عمان ـ «القدس العربي» من بسام البدارين: حدثان لا يمكن إسقاطهما من أي تحليل معمق برزا صباح أمس الجمعة في الأردن على صعيد «المواجهة التي أصبحت مفتوحة» مع تنظيم «الدولة الإسلامية»، بعد الإعلان عن إعدام الطيار النقيب معاذ الكساسبة.
الملكة رانيا العبد الله شخصيا، وفي الحدث الأول تقود تظاهرة شعبية حاشدة تغلق وسط العاصمة عمان، في إطار الاحتجاج وتتوعد تنظيم «داعش»، في الوقت الذي تنطلق فيه آلاف الحناجر بهتاف موحد يقول «يا داعش صبرك صبرك… عمان ستحفر قبرك».
وفي الحدث الثاني يظهر المنظر الأبرز في المنطقة للتيار السلفي الجهادي الخارج للتو من سجنه الأردني الشيخ أبو محمد المقدسي بجملة «نقدية شرسة» وحادة تنقلب تماما على «تنظيم الدولة»، وتتبرأ شرعيا من كل تصرفاته وتتهمه بالمساس بمصالح الإسلام والمسلمين.
اللافت جدا أن هذه الجملة، ولها دلالاتها بكل الأحوال، ظهرت في مقابلة صباحية مميزة على شاشة فضائية «رؤيا» المحلية وأدارها المذيع الشاب محمد الخالدي.
المقدسي كان سجينا بتهمة التواصل مع منظمات إرهابية بسبب بياناته وآرائه السابقة، لكنه على الشاشة المحلية ظهر متحدثا عن مراسلاته مع قيادات في «داعش» بهدف التفاوض على مبادلة الأسير الطيار قبل استشهاده بالسجينة ساجدة الريشاوي.
معنى ذلك سياسيا أن مغادرة المقدسي للسجن تمت في إطار ترتيب مع الرجل، وأنه – وهذا الأهم – يتهيأ للمشاركة في ما يسميه الأردنيون بالجانب الفكري والأيديولوجي المناهض للإرهاب والتشدد. ومن الواضح أن المقدسي بدأ خطواته بهذا الاتجاه في انقلاب واضح وشامل على تنظيم «داعش».
في مقابلته التلفزيونية قال المقدسي كلاما عميقا وصعبا عندما اتهم قادة في التنظيم بالمراوغة والكذب عليه شخصيا، رغم ان أحدهم، كما قال، حلف «أغلظ الأيمان»، مشيرا إلى أنه أحس بـ»الصدمة» بعد قتل الطيار الكساسبة حرقا، ومؤكدا عدم وجود ما يبرر الحرق شرعيا في السنة النبوية.
في مفصل مهم من حديثه شرح المقدسي أنه «ترقق وتلطف» مع قيادات «داعش» في السابق حتى يساهم في تصويب بوصلتهم المنحرفة، وتقديرا للشباب المسلم الذين غرر بهم واستهوتهم «الخلافة»، واصفا مجددا قيادات التنظيم الذين قرروا إعدام الطيار الأردني بأنهم «غلاة» ومستهترون بحياة رفيقتهم ساجدة الريشاوي، وبأن بعضهم «حديثو عهد» بالإسلام وقد كانوا للتو «بعثيين» يقتلون المسلمين.
الشيخ المقدسي أيضا اتهم تنظيم «الدولة» بالتفريط بالمصلحة الشرعية، مشككا بالخلافة التي قال إنها تجمع ولا تفرق، مشيرا إلى أن التيار السلفي الجهادي الأردني بريء من تصرفات التنظيم، وأنه شخصيا تقصد أن يظهر للشعب الأردني ليعلن هذه البراءة.
لافت جدا أن «التواصل» الذي قام به المقدسي حصل داخل السجن بهدف المساعدة في عملية مقايضة أخفقت رغم أنه يحاكم أصلا بتهمة التواصل، فيما قال الرجل إن الذاهبين إلى «الدولة الإسلامية» من الشباب المسلم الراغب بالجهاد مغرر بهم، وإن الناس «منخدعة» بما يسمى دولة الخلافة.
حديث المقدسي وظهوره العلني لا يمكنه أن ينجز بدون إقرار السلطات الأردنية ودلالته السياسية واضحة المعالم، فقد أصبح الرجل وبعد مغادرته للسجن عضوا في الفريق العامل بالساحة الأردنية في الاتجاه الفكري المضاد لتنظيم «داعش».
مقربون من المقدسي كشفوا لـ «القدس العربي» ان لدى الرجل مسوغات ومبررات شرعية للعمل ضد «داعش» في هذا الاتجاه لا علاقة لها برغبته في مغادرة السجن أو مساندة السلطات، بقدر ما له علاقة حصرية بسعيه لحقن الدماء والعمل على منع مواجهة مفتوحة داخل الأردن بين المؤسسات الرسمية والأمنية والتيار الجهادي السلفي الأردني، وهي مواجهة لو حصلت ستلحق ضررا بالغا بـ»جبهة النصرة» السورية التي يناصرها مئات الأردنيين السلفيين.
تقدير المقدسي كما فهمت «القدس العربي» يقضي بأن عدم التبرؤ من فعلة «داعش» بالطيار الأردني والبقاء في دائرة الصمت سيقود إلى مواجهة عنيفة بين التيار السلفي الجهادي الأردني، وعدده بالآلاف، وبين السلطة وحتى المزاج الشعبي في الساحة الأردنية وهو «ضرر بالغ» لا يجوز السماح بعبوره شرعيا كما يقول الرجل.
يحصل ذلك رغم ان المقدسي يعتبر الحرق مبالغة في الغلو ومخالفا للشرع، وهو موقف زميله نفسه في التيار القيادي أبو سياف.
من الواضح أن ما فعله «داعش» مع الطيار الأردني صدم وفاجأ السلفيين الأردنيين أيضا، ودفعهم لقراءة متعمقة للمشهد ستنتهي بمواجهة شرسة مع الحكومة والشارع في الأردن.
لذلك قرر المقدسي التصرف والتصدر في مواجهة فكرية لا تكتفي بالاعتراض، ولكن تسحب الشرعية من تصرفات «داعش»، على أن تستمر حالة «عدم الصدام» مع التيار السلفي داخل المملكة درءا للمفاسد واستقرار الأردن، كما أفاد المقدسي نفسه لمقريين منه.
لافت جدا في السياق أن السلطة السياسية والأمنية في الأردن تقر مبادرة المقدسي وتسمح لها بالعبور بصورة تنطوي على رسالة ضمنية مباشرة للتيار السلفي الجهادي قوامها أن «المواجهة مع داعش فقط» وقواعد اللعبة لم تتغير مع السلفية الجهادية إذا بادرت لاستنكار «داعش» والتبرؤ منها.
حتى وإن لم تكن صفقة بين السلطات الأردنية والشيخ المقدسي، فهي كذلك بالنتيجة في القراءة السياسية ، فالطرفان لهما مصلحة في منع امتداد لهيب المواجهة المفتوحة مع «داعش» اليوم على الساحة الداخلية.
عمان الرسمية ترغب في الاستعانة بالسلفيين المعتدلين مثل المقدسي، والأخير ورفاقه يعلمون بأن المزاج العام بعد حرق الكساسبة والتسبب بجرح عميق في الشارع الأردني سيزج بهم جميعا في السجن أو مواجهات صدامية مع السلطة التي حصلت اليوم على «تفويض شعبي» عارم وغير مسبوق بالانتقام من «داعش» والثأر للكساسبة.
هذا التفويض تحديدا حصلت عليه القيادة الأردنية، عندما استقبل الملك عبدالله الثاني بحفاوة شعبية وهو يعود من واشنطن، وعندما ظهرت الملكة رانيا العبدالله في مقدمة المسيرة الحاشدة ظهر الجمعة.
“والأخطر هو بالطابور الخامس وأقصد الخلايا النائمة
الأردن الآن أكون أو لا أكون – لا ينفع مع داعش شيئ غير الاستئصال”
الأخ داود يقدم وصفة جاهزة لحرب أهلية في المملكة الأردنية. نتيجة هذا الخطاب المتشنج والاستئصالي هي أن يصبح كل الأردن محاكم تفتيش عن “الطابور الخامس والخلابا النائمة” بداية من السلفيين إلى الملتحين إلى المنقبات إلى الإخوان المسلمين إلى رواد المساجد وهلم فتنة وتفرقة بين الشعب الواحد. السيسي استعمل نفس الأسلوب فقسم مصر إلى شعبين شعب “المواطنين الشرفاء” والآخرون الذين يجب “استئصالهم” . والنتيجة كما ترى في سيناء وشوارع القاهرة والأسكندرية وغيرها…والحال من سيء إلى أسوأ .الأردن بلد صغير ومسالم و متنوع من حيث الحساسيات السياسية . فهو في حاجة إلى النأي بنفسه عن الأجندات المشبوهة التي تريد توريطه في حرب لا قبل له بها ولا ناقة له فيها ولا جمل. ثم بعد ذلك من لجأ الى أسلوب العنف فهناك القانون الذي يسري على الجميع لأن العدل هو أساس الملك وليس الانتقام الأعمى ولغة الاستئصال التي لم يعد لها وجود في قاموس دول الحق والقانون.
المسوغات والمبررات الشرعية تختلف ضد داعش عنها ضد النصرة , الأبرياء من النساء والأطفال وكبار السن هم معظم الضحايا في جميع الأحوال , أليس القتل وبشاعنه والخراب في النهاية واحد أم توجد إعتبارات أخرى ؟ الأردن يعاني بما فية الكفاية من الأعداد الكثيرة من اللاجئين من سوريا والعراق , أليس أفضل لة النأى بنفسة عن هذا الجنون ؟
الأردن يدخل حربا على شمال سوريا بالوكالة لم يكن سببها مقتل الطيار .
فالطيار الأردني عندما ذهب الى جبهة القتال غير ضامن لعودته .
ليت الملكة قادت حملة لأنقاذ فلسطين وانتقمت لسكان غزة كما تنوي الانتقام
لفرد واحد .