الرباط ـ «القدس العربي» من الطاهر الطويل: ما زالت قضية ما بات يُعرف في المغرب بـ»أمي فتيحة» تفجر عدة تداعيــــات اجتماعية وقانونية وسياسية، إثر إقدام سيدة مغربية على إحراق نفسها أمام بناية إداريـــة في مدينة القنيطرة، احتجــــاجاً على منعها من مــــزاولة نشاطها كبائعة خبز و»إهانتها» من طرف أحد المسؤولين الإداريين.
وبالموازاة مع حملة التضامن الواسعة التي انطلقت عبر شبكات التواصل الاجتماعي الإلكترونية، أفادت مصادر إعلامية محلية أن مجموعة من المواطنين والباعة المتجولين والطلبة والهيئات الحقوقية نظمت، الاثنين في مدينة القنيطرة، مسيرة احتجاجية حُملتْ خلالها صور للسيدة المتوفاة متأثرة بحروقها البليغة، بالإضافة إلى لافتات تتضمن عبارات احتجاج من قبيل: «كلنا أبناء أمي فتيحة بائعة البغرير»، «حكرتونا، قهرتونا، حرقتونا» (احتقرتمونا، قهرتمونا، أحرقتمونا)، «لا تبك أختي، الشعب معك»، «الباعة المتجولون ينبذون سياسة النهب والحكرة المفضية إلى الموت»، «لا رجوع لا استسلام في قضية أمي فتيحة». كما ردد المحتجون شعارات تضامن مع السيدة المحترقة وعبارات استنكار لتعامل السلطات المحلية مع قضيتها.
على صعيد آخر، طالبت أحزاب «العدالة والتنمية» (أغلبية) و»الاستقلال» و»الأصالة والمعاصرة» (معارضة) وزيريْ الداخلية والعدل والحريات بفتح تحقيق لمعرفة ملابسات إقدام «أمي فتيحة» على إحراق نفسها. ونقل موقع «هسبريس» عن مصدر موثوق من وزارة الداخلية قوله إنه جرى إيفاد لجنة للتحقيق في حيثيات القضية. كما ذكرت صحيفة «المساء» ـ على لسان نائب برلماني ـ أن رئيس الحكومة يتابع الموضوع، وأنه سيتم اتخاذ القرارات المناسبة. وأفاد موقع «أخبارنا» أن وكيل الملك في محكمة القنيطرة قرر فتح تحقيق في ملف ما بات يعرف بقضية «أمي فتيحة» واستدعاء المسؤوليْن الإداريين اللذين ورد اسمهما في شهادة إحدى جارات الضحية.
وبحسب الرواية التي تداولتها عدة مصادر إعلامية، فإن إقدام «أمي فتيحة» على الانتحار احتراقا جاء نتيجة إحساسها بـ»الحقرة» (الإهانة) إثر إقدام مسؤول محلي على حجز بضاعتها المكونة من «البغرير» (رغيف محلي) وتوجيه صفعات لها. واستغربت تلك المصادر قيام عون سلطة تابع للمسؤول المشار إليه بتصوير «أمي فتيحة» بواسطة هاتفه المحمول وهي تحرق نفسها دون تقديم أدنى مساعدة لها أو ثنيها عن الانتحار، لينتشر بعد ذلك فيديو الواقعة عبر المواقع والشبكات الاجتماعية.
وبعبارات حانقة، كتب الصحافي سعيد الوزان في جريدة «العلم» أمس مقالا في عموده «حديــــث الثلاثاء»، عنونه بـ«أمي فتيحة… بائعة الخبز التي فضحتنا!» مما جاء فيه: «لقد فضحتنا (أمي فتيحة)، عرّت قناع الزيف الذي ألصقناه على وجوهنا، صدمتنا بحقيقتنا الغائبة البادية، هي أننا في بلد لا يحفظ لذويه وأهله حقهم اليسير الهين في أن يعيشوا كرماء بلا (حكرة) ولا طغيان، من طرف شرذمة من المتسلطين الذين يراكمون الثروة والجاه، متمسحين بأعتاب السلطة…».
(رأي القدس ص 23)
لا حول ولا قوة إلا بالله هي في النار لقتلها نفسها.
هذا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم فيمن قتل نفسه في معركة ضد الكفار لم يتحمل الألم.