هناك مسافة طويلة جدا بين لبنان والمغرب (قرابة 5785 كم)، والنظامان مختلفان، جمهوريّ وملكيّ، وفيما تنتظم السياسة والاجتماع اللبنانيان ضمن أطر حزبية طائفية، فإن الاجتماع والسياسة في المغرب منتظمان ضمن أطر سياسيّة، ورغم هذا البعد الجغرافي والاختلافات السياسية والاجتماعية الواضحة فإن بين البلدين مقاربات لا تخطئها العين، فالبلدان، على سبيل المثال، يتمتّعان بحرّيات تعبير كبيرة، وتتأطر الصراعات السياسية فيهما منذ عقود بأشكال معتدلة، وإن اخترقت هذا الاعتدال حرب أهليّة دمويّة في لبنان (ما تزال آثارها حاضرة عبر الوجود العسكريّ الهائل لـ«حزب الله»)، ومحاولات انقلاب عسكرية وحراكات اجتماعية وسياسية عنيفة قمعت بالقوة، في المغرب.
إضافة إلى تمتع البلدين بحريّات تعبيرية نسبيّة مقارنة بدول عربيّة أخرى فإن توازنات سياسية واجتماعية عديدة تسمح لمواطنيهما بسقف معقول من الحرية في قضايا السياسة والفن والإعلام عموما، لكنّ مجموعة من الوقائع المتراكمة في البلدين تشير إلى أن بعض الأجهزة الأمنية والجهات السياسية المتنفّذة تحاول خفض سقف الحريات هذا، وأن هذه الجهات والأجهزة تحاول كسر هذه التوازنات الاجتماعية ـ السياسية والالتحاق بنظيراتها من السلطات والأجهزة الأمنية في البلدان العربية.
كشفت حادثة تلفيق تهمة التعامل مع إسرائيل للفنان المسرحي اللبناني زياد عيتاني عن تحوّل لافت في عمل أجهزة الأمن اللبنانية، والواضح أن عقودا من السيطرة الأمنية السورية على لبنان تركت أثرها الواضح على تلك الأجهزة، وهو ما أهّلها للخوض في لعبة اتهام الأبرياء واختراع سيناريوهات سينمائية مثيرة لتشويه سمعتهم وتدميرهم معنويا وإنسانياً والقضاء عليهم عبر أحكام القانون بعد انتزاع الاعترافات منهم بالتعذيب.
وإذا كانت حادثة الصحافي المغربي توفيق بوعشرين ما تزال ضمن أطر القضاء فإن ملابسات عديدة رافقت الاتهام والاعتقال دفعت الكثيرين من المغاربة، من سياسيين وإعلاميين ومواطنين عاديين، إلى الشكّ بحيثيّات هذه الواقعة، وردّها إلى شجاعة بوعشرين في تصدّيه للسلطات الأمنية، وللجهات السياسية النافذة ضمن «المخزن» (مؤسسة الدولة العميقة)، وبالتالي إلى أسباب سياسية.
انتقد بوعشرين، خلال فترة احتجاجات الشمال المغربي، التدخّل الأمني ضد المحتجين، ودافع عن رئيس الوزراء المستقيل عبد الإله بن كيران، وهاجم دور شخصيات نافذة مثل رئيس التجمع الوطني للأحرار، وزير الفلاحة والصيد المغربي الحالي، عزيز أخنوش، المقرب من القصر، مما دفع أخنوش، ووزيرا آخر، إلى رفع دعوى تعويض بقيمة مليون ونصف المليون دولار.
يصعب على المراقب للمشهد المغربي الحالي ألا يربط بين جرأة تقارير الصحيفة التي يديرها بوعشرين (أخبار اليوم)، وانتقاداتها العنيفة لشخصيات متنفذة وللأجهزة الأمنية، وبين سيل الاتهامات المهولة التي اتهم بها، كما لا يمكنه ألا يتأثر بوقائع إنكار بعض الصحافيات، مثل أمل الهواري، للادعاءات التي ذكرتها المخابرات على لسانها، وما أدى إليه ذلك من حملة أمنية ضدها، في إطار من الترهيب والإجبار الممارس على تلك الصحافيات للالتزام بقرار الاتهام ضد بوعشرين، حتى لو كان ذلك مسيئا لكراماتهن وأعراضهن.
