سعيد جدا أنا بهذا التعيين!! شكرا للأمين العام للأمم المتحدة على هذه الثقة الغالية و شكرا لكل الدول و المنظمات و الزملاء الدبلوماسيين هنا في نيويورك على ما غمروني به من تهان و تشجيع.
عليّ الآن المسارعة باقتناء كذا بدلة جديدة و ربطة عنق أنيقة فمواعيدي مع كبار الشخصيات ستتعدد، و كذلك لقاءاتي بالصحافيين في كل أنحاء العالم، عليّ كذلك الاهتمام بلغتي الانكليزية فكثير من مؤتمراتي الصحافية سيكون بهذه اللغة لكني لن أترك لغتي الأم على كل.عليّ أيضا أن أهيأ نفسي من الآن لسفراتي المكوكية من عاصمة عالمية إلى أخرى. لست من عشاق الفنادق الفخمة، و لكن ليس سيئا أن أصبح من نزلائها الدائمين في الفترة المقبلة، أما من يحاول من الآن التطفل لمعرفة راتبي و بدلاتي في الأسفار فسأكتفي بالرد عليه بيني و بين نفسي: عين الحسود فيها عود!!.
ليس مهما أبدا التوصل إلى تسوية لهذه الأزمة التي أوكلت إلي، فكم من مبعوث دولي قبلي تناوب عليها دون نتائج، وكذلك آخرون في ملفات أخرى بعضها يعود لسنوات طويلة. لا الحل جاء و لا مهمة المبعوثين الدوليين اندثرت. من قال إنه علي وجوبا التوصل إلى حل؟!! خاصة إذا كان من السهل في النهاية إتهام أطراف ما بعرقلته قبل أن أتسلل مغادرا هذا المنصب، إما مستقيلا إذا أردت أن أسجل بطولات لا مانع منها، أو لأن معالي الأمين العام قرر تكليف شخصية أخرى من باب التنويع.
عليّ الآن فقط أن أتدرب بكل ثقة على مجموعة مواقف و صياغات تنجدني في كل مقابلة تلفزيونية أو مؤتمر صحافي أو مناسبة دولية، مستندا إلى التجارب الثرية لمبعوثين دوليين سابقين. بالإمكان أن أبدأ على الأقل بما يلي إلى أن يفتح الله عليّ بغيرها:
المشكل معقد و لا بد من تضافر كل الجهود للوصول إلى نتائج مرضية لكل الأطراف.
لا تتوقعوا حلولا سريعة ذلك أني لا أملك عصا سحرية، و نجاحي مرهون بتعاون كل الأطراف المحلية و الإقليمية و الدولية.
لقد حققنا بعض التقدم في نقاط لا بأس بها في و لكن ما زال الطريق أمامنا طويلا و نأمل بتضافر الإرادة الطيبة أن نحقق المزيد في القريب.
نحتاج إلى جولات عديدة من المباحثات حتى نستطيع إذابة الجليد بين الفرقاء و إيجاد حد أدنى من التفاهمات الدنيا التي تتيح لنا المضي قدما.
هدفنا في النهاية هو الوصول إلى خريطة طريق للحل، و لكن هذا الحل لا يمكن أن يرى النور إذا لم تبد الأطراف المتصارعة الحرص على تقديم التنازلات المتبادلة الضرورية.
عليّ كسب ثقة الطرفين و عدم إغضاب أي منهما و لهذا ليس علي أن أحمّل طرفا ما مسؤولية إفشال محادثات أو عرقلة حلول. ربما يجوز لي التلميح لذلك على استحياء بما يمكن أن يفهمه أي طرف كما يشاء لكنه لا يقطع أي شعرة لي مع أي كان أو يثيره ضدي.
لست مدعوّا أن أذكّر دائما بقرارات مجلس الأمن في هذا الملف، حتى و إن وقع تبني بعضها وفق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة… فكل شيء مرهون في النهاية بموازين القوى على الأرض و ليس بالمرجعيات الدولية ذات النظر في هذه القضية.
لا بد من الإكثار من استعمال تعبير «لا حل عسكريا لهذه الأزمة».. بعد ذلك ليس مهما أن تستمر المعارك و يزداد شلال الدم، كما أنني لست مطالبا في النهاية بتوجيه إصبع الاتهام للطرف المسؤول عن ذلك.
يفضل بين فترة و أخرى أن أقول إننا لم «نكن يوما أقرب إلى التوصل إلى حل كما نحن الآن»، فتلك جرعة تفاؤل يتوق إليها الكل و يمكن أن تكون مسكن آلام جيدا للجميع.
بغض النظر عن كل ما يحدث، واظب على القول إن المسار السياسي هو المطلوب و أن على الجميع المساهمة في دفعه. من في النهاية سيدقق في مدى جدية مساهمة هذا الطرف أو ذاك!!؟.
عندما يحين موعد تقديمي إحاطة إلى مجلس الأمن، عليّ أن أكون أكثر دقة و أقل إنشائية، و لكن حذار من التهور بتسمية الأمور بمسمياتها. لا تخش شيئا، سيتفهم أعضاء مجلس الأمن ذلك ويعذرونك.
تمسك بالعموميات إلى الآخر، إياك أن يخرج أي صحافي من مؤتمرك الصحافي بحق أو باطل. و إذا ما صادف أن توصل أحدهم إلى أي شيء، فذاك فهمه للأشياء و يبقى على مسؤوليته الخاصة.
في الملف الإنساني، ألطم براحتك و لكن إياك أن تقول من المسؤول حقيقة عن الوصول إلى الكارثة التي وصلنا إليها.
قد يكون مطلوبا في مرات نادرة أن أطلق صيحات فزع ترجّ الجميع على أن أعود بسرعة إلى تفاؤلي الرئيسي.. و البقية على الله…
دعواتكم لي بالتوفيق…
٭ كاتب وإعلامي تونسي
محمد كريشان
ادعو الله تعالى ان يرزقك الحكمه والبصيره وان يسددك خطاك وان يجعل سعيك في ميزان حسناتك ….( فمن صحت نيته واقبل على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس ومن تخلق للناس بما يعلم الله انه ليس من نفسه شانه الله فما ظنك بثواب الله في عاجل رزقه وخزائن رحمته؟والسلام )
كان الله في عونك … مصداقيتك وموضوعيتك قد تكون في خطر ….براي تحتاج لدورات مكثفة في فن تحمل مجموعات الضغط واللوبيات ،ودول دائمة العضوية “في أي حاجة “، وأخرى دبلوماسية في “فن الضحك على ذقون البشر المقهورين والمظلومين” ..ولا تنسى دورة في فن الاقناع في تقبل سياسة الأمر الواقع …
جنبك الله الفتن …دمت بعز
استاذ محمد كريشان نسيت ان تعبر عن قلقك تجاه الاحداث الدائرة في العالم العربي
انا تمنا عليك تكون كما عرفناك تقول الحق
البعض يهنئ كريشان بالمنصب هل يمزحون ام يظنون فعلا أنه تم تعيينه !!!
بالنسبة للمقال معايشة جميلة لواقع المبعوث الدولي
و ان كانت تركيبة الأمم المتحدة و صلاحيات المبعوث الدولي لا تحمل أي أسلوب ضغط على أطراف الصراع….
ينجح الصراع فقط إذا اتفقت القوى الدولية و الإقليمية و أطراف الصراع على انجاحه أما دور المبعوث الدولي فهامشي جدا
يشير الخبراء والمحللون إلى أن أنه كان يعتقد أن مبعوثي الأمم المتحدة يلعبون دورًا في تقريب وجهات نظر الفرقاء في مناطق الصراع العربية، خاصة في اليمن وليبيا وسوريا، بعد أن وصلت الأمور في تلك الدول إلى أفق مسدود، ولم تعد هناك سوى لغة الحرب والصراع الدائر، إلا أن المتابع لدور هؤلاء المبعوثين يكتشف أنهم أصبحوا جزءًا من الأزمة وليس من الحل، وأنهم يحملون أجندات خارجية تستهدف تحقيق نتائج بعينها لا تصب في صالح الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية، التي تتطلع إليها الشعوب، بقدر ما تصب في صالح بعض الأنظمة القديمة الموالية للغرب والتي عملت على سلب الأمة إرادتها وكرامتها وقوتها، الأمر الذي جعل هؤلاء ينتقلون من فشل إلى فشل.
من المتفق عليه أن المنطقة العربية من أكثر مناطق العالم اشتعالًا بالأزمات والصراعات الداخلية والبينية، مما يجعلها تستحوذ على ما تقدر نسبته بـ24 في المائة من الصراعات المسلّحة في العالم، بما يتجاوز ضعف النسبة العددية للدول العربية، فمن بين 111 مبعوثا أممياً خاصًا موزعين على مختلف القارات والمناطق الجغرافية الساخنة في العالم، تتقاسم الدول العربية فيما بينها ما يزيد على 15 مبعوثًا أمميًا، يبدو من طريقة عملهم والنتائج التي توصلوا إليها في مناطق النزاع العربية، أنهم لا يعملون على حل الصراعات في تلك البقع الساخنة، وإنما على إدارتها على مبدأ إدارة الأزمات لا حلها، وذلك ليس لعدم قدرتهم على الحل والإنجاز ووقف نزيف الدم السائل في تلك البلدان، والذي وصل إلى مئات الألاف من الشهداء في سوريا والعراق وليبيا واليمن، وإنما تحقيقا لأجندة القوى العظمي التي تدير العالم وفقًا لمصالحها ومصالح شركائها، حتى ولو كان ذلك على حساب القيم والمبادئ والأعراف والقوانين الدولية، إذ يلاحظ أن دور مبعوثي الأمين العام في بعض المناطق النزاع العربية يتمثل في إشعال الصراع وتوتيره، من خلال الانحياز إلى أحد طرفي النزاع بدلًا من وضع حلول عملية تساعد في الخروج من تلك الأ،زمات التي لا تضر بمستقبل المنطقة وفقط، وإنما تضر بالاستقرار العالمي، الأمر الذي بات يفقد الشعوب العربية، بل وشعوب العالم المختلفة، الثقة في أي دور فعال للأمم المتحدة في حل الصراعات، بعد أن باتت رمزًا لإشعال الصراعات كيف لا وهي التي كانت رمزا للسلام.
الف مبروك للصحفي الكريشان
ونقله لهذه الأفكار ينم عن خبرة ودراية ومحاولة جريئة لمعالجة مشكل مطروح دوليا.
وهو عجز المبعوثين الدوليين عن حل او حتى التوصل إلى تقدم في قضايا صراعات قديمة ومنها قضية الصحراء الغربية.
نتمنى أن يقرأ الأمين العام الجديد وليس القديم مقالك ولعله يعينك فعلا.
في الصميم..
هنيئا لك أستاذنا الفاضل السيد محمد كريشان،
غالبا ما تكون الخطوات الأولى في أي مهنة صعبة جدا لكن مع الوقت ستتلطف الأمور والأجواء ويصبح كل عسير يسير، خصوصا وأنك يا أستاذنا الفاضل لك من التجربة الإعلامية السياسية ما لا يختلف فيه اثنان، العمل تحت غطاء الامم المتحدة سيكون تجربة فريدة من نوعها وسابقة مميزة خصوصا وأنه جرت عليه العادة أن تكون مثل هذه المهمات حكرا على رجال السياسة ممن كبروا وترعرعوا في كنف الحياة السياسة في بلدان متفرقة. أما الآن وأنك إعلامي حضيت بهذا الشرف فلأنك شخص متميز في عملك ومتقن له ولك من القدرات والمؤهلات والتجارب ما يساعدك على التأقلم مع المهمات المسندة إليك في القريب العاجل -ان شاء الله- خصوصا وأن الأوضاع السياسية في العالم عموما وفي العالم العربي خاصة لك نظرة مسبقة عنها.
نسأل الله لك السلامة والعافية وموفور الصحة وجلادة وصلابة بدن ونفس، وأن يعينك المولى عزوجل على المصاعب. دمت فخرا لبلدك تونس وللعرب عموما.