تونس ـ «القدس العربي»: قررت المعارضة التونسية مقاطعة جلسة المصادقة على مشروع قانون المالية لعام 2016، قائلة إنه «يساهم في تبييض الأموال ويشجع على الفساد والتهرب الضريبي».
ودعت المعارضة الائتلاف الحاكم إلى تحمل مسؤوليته أمام التونسيين في حال المصادقة على المشروع المذكور. وقال النائب عن حزب «التيار الديمقراطي» وعضو لجنة التشريع العام، غازي الشواشي: «كنا بصدد مناقشة مشروع قانون يتعلق بميزانية الدولة، لكننا اكتشفنا أن المشروع المذكور تحول إلى قانون خاص بالأحزاب الحاكمة التي قررت الهيمنة على مفاصل القانون وسن بنود جديدة لحماية بعض الفئات، على حساب الشعب التونسي. لذلك قررنا الانسحاب كي لا نكون شهود زور على هذا القانون الذي يشرع الفساد ويكرسه بدلا من محاربته».
وأضاف لـ«القدس العربي»: «نحن، كنواب للمعارضة، قدمنا مقترحات لتعديل هذا القانون في اتجاه دعم ميزانية الدولة وتوفير موارد إضافية لها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد، في حين أن الأحزاب الحاكمة تقدمت بمقترحات تهم فئات ولوبيات معينة على حساب ميزانية الدولة».
ومضي يقول: «لقد طالبنا بترفيع نسب الضريبة وخضوع عقود الكراء (الإيجار) وعقود التفويت (بيع) في العقارات إلى استخلاص معاليم جبائية، في حين أن الأحزاب الحاكمة طالبت بتخفيض نسبة الضريبة وضغطت على وزير المالية من أجل سحب الفصل 54 (المتعلق بتحصيل ضريبة عل عقود الإيجار) الذي سيأتي بموارد للدولة».
ووصف الشواشي مشروع القانون المعدل بـ«المهزلة بأتم معنى الكلمة»، مشيرا إلى أنه «لا يخدم البلاد في التردي الاقتصادي الحالي». وأضاف: «هناك توجه نحو تكريس التهرب الجبائي وخدمة لوبيات مالية معينة. وعلى أحزاب الائتلاف الحاكم تحمل مسؤوليتها أمام الشعب التونسي والعالم (في حال المصادقة على المشروع المذكور)».
وحول استغلال أحزاب الائتلاف الحاكم لاختلال موازين القوى داخل البرلمان لتمرير المشروع، قال الشواشي: «على ما يبدو، للأسف الشديد، أن الكتل الكبيرة – خاصة «النهضة» و»نداء تونس» – قررت مواصلة المصادقة على المشروع بغياب المعارضة رغم أنهم يعرفون أنهم يقدمون صورة سيئة للداخل والخارج. وهم مصرون على التعنت بمنطق الأغلبية ضد الأقلية، لذلك قررنا مقاطعة جلسة التصويت، فليكن القانون خاصا بالأحزاب الحاكمة فقط، وسنندد بذلك أمام الشعب ووسائل الإعلام».
وكان نواب المعارضة انسحبوا من جلسة التصويت على مشروع قانون المالية عقب المصادقة على الفصل 56 بصيغه المعدلة وسحب الفصل 54، إذ اعتبر النائب عن «الجبهة الشعبية»، المنجي الرحوي، أن «البرلمان اصبح يشرع الفساد فى ظل وجود رموز فساد جديدة».
وأضاف قوله: «لن نكون شهود زور على جريمة ترتكب فى حق الشعب التونسي بعد أن بات يقع التشريع للفساد والتهرب الجبائي داخل قبة هذا المجلس».
كما طالب عدد من النواب بسحب الفصل 61 (المتعلق بالعفو عن الأشخاص الذين لم يصرحوا بمداخيلهم ومصادر دخلهم وحجم أموالهم الموجودة في الخارج) من المشروع، على اعتبار أنه «مخالف للدستور ويشرع لتبييض الأموال المتأتية من الجريمة المنظمة والتهريب والإرهاب».
ووصف النائب عن «المؤتمر من أجل الجمهورية»، مبروك الحريزي، الفصل المذكور بـ»الفضيحة»، مُعتبرا أنه يشكل مدخلا لمبادرة المصالحة الاقتصادية التي اقترحتها رئاسة الجمهورية.
ومن جهته أكد وزير المالية سليم شاكر أن الفصل المذكور لا يسمح بتبييض الأموال، مشيرا إلى وجود «نوعين من أموال العملة الأجنبية: النوع الأول هو الأموال النقد التي لا دخل لهذا القانون فيها. والنوع الثاني هو الأموال المتأتية من الخارج بتحويل بنكي فقط، والتي تكون عن طريق بنوك وبلدان لها قوانين لمقاومة تبييض الأموال. وعندما تصل هذه الأموال إلى تونس يقوم البنك المركزي بالتأكد من سلامتها».
حسن سلمان