الناطق باسم «الأونروا» لـ «القدس العربي»: الاتصالات لإلغاء قرار منع إدخال الأسمنت لغزة لم تصل لنتيجة وبقاؤه يدفع الأمور للهاوية

حجم الخط
0

غزة ـ «القدس العربي»: وسط تحذيرات كبيرة من المؤسسات الدولية، عقب قرار إسرائيل الأخيرة بوقف توريد مواد البناء إلى قطاع غزة، قال مسؤول في الأمم المتحدة إن الجانب الإسرائيلي لم يتجاوب بعد مع الاتصالات الجارية من أجل إلغاء القرار، الذي أكد في الوقت ذاته أنه ستكون له تبعات سلبية، ستدفع الأمور في القطاع نحو الهاوية.
وحسب ما علمت «القدس العربي» من مصادر مطلعة فإن الاتصالات التي جرت بين الجهات المختصة عن إدخال مواد البناء، وهي السلطة الفلسطينية وإسرائيل والأمم المتحدة، لم تثمر عن أي نتائج إيجابية حتى اللحظة، خاصة وأن إسرائيل طالبت بضمانات لعدم تسريب هذه المواد إلى غير مستحقيها، وتقصد حركة حماس، حيث تزعم أن قرار وقف إدخال مواد البناء، جاء لوصولها إلى أيدي الجناح المسلح للحركة لبناء الأنفاق.
وتفيد المصادر بأن اتصالات ولقاءات عقدت في الأيام الماضية بين مسؤولين من الأطراف الثلاثة لحل الأزمة إلا أنها لم تصل إلى نتائج، ولا تحمل حلا قريبا للمسألة بسبب التعنت الإسرائيلي.
وفي هذا السياق قال عدنان أبو حسنة المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، إن الأطراف الثلاثة المعنية لا تزال في مباحثات لحل الأزمة. وأكد في تصريحات لـ «القدس العربي» أنه في حال استمر قرار المنع «ستكون له آثار سلبية على عملية إعمار غزة».
وكانت إسرائيل قد منعت قبل أيام دخول مواد البناء إلى غزة وفق آلية جرى الاتفاق عليها، حيث تخضع لرقابة من الأمم المتحدة، بزعم أنها تتسرب إلى الجناح المسلح لحماس.
وأشار المستشار الإعلامي لـ «الأونروا» أن قرار الوقف سيعمل على زيارة أعداد البطالة في غزة، وارتفاع نسب الفقر، خاصة وأن الفترة الماضية شهدت إلى حد ما عودة عجلة العمل بمشاريع البناء بعد التوقف الذي أحدثه الحصار الإسرائيلي الممتد منذ عشر سنوات. وقال «كان هناك أفق بسيط، ووقف إدخال هذه المواد ستكون له آثار سلبية وتأثيرات سيئة، وسيدفع الأمور لحافة الهاوية من جديد».
ولا يشمل قرار منع إدخال مواد البناء المشاريع التي تشرف عليها الأمم المتحدة في قطاع غزة، لإعادة بناء المنازل المدمرة، لكنها تشمل مشاريع بناء خاصة يقوم بها السكان، وعمليات تشطيبات الكثير من المنازل السكنية، التي التزم ملاكها بالاتفاق الذي جرى التوصل إليه بين الجهات المسؤولة بعد الحرب الأخيرة صيف عام 2014.
وينص الاتفاق على أن يقدم كل مالك منزل الخرائط اللازمة لمنزله الذي يريد بناءه ومن ثم تحدد كمية الأسمنت اللازم من أجل ذلك، ويحصل على كوبون خاص لشراء الكمية المخصصة له.
ومنذ أن فرضت إسرائيل الحصار على قطاع غزة، لا تسمح بإدخال مواد البناء للسكان إلا لمشاريع تشرف عليها جهات دولية، وهو ما ضاعف أعداد الفقر والبطالة، ودفع نحو80 % من السكان للاعتماد على المساعدات الغذائية الخارجية من أجل تسيير حياتهم.
وكان نيكولا ملادينوف مبعوث الأمم المتحدة للمنطقة، قد ذكر في بيان صدر عنه أنه يعمل بشكل وثيق مع مسؤولين في السلطة وإسرائيل، من أجل المساعدة على حل المسألة ومنع الحوادث التي يمكن أن تؤدي إلى أي تعليق للواردات في المستقبل.
وكانت حركة حماس في غزة قد نفت التهم الإسرائيلية، بشأن تعليق الاستيراد الخاص للإسمنت، لوصوله إلى «مستفيدين غير شرعيين». وقال سامي أبو زهري، المتحدث الرسمي باسمها، إن الادعاءات الإسرائيلية بأن الإسمنت يصل إلى خارج الفئات المستحقة «مجرد أكاذيب لا أساس لها من الصحة». وأكد أن إسرائيل تهدف إلى «تعطيل الإعمار، والتحجج بذرائع واهية من أجل تشديد حصارها على قطاع غزة»، مطالبا الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها والعمل على استئناف إدخال الإسمنت.
وفي السياق تحدى عماد الباز، المسؤول في وزارة الاقتصاد في غزة، السلطات الإسرائيلية، والجهات الدولية بوصول ولو كيس من الإسمنت إلى الفئات غير المستحقة.
وأشار إلى وجود مراقبة من الأمم المتحدة، على دخول الإسمنت ومراكز التوزيع الموصولة بكاميرات وأجهزة حاسوب، ولا يتم وصول أي كمية من الإسمنت إلا للأسماء التي توافق السلطات الإسرائيلية عليهم. وطالب الأمم المتحدة، برفض الاتهامات الإسرائيلية، والعمل على إعادة تدفق الإسمنت، وعدم التذرع بما بـ «حجج واهية تزيد معاناة سكان قطاع غزة».
وانضمت إحدى الجمعيات الحقوقية الإسرائيلية للجهات المطالبة بوقف قرار إدخال الأسمنت لغزة. وقالت جمعية الدفاع عن حريّة التنقل»مسلك» إن القرار الإسرائيلي بمنع القطاع الخاص في غزة من شراء مواد البناء، هو «خطوة عقابية جارفة». وأشارت في تقرير لها بالخصوص، إلى إعلان منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية، يوم الجمعة الماضي، أنه أوقف بيع الإسمنت للقطاع الخاص في غزة.
ووفق التقرير، فإن القطاع الخاص يستهلك قرابة نصف مواد البناء التي يتم شراؤها في غزة (وغالبية الإسمنت)، بقية المواد تستخدم لمشاريع دولية ولمشاريع الأمم المتحدة التي تقوم بإدارة منظومة مدنية واسعة في القطاع، فيما الخراب الذي خلفته العملية العسكرية الإسرائيلية في صيف 2014 زاد بشكل كبير من النقص القائم أصلا في قطاع غزة في الوحدات السكنية، وغرف التعليم، والعيادات وأمور أخرى، وهي جميعها احتياجات أساسية لمجتمع شاب آخذ بالنمو والتطور.
وأشار التقرير إلى أن قيادات المنظومة الأمنية في إسرائيل أقرت منذ زمن بضرورة إدخال مواد البناء لإعادة إعمار المجتمع الفلسطيني، كما أقرّوا بأن مواد خاضعة للرقابة تتسرب لـ «السوق السوداء».
وقالت الجمعية الإسرائيلية إن القرار بمنع القطاع الخاص في غزة من شراء مواد البناء هو خطوة عقابية جارفة ضد من ليس لهم علاقة بمن خرقوا التفاهمات التي توصلت إليها الأطراف التي أسست منظومة الرقابة.
يشار إلى أن حرب صيف 2014 أحدثت دمارا كبيرا في المباني، وأسفرت عن تدمير 12 ألف وحدة سكنية بشكل كلي، فيما بلغ عدد المنازل التي تضررت جزئيا بـ 160 ألف وحدة.
ومن شأن الخطوة الإسرائيلية الجديدة أن توقف العمل في كل مشاريع البناء غير التابعة للأمم المتحدة في قطاع غزة.
وبالفعل يخشى المواطنون الذين اقتربوا من إنهاء تشطيب منازلهم، وآخرون ما زالوا في بداية المشوار، من عدم قدرتهم على إنهاء منازلهم هذه في أعقاب القرار الإسرائيلي.
وقال أحد أصحاب هذه المنازل لـ «القدس العربي» إنه شرع منذ شهر في بناء منزل جديد له وسط قطاع غزة، وإنه حصل على موافقة للحصول على مواد بناء، وإنه لا يزال ينتظر وصول دفعات من هذه المواد. وأشار إلى أن منزله قيد الإنشاء ما زال يحتاج إلى أضعاف كمية مواد البناء التي حصل عليها ضمن الدفعة الأولى. ويؤكد أنه منذ أن شرع في عملية البناء وهدم منزله القديم، لجأ للإقامة في أحد المنازل المستأجرة، وأنه الآن يخشى أن تطول إقامته وأسرته في المنزل المستأجر، خاصة وأنه لا يفي بحاجة الأسرة، ويزيد من أعبائه الاقتصادية.

أشرف الهور

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية