عواصم ـ «القدس العربي» من هبة محمد ووكالات: على الرغم من كل محاولات النظام السوري والقوات الروسية لجرّ أهالي الغوطة الشرقية إلى مصيدة تفريغها من المدنيين، تمهيداً لاجتياحها واتباع سياسة الأرض المحروقة، فإنهما لم ينجحا في ذلك، باستثناء حالة واحدة، فقد أجلى الهلال الأحمر العربي السوري باكستانياً مسناً مع زوجته من الغوطة الشرقية المحاصرة، وفق ما أفاد مصدر في المنظمة الخميس، ليكونا أول مدنيين يتم نقلهما إلى دمشق منذ بدء الهدنة الروسية، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
من جهته قال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لفرانس برس «إنها عملية الإجلاء الوحيدة التي تمت الأربعاء». وأوضح أنها لم تتم بموجب الهدنة الروسية بل «بناء على مفاوضات تجرى منذ أشهر طويلة تولتها السفارة الباكستانية». في وقتٍ قتلت غارات النظام ثمانية مدنيين في الغوطة حسب توثيق الدفاع المدني في سوريا، فيما كانت حصيلة القصف الجوي يوم أمس الخميس على الأحياء السكنية 25 غارة جوية على كل من دوما وحرستا، وزاد عدد الصواريخ عن أكثر من 25 صاروخ أرض ـ أرض على مدينة دوما وعربين وقطاع المرج وكفر بطنا وبيت سوا.
وتتبدى المأساة أكثر وضوحاً في الغوطة للجميع، بينما تباهى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس بأن العمليات في سوريا أظهرت قدرات بلاده، وأن «العالم بات يعرف أسماء كل الأسلحة الروسية بعد العمليات العسكرية الروسية في سوريا».
وادعت موسكو والنظام السوري أمس عبر رواية مشتركة بشأن الهدنة، استخدام المعارضة للمدنيين دروعاً بشرية، فيما يؤكد السكان المحليون أن قصف المقاتلات الحربية يمنعهم لليوم العاشر من الخروج من الملاجئ. وزعمت وسائلهما الإعلامية أن فصائل المعارضة منعت المدنيين من الخروج حيث ذكرت «يمنع تنظيم جبهة النصرة والمجموعات التابعة له لليوم الثالث على التوالي المدنيين الراغبين في الخروج من الغوطة بغية الاستمرار في احتجازهم واتخاذهم كدروع بشرية، واستهدفت التنظيمات الإرهابية الممر الآمن بعدد من القذائف خلال فترة التهدئة»، فيما نقلت وكالات أنباء روسية عن الميجر جنرال فلاديمير زولوتوخين متحدثاً من دمشق قوله يوم أمس «إن مقاتلي المعارضة السورية قتلوا أربعة مدنيين في الغوطة الشرقية خلال احتجاج، وقال إن القتل يكشف أن تهديدات المعارضة للسكان الذين يريدون مغادرة الغوطة الشرقية حقيقية».
الناشط الإعلامي محمد النجار، وهو مصور مستقل يوثق ما وصفها بحرب الإبادة على مدن شرق العاصمة، قال في اتصال هاتفي مع «القدس العربي» ان مدينة دوما ومدن ريف دمشق في الغوطة الشرقية تتعرض منذ عشرة أيام لقصف هستيري بكل أنواع الأسلحة، من راجمات صواريخ وهاون وطيران وعنقودي وكيميائي، ويستهدف النظام السوري التجمعات المدنية من بيوت وأسواق شعبية، عازيا السبب الى وجود بنك أهداف مدنية لدى النظام للضغط من خلالها على فصائل المعارضة بهدف الإذعان لاتفاق مع روسيا يفضي إلى تهجير قسري».
من جهة أخرى قتل أكثر من 70 جندياً للنظام السوري في مواجهات مع «جيش الإسلام» خلال محاولة القوات المهاجمة التقدم على محور «حوش الضواهرة» في الغوطة الشرقية، حسب إحصائية كشفت عنها فصائل المعارضة، فيما كشف تقرير طبي صادر عن مشفى تشرين العسكري في العاصمة دمشق عن قتلى ميليشيات العقيد سهيل الحسن المعروف بـ «النمر» في مواجهات ريف دمشق، حيث أظهر التقرير مقتل 13 جندياً من مرتبات المخابرات الجوية، بينهم ضابط برتبة نقيب.
وقال مسؤولان في الأمم المتحدة للصحافيين، أمس الخميس، إن خطة روسيا لتطبيق هدنة لمدة خمس ساعات يومياً في الغوطة الشرقية تحتاج لتحديث للسماح بتوصيل المساعدات وتنفيذ عمليات الإجلاء الطبي، والتي ينبغي ألا ترتبط بصفقات تبادل أسرى.
مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا ستافان دي ميستورا قال إن الأمم المتحدة لن تفقد الأمل في المطالبة بتطبيق كامل لوقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً، كما نص قرار لمجلس الأمن الدولي، بينما ذكر مستشاره للشؤون الإنسانية، يان إيغلاند، أن دبلوماسيين من 23 دولة حضروا اجتماعاً إنسانياً يوم الخميس تلقوا رسالة قوية مفادها «أنتم تتقاعسون (الروس) عن مساعدتنا لمساعدة المدنيين في سوريا». (تفاصيل ص 4)