القاهرة ـ «القدس العربي» : لا يختلف نظام السيسي في تعامله مع المصريين عن نظام الديكتاتور المخلوع مبارك، في معظم المواقف، فصلة الرحم التي تربط بين النظامين تؤكد أنهما ينتسبان لشجرة واحدة، ومن الشواهد على صدق تلك الرؤية تعامل النظام الراهن مع شعبه باستخفاف غير مسبوق، حتى في القضايا المصيرية.وما جرى مؤخراً في الطريقة التي أعلن فيها الإقرار بأحقية المملكة العربية السعودية في جزيرتي تيران وصنافير، خير مثال على ذلك.
هيمنت روح مبارك ونظامه على نظام السيسي، خاصة بعد الكشف عن معلومات تفيد بأن القاهرة أخبرت تل أبيب بترسيم الحدود البحرية مع المملكة، قبل أسابيع من إبرام الاتفاق، فيما كان معسكر الثلاثين من يونيو/حزيران مشغولاً بالغناء للرئيس والثناء على حكمته وشعبيته التي أهلته لتبوؤ مقعد متقدم بين زعماء العالم.. غير أنه من سوء طالع الحكومة والنظام الذي تمثله أن الغضب المتنامي في القرى المصرية آخذ في الانتشار، فيما كان يراهن أعوان الرئيس على أنه آخذ في التلاشى، إذ ازادادت الأمور تعقيداً بسبب الموقف الشعبي المعارض لحق السعودية في الجزيرتين، وهو الذي تعبر عنه قطاعات عريضة من المجتمع وتتبناه قوى وطنية تجسد الطيف السياسي.
وفي الصحف المصرية الصادرة أمس الأربعاء 13 أبريل/نيسان، تواصل الاهتمام الواسع بالقضية، حيث لم تفلح الجرائد الموالية للسلطة في تجاهل الصخب الواسع في هذا الشأن، وهو الأمر الذي دفعها للبحث عن أي أدلة تؤكد أحقية المملكة في تيران وصنافير، واستدعت العديد من الكتاب الذين يؤيدون الموقف ذاته بهدف تكوين جبهة قوية تعزز من شعبية السيسي والحيلولة دون أي تراجع فيها. غير أن الاعتراض المتزايد الذي تمثله الجبهة الأخرى التي ترى أن مصر أحق بالجزيرتين جعل الصراع يحتدم بين الطرفين، وقد حفلت الصحف أمس بالعديد من المعارك حول الموضوع نفسه الذي كان بدوره مهيمناً على كافة مانشيتات الجرائد، سواء القومية منها أو المعارضة، وتوالى الاهتمام كذلك بقضية الضحية الإيطالي ريجيني الذي تنذر مأساته بحصار أوروبي لمصر. كما احتلت أخبار البرلمان وفشل الحكومة في التصدي للأزمات الاقتصادية المتصاعدة إلى مزيد من الاهتمام الإعلامي وإلى التفاصيل:
بين الفضيحة والعار
«الموضوع صادم والشكل مهين، كان ذلك وصف الكاتب فهمي هويدي في «الشروق» حول التسليم بأمر جزيرتي تيران وصنافير باعتبارهما تحت السيادة السعودية، وتابع، إذ ليس سهلا أن يستيقظ المرء ذات صباح ليفاجأ بأن ما تعلمه في المدارس، وما وقع عليه في الخرائط، وما قرأه في النشرات السياحية، وما ردده المطربون في بعض الأغاني، ذلك كله غير صحيح. وتقترن الدهشة بالصدمة حين يجد أن الاكتشاف المثير ورد في بيان لمجلس الوزراء، وكأنه إحدى فقرات الاحتفال بزيارة العاهل السعودي. أعني أنه ليس ثمرة جهد الباحثين من أجل التحقيق والعلم، ولكنه قرار انفردت به السلطة وباغتت به الجميع في سياق الحفاوة بالزائر الكبير.
لست في وارد تحقيق الواقعة وحسم الجدل الذي فجره القرار في أوساط عموم المصريين، ذلك أن حسم الأمر يتطلب إحاطة بخلفيات الموضوع وأسانيده التي لا تتوفر لي. وإن أثار انتباهي في هذا الصدد أن حديث البعض منصب على المراسلات التي تمت مع السعودية بخصوص الجزيرتين في خمسينيات القرن الماضي، في حين لم يشر أحد إلى وضعهما قبل إقامة المملكة السعودية في عام 1932، حيث كانت كل خرائط المرحلة السابقة تدرجهما ضمن الحدود المصرية. ومن المؤسف أن القرار السياسي وضعنا أمام أمر واقع، بحيث أضعف كل دور للبحث والتحقيق، الذي لم يعد له جدوى، بل صار من قبيل الثرثرة في الموضوع التي لا تقدم ولا تؤخر. وبقدر ما كان عنوان إعلان القرار المفاجئ صدمة للكاتب ولغيره، الا انه يواصل كلامه قائلا، شعرت بالإهانة حين قرأت عنوانا آخر تصدر الصفحة الأولى لصحيفة «الأهرام» في اليوم التالي (11/4) ذكر أن القاهرة أطلعت تل أبيب على الموضوع، شعرت بغصة حين وقعت على هذا الكلام، إذ أدركت أن السلطة المصرية لم تخف الأمر عن الشعب المصرى فحسب، وإنما أطلعت الإسرائيليين عليه قبل عدة أسابيع من إعلانه في القاهرة».
«جيمي» يفتح فمه
بعد إقرار الحكومة المصرية بملكية السعودية لجزيرتي تيران وصنافير، مقابل المال، وجه عدد من أنصار الديكتاتور مبارك هجوما شرسا على عبدالفتاح السيسي، متناسين بحسب جريدة «الشعب»، أنهم جزء كبير من تلك الأزمة التي تمر بها البلاد الآن، ومتغاضين أيضا عن أن الحرب بين العسكر والفلول خرجت للعلن وأصبح المتابع يرى كل ذلك بوضوح. وبعد أن خرج الفريق أحمد شفيق، الهارب في الإمارات، حذا جمال مبارك، نجل المخلوع، حذوه لكن بطريقة مختصرة عبر موقع التدوين المصغر تويتر، ونشر الفضائح الأربعة للسيسي، والثمن الذي سوف يقدمه لإيطاليا أيضا بعد مقتل الطالب جوليو ريجيني، بجانب ما ستطلبه السودان. وقال نجل المخلوع ساخرًا عبر حسابة الشخصي على تويتر، «السعودية خدت الجزيرتين وقبرص خدت حقول الغاز والسودان حلايب وشلاتين وإثيوبيا خدت النيل هيجري حاجة يعني لو عوضنا إيطاليا عن مقتل ريجيني واديناها الإسكندرية». ويعد هذا أول هجوم شرس وعلني من جمال مبارك، على السيسي ونظامه».
الميادين تستعد
قبل يومين من الدعوة لمظاهرات حاشدة غداً الجمعة للمطالبة باسترداد جزيرتي تيران وصنافير، دعا كتاب لضرورة العمل على عدم السماح بأي انفلات أمني محذرين الأجهزة الأمنية من خطورة إطلاق أيدي «قلة» للخروج على القانون، وهو الأمر الذي حذر منه أحمد عبد التواب في «الأهرام»: «مجموعات أخرى تود أن تتسلل وسط الحشود لإحداث صدامات مع أجهزة الأمن لمآرب أخرى لا علاقة لها بشعار التظاهرة الرافض لأن تتنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية! والصورة باتت واضحة، بعد أن أعلن التحالف الإخواني المسمَّى بدعم الشرعية اشتراكه في الحدث. ومن حُسن التقدير أن نتوقع أن يلحق بهم المزيد من المخربين، من دون أن يعلنوا انضمامهم. أضاف الكاتب وهذا يُوجِب على أجهزة الأمن أن تتعامل بحكمة، وأن تسير في اتجاهين: الأول بأن تحمي المتظاهرين سلمياً، المعارضين لسياسة الحُكم في أمر الجزيرتين، احتراماً لحقهم الدستوري، وحرصاً على صورة الدولة، مع الانتباه إلى أن التصدي لهم يؤجج الموقف أكثر. أما المهمة الأخرى، فهي أن تكون في كامل اليقظة ضد الساعين لاستغلال اليوم لأغراضهم في التخريب الذي يستهدف وضع الدولة في مأزق العاجز عن توفير الأمن. وهذا يرتب على أجهزة الأمن واجب ضبط النفس وعدم التورط في إذكاء المناخ، الذي يهيئ للفوضى التي يحلم بها المخربون، وأن تتعامل مع الخارجين بالحسم من دون زلل في صورة الإفراط في استخدام القوة، التي يخطط المخربون لأن تكون عنوان هذا اليوم أمام الداخل والخارج. وقد يكون من الأفضل وفقاً للكاتب أن تبادر الداخلية مبكراً إلى تحديد الأماكن التي تخصصها للتظاهرة المتوقعة، على أن يُراعَى في المكان أن يُلبِّي رغبة المتظاهرين الذين يعنيهم إعلان موقفهم على أوسع مدى، ويُستحسن أن يكون هناك تنسيق مع قادة التظاهرة على تحديد موعد تنفض فيه ويغادر المتظاهرون في أمان. وإلا فسوف تتكرر الأخطاء المزمنة. ودعا الكاتب لعدم ترك الساحة للمخربين».
كيف سيعيد النظام تنظيم صفوفه
المصاعب التي تواجه نظام الرئيس السيسي تتعاظم، خاصة بعد اعترافه بملكية السعودية لجزيرتي تيران وصنافير، وهو الأمر الذي أسفر عن تقلص شعبيته، ما دفع جمال سلطان رئيس تحرير «المصريون» للتساؤل عن مدى قدرته على إعادة جمع شتات مؤيديه: «كرة النار التي تتضخم بسرعة مذهلة لم تخل من توجه تقليدي في عالم السياسة يتمثل في «انتهاز فرص» للنيل من النظام السياسي، وكانت الحكومة في بيانها لتبرير عودة الجزر للسعودية قد استشهدت بمقال للدكتور محمد البرادعي عام 1982، إلا أن البرادعي سارع ونفى «فهم» الحكومة لمقاله، وكتب تغريدات فيها طعن واضح في الموقف الرسمي، وتشابك الموقف تحول في بعض جوانبه إلى ما يشبه الكوميديا، حيث لاحظ كثيرون أن الإسلاميين خصوم جمال عبد الناصر يستشهدون بتصريحات لعبد الناصر يقول فيها إن تيران مصرية، ونشطاء ثورة يناير/كانون الثاني يستشهدون بمبارك الذي ثاروا عليه وامتناعه عن التفريط في الجزيرتين، وأنصار السيسي يستشهدون بالبرادعي وعمرو حمزاوي اللذين اتهمومها من قبل بأنهما خونة وعملاء. أيضا ووفقاً للكاتب فالحماسة الزائدة للحكومة والمتحدثين باسمها وأنصار السيسي، صنعت مشهدا بائسا ولم يكن له ما يبرره، وزاد الطين بلة، لأنهم أصبحوا يجتهدون على مدار الساعة للحصول على أي مقال قديم أو وثيقة أو رأي يؤكد أن الجزر تعود للسعودية، وأن مصر كانت تحتل الجزيرتين. وقال المعترضون إنها المرة الأولى في التاريخ الذي تجتهد فيه دولة وتبذل كل هذا الجهد لتثبت أن دولة أخرى هي صاحبة الحق في قطعة أرض متنازع عليها، وكان هذا من أوضح الصور على عمق الأزمة وتشابكها السياسي والقانوني مع الانقسام الاجتماعي».
ماذا سيقول السيسي للناس؟
قبل أن يخطب الرئيس في حضور مجموعة من ممثلي الشعب تساءل محمد أمين في «المصري اليوم»: «ماذا تتوقع أن يقول الرئيس، اليوم، في لقائه برؤساء الهيئات البرلمانية، وبعض ممثلي المجتمع المدني؟ هل يقول لهم: ما يصحش كده؟ هل يبدي ضيقه مما جرى على مدى أيام؟ أم يبدي سعادته بما سمع وقرأ وشاهد، باعتبار أن «المعارض يشد أزر المفاوض»؟ هل يكشف لهم كل الأسرار، أم يحتفظ ببعض الأسرار؟ هل الهدف هو التهدئة، حين يحدث تصويت المجلس على الاتفاقية؟ ويواصل الكاتب تساؤلاته: ماذا يقول هؤلاء النواب للرئيس؟ هل يسألونه عن مبررات طرح الاتفاقية الآن؟ وهل يسألونه: لماذا لم تُعرض للنقاش العام قبل طرحها للتوقيع؟ هل يقولون له أن الاستفتاء في هذه الحالة جائز أم لا؟ هل يطلبون توسيع الفريق الرئاسي للرئيس؟ أم أن هذا الكلام خارج السياق؟ هل يطلبون منه التدخل لدى خادم الحرمين، لوقف نظام الكفيل، فضلاً عن التدخل لإنهاء ملف المحبوسين؟ كيف يبدأ النقاش، وكيف ينتهى؟ هل يحمل أحد النواب الخرائط الدالة على مصرية الجزيرتين؟ هل يأخذ آخر بعض الوثائق المصرية والأجنبية ليؤكد وجهة نظره؟ أم أن الذاهبين إلى الرئيس يؤمنون بما جاء في الاتفاقية تماماً؟ هل يكون ضمن الحضور خبراء استراتيجية وأمن قومي وقانون دولي؟ هل سيبرر الرئيس مثلاً، وهل سيكون الحضور في موقف الهجوم، أم أن الأمور ليست بهذا الشكل؟ يضيف امين، في كل الأحوال، لا أتصور أن الحوار مع الرئيس سوف يشبه الحوار الدائر في الشارع السياسي، الحوار له ضوابط أخرى.. مؤكد سيغلب العقل والمنطق على حوار «المطاوي».. فلا تخوين ولا كلام فارغ».
ليستا ملكاً للعائلة
ومع أزمة ترسيم الحدود نبقى حيث يقول أشرف البارودي في «التحرير»: «الرئيس تصرف في الجزيرتين في لمح البصر، وكأنه يمتلكهما وحده بعقد مسجل على ملكه الخاص، وليس رئيس دولة، ناسيًا أن مصر دولة مؤسسات وليست دولة فرد. فيها دستور وبرلمان ووزارة خارجية وإجراءات وقنوات قانونية، بل ورأي عام وشعب يُستفتى ويُحسب حسابه، فتصرف في الجزيرتين في لمح البصر وعلى طريقة ضباط الجيش بالتمام والكمال والقلم والمسطرة. وكان يجب عليه ـ مع الإقرار المبدئي بالحق السعودي ـ أن يحيل مفاوضات تسليم الجزيرتين لوزراء خارجية البلدين مع إعداد الرأي العام في مصر وإحاطته بالحقائق بشفافية كاملة، كان يمكنه أن يكلف وزير الخارجية بأن يطلب من الخارجية السعودية تأجيل تنازل مصر عن الجزيرتين لعشر سنوات أو عشرين سنة أخرى، بسبب أزمة السياحة واحتياج مصر إليهما، مع إقرارها بشكل رسمي وفوري ومكتوب بملكية السعودية لهما، وحفظ حقها التاريخي فيهما، ثم وفي مرحلة لاحقة، أن يوافق على تسليم صنافير فقط للسعودية مثلا مع الاحتفاظ بتيران الأقرب للسواحل المصرية والمشرفة على الملاحة البحرية لفترة أطول، ولو لعشرة أو عشرين سنة أخرى، ثم وفي مرحلة تالية أن يسلم الجزيرتين ويطلب امتيازًا للمصريين والسياح الأجانب في مصر بالحق في الصعود للجزيرتين بدون تأشيرة من السلطات السعودية لأغراض السياحة والغطس مثلا، وهو الامتياز ذاته الذي حصلت عليه إسرائيل لمواطنيها في دخول كل سيناء نفسها، شرم الشيخ ودهب ونويبع وطابا التي يمكنهم دخولها جميعًا بغير تأشيرة، أو أن تسلمهما مصر على أن تحتفظ بنقطة مراقبة بحرية في تيران من الغرب المواجه لساحل سيناء المصري لأغراض الرقابة وتسيير وإدارة الملاحة الدولية ما بين تيران وسواحل سيناء القريبة جدا جدا، لتكون الرقابة من الجهتين لأغراض الأمن القومي المصري مثلا، أو أي حل أو اقتراح من هذا النوع على حدة… مثلا».
لماذا الآن؟
ونبقى مع الجزيرتين اللتين تحولتا لصداع في رأس السيسي، حيث يتساءل عبد الله السناوي في «الشروق»: «ما الذي جرى بالضبط؟ ولماذا الآن؟ وما التداعيات المحتملة؟ الأسئلة الحرجة تتدافع من دون إجابات تقنع.. في مسائل السيادة والأمن القومي لا يصح الحديث بخفة وإصدار الأحكام بلا استبيان. وينص الدستور في مادته الأولى: «جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة، موحدة لا تقبل التجزئة، ولا يتنازل عن شيء منها». هذا قيد نهائي على فرضية «التنازل» عن جزيرتي «تيران» و«صنافير» الاستراتيجيتين في البحر الأحمر. إذا كانتا مصريتين فليس من حق أحد أي تنازل، لا رئيسا ولا حكومة ولا برلمانا ولا حتى باستفتاء عام. وإذا كانتا سعوديتين فالقضية تختلف. الأدلة بحسب الكاتب لابد أن تكون قطعية والوثائق مؤكدة والخرائط حاضرة لا تصلح المرويات الشفاهية وأشباه المستندات في تأكيد ملكية الجزيرتين ونقل السيادة عليهما من مصر إلى السعودية. أسوأ ما جرى في ترسيم الحدود البحرية بين البلدين أن أحدا لم يجلس ليتفاوض وفق الخرائط والوثائق والأسانيد، ولا الرأي العام اطلع على شيء مما حدث. بحسب بيان مجلس الوزراء المفاوضات استمرت ست سنوات. ويؤكد الكاتب أن الكلام يصعب تصديقه، فإذا كانت الحكومة مقتنعة كل الاقتناع بملكية السعودية للجزيرتين وحقها في استعادة السيادة عليهما، على النحو الذي بدا في بيانها، فلماذا تأخر البت في الملف طوال هذا الوقت؟ العبارات كلها غير منضبطة في الدفاع عن الاتفاقية المثيرة للجدل. هل كانت السيادة المصرية على الجزيرتين الإستراتيجيتين احتلالا أم إعارة أم حماية لهما من احتمالات ضمهما للدولة العبرية بقوة السلاح بعد استيلائها على إيلات عقب نكبة (1948)؟».
«لا زيت ولا سكر ولا الراجل اللي كان امبارح»
يعاني المواطنون من اختفاء بعض السلع الغذائية التموينية، رغم تعهد الحكومة بتحسين الخدمات وهو ما دفع الساخر محمد حلمي في «المصريون» إلى الهجوم بضراوة على وزير التموين خالد حنفي وزير التموين قال: «إن طابور الخبز صار من التاريخ.. كلام جميل وكلام معقول ما قدرش أقول حاجة عنه.. لكن أن يقول إن البنك الدولي سيعرض تجربتنا على العالم، فذلك ما لا ينبغي السكوت عليه، وعلى محبي الوزير حنفي المبادرة بعرضه على أطباء حالات الوَش والخبلان، واللهم اجعل كلامنا خفيفا على من يهمه الأمر.. يطاردني الآن ذلك المشهد التخيلي الذي يلامس الواقع.. الوزير في مؤتمر خفيف بحضور مواطنين قالوا إن السلطات المعنية سمحت لهم بعرض معاناتهم من التموين أمام الوزير.. تكلم الوزير عن حكاية نقل تجربة وزارة التموين المصرية إلى دول العالم.. رفع مواطن يده وسمح له بالكلام.. الرجل سأل الوزير كيف ينقل العالم تجربتنا في التموين ومازلنا نعاني من اختفاء الزيت منذ عدة أشهر وبعده الأرز، والله أعلم ماذا بعد؟.. قال الوزير إطمئن الآن يمكنكم الخروج من المؤتمر وصرف الزيت والأرز، سوف آتي لكم غدا لأتحدث بشفافية عن موضوع الزيت والأرز.. في اليوم التالي عقد المؤتمر نفسه بالأشخاص أنفسهم.. قال الوزير قريبا سوف نحل أزمة الزيت والأرز، ثم أمر بفتح المجال للأسئلة.. وقف رجل غير الذي تحدث، وقال يا باشا أنا أكرر فين الزيت فين السكر فين الأرز فين الراجل اللي كان بيتكلم امبارح؟».
لهذا زار الملك الكنيسة
خلال رحلته لمصر زار العاهل السعودي الملك سلمان مقر الكنيسة الأرثوذكسية، حيث استقبله الأنبا تواضروس. عن أسباب تلك الزيارة التاريخية قال جمال أسعد عبد الملاك عضو البرلمان الأسبق في «اليوم السابع»: «فيما يخص استقبال البابا تواضروس الملك سلمان، فبلا شك أن هذه هي المرة الأولى التي تحدث في تاريخ المملكة، خاصة أن مقابلة الملك عبدالله لبابا الفاتيكان كانت سياسية بروتوكولية. كما أن أهمية اللقاء تتجسد في أن السعودية هي الدولة الإسلامية التي تعتبر نفسها حاملة وحامية لواء الإسلام في العالم، لوجود الأماكن المقدسة الإسلامية فيها، مع عدم وجود أقليات غير مسلمة ناهيك عن تبنيها الدعوة السلفية الوهابية، التي ينسب نشرها في مصر والمنطقة للسعودية. فهل هذه الزيارة ردا على زيارة البابا للسفارة السعودية؟ هل هذه الزيارة ستفتح بابا للحوار لمناقشة فكر ديني مسيحي إسلامي مستنير؟ هل يمكن استثمارها لتأكيد قبول الإسلام للآخر وإسقاط حجة ربط الإسلام بالإرهاب؟ هل هي علامة قبول من السعودية لعلاقات شعبية مصرية لا تفرق على أساس الدين؟ نتمنى أن تستثمر الزيارة في كل هذا ولصالح الحوار الإسلامي المسيحي وقبول الآخر حتى يكون هذا طريقا لإقناع الآخرين بهذه العلاقات وبذلك التحالف. حمى الله مصر وشعبها العظيم».
لم يجد مثقفين
«كان من المتوقع أن يأتي ملك السعودية إلى مصر ليجد في مصر مصريين يعرفون قيمة مصر ووزن مصر، وثقل مصر، وتاريخ مصر، وثقافة مصر، وحكمة مصر…كان من المتوقع، كما يشير نصر محمد عارف في «التحرير» أن يتم التعامل مع زيارة بهذه المدة الطويلة، وهذا الوفد الضخم، وهذه الموضوعات المتشعبة، بما يتناسب مع اللحظة التاريخية التي تتم فيها الزيارة بالنسبة لمصر وللسعودية وللعالم العربي والإسلامي، ولكن ماذا وجد الوفد السعودي الذي يكن لمصر التقدير الكثير؛ فمنها كان المعلمون الذين علموا الجيل الأول من السعوديين، وكذلك أساتذة الجامعات؛ وعلماء الدين الكبار؛ ومعلمو القرأن، والأطباء….ماذا وجد السعوديون في مصر؟ للأسف لم يجدوا شيئا من ذلك التاريخ، لم يجدوا فكراً ولا ثقافةً، ولا عمقاً ولا حكمةً. وجدوا مفكرين بالادعاء، ومثقفين بالوظيفة، وكتَّابا بالمهنة والارتزاق، وجماهير عريضة من الغوغاء والسوقة والرعاع الذين يستطيعون بالكاد أن يفكوا الخط على صفحات الفيسبوك والتويتر؛ فيخرجون أسوأ ما يمكن أن يخرج من إنسان.. صورة بائسة، تثير الحزن وتدعو إلى اليأس، ولكنها هي الحقيقة التي حدثت ووقعت، الجميع سقطوا ما بين متوتر، حانق غاضب، سفيه الحجة، وما بين هزيل ضعيف مستجد، شحَّات، لا يفرق شيئا عمن يقف أمام حمامات المطار يستجدي بعض المال، ما بين من يكاد يصل إلى حد سوء الخلق والإساءة إلى الضيوف، وما بين من يستجدي الضيف ويتوسل إليه طالبا صدقة، أو حسنة لله، حتى وإن باع الأرض التي هي العرض».
سر التصعيد الإيطالي
«الكثيرون يتساءلون عن أسباب التصعيد الإيطالي ضد مصر، وهو على حد رأي حسن ابو طالب في «الوطن» واضح وضوح الشمس؛ بداية من الحملات الإعلامية الممنهجة وتصريحات السياسيين الإيطاليين، ومروراً بالطلبات الغريبة، التي لا يقرها عقل، بشأن التحقيقات والحصول على أسرار لمليونين من المصريين لا شأن لهم بما جرى، ونهاية بقرار سحب السفير الإيطالي وإلغاء شركة الطيران الإيطالية رحلات بين القاهرة وروما من دون سابق إنذار، وقرار وكالة السياحة الإيطالية وقف السياحة إلى مصر، فضلاً عن تصريحات رسمية لوزير الخارجية الإيطالي بأن هناك إجراءات عقابية أخرى يتم التفكير فيها ضد مصر. هذا التصعيد الإيطالي له أسبابه المتعلقة بالصراع السياسي بين الأحزاب الإيطالية، التي تسعى إلى إسقاط حكومة ماتيو رينزي الائتلافية، وهو أمر من الصعب التحكم فيه، وفي محصلته العملية، وهذا ما يهمنا، أنها تدفع إلى مزيد من التصعيد غير المبرر، وربما إعلان إجراءات عقابية إرضاء للرأي العام الإيطالي الذي تم إلهابه إلى مستويات يصعب السيطرة عليها إلا من خلال مواقف شديدة التطرف. وقد يقول قائل إن أسلوب مصر، وتحديداً وزارة الداخلية المسؤولة عن التحريات وجمع المعلومات، في إدارة الأزمة لم يكن أسلوباً موفقاً، بل ظهر وكأنه مرتبك وكأنه يوحي بذنب يسعى لإخفائه، كما أن المعلومات المتضاربة حول مقتل عصابة الحي الخامس، المتهمة بابتزاز الأجانب، ووجود متعلقات الشاب الإيطالي لدى شقيقة زعيم العصابة المقتول، جاءت بآثار عكسية شديدة الوطأة، وأثارت شكوك الجانب الإيطالي أكثر وأكثر، وربما دعمت افتراضات مسبقة بأن أجهزة رسمية وراء مقتل الطالب ريجيني، وهو افتراض يعني أن الشاب المقتول لم يكن طالباً عادياً، وإنما له أدوار خاصة يدركها جيداً الجانب الإيطالي، وبالتالي يريد أن يجعل من مقتله درساً لمصر كلها».
«التابلت» ممنوع في الصلاة المكتوبة
ومن الفتاوى التي نقلتها «اليوم السابع» أمس الأربعاء، رد لجنة الفتوى في مجمع البحوث الإسلامية، على سؤال ورد إليها عن «حكم الصلاة مع إغماض العينين»، وما حُكْم قراءة القرآن من الـ«تابلت» في صلاة النافلة كالتراويح والتهجد، وقالت إن القراءة من التابلت في صلاة النافلة جائزة، أما الصلاة الواجبة فلا. وقالت اللجنة إن من السنة ترك تغميض العينين في الصلاة قال صلى الله عليه وسلم «صلوا كما رأيتموني أصلي» ولم يؤثر عن النبي أنه أغمض عينيه في الصلاة، لذا كره كثير من الفقهاء تغميض العينين في الصلاة، استنادًا لحديث النبى صلى الله عليه وسلم الذي رواه ابن عباس قال «إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يغمض عينيه». ويرى بعض الفقهاء أن تغميض العينين في الصلاة لا بأس به إن أدى إلى زيادة الخشوع فيها لأن الخشوع روح الصلاة».
وهم الحكومة الإلكترونية
ونبدأ المعارك الصحافية من البرلمان الذي يشن أكرم القصاص في «اليوم السابع» هجوماً عليه: «من مدهشات الوضع السياسي في مجلس النواب هو هذه الحالة من الدوران حول الذات من دون فعل، وترك القضايا الرئيسية إلى الفرعية والإمعان في اختراع ما هو موجود وتجاهل ما هو مفروض. دعك من كون التركيبة السياسية والحزبية في البرلمان غير واضحة المعالم، ومن الصعب اكتشاف الخيط الفاصل بين تياراته واتجاهاته، لكنّ أيضا هناك فراغا ناتجا من غياب التحديد أو معرفة ماذا يريد السادة النواب. يضيف القصاص: انشغل عدد من النواب بمناقشة الرد على بيان الحكومة، وقرروا أن يواجهوا مشكلات وشكاوى المواطنين مع الحكومة والمصالح الحكومية، فاقترحوا إنشاء ديوان للشكاوى على طريقة أهل البلدة الذين أرادوا مواجهة كثرة الحوادث بسبب حفرة في الشارع، وبدلا من أن يردموها اقترح بعضهم نقل الحفرة بجوار المستشفى أو إقامة محطة إسعاف بجوار الحفرة، ولم يفكر أحدهم في ردم الحفرة التي هي السبب. السادة النواب لم يفكروا في سؤال الحكومة عن مشروع الحكومة الإلكترونية الذي يقضي على الكثير من الفساد والبيروقراطية، وهي مشروعات انتهى منها العالم قبل بداية القرن الماضي، لم يفكروا في أصل الموضوع وهو البيروقراطية والتعقيدات الإدارية والنفسية والقوانين العتيقة التي لم تعد تناسب العصر ولا الظهر. لا يتحدث أي منهم عن انتهاء دور المدارس في الثانوية العامة وخلوها من التلاميذ، مقابل ازدحام مراكز الدروس الخصوصية التي أصبحت واقعا. لم يلتفت أي منهم إلى كوارث الهجرة غير الشرعية وعشرات يغرقون يوميا بعد أن تحول الأمر إلى تجارة وعصابات. ويشير الكاتب إلى أن النواب مشغولون بمميزاتهم وبدلات جلساتهم وسفرهم والاستعراض أمام التوك شو وليسوا جادين ولا مهتمين بما يجب أن يكون».
«داعش» يتمدد
فى تقرير أخير عن تمدد تنظيم «داعش» داخل ليبيا، أعلن ديفيد رودريغنر قائد القوات الأمريكية في أفريقيا أن عدد مقاتلي «داعش» في ليبيا جاوز 6 آلاف مقاتل، يزداد عددهم بصورة مستمرة تكاد تكون يومية، يوجدون في مدن سرت في أقصى الجنوب وفي إجدابيا وسط البلاد في محيط منطقة هلال البترول، وفي درنة أقصى الشرق قريبا من الحدود المصرية وفي صبراته على حدود تونس، ورغم أن الميليشيات الإسلامية المسلحة التي تحكم معظم المدن الليبية تكره وجود مقاتلين أجانب على الأرض الليبية من جانبه يرى مكرم محمد أحمد في «الأهرام» أن: «هذه الميليشيات لا تشكل خطرا حاليا على وجود «داعش» في ليبيا، خاصة في هذه المواقع الحيوية التي تنطلق منها عمليات هجومها على الجوار الجغرافي. ورغم وصول المجلس الرئاسي الليبي الجديد إلى مدينة طرابلس وتشكيل حكومة وحدة وطنية، لايزال البرلمان يمتنع عن منح ثقته لحكومة الوحدة الوطنية، الأمر الذي يعطل مصالح الشعب الليبي، ويعيق فرص مواجهة تنظيم «داعش» الذي تزداد أعداد مقاتليه على نحو مطرد، حيث تؤكد تقارير إخبارية موثوق بها أن سبعة آلاف مقاتل تونسي موجودون في العراق والشام يستعدون للرحيل إلى ليبيا لتعزيز قوة تنظيم «داعش» هناك وتهديد أمن جوارها الجغرافي في مصر وتونس والجزائر والمغرب، مع تعثر جهود التنسيق المشترك بين هذه الدول رغم المخاطر المتزايدة لـ»داعش»، ويأسى الكاتب لأن القوة العربية المشتركة المنوط بها مساعدة الشعب الليبي في حربه على الإرهاب لاتزال في حكم المجهول، رغم انتهاء رؤساء أركان حرب الجيوش العربية من مدونة سلوك تنظم عمل هذه القوات، بحيث يصبح الاشتراك فيها طوعيا ولا يحق لها التدخل في الشؤون الداخلية لأي من الدول العربية، وتلتزم قواعد الشرعية وميثاق الجامعة».
شفيق عندما يعارض
ونتجول بالمعارك الصحافية حيث يقيم الفريق أحمد شفيق، الذي يشن عليه حمدي رزق في «المصــــري اليوم» هجوماً واسعاً: «رسم الفريق أحمــــد شفيق نفســـه معارضاً شرساً للرئيس، عبر بيان جاء متماهياً مع قلق يعتور الشارع المصري بقسوة، يقــــول شفيـــق: «إن مصر تضافر عليـــها خلال الفـــــترة الأخيرة العـــديد من الأحداث، منها أزمة سد النهضة، وتوتر العلاقات مع إيطاليا»، وينعى على الحكومة المصرية مواقفها، ويتساءل بلسان معارض: «هل هو نقص في الخبرة وضعف الإدارة؟ هل هو الاختيار غير المناسب لمن يُناط بهم معالجة الأزمات؟ هل التلكؤ والبطء في اتخاذ القرار المناسب في التوقيت المناسب؟».
ويرى رزق أنه من حق الفريق شفيق أن يرفض نهجاً سياسياً حاكماً، وعلى بيانه يتأسس موقف الفريق شفيق من نظام الحكم، وعليه مطلوب من الفريق أن يحسم موقفه بالعودة إلى مصر معارضاً، لا يستحب المعارضة من الخارج، أخشى أن تثير حساسيات وطنية الفريق يقيناً في غنى عنها، عادة نفضل المعارضة من الداخل، على أرض الوطن، وننعى على المعارضة في الخارج، الداخل يتسع للمعارضين، وبين ظهرانينا معارضون أشداء، لم يخرج علينا سوى الإخوان.. وللإخوان حسابات أخرى. الفريق شفيق يعرف موقع قدميه جيداً، وهو أدرى بموقعه من الإعراب الوطني، ولكن عودة الفريق إلى مصر صارت ضرورة، وتصفية موقفه القانوني صارت واجباً، ذهب الإخوان إلى غير رجعة، فما الذي يؤخر الفريق، مِمَّ يخشى الفريق، وهل مثله يخشى أم أنه يطلب المستحيل؟ ويمضي الكاتب في تساؤلاته لم لا يقطع الفريق الطريق إلى القاهرة ليواجه، ويوفق أوضاعه، ويعارض من الداخل؟ هذا أوفق، لا محل لمقارنات، ولكن العودة إذا كانت حقا لكل مصري، فالعودة حق للفريق شفيق إذا كان هناك مَن يستحق العودة، على الأقل الفريق لم يخرج على الشعب المصري شاهراً سيفه».
حسام عبد البصير