انكمشت لميس الحديدي بالبرودة، ثم تمددت بالحرارة، وأعلنت موت السياسة في مصر، وفي صباح اليوم التالي كان عبد الفتاح السيسي يقول أنا لست سياسياً، يوشك أن يقول: «أنا سبع صنائع والبخت ضائع»!
شغلت «لميس» الخلائق بما قالت، ولأن «الجائع يحلم بسوق الخبز»، فقد رأى البعض في ذلك قفزاً من مركب الإنقلاب الغارقة، مع أن أداء عبد الفتاح السيسي ذاته يؤكد أن مركبه في طريقها للغرق، لكن ما قالته ليس تعبيراً عن شيء من هذا، لأنها لا تقفز من المركب فعلاً، إلا أذا اطمئنت تماماً أنها غرقت واستقرت في القاع، وهي تعرف كيف تسوي أوضاعها، فيكفي أن تستضيف معارضين، ليخاطبوها بـ «الأستاذة لميس»، وقد فعلت من قبل وهي المطرودة وبعلها من «ميدان التحرير» بـ «زفة من الثوار»، لكن الشباب الذي ركب الثورة وتخطى الرقاب، كان في الأستوديو يخاطبها بـ «الأستاذة لميس»!
«مدام لميس»، حسب باسم يوسف، لم تغادر مركب مبارك، إلا بعد أن غرقت فعلاً، وهي تدرك أن نظام السيسي، لن يسقط مرة واحدة، ففي ضعفه سيكون قادراً على العصف بها، فليس عندها حرية التصرف أو الاختيار، لأنها في النهاية لا تواجه الرئيس محمد مرسي، الذي خاطب «مشاعرها الإنسانية»، فأظهر ضعف حكمه، وهو يقول لها «أنا رجل في سن أبوكي»، وقد ترى جماعة المؤمنين الجدد، أن هذا الخطاب اخلاقيا متسامحاً، ونراه يليق بالجار الطيب، لكن الحكم يلزمه حسم، لا سيما إذا كان بعد ثورة على نظام حكم لستين سنة!
«مسير لا مخير» هو الإعلامي في مصر الآن، لكن الحديدي، ربما اعتقدت أنها في عهد مبارك، حيث كان مسموحاً للمحب أن يجتهد، فيبدو معارضاً حيناً كما منى الشاذلي، أو ناصحا مخلصا كما عمر أديب، فيتجاوز النظام عن الأخطاء التي نتتج من اجتهاد المحب، فلا بأس ما دام قلبه مطمئنا بالايمان، وفي حالة السيسي، كان عبد الله السناوي يقدم النصائح له، بهدف تقوية نظامه، وكانت النتيجة أنه تم التوقف عن استدعائه للقنوات التلفزيونية المصرية، وقد شاهدته مؤخراً على «بي بي سي»، فإذا به وقد عاد معارضاً، كما كان في عهد مبارك، على العكس من رفيقه عبد الحليم قنديل، الذي يتحسس كلماته، ويضبط ايقاعه، ليستمر قريباً من أهل الحكم، ولو على عتبة القصر، المهم ألا يتم حسابه على المعارضة وهو يؤدي المهام الموكلة إليه باتقان بالغ، وآخر هذه المهام هو هجومه على الفريق سامي عنان!
وفاة السياسة
لم ترتكب لميس الحديدي حماقة، ولم «تخرج في المقدر»، عندما أعلنت وفاة السياسة في مصر، فهي تريد أن تبرر لعدم وجود منافسين لحضرة صاحب القداسة عبد الفتاح السيسي، كما أنها تتهم الأحزاب بالفشل، وهذا هو ما جعل من مشهد الانتخابات عبثيا، لتظهر حكم السيسي مسكونا ببراءة الأطفال، وهي دعاية مستوحاة من عهد مبارك، وكانت معتمدة رسمياً، لتبرير قوة الحزب الوطني الحاكم، دون الإعلان عن أن هذا بسبب تحويل البلاد إلى مجرد ملف أمني، ومع ذلك، ففي الحالة المصرية الراهنة، فإن إثنين من رؤساء الأحزاب هما سامي عنان، وأحمد شفيق، جرى اختطافهما لمجرد إعلانهما نية الترشح للانتخابات الرئاسية، وانسحب المرشح الرئاسي خالد علي، وهو يرى المشهد بائساً، ويخوض انتخابات بلا أية ضمانات، كما أن الهيئة العليا لحزب الوفد، وإن كانت اكدت موت السياسة في مصر بإعلان تأييدها للمرشح عبد الفتاح السيسي، فإنها عادت لترفض كل الضغوط السيساوية باعتماد رئيس الحزب محللاً، دون تمكينه من أن يدخل بها!
لقد ردت لميس الحديدي على «الحالمين بسوق الخبز»، أنها لم تقفز من المركب. وإن كان المركب تغرق فعلاً، فالمراكب إن لم يكن لها عالم بالبحار تميد، كما قال الشاعر، وأثبت السيسي أنه ليس بهذا البحار العالم بقوله: «أنا لست سياسياً»، قبل مرحلة «إني أغرق تحت الماء»، للعندليب عبد الحليم حافظ!
خطابه الأخير أكد أنها نهاية مرحلة، بدون التعلق بفم لميس الحديدي، لاصطياد جملة والنفخ فيها على قاعدة «تحويل الحبة إلى قبة». فلأن الحاوي مأزوم فقد أخرج ما في جرابه مرة واحدة، فكانت العودة إلى عماد أديب وإلى عبد الحليم قنديل، وإلى إبراهيم عيسى، الذي تم وقف برنامجه، لكنه عاد مرة أخرى بلون جديد، حيث لا يتكلم في السياسة للمران على المرحلة الجديدة، فلم يعد أمثال عزمي مجاهد، وتامر أمين، وتامر عبد المنعم مؤهلين لمرحلة الحروب، وفي مرحلة الضرب تحت الحزام!
الآن السيسي لا يواجه الاخوان، إنه في معركة مع معسكره، فشخص بحجم رئيس أركان الجيش المصري يقف في مواجهته، وهو رغم اختطافه وسجنه، فإنه صامد، ويجن حد الدفع بشبيحة للاعتداء على أحد نائبيه، بعد محاولة فاشلة لاختطافه، ورغم كمون الفريق أحمد شفيق، فإنه لم ينته، وهو ما يدركه عبد الفتاح السيسي تماماً، ولهذا لا تزال بناته إلى الآن في الإمارات رهينات، لم يعدن للقاهرة، ولا مبرر قانوني لوجودهن في إمارة أبو ظبي!
ليته مات
وتبدو الدوائر الغربية ليست مرتاحة لما يحدث في مصر، لأن الانفجار قادم، وهو ما يعترف به حتى أنصار السيسي ودرويشه، وهو ما قاله عبد الحليم قنديل، في برنامج «عمرو أديب» بوضوح، وإزاء هذا كان تهديد السيسي في خطابه الأخير أنه لن يسمح بما جرى قبل سبع سنوات، وكأن مبارك قد سمح!
اللافت أنه في الخطاب قبل الأخير، تطاول السييب على ثورة يناير وأرجع لها سبب الخراب الذي تعيشه مصر، وأكد عدم منطقية الدعوة للعدالة الاجتماعية، بينما «عبد الحليم قنديل» جالس في حضرته وهو أضعف من أن يعلق أو يتململ في حضرة صاحب القداسة، فكان عليه أن يرد عليه في مقال بعد ذلك ولم يفعل، بل فعل العكس ففي أول لقاء تلفزيوني تحدث عن أن السيسي حقق الاستقلال الوطني! عندئذ تذكرت قول زميلة صحافية وهى ترثي حاله: «ليته مات»!
في الخطاب قبل الأخير كان السيسي واضحاً في تحديد عدوه وهو ثورة يناير، مع أنه بفضلها أصبح رئيساً للجمهورية، ولو استمر مبارك لكان زمانه لواء متقاعد، لا يعرف كيف يقضي أوقات فراغه، واعلان العداء المتكرر منه لثورة يناير، ينبغي أن يوقف ترويج الادعاء الفاسد عن الجيش قد حمى الثورة، فهذا ليس صحيحاً البتة!
ما علينا، ففي الخطاب الأخير لم يكن واضحاً من يقصد؟ بما جرى قبل سبع سنوات، وهل يقصد الثورة، أم «إدارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة شؤون البلاد»، فيتردد أن هناك نصيحة من وزير الدفاع الأمريكي له بأن عليه أن يسلم السلطة للمجلس العسكري لترتيب الأوضاع، لكنه رفض، وبدا لهذا عصبياً، وموجهاً تهديداته لمن يعتقد إمكانية حدوث ذلك، وكان طبيعياً أن يبالغ وزير الدفاع في التصفيق له، والنظر إليه مدعياً الانحياز بشكل مبالغ فيه، وأحيانا كان يصفق بمفرده، بشكل يوحي أنه لم يكن حاضراً تماماً، فكل ما يشغله أن يؤكد على الولاء والحب العذري!
ولم يكن أمام السيسي، والحال كذلك، إلا أن يهدد بهدم المعبد على من فيه، وبمصير سوريا والعراق، فنحن أمام حالة «شمشون الجبار»، وبعيداً عن الموقف الأمريكي الرسمي، فقد ظهر الإعلام الغربي في حشد ضده.
يسري فودة في برنامجه «السلطة الخامسة»، على قناة «دي دبليو» الألمانية، خصص فقرة لما نشر في الإعلام الغربي في الأونة الأخيرة، وإذا كان السيسي يدرك أنه «رجل ترامب» فليس «ترامب» وحده من يقرر المصير، ولعله لهذا كان عصبياً أكثر من اللازم، بشكل ذكر الناس في بلدي بخطاب السادات الأخير، فقد كان عصبياً هكذا، وهدد وتوعد، وأرغى وأزبد، وقال: «لا يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعباد» بعد أو وضع كل خصومه من كافة القوى السياسية في السجن، ووصف عالم أزهري وإمام مسجد هو الشيخ «أحمد المحلاوي» بأنه «كالكلب مرمي في السجن»!
ليست عندي مصادر أتثبت منه من صحة ما يتردد عن الطلب الأمريكي الذي نقله وزير الدفاع للسيسي، لكن الشاهد أن الرجل أصبح موضوع حملة اعلامية ضده، بعد اتهام وزير الدفاع الأمريكي اعلاميا بأنه يدعم عميله في القاهرة سامي عنان!
في يومين متتاليين استضاف عمرو أديب رجل المهام الصعبة ، عبد الحليم قنديل، وشقيقه عماد أديب، الأخير رجل مبارك، والأول ضد مبارك، لكن «الحب وحدنا فصرنا نبضة يمضى بها عبر الحياة كلانا» كما يقول المتصوفة، وكانت المهمة هى الهجوم على سامي عنان واتهامه بالعمالة للأمريكيين والدليل تدخل وزير الدفاع الأمريكي من أجل اخراجه من السجن!
سأل عمرو أديب، ضيفه عبد الحليم قنديل، عن رأيه في مقاطعة الانتخابات، فكشف حقيقة المهمة المكلف بها؛ حيث هاجم الفريق سامي عنان، ورماه بالخيانة للأمريكيين، ونال وزير الدفاع من الحب جانبا، وبأنه كان على اتصال بعنان، وفي اليوم التالي كان عماد أديب يكمل المهمة، وبشكل يوحي أن عبد الفتاح السيسي هو رمز التحرر الوطني، الذي يقف في وجه الهيمنة الأمريكية، مع أن الانقلاب العسكري ذاته لم يكن ليمر إلا بموافقة أمريكية، وبعد الانقلاب قال السيسي إنه على اتصال يومي بوزير الدفاع الأمريكي، فلماذا يصبح الاتصال بوزير الدفاع هنا خيانة، وفي حالة السيسي عملا وطنياً؟!
انه النظام المأزوم، الذي يهدد بأن البديل له هو الفوضى وأن مصر ستصبح سوريا والعراق، وأن عزله هو قضاء على الدولة المصرية، ونسى أنه في انتخابات وكان عليه أن يتحدث ولو من باب التمثيل على أنه قد يغادر وينجح منافسه موسى إلخ الخ لخ!
والحال كذلك، فلسنا بحاجة إلى كلمة تخرج من فم لميس الحديدي لا تلقي لها بالاً، ليبني الحالمون بسوق الخبز، عليها أمالهم العريضة.
المركب تغرق وإن بقيت لميس الحديدي على تلها.
صحافي من مصر
سليم عزوز
ستكون هناك مقاطعة للإنتخابات
وسيكون هناك عصيان مدني
وقد تندلع الثورة من جديد
ولا حول ولا قوة الا بالله
ا حتراماتي استاذ سليم روعة كالعادة
الله غالب.
شعار الشبيحة الاسد او نحرق البلد
احترق البلد و احترقت شبيحته و بقي الاسد
فاستعاض عنها ببوتين و خامنئي و سليماني
فماذا سيكون شعار بلطجية السيسي
طبعا قريحة الشعب المص ي لن تعدم بشعار يليق بمقام الريس
و انا لله و ان اليه راجعون
مازلت أتذكر كلام الرئيس المصري السابق «أنا رجل في سن أبوكي», لم أكن أعرف تفاصيل القصة لكن الكلام كان يعبر بوضوح عن ضعف الرئيس بهذا التعبير والرد بشكل شخصي, في ذلك الوقت. أما بالنسبة للسيسي فحدث ولا حرج يا أخي سليم عزوز وعلى جميع الأحوال الأمور واضحة كالشمس في النهار أما هل سيقط نظام السيسي أو سينتهي قريبا فاعتقد هذا سؤال يصعب الإكابة علية وأعتقد أن السيسي مستعد أن يقلد الاسد لكني لا أعتقد أن الوضع في مصر سيسمح له, وكلامة عن تحويل مصر إلى سوريا هو فقط لزرع الخوف فيما أعتقد.
سقوط السيسي يعني سقوط اخر حفيد فرعون في مصر و ستعود الثورة الالاهية المصرية القديمة التي اسقطت فرعون الاكبر في البحر الى الحكم من جديد و ينعم اهل مصر بالحرية و الكرامة و العدالة و العيشة الطيبة الكريمة انشاء الله .
عندما نتكلم و ننتقد اوضاع ما يجري في مصر التي يفترض انها “محروسة” فجعلها السيسي ” محبوسة” ينبري لنا بعض الأخوة المصريين ، اما من المؤيدين للسيسي على طول الخط لإغراض في انفسهم ، او من المخدوعين به او من خصوم الأخوان الذين ذهب الحقد عليهم وكراهيتهم ببصيرتهم فصاروا يرون كل من ينتقد ما وصلت اليه مصر من حال يفتت قلب الصخر نفسه ـ ينبري هؤلاء لمهاجمتنا ، و يتركون اصل القصة ، مثل تلك النكتة التي اشتهرت مؤخراً ، حين جاء احدهم الى صديق له واخبره ان زوجته تخونه مع الكهربائي الذي يصلح كهربائيات البيت ، فأجابه الزوج ، لكنه صراحة كهربائي ماهر “مفيش منه” !!
.
هكذا بلغت المآساة قمة ملهاتها ، ينبري هؤلاء الأخوة ، لمهاجمتنا من باب اننا لسنا مصريون ، فما دخلكم بمصر و اهلها ؟! واذا كان احدنا من العراق او سوريا او ليبيا او اليمن ، صار الهجوم مضاعفاً ، من ان الأولى ان نهتم بأوضاع بلادنا المحتلة و المآساوية !
و كأن سوء الحال في بلداننا يجب ان يقصر الاهتمام على ما يجري فقط في وطن المنتقد تحديدأً و ليس كأن الهم كله واحد و مرتبط ارتباطاً عضوياً و جذرياً !
.
ثم ان من يهاجم ، ينسى انه يعبر من على صفحة جريدة هي عربية بالعموم في نهاية المطاف و ليست مصرية بالخصوص ، و ان قراءها من جميع بلدان العرب بل من غير العرب ايضاً
.
و هنا بالتحديد ، فإن كاتب المقال هو مصري قح و ينتقد بأشد مما ننتقد ، وهناك كتاب مصريون آخرون محترمون يكتبون ايضاً في هذه الصحيفة و غيرها من الصحف العربية (و ليست المصرية) ما هو اشد انتقاداً و بينهم وبين السيسي و ملئه ما صنع الحداد ، فهل هؤلاء لا يحق لهم ايضاً الكلام و انتقاد الأوضاع ، ام هم من قوى الشر و اللهو الخفي الذي يحاول السيسي و اجهزة مخابراته التي تقود المشهد المآساوي تصويره للناس ؟!
.
هناك صار من يهاجم لأجل الهجوم ، إن كان المنتقد غير مصري ، حرف الموضوع و ادخله في نفق ” و انت مالك بمصر و انشغل بقضايا بلدك ” و ان كان المنتقد مصري ، حرف الموضوع كذلك ، الى شخص المنتقد و انه من العملاء او المخدوعين !
.
من اراد معرفة الحق من الباطل من المنخدع اليوم بالسيسي و ملئه ، وليس من متبعيه لمصلحة ، ان يقارن ما صرح به السيسي وفعله ما بعد 3 يوليو 2013 ، فيما لو صرح به وفعله مرسي بالضبط ، ما سيكون موقفه ؟
.
لكن عين السخط تبدي المساويا !!
كلامك جواهر لكني اعشق عبدالحليم قنديل بالرغم من انتقاده للاخوان المسلمين بقي ان اسالك استاذ سليم هل تخصصك صحافه ام ماذا؟