وإذا كانت الطبيعة العنفيّة الملازمة لأجهزة الأمن (وخصوصاً في بلداننا العربية) أمرا معروفا، فإن ما يثير التساؤل حقّاً هو تلك المخيّلة السينمائية الركيكة لأصحابها، المليئة بالميلودراما التي تحاول القضاء على الخصوم بقضايا الجنس (ضابطة مخابرات إسرائيلية من السويد تدعى كوليت سوداء الشعر خضراء العينين!)، والتساهل الشديد في كيل اتهامات مخيفة كـ»الخيانة العظمى» (كما فعل الرئيس المصريّ عبد الفتاح السيسي حين وصف منتقدي الجيش والشرطة بذلك)، واحتقار شديد لتفاصيل الإجراءات القضائية والقانونية (تغيير صفة اتهامات بوعشرين من التحقيق إلى «التلبس»!).
تغوّل المخابرات هو علامة كاشفة على أن بوصلة التدهور في أحوال البلاد والعباد تشير إلى أسفل.
رأي القدس
في المغرب الاقصى العزيز لا احد يستطيع انتقاد الملك !! ولكل يعرف ان المخزن هو السيد في كل القرارت السياسية والاقتصادية
المَعفي من كل تتبع هو من يقرر كيف تكون سياسة البلد. عادة سياسة القطيع هي التي يُراد فرضها بالعصا وإن لزم الأمر التضحية بفرد أو بمجموعة من الأشخاص ضمن قبيلة أو قرية أو حزب. فهكذا مقاربة لا تجد طريقها إلا بين العرب حيث يُهملون التعليم الذي يُضفي إلى مجتمع يتحاجج بالكلمة فيرتقي بفكره وبعمله إلى مصاف الدول التي نهضت ونفضت عنها غبار الجهل والتبعية.
إنه غروب الديموقراطية والحرية والكرامة الإنسانية
وشروق للدكتاتورية والقهر والتعسف بالقرارات
المغرب يعني الآن : أفول الإصلاح !
ولا حول ولا قوة الا بالله
بسم الله الرحمن الرحيم. رأي القدس اليوم عنوانه (المخابرات والمجتمع المدني بين لبنان والمغرب)
رغم نظام جمهوري لبناني ونظام ملكي مغربي بتباعد قدره 5800 كيلومترا بينهما {فإن بين البلدين مقاربات لا تخطئها العين، فالبلدان، على سبيل المثال، يتمتّعان بحرّيات تعبير كبيرة، وتتأطر الصراعات السياسية فيهما منذ عقود بأشكال معتدلة، وإن اخترقت هذا الاعتدال حرب أهليّة دمويّة في لبنان (ما تزال آثارها حاضرة عبر الوجود العسكريّ الهائل لـ«حزب الله»)، ومحاولات انقلاب عسكرية وحراكات اجتماعية وسياسية عنيفة قمعت بالقوة، في المغرب.}
ولكن نظرية (كلنا عرب)تحاول (خفض سقف الحريات هذا)، ففي لبنان فان اتهام زياد عيتاني بالتخابر مع اسرائيل هو نتاج عقود (من السيطرة الأمنية السورية على لبنان تركت أثرها الواضح على تلك الأجهزة، وهو ما أهّلها للخوض في لعبة اتهام الأبرياء واختراع سيناريوهات سينمائية مثيرة لتشويه سمعتهم وتدميرهم معنويا وإنسانياً والقضاء عليهم عبر أحكام القانون بعد انتزاع الاعترافات منهم بالتعذيب.)
يقابل ذلك قصة بو عشرين في المغرب وضمن (اطار من الترهيب والإجبار) على الاعتراف باتهامات ملفقة. ورغم ذلك اصرت صحافيات على عدم (الالتزام بقرار الاتهام ضد بوعشرين، حتى لو كان ذلك مسيئا لكراماتهن وأعراضهن.)
وزياد عيتاني في لبنان وبوعشرين في المغرب هما مثالان للتنكر للعدالة والتساهل في { كيل اتهامات مخيفة كـ»الخيانة العظمى» (كما فعل الرئيس المصريّ عبد الفتاح السيسي حين وصف منتقدي الجيش والشرطة بذلك)، واحتقار شديد لتفاصيل الإجراءات القضائية والقانونية } و(تغوّل المخابرات هو علامة كاشفة على أن بوصلة التدهور في أحوال البلاد والعباد تشير إلى أسفل.) في هذين البلدين(لبنان والمغرب).وفش حد احسن من حد عند المخابرات العربية.
قد يكون القضاء في المغرب يتمتع باستقلاليته في ممارسة مهامه المتعلقة بالفصل في المنازعات بين عامة المواطنين، لكنه يخضع بدون أدنى شك للتأثير المعنوي المباشر للدوائر النافذة في النظام السياسي القائم كلما وقع مساس بمصالح ونفوذ الدولة العميقة، فالمجلس الأعلى للقضاء يترأسه الملك.
جاء في تقرير صادر عن المؤسسة الدولية Heritage Foundation في شباط 2017 “”إن المحاكم في المغرب تستخدم بانتظام لمعاقبة المعارضين، فيما يشارك مسؤولون في ممارسة الفساد مع الإفلات من العقاب””.
يكفي أن ترفع الدولة لافتة #المس بأمن الدولة وتهديد إستقرار البلد أو تهمة التعامل مع جهات أجنبية…# حتى يتحول القضاء إلى أداة لممارسة القهر على المناهضين لاستبداد وفساد أذرع الدولة العميقة في المغرب.
تتحجج وسائل الإعلام الرسمية باستمرار بأن الدستور ينص صراحة وبوضوح إلى مبدأ استقلالية الجهاز القضائي عن الجهازين التنفيذي والتشريعي كما هو الحال في كل دساتير دول العالم، حتى الأنظمة الأكثر ديكتاتورية واستبدادا تقر بقدسية فصل السلط، لكن قيمة هذا النص في الدستور لا تتجاوز قيمة الحبر الذي كتب به في ظل نظام سياسي مركزي يجمع كل السلطات الفعلية بيد المؤسسة الملكية.
عرفت الأوضاع السياسبة بالمغرب بعد احتجاجات الخريف العربي لسنة 2011، تحولا في تعامل المخابرات والأجهزة الأمنية مع المعارضين لتسلط الدولة العميقة والرافضين الخنوع ومهادنة أقطاب الفساد في البلاد، من القمع الشرس إلى اعتماد وسائل الترهيب والترغيب، فانتهت مع هبوب عواصف الخريف العربي حقبة الإختطافات والسجون السرية والتصفيات الجسدية وبدأت مرحلة فرضت على الدولة العميقة وأجهزتها التخلي عن النهج الإستئصالي والعنيف لتتبنى أسلوب التصفية المعنوية للمناهضين وفق استراتيجية تبدأ بترصد ومراقبة المعارضين عن بعد وتصيد عثراتهم، ثم حبك ملفات تهم وأخيرا استعمال القضاء لمعاقبتهم.
الدولة العميقة في المغرب بخلاف الأنظمة الشمولية في بعض بلدان العالم العربي تحرص على تسويق ديموقراطية الواجهة على المستوى الخارجي لذلك اعتمدت في تعاملها مع الٱخر على تكتيك قبضة من حديد يعلوها خف من حرير، أخضعت الفاعلين السياسيبن للتدجين وبلقنة المشهد السياسي لإضعاف الأحزاب السياسية المستقلة حتى أضحى أي فاعل سياسي لا يجرؤ على معارضة توجهات الدولة العميقة مخافة أن يتهم بالسعي للتصادم مع المؤسسة الملكية مما حول الأحزاب السياسية إلى أكسسوارات تزين المشهد السياسي.
السلطة الرابعة أيضا تعاني من التضييق واستهداف الأقلام الحرة التي لا تهاب تداعيات كشف تجاوزات أقطاب الدولة العميقة وفضح الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ومسلسل نهب خيرات البلد.
