الناصرة ـ «القدس العربي»: تؤكد دراسة حول جهاز التربية والتعليم في إسرائيل وأهدافه المرادة أن سياسة إعداد المعلمين فيها مرهونة ببناء انتقائيّ عنصري «للصالح العام». وتوضح أنه يهودي أوروبي في مركزه .
الدراسة للباحث في مجال الأقليات الأصلانية اسماعيل أبو سعد بعنوان «سياسة إعداد المعلمين في إسرائيل من منظور من هم خارج الصّالح العامّ»، وهي تنوه لعواقب تعليمية واجتماعية -اقتصادية وخيمة انعكست على الأقلية العربية الفلسطينية الأصلية (%17) فضلا عن اليهود الشرقيين أيضا.
وفي تلخيصه يؤكد أبو سعد في دراسته الصادرة في مجلة «مجمع اللغة العربية» داخل أراضي 48 أن رؤية أكثر شمولا للصالح العام تتطلب تغيير هوية القيادات التعليمية من خلال مبادرات إعداد المعلمين الأصليين وتعزيز العلاقات بين المعلم والطالب من خلال تمكين التربية الصفيّة ذات الاستجابة الثقافية وجعل المدرسة أكثر تأكيدًا على الثقافات الأصلانية من خلال جهود الاندماج المجتمعيّ التي تشمل التركيز الشديد على قضايا «السيادة، وحق تقرير المصير، والتمييز العنصري، والإبستيمولوجيا الأصلانية». كما يجب أن تلغى، برأيه، سياسات التعليم العام والمناهج الخاصة التي عززت وحافظت على الأيديولوجية الاستعمارية الصرفة، ونفت وجهات النظر الأصلية للتاريخ والمجتمع، داخل المدارس الأصلية والمركزية على حد سواء.
يكشف جهاز التعليم الذي تسيطر عليه المؤسسة الحاكمة في إسرائيل عن العديد من العقبات التي تقف في طريق تحقيق المثل العليا التي أعرب عنها المربّون الأصلانيّون، ومن ضمنها سياسة إعداد المعلمين. منوها أن هذه السياسة تواصل نزع الشرعية عن هوية العرب الفلسطينيين الأصليين، في كل من المدارس اليهوديّة والفلسطينية على حد سواء.
ويشدد أبو سعد على أن تم تصميم الأهداف العامة، والمناهج التعليمية، وإدارة المدارس الرسميّة للفلسطينيين لتحقيق السيطرة الاجتماعية والسياسية على الجيل اليافع، بهدف خلق أقلية خانعة مستعدة لقبول البناء اليهوديّ الانتقائيّ «للصالح العام»، وموقف من الدونية لأنفسهم أمام الأغلبية اليهودية. وتتابع الدراسة موضحة الهدف غير المعلن لكليات تأهيل المربين «طالما واصلت الروح الجماعية الإسرائيليّة العامة، وأجهزة الدولة، استبعاد الأقلية العربية الفلسطينية من المساواة في العضوية والشرعية الكاملة كمواطنين، فإن سياسة إعداد المعلمين ستظلّ تعمل بشكل مؤكّد بمثابة أداة للحفاظ على هذه الظروف». كما يشدد على أن سياسة إعداد المعلمين تحدَّد وتستخدَم من أجل دعم البناء الانتقائيّ «للصالح العام»، بهدف المحافظة على فجوة لا يمكن جسرها بين الأغلبية اليهوديّة والأقلية الفلسطينية.
وتخلص الدراسة للقول إنه إلى حين تحدي هذا البناء الحصري وتعديله، فإن الآثار المادية لسياسة إعداد المعلمين حسب التيار المركزي في المجتمع الإسرائيلي، هي تفضيل للأغلبية اليهوديّة، تحت مسؤولية قيادة ذات مركزية أوروبية، على حساب إدامة قمع الأقلية الفلسطينية الأصلانية، وحرمانها، وإقصائها الاجتماعي والاقتصادي والسياسيّ.
وتعالج الدراسة منهاج التعليم في إسرائيل وانتقاء مضامينه وتشمل الأمثلة تعزيز الهوية اليهوديّة/ الصهيونية ونفي الهوية الفلسطينية في كتب المدنيات الجديدة، تكريس الفصل بين اليهود والفلسطينيين من خلال حظر النصوص التي تتجاوز الحواجز، عسكرة الشباب اليهوديّ من خلال مناهج اللغة العربية في المدارس اليهوديّة، و»صهيَنَة» المناهج التعليمية للمدارس العربية.
ويرى أبو سعد أن دراسة المدنيات هي جزء من المنهاج التعليميّ المعبّر بكل وضوح عن كيفية تعريف الدولة للصالح العام وللهويّة الوطنيّة، وتحدد رؤية المجتمع والقيم لدى الأجيال المقبلة. كما تعكس دراسة المدنيات بوضوح المناخ السياسيّ الصهيونيّ اليهوديّ الدينيّ السائد المطّرد في إسرائيل، وذلك بطغيان مركزية الهوية اليهوديّة على التشكيلات البديلة لهوية مدنية أكثر شمولا. ويؤكد أن العرب الفلسطينيين في منهاج المدنيات غائبون أكثر من كونهم حاضرين، سواء في عملية تأليف وتنقيح الكتاب وفي مضمونه النهائي. أما النص نفسه فلا يعترف بوجود أقلية عربية فلسطينية أصلية، وقطعًا لا يستكشف الكيفية التي تأثرت بها هذه الأقليّة بقيام دولة يهودية في فلسطين.
عوضًا عن ذلك، يُقدَّم العرب من خلال عدسات استشراقيّة بصفتهم مجموعة من المجموعات الفرعية الطائفية (المسلمون والدّروز والمسيحيون والشركس) التي هي مضيافة وقبلية وعشائرية وقامعة للنّساء، بدرجات متفاوتة «.
وتشير الدراسة الى أنه في ردّ فعله على الكتاب المدرسي الجديد، قال محمد بركة، رئيس لجنة المتابعة العليا داخل أراضي 48 ساخرا : «يُطلب الآن من معلّمينا تقديمنا كمهاجرين في بلادنا». وتتفق الدراسة مع دراسات لباحثين آخرين أنه بالإضافة إلى دعمه العام لغايات جهاز التعليم اليهوديّة/ الصهيونية، تشكّلّ منهاج التعليم لدعم سياسات محددة للدولة، مثل الحفاظ على الفصل بين السكان اليهود والعرب. وتستذكر كيف تم حظر رواية لكاتبة إسرائيلية حائزة على جائزة في الأدب تدور حول علاقة عاطفية بين شابة يهودية وشاب فلسطيني في منهاج التعليم.
ورغم مرور 70 عاما على النكبة وقيام إسرائيل تؤكد الدراسة أن المنهاج في النظام المدرسي اليهوديّ يهدف إلى تعزيز عسكرة الشباب اليهوديّ. ورغم كون العربية إحدى اللغتين الرسميتين في إسرائيل، إلا أنّها ليست لغة مطلوبة في المدارس اليهوديّة كموضوع في امتحان شهادة الدراسة الثانوية، وهناك نسبة تقلّ عن 4% من طلاب المدارس الثانوية اليهوديّة يدرسون العربية اختيارًا، باعتبارها موضوعًا من مواضيع شهادة الدراسة الثانوية.
من ناحية ثانية، ووفقًا للمديرة العامة لوزارة التربية والتعليم آنذاك، رونيت تيروش، يشعر الطلاب بالعدائيّة تجاه اللغة العربيّة. وذكرت تيروش أنّ: العربية هي لغة مرتبطة بفئة سكانيّة تجعل حياتك صعبة وتهدّد أمنك. مع ذلك، يدرك الطلاب أن معرفتهم بالغة العربيّة تساعدهم على رؤية الحياة في إسرائيل من خلال عيون العرب… لقد فكّرنا في أن نجعل العربيّة لغة إجباريّة لنيل شهادة الثانوية العامّة، لكنّنا خلصنا إلى أنّه إذا كان أقل من 10٪ من الطلاب يتعلّمونها اختياريًّا، فإنّه سيكون من المستحيل فرضها بالقوّة على البقيّة. وتؤكد دراسة أبو سعد ما أكده زميله الأكاديمي اليهودي الشرقي البروفسور يهودا شنهاف أنه من ناحية أخرى، يُنظر إلى دراسة العربية كذات قيمة لتلبية الاحتياجات المخابراتيّة العسكريّة للدولة. وتقتبس الدراسة باحثين إسرائيليين يؤكدون أنه تم تحديد تعليم اللغة العربية في المدارس اليهوديّة في إسرائيل، بشكل حصري تقريبًا، لتلبية احتياجات الجيش الإسرائيليّ.
