المعارضة المصرية عقلها مشدود إلى أخطاء السلطة ومصر بلا بديل سياسي والحكومة تنظف جيوب المواطن

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: أبرزت الصحف أنباء الزيارة السريعة التي قام بها ولي عهد أبو ظبي لمصر ومحادثاته مع الرئيس السيسي، وأبرز ما فيها بحث الأوضاع في المنطقة، في إشارة إلى قضيتي سوريا وليبيا، وإن لم يفصح الطرفان عنها. واستمرار الحكومة في التباهي بما تنجزه لصالح محدودي الدخل والطبقة المتوسطة رغم ارتفاع الأسعار. لدرجة أن الرسام في «الأخبار» عمرو فهمي أخبرنا أنه شاهد أسرة من زوج وزوجة وثلاثة أبناء ينزلون من السلالم وتقول الزوجة لأمها في الموبايل: «أيوة يا ماما أحنا كلنا جاهزين وهننزل من السلم الاجتماعي من الطبقة المتوسطة لمحدودة الدخل أنكل محسن سبقنا أبقى حصلينا.
وأعلنت الحكومة أنها أكملت الدراسات الخاصة بتطوير شركات القطاع العام والإعلان عن دراسة لزيادة أسعار الصحف القومية من جنيهين إلى ثلاثة جنيهات، أما الاهتمامات للأغلبية فكانت مباريات كرة القدم وأخبار الحج وإجازة عيد الأضحى. وإلى ما عندنا من تفاصيل الأخبار وأخبار أخرى غيرها.

مقتل الراهب

وإلى أبرز ما نشر عن مقتل الراهب أبيفانيوس في دير أبو مقار ومقال رانيا نبيل التي أعدت ملفا على صفحة كاملة في «الأهالي» كان من بينه موضوع عن الخلاف بين البابا الراحل ومتى المسكين لأن ابيفانيوس كان من تلاميذ متى قالت: «الأب متى المسكين هو مثال مضيء في تاريخ الرهبنة» هذه العبارة كتبها نظير جيد، الذي أصبح البابا شنودة في ما بعد في مقدمة كتاب «حياة الصلاة الأرثوذكسية» للأب متى المسكين، إلا أن العلاقة بين البابا والراهب شهدت ترجحا، رغم العلاقة بين البابا «نظير جيد» و«الراهب متى المسكين أو يوسف إسكندر» علاقة قديمة ترجع إلى خدمتهم معا «في مدارس الأحد»، وقد بدأ الخلاف بين متى المسكين والبابا شنودة منذ اللحظة التي ترك فيها الأنبا شنودة مغارة التوحد في وادي الريان، وعودته إلى دير السريان وبعدها رسمته أسقفًا للتعليم في 30 سبتمبر/أيلول 1962 والخلاف بين البابا شنودة ومتى المسكين، قد امتد من الجوانب العقائدية والفكرية، ليشمل الجوانب الشخصية. كما قام البابا بإصدار كتاب «بدع حديثة» الذي ينتقد فيه البابا بعض أفكار الأب متى، إلا أنه وحتى وفاة الأب متى لم توجه له أي اتهامات بالخروج عن الكنيسة، وكانت هناك قطيعة بين البابا والدير، الذي يرأسه الأب متى، ولم يذهب البابا للدير إلا بعد وفاة الأب متى المسكين، وقام وقتها بإلباس بعض الرهبان «القلنسوة المشقوقة»، في ما رفض آخرون الخروج ومقابلة البابا. واتخذ الأب متى منهجًا خاصًا به يتمركز على عدة أسس منها، أن الكنيسة ليست مؤسسة الأقباط أو جامعة الدين والهوية، وأن المسيحية ليست جنسية قومية بديلة، وضرورة ضبط الحدود بين الطقوس الدينية والأدوار السياسية، منذ أن تولى البابا تواضروس الثاني بطريرك الكرازة المرقسية وبابا الإسكندرية سدة كرسي مارمرقس، وأخذ على عاتقه إصلاح بعض الأمور العالقة، التي تركها البابا شنودة الراحل، منها قضية دير أبو مقار في وادي النطرون، وخلال زيارته وقع البابا تواضروس في دفتر زيارات دير أبو مقار قائلا: سعدت في هذا اليوم المبارك بزيارة دير أبو مقار العامر في برية وادي النطرون، وقمت بزيارة كنائس الدير والمكتبة والمطبعة والمرافق الخاصة به، وأضاف: كما سعدت بأن يكون هذه العام الأول لتذكار رسامة أخي الأنبا أبيفانيوس رئيسًا للدير».

الصراع الفكري

كما نشرت «الوطن» ملفا عن هذه القضية وجذورها والخلافات بين البابا شنودة الثالث والأب متى المسكين، أشرف على اعداده مصطفى رحومة، ومما جاء فيه قوله: «شهدت العلاقة بين «المسكين» و«البابا الراحل» تبايناً في وجهات النظر حول الأمور السياسية، فهاجم «المسكين» تدخُّل الكنيسة في السياسة، وهو من جلس مع الرئيس الراحل أنور السادات قبل قرارات سبتمبر/أيلول 1981، التي تم خلالها عزل البابا شنودة من الكرسي البابوي، وأسهم «المسكين» في وضع أسماء اللجنة البابوية لإدارة شؤون الكنيسة، بعد رفضه عرض السادات له بتولي «الكرسي البابوي». واعتبر «المسكين» وقتها أن قرارات الرئيس الراحل أنقذت الكنيسة والأقباط. قبل تلك المعركة كان البابا شنودة يسعى لتعزيز مكانة الكنيسة المصرية وتنظيم شؤونها، فسعى لرسامة العديد من الأساقفة والكهنة، وكانت عظاته الأسبوعية ملهمة للأقباط فيما كان «المسكين» محصوراً بين فكره وكتبه داخل جدران «دير أبومقار»، وحين خرج البابا شنودة من الإقامة الجبرية في دير الأنبا بيشوي، التي وُضع فيها لخمس سنوات، اشتدت معركته الفكرية واللاهوتية مع «المسكين»، وكان لكل فكر أطراف يناصرونه من هنا وهناك، وتحول الصراع إلى إصدار الكتب المتضادة لتفنيد آراء كل منهما، إلا أن البابا شنودة الذي رفض محاكمة «المسكين» كنسياً بالاتهامات التي ساقها ضده، ومنها الترويج لتعاليم منحرفة عن الإيمان، مشيراً إلى أن الصراع فكري وليس شخصياً. قام بزيارة الدير لأول مرة منذ 1978 في عام 1996 ولم يعاود الزيارة مرة أخرى في حياة «المسكين»، إلا أن الصدامات الفكرية استمرت ودخل على الخط الأنبا بيشوي مطران كفر الشيخ ودمياط، الذي شغل منصب سكرتير المجمع المقدس للكنيسة في عهد البابا الراحل، وبدأ في الرد على كتابات «المسكين» حتى بعد وفاة الأخير عام 2006. وبعد أن تولى البابا تواضروس زمام الأمور في الكنيسة تخلى ميخائيل عن رئاسة دير أبومقار، وطالب البابا باختيار أسقف للدير، وتم ذلك بالفعل بانتخابات شارك فيها الرهبان، أسفرت عن فوز الأنبا أبيفانيوس في 2013 برئاسة الدير وطالبه وقتها البابا تواضروس بـ«لمّ شمل الدير» الذي تنازعته الصراعات بعد وفاة «المسكين» وهو ما سعى إليه الأسقف الراحل، وتارة أخرى بتأسيس مواقع مسيحية وحركات قبطية ترفع شعارات «الإيمان الأرثوذكسي»، وتهاجم خطوات البابا الإصلاحية، منها «طريقة الميرون» و«تقاربه مع الطوائف الأخرى» وتصدّيه للتعليم الكنسي عبر مشروع الألف معلم كنسي مع تفكيك الأزمات المستعصية داخل الكنيسة مثل «الأحوال الشخصية» و«بناء الكنائس»، فضلاً عن تقاربه مع القيادة السياسية وتفضيله «الوطن» على «الكنيسة» في الأزمات التي مرت بها الدولة المصرية. إن التغيير يتم بسلاسة وفي محبة كاملة قبل أن يعلن عن دعوته لحوار لاهوتي موسع بين الكنيسة القبطية والطوائف المسيحية الأخرى، في مايو/أيار المقبل في دير الأنبا بيشوي في وادي النطرون، وكان أحد المنسقين لهذا المؤتمر هو الأنبا أبيفانيوس رئيس دير أبومقار».

جريمة مكتملة الأركان

وفي «المصري اليوم» قال الدكتور عمرو الشوبكي عن حساسية الأقباط من إثارة مثل هذه القضايا وقال: «مقتل الأنبا أبيفانيوس جريمة بشعة مكتملة الأركان، وهي ليست عملية إرهابية ولا جريمة بغرض السرقة، والحقيقة أن هذه الجريمة على بشاعتها وقسوتها والألم الذي سببته للمسيحيين ومعظم المصريين، إلا أنها كانت كاشفة لأزمات مجتمعية عديدة، أبرزها كيفية التعامل مع هذه الجريمة في ظل الواقع المصري الذي يحكم التعامل مع الملف القبطي؟ نعم الكنيسة المصرية كما الأزهر هما جزء من تاريخ هذا البلد، والتعامل معهما يجب أن يكون بحذر ولا تحكمه أخبار صحف النميمة، لكن في هذه الحالة نحن أمام جريمة قتل بشعة لراهب نبيل ذي علم وخلق رفيع، فكيف يمكن أن نتساهل مع هذه الجريمة البشعة خوفا على الصورة والشكل؟ الرهبان بشر وليسوا أنبياء مثل كل رجال الدين في كل العالم، وخطؤهم وارد وفي بعض الأحيان متكرر، والبلاد المحترمة التي ترغب في التقدم هي التي تكشف هذه الأخطاء وتعمل على تصويبها، وجريمة دير أبومقار جريمة فردية وليست حالة عامة، ولا متكررة، تورط فيها مجرم معدوم القلب والضمير، ولا علاقة له «أو لهم» بقيم وتقاليد أي دين».

المسؤولية اتجاه الجريمة

وأما آخر من سيساهمون في النقاش حول هذه القضية فسيكون سامح فوزي في «المصري اليوم» الذي أبدى في عموده اليومي ملاحظات على المناقشات حول الحادث منها:
«أولا: بدون أن يثير ذلك حساسية الأقباط مثلما كان الحال في مناسبات سابقة، قد يكون للفضاء الإلكتروني دور في ذلك، أو لتداعيات 25 يناير/كانون الثاني، أو لظهور قطاع من الشباب القبطي لا يجد غضاضة في مناقشة قضاياه علنا، وهي في كل الأحوال ظاهرة جديدة. ثالثا: ردود أفعال قطاع عريض من المسلمين تجاه أشقائهم في الوطن تتحلى بالمسؤولية والحرص على سلامة وتماسك الكنيسة القبطية، وقدرتها على عبور المواقف الصعبة، وهو أمر يستحق التحية، ولاسيما أن بعضا من الأقباط لم يكن لديهم هذا الحرص وهذه المسؤولية عند التعامل مع أحداث على هذه الدرجة من الجسامة، حيث غلب على بعضهم التحزب والمزايدة وتصفية الحسابات. خامسا: صحيح أن المجتمع بأسره فجع للحادث الدامي الذي وقع في الدير، وما تلاه من تداعيات، لكن لا يعني ذلك أن القطاع العريض من المواطنين، ولاسيما الأقباط أنفسهم على وعي أو إدراك بأجواء المساجلات أو النقاشات التي تجرى على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة الفيسبوك، التى تنطوي على رصد للتيارات المختلفة وجذور الاختلاف الفكري، وتنوع المدارس الرهبانية، وهكذا حيث أن هذه القضايا برمتها «فوقية» تجري على الشاشة، وليس لها مردود في الواقع، ولا تجد بين القطاع العريض من الأقباط معرفة أو اهتماما بذلك. سادسا: أيا كانت نتائج التحقيقات وما ستؤول إليه فإن هذا الحادث قد يكون مفزعا في دلالاته، لكنه استثنائي، لا يعبر عن السائد في الحياة الرهبانية، وأظن العقلاء في المجتمع يدركون ذلك ويرون أن الكنيسة القبطية أو الرهبنة هي أحد مظاهر التميز والقوة الناعمة في مصر، فقد احتضنت مصر المسيحية مثلما احتضنت اليهودية والإسلام، لكن هي الوحيدة التي خرجت منها الرهبنة بوصفها اختراعا مصريا خالصا».