المجتمع المدني الذي ينتفض بين الحينة والأخرى في مناطق مختلفة من البلاد مطالبا بعدالة اجتماعية وكرامة وحرية كما حصل في منطقة الحسيمة في اقصى الشمال ثم ما سمي احتجاجات العطش بمنطقة ورزازات جنوبا وأخيرا بمنطقة جرادة في شرق البلاد، فرغم كونها احتجاجات سلمية دعت إلى رفع التهميش ومحاربة الهشاشة وطلب مساعدة عاجلة من الدولة وكلها مطالب مشروعة وعادلة إلا أن الدولة العميقة كالعادة استهدفت الشباب الذين تصدروا هذه الإحتجاجات وألصقت لهم تهما شتى ورمت بهم في السجون.
تمكنت الدولة العميقة خلال السنوات التي تلت الخريف العربي من كتم أنفاس المعارضين السياسيين والمحتجين من المجتمع المدني والمناهضين لها من رجال الصحافة، لكنها وقفت مكشوفة العورات أمام تقارير المنظمات الدولية التي لا تملك أدنى سلطة عليها مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايت وتش ومنظمة ترانسبرانسي ومراسلون بلا حدود وإكنوميست أنتلجنس و…
كلما اجتمع وزراء الداخلية العرب…،نضع ايدينا على قلوبنا.وللأسف بعد كل إجتماع تبدأ كوابيسنا في التحقق…والوجوه المكشرة العبوسة لا تبشر بالخير.والغرقى لم يعد يخيفهم التهديد بالبلل…
يخطئ جدا او يجانب الصواب بمئة وثمانين درجة من يظن ان هناك سقف من الحرية سواء في لبنان او المغرب او اي بلد عربي اخر فكل ما يجري ان هناك ديمقراطية شكلية سطحية كمكياج يستعمل لتجميل وجه الانظمة اما في العمق وبالمعنى الصحيح للديمقراطية كما نراه في الغرب فهو مجرد اضغاث احلام او سرابا يحسبه الظمان ماء ومن اراد ان يعرف فليسال الشعوب العربية المقهورة فهي التي تعاني الامرين وتعيش في صلب المعاناة المريرة اما المسؤولون والمتنفدون والمستفيدون من الريع فسيمدحون الاوضاع ويقولون ان من ينتقد ويعارض التوجهات السياسية للحكومات العربية فهو ناكر للجميل ويخدم اجندات خارجية وما الى دلك من الكلام الفارغ الدي لا يقنع احدا ولعل ما ترصده المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان من انتهاكات ومعاملات حاطة بكرامة الانسان خير دليل على دلك وما تخلفنا وانحطاطنا وانحدارنا الا نتيجة الاستبداد والاستعباد وغياب الحرية.
اي سياسي قوي سيجد نفسه على النقيض من المخابرات و لو كان ذلك في بريطانيا او فرنسا العريقتان بالديموقراطية.. السبب هو التناقض الفكري و المنهجي بين الجهتين.
في بلادنا العربية، حيث ترتكز الانظمة على القوة العسكرية و الامنية، فان المخابرات تسمى علنا في كثير من البلاد انها “جهة سيادية” بمعنى انها فوق القانون و فوق المسائلة و مطلقة الصلاحية تضرب بعرض الحائط بالدستور نفسه الذي ينص على ان الشعب هو مصدر السلطات و هو الجهة السيادية الوحيدة. بل ان المخابرات تبرع في ممارسة سيادتها على الشعب ذاته الذي هو السيد فعلا و الذي ارادها لخدمته و حمايته و يدفع لها رواتبها من عرقه و قوته.
اول ما تفسده المخابرات هو النظام القضائي بتدخلها في صياغة الاتهامات او البراءات. و اذا فسد القضاء فسد العدل. و اذا فسد العدل فسدت الدولة كلها فالعدل اساس الملك. و هي العبارة التي باتت معلقة على ابواب المحاكم ووزارة العدل و لكن على سبيل التمني.
*ربما (لبنان) على الرغم من كل نكباته
ما زال يتمتع بنسبة معقولة من (الحريات)
تميزه عن باقي الدول العربية(المنكوبة)
بحكام جهلة ظلمة مستبدين شبيحة.
حسبنا الله ونعم الوكيل.
سلام