المغرب: هل تعود سنوات الرصاص؟

حجم الخط
17

الرباط ـ «القدس العربي»: عماد العتابي، اسم كان متداولا فقط بين أصدقائه في مدينة الحسيمة ومن عرفه من حراك الريف. كان ابن الـ16 ربيعا، شابا مثل بقية أبناء جيله في المدينة، الذين لبوا نداء الحراك بالخروج يوم 20 تموز/يوليو، لتأكيد مطالبهم الاجتماعية والتنموية لمنطقتهم وبات يتصدر منذ ايار/مايو مطلب إطلاق سراح المعتقلين من قادة الحراك. لكن السلطات رأت في دعوة الاحتجاج، تهديدا لأمن المنطقة الهش خاصة وان المنطقة تستقبل خلال هذه الفترة الآلاف من أبنائها المهاجرين لدول أوروبية، شكلوا جبهة داعمة طوال شهور الحراك كما منظمات سياسية وحقوقية وطنية حملت الدعوة للاحتجاج، فكان من المتوقع حشود عشرات الألوف في شوارع المدينة، لذلك قررت منعها وأصدرت قرارا رسميا بذلك لقي دعم «أحزاب» الأغلبية الحكومية.
ناشطو الحراك وداعموهم تمسكوا بالاحتجاج وخرجوا للشوارع واستقبلتهم قوات الأمن بالقنابل المسيلة للدموع، أصابت إحداها الشاب عماد العتابي في رأسه فنقله رفاقه إلى مستشفى في المدينة لكن حالته الخطرة، جعلت السلطات تأخذ قرار نقله بطائرة مروحية، وهو في حالة غيبوبة، للمستشفى العسكري في الرباط وتضعه تحت حراسة مشددة وترفض الكشف عن حالته الصحية، رغم إلحاح عائلته ومطالب الهيئات الحقوقية، إلى ظهر يوم الثلاثاء 8 اب/اغسطس لتعلن وفاته، وليصبح هذا الاسم عماد العتابي، أول شهداء الحراك رمزا للتضحية في سبيل منطقة يحمل أهلها احساسا بـ«الحكرة» والتهميش والاهمال.
النائب العام قال في بلاغ رسمي ان «الأبحاث المعمقة التي كلفت بها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية حول اصابة العتابي من أجل الكشف عن حقيقة الحدث وأسبابه وتحديد المسؤوليات عنه لترتيب الآثار القانونية على ذلك، لا تزال متواصلة تحت إشراف النيابة العامة وأنها ستذهب إلى أبعد مدى، وفور انتهائها سيتم ترتيب الآثار القانونية عليها وإخبار الرأي العام بالنتائج التي تم التوصل إليها».
ويوم الاربعاء شيع جثمان عماد العتابي والبحث ما زال متواصلا عن أسباب مقتله، والمطالبة بكشف الحقيقة تتصاعد، مع تحميل السلطة مسؤولية اصابته وبالتالي وفاته وهو ما قالت به الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي حملت المسؤولية للدولة والأجهزة الأمنية مستنكرة «استهتار السلطات الأمنية بالحق في حياة المواطنين عبر اللجوء للتعنيف المفرط والدوس على كرامة المواطن» وعبرت عن إدانتها الشديدة لـ«الطريقة البشعة التي أزهقت بها الشهيد عماد العتابي، ومماطلة المسؤولين في الإفصاح عن مصيره ووضعه الصحي منذ 20 تموز/يوليو 2017» مطالبة بـ«فتح تحقيق نزيه وموضوعي يفضي إلى كشف واضح لكل المتورطين في هذه الجريمة وتحديد المسؤوليات عنها لترتيب الآثار القانونية على ذلك» محذرة من «مغبة طي الملف عبر تكرار سيناريو شهداء 20 شباط/فبراير، القضية التي ظلت مثار شكوك قوية وسط مكونات الرأي العام».
وطالب عبد النبي الحري، الكاتب العام لمنتدى «الكرامة لحقوق الإنسان» الدولة المغربية، بإعلان نتائج التحقيق، الذي تم فتحه في قضية مقتل عماد العتابي، أحد نشطاء حراك الريف، وإخراج نتائجه إلى العموم. ودعا إلى إعلان نتائج التحقيق المذكور، مع ما يترتب على ذلك من مسؤوليات، ومتابعات قانونية، لمن تسبب في هذا الفعل المدان، عملا بمبدأ عدم الإفلات من العقاب، وربط المسؤولية بالمحاسبة وضرورة متابعة الأفراد المتورطين في هذه الجريمة، وإعفاء، أو إقالة المسؤولين سياسيا عنها.
