يشهد المغرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر المقبل انتخابات برلمانية وهو حدث تتأهب له القوى السياسية في البلاد، وتحيط به، كما هو الحال في أغلب البلدان العربية، حالة تجمع بين الأمل بأن تكون هذه الانتخابات خطوة جديدة في تعميق مسار الديمقراطية الذي اختطّه المغرب لنفسه والتخوّف أن يطرأ خلل في هذا المسار يكسر التوازنات السياسية التي حمت البلد، إلى حدّ كبير، من آثار الثورات العربيّة ومضت به إلى طريق معتدل في التطوّر والإصلاح المتدرّج قوامه احترام خيارات المغاربة السياسية وتمكين الأحزاب التي انتخبوها لتشكيل الحكومة بالطرق المعروفة والمعتمدة في أغلب الدول الديمقراطية في العالم.
ترتبط تخوّفات النخبة والجمهور المغربيين أساساً بتاريخ مؤلم قديم من تدخّل «الدولة العميقة» (أو المخزن باصطلاح المغاربة) في لجم وضبط الأحزاب السياسية والحركات النقابية والمدنية، وهو ما سمّي في مصطلحات المعارضة المغربية «سنوات الرصاص» وشهدت البلاد خلالها ممارسات الاعتقال والاختفاء والتعذيب، والتي كان أبرز وجوهها وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري الذي تمت إقالته بعد تولّي الملك الحالي محمد السادس العرش عام 1999، وشهد بعدها المغرب خطوات مهمّة لطيّ صفحات تلك السنوات من خلال تشكيل هيئة الإنصاف والمصالحة ومتابعة خطّ التداول السلميّ للسلطة الذي بدأ خلال فترة نهاية حكم الملك الراحل الحسن الثاني وشهد تولّي زعيم المعارضة آنذاك عبد الرحمن اليوسفي منصب رئيس الحكومة عام 1998 وهو الشخص الذي كان قد تعرّض قبل ذلك للاعتقال والسجن والنفي عدّة مرّات.
على خلفيّة من هذا التاريخ يشهد المغرب حالياً نوعاً من التوتّر والقلق وهو ما عبّرت عنه قوى سياسية عديدة بينها حزب «التقدم والاشتراكية» الذي أدلى بتصريحات هاجم فيها حزب «الاصالة والمعاصرة» الذي تعتبره الأوساط السياسية المغربية مقرّباً من المؤسسة الملكية واتهمه بـ«التحكم» وهو ما استدعى ردّاً من الديوان الملكي اتهم الأمين العام لحزب «التقدم والاشتراكية» نبيل بن عبد الله بـ»التضليل السياسي» موضّحاً أن «مستشاري الملك» (في إشارة إلى فؤاد علي الهمّة مستشار الملك ومؤسس حزب الأصالة والمعاصرة) «لا يتصرفون إلا في إطار مهامهم».
التوتّر انتقل أيضاً إلى داخل الحكومة حيث شهدت احتكاكاً بين وزير العدل وخصوصاً بعد مظاهرة يوم الأحد الماضي في مدينة الدار البيضاء دعا لها «مجهولون» وقد اتهم رئيس الوزراء عبد الإله بن كيران «جهات مفروضاً فيها الحياد بالتجييش لصالح المسيرة» في إشارة إلى بعض المسؤولين التكنوقراط الذين يعينهم القصر الملكي وخصوصاً وزير الداخلية محمد حصاد.
المسيرة التي شارك فيها المئات طالبت برحيل رئيس الوزراء وحزبه عن الحكومة ورفع خلالها المتظاهرون شعارات تتهم الحزب بـ«أخونة الدولة» و«أسلمة المجتمع»، وهو ما استدعى ردّا من وزير العدل والحريات مصطفى الرميد اتهم فيها الداخليّة بـ«التورط في فبركة مسيرة رفعت صور الملك فيما المشاركون فيها يجهلون معنى أخونة الدولة وأسلمة المجتمع».
والواقع أن المسيرة المجهولة المنظمين قد أخطأت خطأ سياسياً واضحاً بجعل المشاركين فيها يرفعون شعارات تتجاوز انتقاد الحكومة الحاليّة في مطالب المواطنين كتوفير الوظائف والتنمية والصحة والمدارس والعدالة، وهي مطالب مشروعة ومبرّرة وضروريّة في كل ظرف وليس قبل الانتخابات فحسب، إلى رفع مواطنين بسطاء قضايا فكريّة إشكاليّة مثل مسألة «أسلمة المجتمع»، فهذه القضيّة أكبر من حجم «العدالة والتنمية» في بلد أغلبيته الساحقة من المسلمين (وبالتالي لا يمكن أسلمتهم مجدّداً) وملكه من أسرة علويّة شريفة ويخاطب من قبل أطراف رسمية ودينية عديدة بأمير المؤمنين.
تكشف التحرّكات السياسية الحاليّة في المغرب عن ارتفاع موجة الضغوط التي شهدتها بلدان عربيّة أخرى والتي تهدف إلى عرقلة العملية الديمقراطية والعودة بالبلاد إلى حقب يفضّل المغاربة أن يتناسوها، ولكنّ المؤكّد أنه لا المؤسسة الملكية ولا الأحزاب المغربية راغبة في العودة إلى تلك المرحلة المظلمة.
رأي القدس
عندما يقال ” أسلمة الدولة ” في المغرب يقصد منها ” أفغنة الدولة ” تحويل الدولة إلى ” دولة طالبان ” في القوانين وفي أحكام الشريعة وفي المظهر العام للناس, للذكر , هناك جماعات من الإسلاميين كانت تجوب الأحياء الشعبية ,ترغم الشباب عن التخلي عن ارتداء سروال ” الدجين ” كما يسمى في المغرب وتجبر الفتيات على تغطية رؤوسهن وأدرعهن إلى ماإلى ذلك من مظاهر الأسلمة. الإسلاميون في الحكومة لم يكونوا يعارضون الأمر, لكن لوزارة الداخلية رأي آخر وفي هذه الحالة أفضل, فلكل حريته في مأكله وملبسه. هو مايقصد بأسلمة الدولة , ومعظم المغاربة ضد أسلمة الدولة أو أفغنتها .