في المقابل، أظهرت وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية استعدادًا أكبر للاستماع إلى انتقادات المربّين حول الكتب المدرسية، التي لا تتبع الرواية الرسمية بشكل وثيق بما فيه الكفاية، والعمل بناء عليها. فعلى سبيل المثال، اشتكى مرشد مادّة التاريخ في كلية المعلمين تل- حاي من كتاب التاريخ المدرسيّ لأنّه تضمن اقتباسًا من المؤرخ الفلسطيني، وليد الخالدي، الذي أشار إلى أن التطهير العرقي جرى في فلسطين في عام 1948. وخلصت الباحثة الإسرائيلية د. بيليد- لحنان، وفق دراسة أبو سعد، إلى أن الكتب المدرسيّة الإسرائيليّة، التي قام بتدريسها معلمون يفتقرون إلى النظرة النقديّة بشكل متعمّد، خَدَمَت الوظائف الحيوية التي تجذّرت عميقًا في الخطاب السياسي والعسكري للدولة : … تمثيل الفلسطينيين في الكتب المدرسيّة الإسرائيليّة اليهوديّة يعزّز الجهل بالأوضاع الاجتماعية والجيوسياسية الحقيقية، وفي الخطاب الجغرافي والتاريخي… مع صور مشوّهة كهذه، وخرائط منحرفة ترسخت في عقولهم، يتجنّد الطلاب اليهود الإسرائيليّون في الجيش، لتنفيذ السياسة الإسرائيليّة وجها لوجه مع الفلسطينيين الذين يجهلون حياتهم، وقد تعلّموا الامتعاض منهم وحشيتهم». وللتدليل على الواقع السائد تنقل الدراسة عن طالب يهودي(17 عاما) قوله» : كُتبنا تقول لنا أساسًا إنّ كلّ شيء يفعله اليهود حسن وشرعيّ، والعرب مخطئون وعنيفون ويحاولون إبادتنا… إنهم يعلّموننا أن إسرائيل أصبحت دولة في عام 1948 وأنّ العرب هم من أشعلوا الحرب. هم لا يذكرون ما حدث للعرب – لا يذكرون إطلاقًا شيئًا عن اللاجئين أو العرب الّذين اضطروا إلى مغادرة بلداتهم ومنازلهم… وبدلاً من التسامح والمصالحة، تزيد الكتب، ومواقف بعض المعلّمين من الكراهية نحو العرب.
أما المنهاج التعليميّ في جهاز التّعليم العربيّ، فنجد أمثلة متعددة لكيفية تفعيل التركيز الصهيونيّ على الأهداف التربوية العامة بشكل ملموس. وتتابع «يتطلب المنهاج التعليميّ من الطلاب العرب الفلسطينيين قضاء ساعات تعليمية كثيرة في دراسة الثقافة والتاريخ اليهوديّين، واللغة العبرية إجمالا، أكثر مما ينفقونه على الأدب والتاريخ العربيّين وذلك بهدف قمع الثقافة الوطنية وتهويد هوية الطالب: لا يتضمن منهاج العرب الكلاسيكيات الأدبية العربية الفلسطينية التي تُدرّس في جميع أنحاء العالم العربي. وتنقل الدراسة عن طالب عربي فلسطيني : «كلّ ما نتعلّمه يدور حول اليهود. كل شيء هو ثقافة يهوديّة. ندرس بياليك وراحيل. لماذا علي أن أتعلّم عنهم؟ لماذا لا يعلّمونني عن محمود درويش؟ لماذا لا يعلّمونني عن نزار قباني؟ لماذا لا يعلّمونني عن إدوارد سعيد؟ … تمتلك المدارس، وليس هي فقط، وإنّما جهاز التعلم الرسمي ككلّ، تأثيرًا سلبيًا للغاية على هويتنا… هم لا يريدوننا، نحن العرب الفلسطينيين، أن ننمّي الوعي بهويتنا الوطنية».
وديع عواودة:
لا مدارس يهودية و لا هم يحزنون،كل ما في الامر ان المسلمون جد مختلفون دينيا و سياسيا و اقتصاديا ،الاختلاف في المادهب الدينية، الاقتتال الشبه الدائم بين السنة و الشيعة، وربما هدا هو سبب الرئيسي وراء تأليف القران من طرف ورقة اليهودي ابن عم خديجة الغنية زوجة الناطق الرسمي بالرسالة القرانية ،المؤدلجة للفكر العربي حتى النخاع، بالاظافة الى الاختلاف الشاسع بين السياسيين العرب ،ورؤيتهم الانتهازية للعمل السياسي ،و حبهم الجنوني للمال و السلطة ،هو السبب الرئيسي وراء تخلف العرب.