وحملت «شبيبات فدرالية اليسار الديمقراطي» النظام المخزني مسؤولية وفاة عماد العتابي، مطالبة بفتح تحقيق نزيه ومسؤول من طرف لجنة مستقلة يفضي إلى الكشف عن «الجلادين» المتورطين في هذه الجريمة الشنعاء وقالت أن «عماد العتابي ينضم لقافلة شهداء الشعب المغربي من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
وقالت شبيبة الفدرالية، التي تتكون من الحزب الاشتراكي الموحد والمؤتمر الوطني الاتحادي وحزب الطليعة الاشتراكية، ان «استشهاد العتابي جريمة يرتكبها النظام اللاديمقراطي اللاشعبي في حق خيرة أبناء الوطن في ظرف أسبوع واحد بعد استشهاد الشاب خلادة الغازي إثر إضراب بطولي عن الطعام فاقت مدته تسعون يوما من داخل معتقله». ودعت مناضليها والمتعاطفين معها وعموم الجماهير الشعبية إلى المشاركة المكثفة في المسيرة الوطنية التي تعتزم تنظيمها يوم الأحد 27 اب/اغسطس في الرباط دعما للحراك الشعبي، وللتصدي للسياسة المخزنية التي تهدف إلى الإجهاز على حقوق ومكتسبات الشعب المغربي.
وهتف محتجون تجمعوا مساء يوم الاربعاء أمام مقر البرلمان في الرباط «عماد مات مقتولا والمخزن هو المسؤول» و«عماد خلا وصية لا تنازل عن قضية»، و«يا شهيد رتاح رتاح سنواصل الكفاح» وحمل المحتجون الأعلام الأمازيغية والشموع، ولافتات غاضبة تندد بالواقعة وتطالب بمحاسبة المتورطين من قبيل «مجرمون مجرمون قتلة إرهابيون» و«كلنا عماد العتابي»، و«الحساب الحساب، لا الإفلات من العقاب» و«عاش الشعب ولا عاش من خانه» و«سوا اليوم سوا غدا المحاسبة ولابد» وأيضا «عاش الريف عاش عاش… المغاربة ماشي أوباش» و«الشعب يريد من قتل الشهيد» و«الكرامة والحرية لا مخزن لا رعية».
وقالت نبيلة منيبة الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد «إن مقتل الناشط عماد العتابي يجعل من هذا الصيف، صيفا مؤلما وصيفا للحكرة» وأضافت «من غير المعقول خلال مسيرة سليمة يتم قتل هذا الشاب بهذا الشكل البشع» مردفة «ولم ترزأ فيه أسرته فقط بل رزأ فيه الوطن ككل».
وقالت «لم نعد نفرح لأن الألم يحيط بنا»، مشددة على أن «المقاربة الأمنية الشرسة عادت بقوة وبدل أن تكون قوة للردع واستتباب الأمان أصبحت قوة للقمع» مشيرة إلى أنه «لا يمكن العيش في سياسية التخويف ويظنون أنه بذلك ستتم المحافظة على السلم والأمن في البلد»، معتبرة أن الأمن والسلم يحققان بتلبية المطالب وبالتعليم وتوفير الشغل والرعاية الاجتماعية وغيرها.
واضافت أن «كل هذا يجعلنا نتساءل: هل المغرب أقفل قوس 20 فبراير؟ وهل سنوات الرصاص عائدة إلينا وبقوة» معتبرة أن «هناك مخاطر على المستوى الإقليمي تهدد البلاد يجب الانتباه إليها أكثر بدل فرض مقاربة أمنية على الاحتجاجات والتي لها آثار وخيمة».
وقالت جمعية «أطاك المغرب»، إن عماد العتابي من الحسيمة وقبله بأسبوع غازي خلادة من أزيلال، قد إنضافا إلى قافلة شهداء النضال من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
وذكرت الجمعية أن «الشهيدين وافتهم المنية في ظروف مختلفة ولكنهما كانا يتقاسمان حلم وطن يضمن العيش الكريم ودولة المساواة والحريات، ولأجل ذلك خاضا نضالات مريرة كل من موقعه من أجل تحقيق مطالب مشروعة وبسيطة، لكن كان جواب الدولة هو القمع الممنهج لعماد العتابي حتى الموت ولغازي خلادة السجن التعسفي، ترتب عنه اضراب عن الطعام لمدة 90 يوما في اهمال من طرف المستشفى والسلطات العمومية».
وختمت الجمعية بيانها بتعزية العائليتن المكلومتين في فقدان الشابين عماد وخلادة بـ«التعازي الحارة والصادقة لكل من عائلات وأصدقاء العتابي وخلادة أمام هذا المصاب الجلل» وعاهدت عائلات الضحايا «على مواصلة سيرنا معكم على درب النضال ووفائكم لروح الشهيدين الطاهرين عماد العتـــابي وخـــلادة الغازي وكل شهداء الشعب المغربي من المهدي بن بركة إلى محسن فكري».

المغرب: هل تعود سنوات الرصاص؟

محمود معروف

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Sammy:

    إلي الأخ عبد الوهاب لتوضيح ان الجزائر عرفت كيف تتعامل في احدات مشابها بعدم استعمال القوة ولم تطلق اي رصاصة واحدة ضد المتضاخرين و إصابات رجال الشرطة كانت اكثر بكثير . ولن ولا تستعمل القوة فى قمع اي احتجاجات ضد ا ي شخص من الشعب الجزائري فهده خصوصية تتمتع بها الجزائر، ولحسن حض نضام المغربي فهوا نضام ملكي لدالك امتنع الإعلام العربي عن إضهار القمع الوحشي ضد المتضاخرين العزل في المغرب رغم سلميتها اتمني من النضام المغرلي ان يسمع الي الشعب وعدم تخوينه والساق تهم كادبة مثل الانفصال والعمل مع دول معادية كزعزعة الاستقرار وما شابه ذلك لكي لا تخرج الامور عن السيطرة

    فالقمع قد يدفع الشباب إلي متاهات لا يحمد عقباها
    نتمني كل الأمن والاستقرار للشعب المغربي والشعوب العربية فقد تعبنا بما يحدث للعرب لا توجد اخبار تفرح الي الدمار والقتل والمعانات علي الانضمة ان تقود هده الشعوب الي الافظل والاحسن السلام

  2. يقول Said maroc:

    لم يجد مقالكم مكانا لبيانات جماعة العدل والاحسان ولا لحزب النهج ولا للدعم الواضح من هذين الطرفين لحراك الريف سواء محليا او وطنيا بالمشاركة مع هيئات اخرى في التسيقيات التي تغطي جزءا كبيرا من المدن المتضامنة

  3. يقول المغرب:

    القانور يأخذ مجراه وأهل مكة أدرى بشعبها

  4. يقول ابن البلد:

    سأطرح سؤالا بسيط هل سمعتم مرة واحدة أن طفلا أو شابا عمره 16 سنة يشارك في مظاهرة في بلد غربي
    هذه خاصية الدول العربية لأن الكل فيها. تجده يتطلع لشيء أكبر منه
    أن الاحتجاج السلمي مكتسب ولكن بشرط احترام القانون فالشخص الذي لايعرف واجبه من مطالبه لا يجب أن يكون مسؤولا المغاربة كلهم مع مطالب الإصلاح و محاربة الفساد ولكن مع عدم الظآر بالوطن نحن مع رفع علم الوطن لأنه هو الذي يجمعنا
    أما المواطنحن الجزائري الذي تكلم على الحراك مدعيا أن قوات أمن بهذه لم تستعمل السلاح ظل مواطنيه فأقول له أن العشرية شهدت مقتل أكثر من 200 الف جزائري بسبب انقلاب العسكر على شرعدة فوز جبهة الإنقاذ وارجوا من أي شخص من خارج المغرب ان يتدخل في الموضوع لان القضية تخص المغاربة فقط

  5. يقول عدنان أحمدون ـ المغرب:

    عبدالله المغربي.. عن أي قطع مع الماشي الأسود تتحدث؟ تلك أكذوبة يفندها الواقع المعيش، ولعل تقارير المنظمات الحقوقية المحلية والأرقام والفضاعات التي تقدم للرأي العام بصفة دوية لخير دليل..

  6. يقول ماء العينين:

    المغرب سيضل دائما رقما صعبا على البعض يستحيل أن يفهموا ما يقع فيه لأن أغلبهم يعيش في بلدان لا نسمع عنها شيئا بل ولا يجرؤ أحد فيها للخروج إلى الشارع للتظاهر ، المغرب الذي ضاعف ناتجه الخام تلاثة مرات وجلب أكبر الإستتمارات وشيد بنية تحتية لا توجد في بلدان النفط والغاز وحقق إكتفاؤه الغدائي ووضع قاطرته على طريق الديمقراطية والتنمية وحقوق الإنسان بفضل مجتمع مدني يقض لا يمكن لمن هب وذب أن يفهم ما يقع فيه من تحولات .

  7. يقول محمد الجزائر:

    نسأل الله عز و جل أن يرفع عن إخواننا المغاربة هذه الفتنة و يوحد صفوفهم.
    و ان يجمع كلمة المسلمين و يوحد صفوفهم.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية