكسبرسو الكتب» كحل بديل للمكتبات أمام الطلب اللا متناهي من الزبائن الذين تعودوا أن ينالوا ما يريدون فورا. ومن هؤلاء من لا يريد إنتظار شحن الكتاب إلى أن يصل إليه فيقوم بطباعته فورا بدلا من اللجوء إلى موقع «أمازون». المشكلة الحقيقية التي تواجه المكتبات، رغما عن الفكرة الجهنمية هي الثمن الباهظ للماكينة وحجمها الكبير فهي تضاهي الثمانين ألف يورو وبعض المكتبات المستقلة لا تمتلك لا الثمن ولا المكان الكافي لاستقبال الماكينة بين جدرانها. ما يهم هو الأفكار الخلاقة والمبدعة في إستخدام التكنولوجيا الحديثة لخدمة القارئ والمستخدم في دول كأمريكا وأوروبا، حيث تبقى قراءة الكتب الورقية الهواية الأكثر انتشارا لدى الفرنسيين! وتأتي الفكرة لتدحض أي شائعات بأن الكتب المطبوعة تحتضر أمام الكتب الإلكترونية ونسخ الـ»بي.دي.إف».
«كلون زون» مرحبا بكم في عالم الصحافة المسروقة
خدمات عديدة يقدمها الإنترنت لمستخدميه، سواء كان لطالب يبحث عن معلومات ليحضر مشروعه الدراسي أو صحافي يبحث عن معلومات أخرى تغذي مقالته. من «ويكيبديا» إلى موسوعات «وبلوجز» ومكتبات وصفحات متخصصة ونواد في خدمة المتصفح. وحتى الصحف المحلية والدولية باتت مقروءة من خلال الإنترنت على شاشات الهواتف الذكية أم «الأي باد» وغيرها من الـ «اللوحات» أصبحت الأخبار تقدم للقارئ بالـ «كيلو» وبالـ «جملة» وربما إحتفظت القلة القليلة بمهنيتها في البحث عن المصدر عن طريق التوجه إلى الكتب والمكتبات أو الصحافي المهني الذي يزور مكان الحدث ويعيشه ويلتقي بسكانه بدلا من نقله عن صحف أخرى أو وكالات أنباء انترنتية. المشكلة تكمن في الأخطاء الفظيعة والمعلومات الخاطئة التي يتناقلها مستخدمو الشبكة من صحافيين وغيرهم مما أدى بأناليزا تيتش وورث وسالفا بلاسانوف لإبتكار فكرة «كلون زون» وهو موقع مجاني يشبه محرك البحث «غوغل» بالألوان، يمكن للمتصفح من خلاله نسخ ولصق أي موقع إخباري يريده كـ «سي. إن.إن» أو «بي.بي.سي»، ويقوم بتعديل وحذف أي مقال شاء وإعادة كتابة المقال كما يحلو له! الفكرة جاءت لتؤكد الخطر من تناقل المعلومات عن طريق المواقع الإلكترونية حتى لو كانت من مصادر صحافية ووكالات أنباء معروفة! فلا بد من التحقق من المعلومة من مصدرها قبل نشرها وتداولها، ولكن كم من الصحافيين والكتاب أيا كانت مجالات كتابتهم ممن يمتلكون الصبر والعناء والمشقة في البحث عن المصدر، في الوقت الذي يجدون فيه ما يشاءون بمجرد كتابة الموضوع الذي يبحثون عنه في محرك البحث غوغل؟!
كاتبة فلسطينية تقيم في باريس
أسمى العطاونة
شكرا لسفيرة القدس العربي المتألقة بفرنسا على باقة الأخبار المنوعة
بالرغم أني غير مقتنع بأسباب كثرة هؤلاء المشردين بباريس
انها الحياة البوهيمية التي أرادها هؤلاء لأنفسهم
– بدأ مصطلح بوهيمي la Boheme الظهور في فرنسا في منتصف القرن التاسع عشر لوصف أولئك المهاجرين الغجر الذين جاؤوا من رومانيا مارين بمنطقة بوهيميا والتي تعرف الآن بجمهورية التشيك.
ازدهر هذا المصطلح في عام 1845م بعد أن نشر الباريسي هنري موجيه مجموعته القصصية (مشاهدة من الحياة البوهيمية) ثم قام الموسيقي الإيطالي الشهير جاكومو بوتشيني عام 1896م باستخدام أفكار هذه المجموعة القصصية وحولها إلى أوبرا موسيقية شهير تعرض الآن في دور الأوبرا تحت عنوان (البوهيمية) أو (المتشردة). – عن الويكيبيديا
ولا حول ولا قوة الا بالله
* كان الله في عون ( الفقراء ) والمساكين أينما كانوا ومهما كانت
ظروفهم وأسباب فقرهم ومعاناتهم .
* من مؤشرات ( الدولة الناجحة ) تقليص نسبة ( الفقر ) في الدولة
كما فعلتها ( البرازيل ) وفعلتها ( فنزولا ) .
* شكرا
شكرا لكم ولتشجيعكم الداذم
أسمى العطاونة