الناصرة ـ «القدس العربي»: كشفت في إسرائيل أمس عما كان رائجا بشكل غير مكتوب وهو أن جهاز مخابراتها العامة الإسرائيلي «الشاباك» يتدخل في تعيين وفصل المعلمين ومديري المدارس العرب من أجل تكريس المدرسة وسيلة للتدجين والتطويع والسيطرة على فلسطينيي الداخل، وكل ذلك بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم.
وتعتقد أوساط من المثقفين والباحثين والسياسيين أن إسرائيل لم تتمكن من تحقيق كل مبتغاها، لأن فلسطينيي الداخل شبوا عن الطوق وتمسكوا بجمرة هويتهم الوطنية رغم كل الضغوط والخطط الإسرائيلية.
ويوضح تحقيق واسع نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس مدى التدخل التاريخي لـ «الشاباك» في تعيين المعلمين والمديرين في المدارس العربية أو فصلهم من العمل لأسباب سياسية.
وقال المدير الأسبق لقسم التربية والثقافة العربية في وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية، عمانوئيل كوبلفيتش، إن تعيين أو فصل رجال تربية في المدارس العربية «تم التعبير عنه بشكل خاص في مجال تعيين مديري المدارس». واعترف أنه «كانت هناك حالات لم يكن فيها المربون الأفضل للإدارة مقبولين لدى جهاز «الشاباك»، وعندها اضطررت إلى قبول مربين من الدرجة الثانية، لأن الذين كانوا بنظري الأكثر ملاءمة لم يكن بالإمكان قبولهم لأنه تم رفض تعيينهم من قبل المخابرات».
كما قال رئيس «الشاباك الأسبق، عضو الكنيست الحالي يعقوب بيري، إن «الجهاز كان ضالعا في كل شيء». وتابع «أنا أقول ذلك بنعومة، من حيث إشغال وظائف التعليم. ومراقبة سكان يمكن أن يشكلوا خطرا أمنيا، هو أمر صحيح عمليا وينبغي تنفيذه بصورة نزيهة ومتزنة، وكلما مرّت السنين أصبح يتم بصورة شفافة أكثر». وتدلل أقوال بيري أن ممارسات «الشاباك» في المدارس العربية ما زالت مستمرة حتى اليوم.
ويتبين من الوثائق التي حصلت عليها الصحيفة أن المعلمين الذين استهدفهم ولاحقهم «الشاباك»، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، لم يكونوا على علم حيال الأسباب والظروف التي أدت إلى إخراجهم من جهاز التعليم، أو من الذي وضع على اسمهم علامة «غير مقبول»، خاصة وأنه في قسم من الحالات لم يكن للمعلم المستهدف أي نشاط سياسي/ وإنما تم فصله من جهاز التعليم، أو لم يتم قبوله بالعمل في جهاز التعليم، بسبب وجود قريب يمارس نشاطا سياسيا.
قال مدير عام مركز «عدالة»، الدكتور حسن جبارين، للصحيفة إن تدخل «الشاباك» في تعيين المعلمين ومديري المدارس العرب، أو فصلهم من العمل، كان معروفا في المجتمع العربي منذ عقود طويلة، لكن المجتمع الإسرائيلي بشكل عام لم يكن يعلم بهذه الممارسات.
وإحدى الوثائق التي ظهرت في تحقيق الصحيفة تتعلق بالمدرسة الثانوية في مدينة أم الفحم، التي كانت في السبعينيات قرية.
وتظهر الوثيقة أن «الشاباك» كان يتابع ما يحدث في المدرسة ويطالب بالتدخل، وفي مارس/ آذار 1976، بعث المستشار القضائي لوزارة التربية والتعليم رسالة إلى مدير عام الوزارة حينها، إليعزر شموئيلي، تحدث فيها عن «تحريض» في المدرسة في أم الفحم، بحسب وثيقة حولها «الشاباك» إلى الوزارة. وطالب المستشار المدير العام بأن يحذر المجلس المحلي في أم الفحم من أنه إذا لم تتم معالجة الموضوع فإنه «سندرس إمكانية إصدار أمر إغلاق» للمدرسة. وتلقى شموئيلي رسالة أخرى بعد سنة، جاء فيها بناء على معلومات «الشاباك» أن «الوضع في المدرسة ما زال على حاله، باستثناء أن التحذير لم ينجح». وأشارت الصحيفة إلى أن المعلومات حول المعلمين والمديرين العرب جرى تناقلها بين المؤسسات الحكومية، وأبرزها وزارة التربية والتعليم ومكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية. وأحد الأدلة على ذلك هو تقرير حول معلم في المدرسة الثانوية في سخنين، الذي اقتبس «الشاباك» قوله لتلاميذه إن الرئيس المصري الراحل أنور السادات ينوي إبرام سلام مع رئيس حكومة إسرائيل حينذاك مناحيم بيغن الفاشي، الإرهابي، الذي ارتكب المجزرة في دير ياسين. وكتب «الشاباك» في رسالة إلى وزارة التربية والتعليم «هل حان الوقت لتنظيم الأوضاع في صفوف هؤلاء المعلمين؟
وتحدث إلى الصحيفة المحاضر في جامعة حيفا، البروفيسور رمزي سليمان، الذي قرر «الشاباك» في السبعينيات أنه «غير مقبول» للعمل كمعلم، لأنه نقل من ناشط في الحزب الشيوعي، منشورات ووضعها على الطاولة في غرفة المعلمين. لكن ممارسات «الشاباك» لم تقتصر على تزويد معلومات استخباراتية لوزارة التربية والتعليم، وإنما وهذا الأهم فقد طلب، وتمت الاستجابة للطلب بأن يتم تعيين مسؤول من «الشاباك» في الوزارة ليشارك في لجنة العطاءات لاختيار العاملين في حقل التربية والتعليم. وقال كوبلفيتش، المذكور أعلاه، إن أوامر الشاباك بعدم تشغيل معلمين وصلت «شفهيا»، وإنه لم يكن هناك نقاش حول أوامر «الشاباك» «وأنا لم أتدخل في اعتباراتهم أبدا وهم لم يشرحوا لماذا فصلوا معلما».
وجاء في وثيقة لـ «الشاباك» أنه «بالنسبة لرفض التشغيل مباشرة، فإن وزارة التربية والتعليم ستنفذ توصيتنا، وطلب مدير عام وزارة التربية والتعليم أن نعلم وزارته بالمواد التي بحوزتنا وأن نشير فيها إلى سبب تنفيذ الفصل من العمل «.
ويظهر من إحدى الوثائق أن «الشاباك» طلب فصل معلم علوم من مدرسة في قرية طرعان، لكن المسؤولين عن المعلم طلبوا إبقاءه في الوظيفة بسبب وجود نقص في معلمي العلوم. واستجاب «الشاباك» للطلب، لكنه شدد على أن المعلم سيعمل خلال العام الدراسي، ومن ثم يجب فصله من العمل. لكن هذا المعلم لم يعلم سبب فصله ولاحقا صار الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي.
في الثمانينيات بدأ يعمل كمعلم للغة الإنكليزية، لكن تم فصله من العمل، وتوظيف شخص آخر مكانه لا يحمل لقبا جامعيا يؤهله لتدريس الإنكليزية. وبعد 15 عاما حاول التقدم للعمل كمعلم، من خلال دورة تأهيل معلمين، لكنه كان الوحيد الذي تم رفض تشغيله بين الذين أنهوا هذه الدورة.
وأكد مسؤول في الوزارة أنه «ليس مسموحا لنا أن نذكر سبب إيقافه عن العمل وأنه غير مقبول من الناحية الأمنية». ووفقا للصحيفة، فإن مدير عام وزارة التربية والتعليم، شمشون شوشاني، قال لعبد الفتاح إن هناك معلومات تقول إنه التقى مع ممثلين عن الجهاد الإسلامي وحماس، وإن «ثمة تخوفا من أنك تريد التأثير على التلاميذ والترويج لأفكارك». يشار إلى أن عبد الفتاح كان ناشطا في حركة «أبناء البلد». وعندما وصلت قضية هذا المعلم إلى الإذاعة العامة الإسرائيلية باللغة العبرية، لم يعرف كوبلفيتش كيف يرد على أسئلة الإذاعة، التي طولبت بالتنازل عن بث الموضوع.
ويؤكد تحقيق «يديعوت أحرونوت» على وجود عداء في وزارة التربية والتعليم للعرب. وينقل عن شوشاني قوله إن لـ»لشاباك دورا هاما هنا». يشار أن وزيرة التعليم الإسرائيلية الراحلة شولميت ألوني قد اعترفت عام 1994 أن هناك مندوبا لـ «الشاباك» في لجان تعيينات العاملين في جهاز التعليم العربي. وأعلنت وقفها لذلك التدخل وقتها. وسبق أن توقف بشكل مستفيض باحثون إسرائيليون عند تدخل المخابرات في التعيينات ودور وزارة التعليم في هندسة ثقافة فلسطينيي الداخل من أجل تدجينهم والسيطرة عليهم بقطع صلاتهم عن ثقافتهم وهويتهم الوطنية والقومية بالتجهيل و»تطهير» المناهج من كل المواد التي من شأنها تنمية الحس الوطني والانتماء وتعزز الهوية لدى الأجيال، وفي المقابل تلقينهم مواد صهيونية خاصة في دروس الأدب والمدنيات والجغرافيا الخ.
ومن أبرز هؤلاء الباحث الدكتور هليل كوهن في كتابه «العرب الصالحون»، حيث يظهر ويبرهن كيف استخدمت إسرائيل المدرسة بتعيينات ومضامين ورقابة تحددها بصرامة من أجل خلق «العربي الإسرائيلي» المشوه في هويته، وبالتالي تحييد فلسطينيي الداخل سياسيا.
في سياق متصل استدعت وزارة التربية والتعليم مديرة إحدى المدارس الابتدائية في مدينة أم الفحم في أعقاب بث أغنية للفنان الفلسطيني محمد عساف «دمي فلسطيني»، في حفل افتتاح العام الدراسي. ويأتي الاستدعاء لجسلة الاستماع بعدما حرضت مجموعات صهيونية على أم الفحم والمدرسة ومديرتها في شبكات التواصل الاجتماعي.
وديع عواودة:
أظن على أرض الواقع بعد عام 1945 تمثل دولة الكيان الصهيوني، مثال عملي لدولة الحداثة الديمقراطية لثقافة الـ أنا أولا الأوربية ومن بعدي الطوفان، وفق محددات سايكس وبيكو، والتي يكون فيها لغة الأمن أولا لصالح ثقافة الـ أنا التي تمثل الدولة، وذلك بالتأكيد كما ورد أعلاه على حساب العلم والاقتصاد فكيف سيكون المستوى العلمي والاقتصادي للإنسان والأسرة في تلك المجتمعات؟! ومن سيكون الخاسر في تلك الحالة؟ خصوصا لو كانت الدولة عالة على الإنسان، فعندما يكون دخل الإنسان والأسرة ومستواه العلمي متدني، هذا سيؤدي إلى أن المستوى العلمي والاقتصادي في الدولة بشكل عام متدني، فالموضوع لا يشمل الدول العربية بل كذلك الكيان الصهيوني في عام 2017.
الإشكالية في المثقف والسياسي الذي يُصر على النظر إلى نصف القدح الفارغ فيمن له علاقة بثقافة الـ آخر بالنسبة إليه، وينظر إلى نصف القدح المليء فيمن لهم علاقة بثقافة الـ أنا التابع لها.
الوظيفة داخل الأسرة، تختلف عن الوظيفة في أي مؤسسة تجارية أو حكومية، يجب أن لا ننس نحن من اخترع الحب العذري، واسمه بالعذري نسبة إلى قبيلة عربية، بدأ فيها هذا الحب، أو اشتهر من خلال شعراء تلك القبيلة أولا، ولكن الحب داخل إطار الأسرة، يختلف تماما عن مفهوم الحب خارج إطار الأسرة، والاختلاف بينهما تختصره كلمة المسؤولية من الـ أنا تجاه الـ آخر بغض النظر رجل كان أم امرأة، وهذا ما يجهله من لم يفهم معنى الأسرة، ومن هنا سر خطأ قانون أوباما عام 2015، والذي حاول به تغيير معنى الأسرة في لغة الدولة في أمريكا، من علاقة ما بين الـ أنا (الرجل) والـ آخر (المرأة) لتكوين ثقافة الـ نحن للأسرة الإنسانية، إلى علاقة ما بين الـ أنا والـ أنا، لا فرق إن كان رجل أو امرأة أو حيوان بل وحتى آلة (روبوت)، لأنه يجب أن يكون هناك فرق ما بين معنى الوظيفة، إن كان داخل الأسرة عن مفهوم الوظيفة خارج الأسرة، على الأقل في مفهوم العائد المادي/الراتب، ثم لا يمكن بناء أسرة أو شركة أو دولة بدون أن يكون للإنسان وظيفة ذات دخل يكفي لإعالة أسرة بكرامة، وهذه كانت السبب الأساسي في انهيار دولة الاتحاد السوفييتي عام 1992، لأن منتجات هذه الدولة وشركاتها وحتى الأسرة فيها، كانت لا تستطيع المنافسة في أجواء العولمة واقتصادها الإليكتروني، والتي أصبح بسبب الآلة، لا مكان فيها للواسطة والمحسوبية والرشوة بكل أنواعها بداية من لغة الجسد للجنسين