المناخ العالمي بتوقيت هجمات باريس

حجم الخط
5

يفتتح اليوم مؤتمر المناخ العالمي الأكبر في التاريخ في قمة سيحضرها قرابة 45 ألف شخص وممثلين عن 195 بلدا ضمنهم 150 رئيس دولة وحكومة، ويصعب انعقاد هذا المؤتمر في لوبورجيه قرب باريس من دون أن تظهر خيالات القتلى المئة وثلاثين الذين سقطوا في تفجيرات المدينة في 13 من الشهر الجاري بحيث تفرض على أي مقاربة لحدث بهذا الوزن مناقشة العلاقة بين المناخ والأمن العالميين، وهو ما حصل فعلا فقد بدأت مشاورات المؤتمر أمس بالوقوف دقيقة صمت تكريما لضحايا الاعتداءات.
وترافقت الإجراءات الأمنية التي منعت أكثر من ألف شخص من دخول فرنسا منذ الاعتداءات مع إجراءات أخرى لمواجهة تظاهرات مطالبة باتخاذ إجراءات مناخية حاسمة فقام المحتجون بتحدي «حالة الطوارئ» وألقوا الأحذية والزجاجات على الشرطة بأعداد كبيرة، وكان أن ردّت السلطات الأمنية بقذف قنابل الغاز المسيل للدموع واعتقال أكثر من مئة متظاهر. وكانت الشعارات التي رفعها المتظاهرون تكثف معنى العلاقة العضوية بين المناخ والأمن حين صرخ بعضهم «حالة الطوارئ اجتماعية ومناخية».
وليس غريباً أن هذه التظاهرات التي تحتج على التجاهل العالمي للتغيرات المناخية الكارثية تناظرت أيضا مع تظاهرات احتجاج في بريطانيا واسبانيا ضد مشاركة البلدين في الحملة على سوريا، وتستلهم هذه التظاهرات «مناخ» الكثير من سابقاتها، وخصوصاً التي سبقت الهجوم الأمريكي ـ البريطاني على العراق والذي كان فاتحة كوارث أمنية (ومناخية) تنعكس الآن في ترابط مشؤوم بين الإرهاب والكوارث المناخية التي تضرب العالم، مما جعل عامنا الحاليّ واحداً من أسوأ الأعوام التي شهدها العالم، على صعيدي المناخ والأمن معا.
والواقع أن هذين الموضوعين، حتى من دون العمليات الإرهابية الهائلة التي ضربت في ثلاث قارات، متلازمان ويحتاجان قراءة تشملهما معاً وتتناول العلاقات البنيوية التي تنتظمهما.
لقد عبرت شعارات المتظاهرين البيئيويين الذين احتج أكثر من 570 ألف منهم في 2300 تظاهرة في العالم، وليس باريس وحدها، أن المؤتمر لن يكون منتجا لأن من يشاركون فيه رجال صناعة تتعارض مصالحهم مع البيئة، وهو ما وجد مصداقية في مواقف دول مثل الصين والولايات المتحدة والهند وهي أكبر البلدان المساهمة في الاحتباس الحراري العالمي.
والحال أن العلاقة بين الاختلال المناخي وتفاقم النزاعات العالمية واضح، فالتغير المناخي يؤثر على الأمن الغذائي والصحي والمائي، وهي عوامل تغذي الاحتجاج والثورات واللجوء، وبحسب خبراء عديدين بينهم الفرنسي فرانسوا جيمين، والهولندية فرانشيسكا دو شاتيل، فإن الجفاف كان أحد العوامل المؤثرة في الانتفاضة السورية التي أدت بين الأعوام 2006 و2011 إلى نزوح أكثر من 800 ألف من الفلاحين الذين تجمعوا في بؤر فقيرة ومهمشة أصلاً داخل المدن السورية، وساهم سوء إدارة الموارد تحرير الاقتصاد والالغاء المفاجئ للدعومات الحكومية وفشل الدولة في معالجة الأزمة الإنسانية والبيئية وصولاً إلى القمع الهائل لنشاطات الاحتجاج إلى تدهور غير مسبوق في أمن البلد كما ساهم في تفعيل التدهور البيئي إلى مستويات فظيعة، وهو ما جعل الجغرافيا السورية مناسبة لكل أنواع الاستقطاب والتوظيف السياسي.
إن فصل الإرهاب عن المظالم السياسية والاقتصادية والاجتماعية يعادل مقاومة الدول الكبرى المساهمة في التغيّرات المناخية تحمل مسؤولياتها، ولكن أكثر أشكال بلاغة الرابطة بين هذين العاملين هو أن إنكار النتيجة ومقاومتها والتحايل عليها يؤدي لانقلابها إلى إشكاليات كبرى مستعصية تسائل كل الحياة البشرية على هذا الكوكب، وليس مصالح قلّة تستغل موارد الأرض، أو نظام طاغ يقتل مواطنيه، فالكارثة حين تهبط تحلّ على الجميع.

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Hassan:

    باريس التي تغنى بها شارل أزنفور جرى عليها أشباه الساسة من الفرنسيين مثل أولاند الذي ديدنه نشر الإرهاب بادعائه الحرب على الإرهاب وبمسرحية سخيفة نشر الذعر في صفوف الفرنسيين ثم أطبق عليهم بما تسمى حالة الطوارئ حتى تمر القمة تلك بـ سلام بالنسبة له زد على ذلك فهو يشحت من ألمانيا ومن غيرها لتلبية رغباته في تدمير العالم.

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    كانت الحرارة تصل الى 30 تحت الصفر قبل 10 سنوات بجنوب النرويج
    أما الآن فلا تصل الى 15 تحت الصفر

    كان الثلج يصل الى 30 سم قبل 10 سنوات بجنوب النرويج
    أما الآن فنادرا ما يتساقط الثلج

    بصراحة أنا مستفيد من هذا التغير بالمناخ لأني أستخدم الكهرباء بالتدفئة
    فقد أصبحت أدفع ثلث ما كنت أدفعه من قيمة استهلاك الكهرباء من قبل

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول سلمى:

    بكل بساطة, الانسان يدمر الكوكب الوحيد في المجرة الذي يمكنه العيش عليه.

  4. يقول ناجح الفليحان:

    قبل أكثر من 1425 سنة أشار الرسول صلى الله عليه و سلم إلى ما نراه من تغييرات في المناخ الذي نشهده جميعا في أيامنا هذه بحديث جاء في صحيح مسلم:

    لن تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجا و أنهارا .

    و أضيف من عندي:

    إن شاء الله تعالى نشهد تغييرات في عقولنا جميعا , يعني نصير نفهم و نعي و نستخدمها بشكل سليم ووووو :) :)

    يعني إذا المناخ يتغيير أما آن الأوان بأن تتغير عقولنا و أنفسنا ووو نحو الأفضل :)

    1. يقول ناجح الفليحان:

      يا حبيبي يا ناجح الفليحان:

      أصلا هؤلاء المجتمعين هم و بلادهم من لوثت البيثة شر تلويث :)

      جايين يضحكوا علينا :)

      ما تصدقهم في أي شيء :)

      الصين صارت أكبر مزبلة على وجه الأرض :)

      و دير بالك مليح من الإحتباس الحراري :)

      إن شاء الله ما يجينا إحتباس برودي :)

إشترك في قائمتنا البريدية