لندن – أ ف ب: بدأ النواب البريطانيون أمس الثلاثاء النظر مجددا في مشروع قانون انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي «بريكسِت»، في مناقشة تنطوي على أخطار جسيمة لرئيسة الوزراء تيريزا ماي التي تواجه خطر انشقاق محافظين مؤيدين للاتحاد الأوروبي.
والنص الذي يحمل اسم «قانون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي» من شأنه ان يضع حدا لأفضلية القانون الأوروبي على القانون البريطاني مع تنظيم عملية تغيير بعض القواعد الأوروبية.
وكان النواب اقروا صيغة أولى في يناير/كانون الثاني، وعليهم ان يتخذوا الآن قرارا حول سلسلة تعديلات أدخلت خلال مناقشة المشروع في مجلس اللوردات، تتنافى والمشروع الحكومي ومن مصلحة ماي ان يتم إلغاؤها.
ويبدو موقف الحكومة المحافظة ضعيفا، خصوصا حيال أحد هذه التعديلات، والذي يمنح البرلمان سلطة إعادة الحكومة إلى طاولة المفاوضات اذا ارتأى ان الاتفاق مع بروكسل غير ملائم.
لكن النائب المحافظ المؤيد لأوروبا دومينيك غريف اقترح حلا بديلا يوسع هامش المناورة لدى الحكومة، عبر منح البرلمان إمكانية تبني مادة تكون ملزمة فقط إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع بروكسل.
وفي الموضوع الإشكالي الآخر، أي إمكان إبقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الجمركي الأوروبي، يبدو ان الحكومة توصلت إلى تسوية مع غالبيتها عبر تعديل اقترحه 4 نواب، هم اوليفر ليتوين ونيكي مورغان المؤيدان لأوروبا، وجيكوب ريس-موغ وبيل كاش المناهضان لها.
واوضح غريف لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) ان مسألة التعديل حول الاتحاد الجمركي «ستحل» في حين ان صلاحيات البرلمان في حال رفض الاتفاق تبقى «مصدر صعوبات».
وانطلاقا من الغالبية الضئيلة التي تتمتع بها في مجلسي النواب واللوردات، وفي مواجهة المترددين حيال النهج الذي تعتمده، استدعت رئيسة الوزراء جميع نواب حزبها مساء الإثنين مذكرة اياهم بوجوب توحيد موقفهم.
وخاطبتهم قائلة ان «الرسالة التي نوجهها إلى البلاد هذا الأسبوع من خلال تصويتنا مهمة»، مضيفة «علينا ان نظهر بوضوح أننا موحدون كحزب في عزمنا على تنفيذ القرار الذي اتخذه الشعب البريطاني».
وأشارت أيضا إلى المفاوضات القائمة مع بروكسل قائلة «أحاول التفاوض للحصول على افضل اتفاق للمملكة المتحدة. ولكن إذا بقيت تعديلات (مجلس) اللوردات فان ذلك سينسف موقفنا في المفاوضات».
لكن هذا الأمر دفع وزير العدل فيليب لي، وهو ايضا نائب محافظ مؤيد للاتحاد الأوروبي، إلى اعلان استقالته صباح أمس لتتاح له حرية التصويت، كما أوضح.
وفي مؤشر إلى التوتر السائد، حذرت صحيفة (ذي صن) التي تؤيد «بريكسِت» النواب وكتبت على صفحتها الأولى أمس «عليكم ان تختاروا: بريطانيا او الخيانة العظمى».
وعلقت النائبة المحافظة المؤيدة لأوروبا انا سوبري «حسب معلوماتي، فان نائبا واحدا على الاقل لن يصوت (…) وفق ضميره بسبب التهديدات».
ومع بدء النقاش، دعا ديفيد ديفيس، وزير شؤون «بريكسِت» اعضاء مجلس العموم إلى إدراك التحديات. وقال «لقد استمعنا، ضمن حدود الممكن، إلى اقتراحات هدفت إلى تحسين مشروع القانون، ولكن حين يتم إجراء تعديلات، سواء عمدا او لا، لتقويض (…) نتيجة الاستفتاء، علينا ان نرفضها».
من جهته، أبدى ريس-موغ احد النواب المحافظين البارزين المؤيدين بشدة لـ»بريكسِت» ثقته بالانضباط الذي سيلتزمه حزبه. وقال لاذاعة (بي بي سي) «سيكون هناك موقف موحد. لن يكون الامر مثاليا لكنه سيكون كافيا لإمرار النص وتعزيز موقف تيريزا ماي».
وقد يؤدي توازن القوى الراهن في الحكومة إلى إجبار النواب المحافظين المؤيدين لأوروبا على التراجع عن تشددهم واتخاذ موقف أكثر اعتدالا، لأنه في حال ألحقوا بماي هزائم جديدة فقد يتعزز موقف الوزراء المدافعين بشراسة عن «بريكسِت».