إسطنبول ـ «القدس العربي»: لم يتوقف تأثير مسلسلات الحب والعشق التركية التي انتشرت بشكل كبير في السنوات الأخيرة على الشعوب العربية فقط، بل امتد هذا التأثير السحري إلى الشباب التركي، وباتت قصص العشق والغرام الشاغل الأكبر لدى الشباب في الأعمار المختلفة لا سيما في طريقة التقديم لطلب الزواج، وهو ما يعرف في تركيا بـ»تكليف الزواج».
هذه المناسبة التي من المفترض أن تكون أجمل وأسعد اللحظات في حياة أي شاب أو فتاة، نجحت في ذلك بالكثير من الأحيان، لكنها فشلت وجلبت نتائج عكسية في مناسبات عديدة بعد أن تحولت إلى مأساة بفعل حوادث وفاة وقتل وانهيار عصبي متنوعة.
وبشكل شبه يومي تشهد الشوارع السياحية ومنطقة الساحل والسفن السياحية وسفن المواصلات العامة لا سيما في إسطنبول وإزمير وانطاليا مفاجآت يعدها شباب أتراك لطلب الزواج من صديقاتهم بطرق مبتكرة وإبداعية وتلقى انتشاراً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي.
في محافظة أضنة أقدم التركي «فاضل .أ» 45 عاماً، قبل أسابيع، على قتل حبيبته «كفاية حضره» 38 عاماً، بعد أن رفضت عرضه للزواج منها، وذلك بإطلاق 4 رصاصات عليها بواسطة مسدس.
وفي التفاصيل التي كشفت عنها الشرطة التركية، فإن فاضل تقدم إلى «كفاية» – مطلقة ولديها طفل – بطلب الزواج منها بطريقة رومانسية حيث أحبها منذ ثلاث سنوات، وعندما رفضت هدد بقتلها، وعلى أثر ذلك اعتقلته الشرطة وأطلقت سراحه بعد يوم بعد أن تعهد بعدم إيذائها، لكنه ذهب إليها وأطلق النار عليها من مسافة قريبة مما أدى إلى مقتلها على الفور.
وفي مدينة دينيزلي غرب تركيا، توفي الشاب علي شينار (21 عاماً) وأصيبت صديقته بجراح مختلفة أثناء اصطحابها لمنطقة نائية بعد أن اتفق مع أصدقائه أن يعدوا لهما حفلا خاصا للتقدم لطلب يدها هناك بطريقة مختلفة، لكن القدر كان أسبق إليهما من الزواج حيث اصطدمت سيارتهما بسيارة أخرى نتيجة السرعة الزائدة التي كان يقود بها، وانتهى مخطط الزواج بمأساة للعروسين المفترضين.
وقبل أيام اعتقلت الشرطة شابا في مدينة أنطاليا بعد أن تسبب في حادث طرق بين عدد من السيارات إثر قيامه بإغلاق طريق رئيسي من أجل التقدم بطلب الزواج من صديقته وسط الطريق، حيث كان يهدف لعمل مفاجأة لها لتكون بداية السعادة بينهم، لكن الحال انتهى به إلى السجن.
ولم تتوقف الغرائب التركية عند هذا الحد، حيث اخترعت شابة تركية حيلة ذكية جدا عن طريق «الإبلاغ الكاذب» عن قنبلة داخل القطار السريع لكي تقضي وقتاً أكثر مع حبيبها الذي حصل على إذن من خدمته العسكرية، لكنها لم تكن تعلم في الوقت نفسه أن هذا سيكلفها الحبس على ذمة التحقيق لوقت أطول كذلك، وسيدخلها في متاهات.
وفي التفاصيل، أن مديرية أمن مدينة كونيا «وسط البلاد» وصلها بلاغ عن وجود قنبلة داخل القطار السريع المتوجه نحو العاصمة أنقرة، تبين لاحقاً أنه بلاغ كاذب، بعد اتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة من فحص القطار ومحيطه بالكامل خوفا من وجود قنبلة فيه.
وقامت الشرطة التركية بعملية رصد لمصدر البلاغ لتكتشف أنه صادر من فتاة تبلغ من العمر 20 عاماً، لم يتم الإفصاح عن اسمها لأسباب أمنية. الشرطة سارعت لاعتقالها من محطة القطار بصحبة خطيبها المجند في الجيش التركي القادم في إجازة إلى أنقرة، حيث اعترفت أنها قامت بالإبلاغ الكاذب، رغبة منها في زيادة فترة وجود خطيبها معها أثناء عودتهما إلى أنقرة بالقطار السريع.
وفي مدينة أضنة عمد شاب في العشرينات من العمر إلى التنكر بشخصية رجل عجوز كبير في السن لا يقدر على الحركة وذهب إلى المستشفى على هيئة مريض لطلب الزواج من صديقته التي تعمل ممرضة في المستشفى، وفور وصول الممرضة له قدم لها خاتم الزواج وطلب الزواج منها إلا أنها دخلت في حالة من العصبية والخوف قبل أن تنقلب الأمور إلى فرح بعد أن نزع القناع الذي كان يتنكر به، لكنه عبر لاحقاً عن ندمه لاستخدام هذه الطريقة التي أرعبت زوجته المستقبلية.
وفي طريقة لاقت سخطا كبيرا في الشارع التركي، عمد شاب في منطقة مولا التابعة لمدينة بودروم السياحية التركية إلى طريقة جديدة لطلب الزواج من صديقته، حيث مثل أنه قام بحادث طرق بالدراجة النارية التي يقودها وسقط في وسط الشارع القريب من مركز الإسعاف الوحيد الذي تعمل فيه حبيبته، وبعد أن قام سكان المنطقة بالاتصال بمركز الإسعاف وصلت صديقته وما أن بدأت بتجهيز الإسعافات الأولية له حتى قام وعانقها وتقدم لها بطلب الزواج وسط دهشة عارمة من قبل المارة والسكان الذين تجمهروا لمشاهدة نقل الجريح المفترض عندها بدأ أصدقاء العريس برش الورود وإطلاق الألعاب النارية في الهواء.
وفي قاعة المسرح التابعة لبلدية «ملتيبيه» في إسطنبول، وأثناء عرض إحدى المسرحيات قطع أحد الممثلين العرض طالباً من صديقته التي كانت تجلس بين الجمهور الصعود إلى منصة العرض وطلب منها الزواج وألبسها الخاتم وسط تفاعل كبير من الحضور.
وفي جامعة «يلديز تكنيك» في مدينة إسطنبول وأثناء حفل ومراسم تخرج دفعة من الطلاب والطالبات خرج الشاب ليطلب يد صديقته التي كانت تتسلم شهادة البكالوريوس وطلب يدها على منصة الحفل الرئيسية وسط تفاعل كبير من الجمهور والحضور.
وفي أحد البرامج التلفزيونية التي تعرض على إحدى الفضائيات المشهورة في البلاد، تقدمت متسابقة لخطبة صديقها في برنامج مسابقات، الأمر الذي أثار جدلاً مجتمعياً حول تقبل المجتمع لتقدم الفتاة لطلب الزواج بدلاً من المعتاد وهو تقدم الشاب لطلب يد الفتاة.
وتشير إحصاءات غير رسمية إلى أن قرابة 50 ألف زوج من جميع أنحاء تركيا تقدموا بطلبات لعقد قرانهم في يوم الرابع عشر من شهر شباط/ فبراير الماضي، الذي يصادف ما يعرف بـ «عيد الحب (فالنتاين)»، حيث رفعت كل دوائر عقود القران التابعة للبلديات استعداداتها لاستقبال الكم الكبير من طلبات عقد القران في هذا اليوم.
وقبل أيام قرر مسن تركي عقد قرانه على حبيبته التي يحبها منذ أكثر 77 عاما، لإضفاء الشرعية على علاقتهما، وذلك بعد أن تم منعه من قبل والده منها. وذكر المسن «مصطفى كرا كويون» لمراسل وكالة الأناضول، أنه تعرف على حبيبته «دوندو كارتش» في عام 1938، عندما كان في الخامسة عشرة من عمره، مبينا أنها كانت تكبره بـ 3 سنوات.
وقال المسن كراكويون، عندما طلب من والده الزواج من حبيبته دوندو، قوبل طلبه بالرفض، ثم بعد ذلك خرج إلى الخدمة العسكرية، وبعد رجوعه من الخدمة العسكرية، وجد أن حبيبته قد تزوجت، فقرر ترك القرية التي يقطن فيها من شدة الحزن والانتقال إلى قرية أخرى حتى يتسنى له نسيان حبه لها.
وأضاف كراكويون أنه وبعد وفاة زوجته لجأ للعيش في دار المسنين التابعة للدولة، وبعد عدة سنوات لم يتحمل المكوث فيها، وقفل راجعا إلى قريته التي أنفصل عنها بسبب زواج حبيبته، وبعد رجوعه إلى القرية وجد حبيبته وتبادلا أطراف الحديث حول الذكريات القديمة، ومن ثم توافقا على عقد قرانهما، وتكملة حياتهما على ما كانا عليه قبل 77 عاما.
إسماعيل جمال