الانسداد السياسي

جمال سلطان في « المصريون» يقول: «لست ضد أي مبادرة وطنية تبحث عن حل ومخرج من حال الانسداد السياسي الذي تعيشه مصر الآن، وموات السياسة، فمصر بحاجة إلى أفكار الآن أكثر من أي وقت مضى، ومصر في حاجة إلى الأفكار أكثر من الأفعال، مصر في حاجة إلى رؤية، إلى برنامج وطني للإصلاح، ومن الطبيعي أن مثل هذه الرؤية لا تتشكل إلا من خلال أفكار شتى تحاول وتجتهد، تصيب وتخطئ، يمكن اعتبارها أشبه بما يسمى «عصف ذهن»، أفكار أولية، ولكن المأمول أن تواليها يمكن أن يبلور الرؤية الشاملة والجادة والعملية للإنقاذ. أحد أبرز مشكلات المعارضة المصرية أن عقلها مشدود دائما إلى أخطاء السلطة، وأدائها السيئ، وهو صحيح في جوانب عديدة، ولكن الاستغراق في هذه النظرة مشكلته أنه يحرم المعارضة من النظر إلى أمراضها هي، وعوارها هي، ومشكلاتها هي، وهي مشكلات بنيوية، في صميم تشكلها ومشروعها الوطني، إن وجد لها مشروع وطني أساسا الآن، فالحقيقة أن أمراض المعارضة المصرية أسوأ بكثير من أي محاولة لتبسيطها أو التقليل من شأنها، بل يمكن القول إنه لا توجد معارضة حقيقية في مصر، توجد بقايا أحزاب، وبقايا ناشطين، وبقايا جماعات، وبقايا مجتمع مدني، وبقايا رموز سياسية من الوزن الثقيل، وبقايا مفكرين أو منظرين سياسيين حقيقيين، المعارضة في مصر بقايا من كل شيء، ولا يمكنك أن تبني مشروعا بديلا لإنقاذ الوطن من مجرد «بقايا» أشياء. لقد قدم لنا السفير معصوم مرزوق رؤية أو مشروعا حالما للتغيير في مصر، بمقتضاه تتم الدعوة للاستفتاء على النظام الحالي، فإن جاءت النتيجة بالموافقة على استمراره استمر وحسمت المسألة، وإن جاءت النتيجة بعدم الموافقة يتم تعليق العمل بالدستور، وخلو منصب رئيس الجمهورية، وحلّ البرلمان وحلّ الحكومة وتشكيل مجلس رئاسي انتقالي من كذا وكذا، حسبما ورد في التصور، بطبيعة الحال هو طرح عاطفي وحالم، فما الذي يدعو الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى التنازل طواعية عن رئاسته، وفي قبضته كل شيء، بلا استثناء، لماذا يغادر، ولماذا يدعو إلى الاستفتاء من أساسه، غير أني سأفترض أن هذه «العقبة» سهلة، وأن السيسي قرر ـ بكل ممنونية ـ أن يطرح نفسه للاستفتاء استجابة لنداء السفير معصوم، وهنا سنكون أمام اختيارين، أحلاهما مر، فإن أتى الاستفتاء بالموافقة على استمرار الوضع الحالي، فقد ثبتنا الحال الذي نراه بائسا بكل تفاصيله، بل ربما كانت النتيجة في هذه الحالة إشارة بدء لموجة أخرى من تأميم الحياة السياسية بالكامل، وأما إذا أتى الاستفتاء ـ فرضا ـ برفض استمرار النظام فهنا سنكون أمام مشهد أسوأ كثيرا مما كان بعد تنحي مبارك عن السلطة في 2011، لأن الساحة السياسية تحمل الانقسام نفسه، والمشكلات نفسها، ولم تحل أي مشكلة أو خلاف بين مكونات التيارات الأيديولوجية والسياسية في مصر من يومها، وسوء الظن والاحتقار المتبادل، لكن الأسوأ ـ والجديد ـ أن هذا الانقسام أصبح ـ الآن ـ معبأ بمشاعر الكراهية والغضب والرغبة في الثأر والانتقام، وتصفية الحسابات، كل هذا يضاف إلى غياب أي رؤية وطنية جامعة، يمكن أن تلتقي أطياف المعارضة حولها. إن مبادرة السفير معصوم بمجرد أن طرحت هاجمتها أطياف من المعارضة بعنف أكبر من العنف الذي واجهها به إعلام السلطة، وتقريبا تم الاختلاف حول كل شيء فيها، من أول من هو «الضابط» السابق معصوم مرزوق الذي يقدم مبادرة، للإيحاء بأنها «مبادرة عسكرية»، إلى السخرية من فكرة العفو السياسي عن الإجراءات والأحداث التي تمت من يناير/كانون الثاني 2011 وما بعدها، وصولا إلى الرفض والسخرية من تشكيل مجلس رئاسي من مجلس القضاء الأعلى والإدارية العليا والدستورية، وبطبيعة الحال شملت السخرية فكرة العزل السياسي لكل من شارك في السلطة من 2011 لمدة عشر سنوات، لأن هذا سيشمل كوادر كثيرة من الإخوان وغيرهم. تقريبا، وقع الاختلاف على كل شيء ورد في مبادرة السفير معصوم، من المعارضة قبل النظام، فلو افترضنا أن رئيس الجمهورية نفسه وافق ـ مشكورا ـ عليها، فالمشكلة أصبحت ـ ويا للمفارقة ـ أن تقنع معارضيه بالموافقة عليها. الأزمة في مصر أعقد كثيرا من مشكلات الحاكم والحكومة، مصر بلا بديل سياسي الآن، لا بد أن نصارح أنفسنا بذلك، مصر بلا بديل على مستوى الممارسة والعمل الحزبي والشعبوي، وبلا بديل على مستوى الرؤية والمشروع وقاعدة الإجماع الوطني الضرورية، لكي تضع قدما في المستقبل وتضحي من أجل هذا المستقبل، لذلك، قبل أي مبادرة تتعلق بالنظام وبالسلطة، على المعارضة المصرية بكامل طيفها السياسي أن تبحث عن رؤية جامعة، ومشروع سياسي وسطي، يقبل به الجميع أو الغالبية إن لم يكن الجميع، ويشكل بديلا جادا وممكنا وواقعيا، يمكن أن يطمئن إليه الشعب، ويمكن أن تطمئن إلى جديته ومسؤوليته، الدولة ومؤسساتها، وقبل إنجاز مثل هذا المشروع الجامع فلن تتمكن المعارضة المصرية من فرض أي رؤية إصلاحية على السلطة الحالية، وأقصى ما يمكنها أن تطمح إليه أن تستفيد من أخطاء النظام نفسه لتوسع لنفسها مكانا صغيرا في الحياة السياسية المحاصرة».

أغلق الكوبري.. إفتح الكوبري

«أغلق الكوبري.. إفتح الكوبري.. كيف تصدر القرارات في بلادنا؟.. يتساءل محمد أمين في «المصري اليوم»، محافظ القاهرة أصدر قراراً بإغلاق كوبري السيدة عائشة، بينما أصدرت وزارة الداخلية قراراً آخر بفتح الكوبري، ولو أصدر المحافظ قراراً، وقال مدير الأمن «لأ»، خلاص تنزل المرة دي! مدير الأمن قال إن فتح الكوبري يُعد استجابة للمواطنين، ألا توجد «دراسات» قبل اتخاذ القرارات أيها السادة؟ فهل يمكن أن يُصدر محافظ القاهرة، منفرداً، قراراً من هذا النوع، بدون الرجوع إلى «الداخلية»؟ فلماذا لم يعترض مدير الأمن؟ ولماذا لم يطلب مهلة؟ أليس إغلاق الكوبري يؤدي إلى إغلاق شارع صلاح سالم، وما أدراك ما إغلاق شارع صلاح سالم؟ هل كانت التحويلات المرورية تسمح بالحركة؟ هل الحل رفع كفاءة الكوبري، أم إزالته من الوجود أصلاً؟ وبغض النظر عن تضارب قرارات الإغلاق والفتح بين المحافظ ومدير الأمن.. وبغض النظر عن الرغبة في رفع الكفاءة، والرغبة في تسيير الحركة، هناك تعقيب من الدكتورة ليلى رضوان، رداً على مقال «في دولة المهندسين» حول «الكباري المعدنية» هل تصلح الآن؟ وهل تحل الأزمة وتمنع الحوادث؟ هل تأخذ الدولة بالأبحاث الهندسية في إنشاء الكباري؟ وتقول الدكتورة ليلى: «أنا من القرّاء الدائمين لمقالاتك الهادفة والشيقة. ولهذا السبب أريد إيضاح المشكلة بكل بساطة، فقد قمت بعمل دراسة على الكباري المعدنية منذ حوالي عشرين عاماً.. وكما هي العادة لا يأخذ أحد بأي أبحاث هندسية. فالمشكلة ليست بمعضلة تستعصي على الحل، وسوف أحاول بإيجاز تلخيصها في حدود المساحة المتاحة، في عمود صحافي. تُستخدم الكباري المعدنية بدلاً من الخرسانية لرخصها وسرعة تنفيذها.. ولكن يحدث ذلك بالنسبة للكباري المستقيمة، ولا يمكن إنشاؤها في المنحنيات، مثل كوبري السيدة عائشة.. وجزء من كوبري الجيزة، وذلك لصعوبة تنفيذ ميل ارتفاع الظهر عن البطن، ما يؤدي لانقلاب السيارات، وبالتالي تكون معظم الحوادث ليلاً. ومفهوم طبعاً أن كثافات المرور في الصباح لا تسمح بسرعات عالية، وبالتالي يجب إعادة إنشاء الكوبري بالخرسانة، أو إعادة إنشاء الجزء المنحني معدنياً بالتشكيل الفراغي، لضبط ميل الحديد أيهما أرخص.. أرجو أن يكون الملخص البسيط واضحاً، لأن التفاصيل كثيرة وتتعلق بسرعة ونوع المركبات ودرجة المنحنى.. فالمشكلة (فنية)، وليست بسبب العفاريت».

رسوم جمع القمامة

«العقل يقول إن زيادة سعر أي خدمة يعقب تحسين مستواها، هذا ما يعتقده محمود خليل في «الوطن»، أما أن يسبقه فتلك هي الأعجوبة. مَثل من يفعل ذلك كمثل من يبيع سمكاً في مياه، والمستهلك لا يشتري «سمكاً في ميه». أقول ذلك بمناسبة التصريح الذي أدلت به وزير البيئة الدكتورة ياسمين فؤاد، وذكرت فيه أن الوزارة بصدد إعداد مقترح لإعادة تسعير رسوم جمع القمامة من المنازل، بحيث تبدأ من 4 جنيهات إلى 24 جنيهاً، والهدف من ذلك هو الحفاظ على البيئة. تعلم السيدة الوزيرة أن المحكمة الدستورية العليا قضت في حكم شهير لها عام 2017 بعدم دستورية قرار المحافظين بفرض رسوم للنظافة وتحميلها على فاتورة الكهرباء، ورغم ذلك لم تزل وزارة الكهرباء تجمع هذه الرسوم. الحكومة من جهتها وافقت في أبريل/نيسان 2018 على تعديل قانون النظافة وإحالته إلى مجلس النواب، للموافقة عليه، وهي استجابة محمودة لتصحيح وضع غير دستوري، لكن السؤال: ما مصير «المبالغ غير الدستورية» التي سبق وحصّلتها وزارة الكهرباء طوال السنوات الماضية بالمخالفة للدستور؟ لا يهم أن تعود أموال المواطن إلى جيبه، فقد ذهبت إلى الحكومة، والجيب واحد، لكن هل من المنطقي أن ينصرف تفكير الحكومة الآن – كما صرحت وزير البيئة – إلى زيادة الرسوم، رغم أنها مديونة للمواطن؟ هل تغار وزارة البيئة من الكهرباء التي رفعت سعر الاستهلاك، فأرادت هي الأخرى أن تخرج بمصلحة؟ العلاقة بين الكهرباء والقمامة علاقة أساسية. فمن مراجعة عدد من التصريحات التي جاءت على لسان مسؤولين حكوميين تستطيع أن تستخلص أن رسوم النظافة سوف يتم تحديدها مستقبلاً بناءً على معدل استهلاك الكهرباء. فواتير الكهرباء العالية سوف تصحبها رسوم نظافة مرتفعة، والفواتير المنخفضة سوف تقل الرسوم عليها. الحكمة من هذا التوجّه واضحة، فثمة ظن لدى الحكومة أن من يستهلك الكهرباء بمعدلات أعلى تكثر قمامته، عكس المواطن الصالح الذي يستهلك كهرباء أقل. وبصراحة لست أدري الأساس المنطقي لهذه التخريجة العجيبة. النظافة من الإيمان. تلك حقيقة، لكن خبرة المواطن مع الحكومة منذ بدء تطبيق «فرضة» رسوم النظافة أن القمامة في الشوارع لم تقل، هذه مسألة تستطيع أن تعاينها في كل الاتجاهات. كان من الممكن أن يشعر المواطن بجدوى ما يدفعه إذا شعر بأن الخدمة تتحسّن، وأن الجهات المسؤولة عن رفع القمامة تقوم بدور حقيقي في تنظيف الشوارع، ومؤكد أن تحسّن مستوى الخدمة كان سيُبرر له أي زيادة جديدة تفرضها الحكومة، ما دام يقابلها جهد أعلى. الطريقة التي تفكر بها الحكومة في زيادة رسوم الخدمات بدون تحسين في مستوى الجودة تبعث للمواطن برسالة ملخصها أن الزيادة من أجل الزيادة، وأنها فقط تستهدف تعظيم دخلها بغض النظر عن الأداء، وهي رسالة شديدة السلبية. المواطن له عينان يرى بهما القصور في الأداء، ويلاحظ من خلالهما كيف أن عمال النظافة التابعين للأحياء يعملون بدون إشراف حقيقي، وأن أغلبهم يجمع الآن بين وظيفتين، وظيفة كنس مربع لا يزيد طوله وعرضه عن متر في أي إشارة مرور، ووظيفة موازية تتمثل في التسول. الناس معذورة بالطبع، والحياة أصبحت صعبة، لكن الخدمة كما هي، بل تزداد سوءاً في بعض الأحياء، فلماذا لا تفكر الحكومة في تنظيف الشوارع والحواري، مثلما تفكر في تنظيف جيوب المواطن؟».

طابور الذل والمعاش

ميرفت السيد في «الوفد» تكتب عن طابور الذل والمعاش قائلة: «من أجل لقمة العيش وثمن الدواء، وطلبات الأبناء التي لا تنتهي، وقف موظف المعاشات البسيط في طابور طويل عريض ينتظر دوره ليتحصل على معاشه البسيط. ساعات طويلة من الانتظار، حرارة الشمس تلفحه وآخرون في طابور الانتظار أيضا يقاومون الحر الشديد، بورقه «جورنال» بالية كمروحة تجلب لهم الهواء البارد وأين هو في درجة حرارة تخطت الأربعين، وبزجاجة ماء ساخنة، يمسحون وجوههم من آن لآخر، في انتظار طابور الذل والهوان للحصول على حق مفروغ منه، حتى سقط الموظف الغلبان البسيط وقد توفاه الله. تجمع حوله العشرات من طابور المذلة، انهالت الصرخات، وانهمرت الدموع في مشهد مأساوي، استغاثات وصراخ ومكالمات تليفون هنا وهناك لاستدعاء إسعاف أو طبيب، في محاولة لإنقاذه، ربما تكون غيبوبة فقط، وطبعاً لا حياة لمن تنادي، وبعد مرور الوقت جاءت سيارة الإسعاف، وعلمت أن الحالة توفيت، رفضوا حتى نقلها لأنه ليس من اختصاصها. آما آن للإنسان أن يكون إنساناً وتحفظ كرامته، مليارات هي أموال المعاشات، ومحاولة استيلاء وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي على تلك المليارات، وأعادت الدولة الجزء الأكبر منها، لتعيد للناس حقوقها وشقاها. أكثر من ربع قرن لخدمة الدولة بأمانة واحترام، مضحين بحياتهم بين أدراج وأبواب المهن الحكومية المختلفة، قدموا خدمات نافعة لبلدهم، ضحوا بأحلى سنوات عمرهم وشبابهم غير مبالين، تاركين أبناءهم صغارا، محرومين منهم ينتظرون عودتهم من وظائفهم، ليهدأوا إليهم قليلا ويكون هناك حديث عائلي جميل ملؤه شجن وحب بين أفراد الأسرة. الكل كان يضحي من أجل لقمه العيش، ومن أجل أن يرتاح في محطة المعاش، يشعر بأنه ملك متوج، يجد من يقدم له الخدمات من خارج بيته ومن داخله ووجهه بشوش، وهو في أتم راحة وسعادة، ليجد عوضاً عن سنوات أهدرها لمدة أربعين عاماً بحلوها ومرها.. ولكن للأسف خرج وهو في هذه السن التي لازمها الألم والوهن وضعف البصر، ليحارب من جديد من أجل الحصول على حقه المشروع وشقائه ومراره، وإننى أتخيل أن موظف المعاش هو ملك متوج تصله الخدمة مكانه، ويمكننا تشكيل لجنة ثلاثية تنتقل إلى بيته وتقدم له معاشه بكل كرامة واحترام، وأقصد لجنة فيها أكثر من فرد حتى يكون الشكل قانونياً، أو الأمر الثاني أن تكون أماكن استلام المعاشات هي قطعة من الجنة، أماكن تقام فيها مظلات واقية من حرارة الشمس، وموجود فريق عمل محترم من شباب الجامعات، خدمة تطوعية يمرون على هؤلاء المسنين بمياه وعصائر وبعض الحلوى وكله بدون مقابل، وعلى حساب وزارة التأمينات، أمور كلها غير مكلفة، ولكنها تحمل معاني إنسانية جميلة تضيف لأرصدة وزارة التضامن الاجتماعي، وأيضاً لا ننسى وجود سيارة إسعاف لإنقاذ أي منهم. رحم الله موظف المعاشات، ونتمنى أن نرى خطوة جادة على الطريق».

تعديل الدستور

وإذا كان أسامة هيكل رئيس لجنة الإعلام والثقافة والآثار في مجلس النواب قد طالب بتعديل الدستور، بحيث يسمح بزيادة فترة الرئاسة إلى ست سنوات بدلا من أربع سنوات لتمكين الرئيس السيسي من إكمال المشروعات التي بدأها، فإنه كان يعبر عن اتجاه داخل النظام، فبعد يوم واحد من نشر اقتراحه تقدم أمس الأربعاء بالطلب نفسه في «الأهرام» رئيس المجلس الأعلى للإعلام مكرم محمد أحمد الذي قال عن إنجازات الرئيس: «دوماً ينبغي أن يعرف الجميع أنه لولا إصرار الرئيس السيسي على تغيير مسار الصحة واجتثاث جذور المشكلات وإنجاز إصلاح حقيقي ينقل مصر إلى مسار جد مختلف، ويحكمه هدف واضح يجتمع المصريون عليه، التنمية المصرية المستدامة التي تتواصل من أجل تحسين جودة حياة المصريين، ووضع مستقبل أفضل لأجيالهم القادمة، فربما يكون شرطا لازما لتحقيق هذه الأهداف أن نعطي للرئيس السيسي فرصة أن يكمل برنامجه، ويرسخ أصوله ومبادئه، بما يجعل هذا البرنامج صنواً للدستور الجديد، وذلك بإطالة فترة الرئاسة إلى 6 سنوات بدلاً من أربع سنوات، تمكن الرئيس من تنفيذ برنامجه في التنمية المستدامة، وترسيخ أصوله لتصبح جزءا من ثوابت الوطن، مع الإبقاء على صلب الدستور وجوهره، الذي يلتزم بفترتين للحكم، تحقيقا لتداول الحكم وتعزيزا لفرص الديمقراطية الصحيحة».

الإصلاح الاقتصادي

وإلى الحكومة التي تتباهى بما حققته من إنجازات أيدها فيها رئيس الوزراء الأسبق الدكتور حازم الببلاوي، والمدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي الذي حضر مؤتمر محافظي البنوك المركزية في إفريقيا المنعقد في مدينة شرم الشيخ وأجرى أحمد يعقوب في «اليوم السابع» حديثا معه قال فيه: «مشروع العاصمة الإدارية الجديدة يتطلب مزيدا من المعلومات التي تتاح للشعب المصري لإشراكه ضمن حوار مجتمعي حول هذا المشروع القومي المهم، وأكد الدكتور حازم الببلاوي أن برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري يسير بخطى ثابتة نحو مستقبل أفضل للأجيال القادمة، مؤكدا على أن المواطن المصري تحمل كافة إجراءات برنامج الإصلاح الاقتصادي، وأن المواطن المصري البطل الحقيقي لبرنامج الإصلاح، وضروري أن نكمل برنامج الإصلاح للنهاية، لأن الإجراءات المتبقية قليلة».

المعارضة المصرية عقلها مشدود إلى أخطاء السلطة ومصر بلا بديل سياسي والحكومة تنظف جيوب المواطن

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية