في أزمته الوجودية الطاحنة، يدور الرئيس السيسي من بلدٍ لآخر يتسول المشروعية والدعم. ذهب إلى الخليج، روسيا، والآن بريطانيا.
من العبث تصور أن سياسية بريطانيا ومصالحها تقيم وزناً لمدى شرعية النظام، أو تكترث بأقل قدرٍ يمكن تصوره لملف حقوق الإنسان المصري (أو أي إنسانٍ في حقيقة الأمر). غاية ما هنالك أن الحكومة البريطانية يتعين عليها أن تبدو كما لو أنها تقيم وزناً للشرعية وحقوق الإنسان وشتى الاعتبارات الإنسانية، لأن هناك رأياً عاماً وقوى اجتماعية منظمة وغير منظمة تضغط على الحكومة في بريطانيا وتكدر صفوها، «تعذبها» بتعبير الرئيس، ولعلهم يحسدون السيسي الذي لا يتعرض لمشاكل كتلك، حيث يقوم بحلها بالعصِي والرصاص والسجون.
كما أنه من العــــبث أيضاً من قبل السيسي ونظامه تصور أن ذلك اللف على دول العالم سيحل أزمة نظامه، عبثٌ وبــــلادة، لم أجد كلمةً أفضل من ذلك أصف بها ذلك المزيــــج السام من انعدام الفهم المقترن بالجهل بالقسوة بالمكابـــرة بالغرور الغبي، كلمـــة تصف المنهــــج والأســلوب والوجوه والسمة والحالة النفسية والذهنية.
قبل قيام ثورة يناير وصفت الزمن بـ»زمن البلادة» وما أراه إلا ممتداً، ولا عجب فهوغير مبدعٍ حتى في ذلك، وإنما يمثل امتداداً أكثر شراسة وليس أقل بلادةً وخيبة، إذ بم نصف شكوى الرئيس التي جأر بها وعلى وجهه علامات الألم من الصد والهجر: «انتوا بتعذبوني» من تساؤلٍ، مجرد تساؤل، نطق به أحد الإعلاميين، في حين أن عدة محافظات غارقة تحت أمطارٍ لا تجد حلا لها بسبب سوء، بل غياب البنية التحتية المتوارثة من زمن مبارك الذي لم يتداركها؟ بم نصف تعليقه الغاضب، مقارنة بمن فقدوا عيونهم وهم في عمر الزهور في ثورة تحررٍ مغدورة سقطت لأسبابٍ عديدة في حجر المستفيدين نفسهم؟! وأولئك الذين يموتون صعقاً بالكهرباء؟ ترى ما الذي يشعرون به؟ أليس ذلك موتاً «معذَباً» وعذاباً يعيش فيه ذووهم؟ أليست لديهم مشاعر هم أيضاً؟ لعل ذلك هو التطوير الوحيد من زمن مبارك الذي عرف الاحتراق في القطارات والغرق في العبارات: الصعق بالكهرباء في مياه السيول والصرف الصحي، ليس غرقاً بسيطاً تافهاً في عرض البحر، بم نصف رد فعل النظام ومصفقيه وطباليه على منظر الفتاة إسراء الطويل تجر ساقيها بعكازها، يردون علينا بأنها تمثل، وكأنها لم تصب برصاصة من قبل، وكأن المسألة تتلخص في عاهتها فقط وليس في السؤال الأهم: فيم حبست هذه الفتاة ولم لا تحاكمونها وترحمونها؟ في ما سبق صدرت أحكامٌ مَسخَرة بالجملة بالإعدام، وكان العذر غياب المتهمين، والآن ها هي الفتاة بين أيديكم، لم تجددون حبسها احتياطياً؟ أليست هذه قمة البلادة والقسوة، وما بال رجالات عصر مبارك الطلقاء الآن: أليس فيهم لص أو مختلس أو مجرم أو قاتل؟! هل وصلنا إلى ما نحن فيه نتيجة تسونامي أو حسد؟!
لكنها ليست البلادة وحدها، وإنما شهوةٌ عارمة للانتقام من نظامٍ انتهى تاريخ صلاحيته منذ فترة طويلة، نحن في مرحلة الحصاد المر، في آخر الطريق، وما يحدث في الإسكندرية وغيرها من المحافظات ليس سوى الدليل على ذلك، لقد حاقت به عوامل فشله من رهاناتٍ ومقامراتٍ سياسيةٍ واقتصاديةٍ – اجتماعية أثبتت فشلها طيلة ما يقارب الأربعة عقود السابقة، من الارتهان للخارج والاعتماد عليه مسوغاً وداعماً للبقاء، والاستعاضة عن التنمية والتخطيط بالنيوليبرالية الأكثر استغلالاً وتجريفاً، وقد بلغت التناقضات حداً لم يعد من الممكن للوعاء السياسي القديم احتواءها، حتى مع حساب الدور المتعاظم لأدوات العنف والأمن على تضخمها، لقد امتد العمر بهذا النظام نتيجة عوامل عديدة، منها خطواتٍ وحساباتٍ خاطئة وصفقات من قبل فصائل ضخمة لها رصيد في الشارع وأخطاء في تقدير الموقف من قبل قوى بازغة، تفتح وعيها على يناير، وربما لم تكن رؤاها قد نضجت بعد نتيجة قلة الخبرة الناجمة عن تجريف السياسة ومصادرة المجال العام، طيلة عقود مما ليس هنا المجال لتحليله، لكنه من حيث المبدأ نظامٌ ميت، وذلك الوعد والحلم الذي تعلق به الكثيرون من البسطاء في شخص المخلص-السيسي بما أسقط عليه، عدلاً للميزان المختل وتحقيقاً للكفاية والاستقرار والكرامة الوطنية، ذلك الوهم ما يني يثبت يوماً بعد الآخر كونه وعداً كاذباً ودماً بلا فجر، فلا رؤية مطلقاً والرهانات هي نفسها رهانات مبارك ولكن أكثر شراسة، ويزيد الفقر ويثبت خواء المشاريع العملاقة ولا جدواها، ميتٌ يستمر في الحياة، حكاية من أفلام الرعب، وعلى ذلك فليس من عجب كونه مسخاً مترهلاً شائه الخلقة بصورة لا تطاق، وهو يريد تثبيت كينونته واستمراره، ذلك الذي يعبر عنه بمعادلة: الحفاظ على الدولة المصرية، تلك التي تنطلي على البسطاء ممن لا يميزون بين الدولة والبلد، ولكننا نسأل: هل تستحق هـــــذه الدولة الميتــــة الشائهة البقاء؟ هل الدولة التي تهددها إسراء الطويل دولة محترمة تستحق البقاء؟
هي مستمرة بالقصور الذاتي وأسلوب البقاء هو التنكيل والعنف، وعسكرة متزايدة للمجتمع بعيداً عن الكفاءات المدنية في عودةٍ انتقائية لأسوأ سمات عصر عبد الناصر، عسكرة دون مكاسب اجتماعية ولا تنمية، كأن النظام آل على نفسه اختيار أسوأ سمات وممارسات كل حقبة، مع التجويد بالطبع.
كوارث هذا النظام عديدة، إلا أن كارثة الكوارث تتلخص في كون القائمين عليه يصدقون أن يناير كانت مؤامرة، يا لها من بلادة.. وكأن مصر لا مبرر فيها لأي ثورة أو حتى هوجة، قمة البلادة، وبالإضافة إلى تثبيت الحكم وإعادة الهيبة لا يستطيعون السيطرة على تلك الشهوة العارمة للانتقام، ولا يريدون.
ما يفعلونه مع إسراء الطويل ليس إلا مثالا للمتعة السادية، كلبٌ مجنونٌ أحكم أنيابه على عظمة فلن يطلقها إلا على جثته، والغريب، أن هذا النظام لسببٍ ما، مـــريض بكل تأكــــيد، يحترف قتل وسجن واتنهاك الفتيات والنســـاء، الشهيدة شيماء الصباغ وماهينور المصري وإسراء الطويل أمثلة، وكشوف العذرية للفتيات حين كان الرئيس المشير قائداً للمخابرات العسكرية.
في عصور الجاهلية، كان المغاوير والصناديد من الفرسان لا يقبلون أن ينازلوا سوى أكفائهم، لأن ما دون ذلك مهينٌ لهم، حين تتملك شهوة الانتقام من نظامٍ لدرجة أن يتلذذ يتعذيب فتاة كإسراء الطويل نستطيع بمنتهى الارتياح ان نقرر أن هذا النظام لا يعرف كيف يختار أعداءه، نظام صغيرٌ في زمنٍ صغيرٍ بليد، في الوقت الضائع الذي يتسم بالعبثية والبلادة، غير أن البلادة تسربت للمجتمع، فبات العنف مجانياً، وخرج المسخ المترهل الذي يركض وراء الأطفال والصبية من حيز الرعب ليستقر في خانة الكوميديا، وكلما زاد عنفه زادت لا معقوليته وصار يثير المزيد من السخرية.
ستستمر الحال في كرٍ وفر، وتردي الوضع الاقتصادي مرشحٌ بقوة للازدياد، سيزيد العنف والصياح والجنون وجرعة اللامعقول، وكل الحلول المؤقتة لن تجدي.
٭ كاتب مصري
د. يحيى مصطفى كامل
استقبال بريطانيا للسيسي هو بسبب الصفقات مع الامارات
فبريطانيا لم تحاكم الاخوان بالارهاب ولم تطردهم من البلاد
والامارات استبعدت الشركات البريطانية من مناقصات الدولة
ولهذا تمت زيارة السيسي رغم رفض معظم شعب بريطانيا لها
والسؤال هو :
الى متى سيستمر السيسي بالحكم خاصة بعد سقوط الطائرة الروسية
فالاقتصاد المصري منهار من جميع النواحي
وشوالات الرز قد انتهت
تبقى 75 يوما لمناسبة 25 يناير – فهل سيتكرر الحدث ؟
ولا حول ولا قوة الا بالله
فعلا يا دكتور يحيى….إن مصر وقعت فى أيدى عصابة
إى عاقل يفهم الوضع جيدا يرى أن مصر ذاهبة إلى المجهول !
لماذا لم تذكر ماحدث لسند س أبو بكر وأسماء البلتاجى وهاله أبو شعيشع و…و…. والقائمه لاحصر لها اذا أردت أن تحصى. أم هؤلاء قتلهم و تصفيتهم صواب بل ومطلوب. والله طالما هناك دم حلال و دم حرام فى مصر فلن تقوم لها قائمه.
لم يذكرهم لأنه ناصري لا يساوي عنده ذوو الاتجاهات الاسلاميه جناح بعوضه.