الرباط – القدس العربي: هيمنت محاكمات معتقلي حراك الريف على تقارير الصحف والمواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي بعد أن قررت النيابة العامة إطلاق هذه المحاكمات إبتداء من يوم الاثنين المقبل، لتنتقل المواجهة بين الدولة والحراك إلى ساحة القضاء وما يحمله ذلك من اهتمام المنظمات الحقوقية المغربية والدولية التي سترسل مندوبين عنها لمتابعتها.
وقسمت النيابة العامة في محكمة الاستئناف بالدار البيضاء ناشطي الحراك المعتقلين في سجن عكاشة بالدار البيضاء إلى مجموعتين تنطلق محاكمة المجموعة الأولى يوم الثلاثاء المقبل فيما أفاد المحامي محمد أغناج، عضو هيئة الدفاع عن معتقلي «حراك الريف» الموجودين رهن الاعتقال الاحتياط في سجن عكاشة في الدار البيضاء، إن الغرفة الجنحية لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء قررت تأجيل البث في ملف المجموعة االثانية التي تضم قائد الحراك ناصر الزفافي وعدد من رفاقه، إلى جلسة 20 أيلول/ سبتمبر الحالي.
وقال في صفحته في الفيسبوك: إن الغرفة الجنحية قررت تعيين أول جلسة في ملف الصحافي حميد المهداوي مدير موقع لكوم لجلسة 12 أيلول/ سبتمبر الحالي، وهي الجلسة عينها المعينة لملف المجموعة الأولى من قادة الحراك التي تضم نبيل أحمجيق ومن معه.
وحسب معطيات هيئة الدفاع، فإن الغرفة الجنحية عقدت جلستها، ظهر يوم الأربعاء لمناقشة مجموعة من الملفات، من بينها قضية استئناف الوكيل العام في جزء من قرار الإحالة الذي أصدره قاضي التحقيق، الذي كان قد تأجل في الجلسة السابقة.
ويأتي هذا التأجيل في سياق دعوات عدة فاعلين لوقف نزف «الريف»، والتدخل لوضع حد لأزمة المعتقلين، وذلك عبر مبادرة للإفراج عن المعتقلين والاستماع لمطالب ساكنة إقليم الريف الذي يشهد احتجاجات لمدة تفوق 9 أشهر.
عقوبات تصل للإعدام
وأصدر قاضي التحقيق في محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، في جلسة سابقة الأمر بالإحالة في ملف المجموعة المكونة من 32 معتقلا، التي يتزعمها ناصر الزفزافي قائد حراك الريف، حيث حدد لهم التهم الموجهة إليهم، التي منها تهمة «جريمة المؤامرة» التي تصل عقوبها إلى الإعدام.
ويتضمن هذا القرار 242 صفحة، بخصوص 32 متهما من نشطاء حراك الريف، ضمنهم شخص واحد في حالة سراح، في حين لم يبت في ملف آخر ويضم 23 معتقلا ضمنهم مجموعة أحمجيق.
وقال موقع الأول إن مجموعة من معتقلي “حراك الريف”، الموجودين في سجن عكاشة في الدار البيضاء، لا يعلمون التهم الموجهة إليهم أو تفاصيل ملفاتهم، كما لم تتمكن هيئة الدفاع من زيارتهم لحدود الساعة، خصوصا مع اقتراب أول جلسة محاكمات للمعتقلين الموجودين بالدار البيضاء.
ونقل عن عائلات معتقلي “حراك الريف” الموجودين بالدار البيضاء، إن عددا من المعتقلين الذين لم تزرهم هيئة الدفاع أبدا، وبعض المعتقلين لا يعلمون تفاصيل ملفاتهم أو التهم التي سيتابعون بها علي بعد خمسة أيام من موعد أول جلسة، التي ستنطلق يوم الثلاثاء المقبل.
وأوضح مصدر من هيئة دفاع معتقلي الحراك أن هناك جدولة للزيارات التي سطرتها هيئة الدفاع، وأن في هذا الأسبوع سيعمل المحامون على زيارة المعتقلين المعنيين في جلسة 12 شتنبر، وسيتم التخابر معهم ومناقشة ملفاتهم وكذلك التهم الموجهة إليهم.
وقرر وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية في الحسيمة الأربعاء متابعة الناشط في حراك الريف المرتضى اعمراشا في حالة سراح بعدة تهم منها المس بالوحدة الترابية للمملكة.
وقال في تدوينة له على حسابه الفيسبوكي: «بعد تحقيقات الضابطة القضائية التي دامت يوما كاملا يوم الاثنين التي وجهت لي عدة تهم منها المس بالوحدة الترابية للمملكة تم عرضي على النيابة العامة في المحكمة صباح اليوم (الأربعاء) حيث استمعت لي في الصدد ذاته رفقة الأستاذ المحامي خالد امعيز».
ويمثل إعمراشا في أول جلسة له يوم 9 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل بالمحكمة الابتدائية بالحسيمة، كما أنه “سيمثل أيضا يوم الأربعاء المقبل أمام قاضي الإرهاب بسلا في جلسة التحقيق التفصيلي .
وفي ما يخص التهمة التي وجهها له وكيل الملك، قال في تدوينة أخرى له «بكل صدق لم يجرحن متابعتي بقانون الإرهاب بالقدر الذي جرحني اتهامي بالمس بالوحدة الترابية للمملكة والتحقيق معي من طرف الشرطة ونائب وكيل الملك بشأنها».
وفي آخر تدوينته شكر الناشط في حراك الريف النيابة العامة التي قررت متابعته في حالة سراح بعدة تهم منها التحريض على ارتكاب جنح وجنايات حسب الفصل 299 من القانون الجنائي، والتظاهر من دون تصريح سابق في الطرق العمومية..” وأضاف: أشكر النيابة العامة لأنها تداركت الأمر في آخر لحظة فتراجعت عن هذه التهمة الجارحة، وأبقت على باقي التهم التي أتمسك ببراءتي منها أيضا كما أشكر المحامي خالد امعيز الذي ساندني في محنتي».
محاكمتان للمهداوي
وفي سابقة تعد الأولى من نوعها بالمغرب يواجه الصحافي حميد المهداوي، مدير موقع «بديل أنفو» محاكمتين في يومين متتاليين في مدينتين مختلفتين هما الحسيمة (أقصى شمال المغرب) والدار البيضاء (وسط المغرب) وينتظر أن يمثل المهداوي يوم الاثنين المقبل 11 أيلول/ سبتمبر أمام محكمة الإستئناف في الحسيمة في القضية ذاتها التي سبق أن أدين فيها بتلاثة أشهر، بتهمة «المشاركة في تنظيم مظاهرة غير مصرح بها وتحريض الناس على المشاركة فيها» فيما حددت النيابة العامة بالدار البيضاء يوم الثلاثاء لمحاكمته بتهمة «عدم التبليغ عن جناية تمس أمن الدولة».
ويوجد المهداوي الآن رهن الاعتقال في مدينة الحسيمة التي تبعد 600 كلم عن مدينة الدار البيضاء، وتطرح محاكته في الحسيمة يوم الاثنين وفي الدار البيضاء في اليوم الموالي، تحديات كبيرة عليه وعلى دفاعه للحضور أمام المحكمتين والدفاع عن نفسه، وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول برمجة محاكمتين للشخص عينه في مدينتين متباعدتين وفي يومين متتاليين.
وقررت «هيئة التضامن مع الصحافي حميد المهداوي وباقي الصحافيين المتابعين»، تنظيم وقفتي احتجاج الأولى يوم الاثنين في الحسيمة أمام المحكمة التي سيمثل فيها المهداوي، والثانية في الرباط في الساعة السادسة مساء أمام مقر البرلمان.
وبالتزامن مع هاتين الوقفتين قررت مجموعة من الإعلاميين بمدينة طنجة تنظيم وقفة احتجاجية سلمية وتضامنية مع الصحافي المهداوي، في اليوم ذاته في الساعة السابعة مساء.
ونظمت تنسيقية الحراك الشعبي بالرباط وقفة احتجاجية، مساء أمس الخميس، أمام وزارة العدل بالرباط، للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين كافة.
وقال بلاغ لـ «تنسيقية الحراك الشعبي في الرباط»، إن الوقفة الاحتجاجية للمطالبة أيضا بـ «الكف عن الاستمرار في الاعتقال الذي شمل حتى الأطفال الصغار، عبد الرحمان العزري 14 سنة نموذجا»، وللتنديد بـ «الأحكام الجائرة ضدهم؛ 20 سنة بالنسبة لجمال ولاد عبد النبي».
وطالبت بـ «تلبية مطالب المعتقلين المشروعة ووضع حد لهذا التهور في معالجة المشكل وفتح تحقيق حول مقتل شهيد مسيرة 20 تموز/ يوليو عماد العتابي ومقتل المعتقل شهيد الحكرة خلادة الغازي ببني ملال» ودعت « المواطنين الأحرار جميعهم والجمعيات الحقوقية والنقابات والأحزاب والمناضلين/ت الشرفاء وكل الضمائر الحية للمشاركة المكثفة في هذه الوقفة الاحتجاجية ضد حكرة أهالي الريف الصامدين وحكرة الشعب المغربي بأكمله».
حالة توتر في سجن عكاشة
ولا تزال حالة «التوتر» بين معتقلي حراك الريف، الموجودين بسجن عكاشة بالدار البيضاء، وإدارة السجن، مستمرة، بسبب «عدم التزام إدارة سجن عكاشة بوعود قدمتها للمعتقلين بعد إضرابهم عن الطعام قبل العيد».
ونقل موقع لكم عن المحامي محمد أغناج، من هيئة الدفاع عن معتقلي حراك الريف، أن أوضاع المعتقلين لا تزال كما كانت، ولم تتغير سياسة الإدارة تجاههم.
وقال إن قادة الحراك الشعبي في الريف، ناصر الزفزافي ومحمد جلول ونبيل أحمجيق وآخرون، يعتبرون محاكمتهم بالتهم الواردة في قرارات الإحالة من لدن قاضي التحقيق، بأنها «سياسية»، ويؤكدون براءتهم من التهم الموجهة إليهم، وفق إفادة المصدر نفسه.
وأوضح أغناج أن المعتقلين مقسمين لثلاث مجموعات كبرى، الأولى موجودة في الطابق الأرضي من الجناح 8 ومكونة من 31 معتقلا مقسمين على 7 زنازن مفتوحة ويتواصلون طوال اليوم، أما المجموعة الثانية فتوجد في الطابق الأرضي بالجناح 8 مقسمين إلى ثلاث زنازين منها زنزانة انفرادية لناصر الزفزافي، وكلها زنازين مغلقة حيث لا يتواصلون إلا بالصياح وعددهم 12 معتقلا، والمجموعة الثالثة لازالت في المصحة، حيث يقطن كل أربعة معتقلين في غرفة واحدة.
محمود معروف