ورجونا الأرض والسماء
رجونا أصدقاءنا المتناثرين في أرجاء الأرض أن يشفقوا قليلاً على أطفالنا اليتامى متيحين لهم العمل متسولين على أبواب المساجد والكنائس والمقابر والمخافر والمقاهي، ورجونا أصدقاءنا أن يسارعوا إلى تقديم العون العاجل لنسائنا الأرامل شرط ألا يقدموا عونهم في مخادع النوم، ورجونا أصدقاءنا ألا يشمئزوا من جثثنا الممزقة، فهي مجرد جثث لا تؤذي ولا تضر، ولا أمنية لها غير أن تجد حفراً آمنة تتوارى في صقيعها وظلمتها، وطلبنا إلى أعدائنا بإلحاح أن يتمادوا في وحشيتهم، فالميت لا يموت غير مرة واحدة، ورجونا العشب الأخضر أن ينبت على قبورنا، فقد كنا طوال حياتنا نحب البساتين الخضر ذات الأشجار المثمرة، وقلنا لخالق السماء والأرض بأصوات هامسة: أيرضيك ما يحدث، فمتى ستغضب وتحاسب الحساب العسير وتعاقب العقاب الأليم؟
كيف متنا؟
أطلقوا رصاصهم على رؤوسنا وقلوبنا وقنابلهم على بيوتنا، فمتنا بغير أسف.
وانقضت سكاكينهم على حناجرنا وذبحتها بغبطة وتشف، فمتنا من دون أن يسمع القتلة صيحة توسل أو استغاثة.
وتدلينا من حبال المشانق صامتين زرق الوجوه، فمتنا، ولم تستطع الحبال التي خنقتنا أن تستأصل الكراهية والازدراء من لحمنا وعظامنا.
ومتى متنا
لقد حاولوا قتلنا مستخدمين أبشع الأساليب وأقساها، ولكنهم لم يوفقوا، ولم نمت إلا عندما سمعنا رئيسهم يتحدث عن حبه للشعب واحترامه لإرادة الشعب، ومتنا قرفاً وغيظاً.
من نحن؟
كنا رجالاً من لحم يمزق ودم يسفك وعظم يطحن ويسحق، كنا رجالاً تجاهلوا أنهم رجال بغية الحفاظ على بقائهم أحياء سالمين، فلما تنبهوا فجأة إلى عارهم وحاولوا محوه سارعت ممحاة الحاكم إلى محو المحكومين.
تنبيه وتحذير وتذكير
لا داعي إلى أن نفكر لأن السيد الرئيس يفكر بدلاً منا.
لا داعي إلى أن نقرر لأن السيد الرئيس يقرر بدلاً منا.
لا داعي إلى أن نحيا لأن السيد الرئيس يحيا بدلاً منا، فله الحمد، وله الشكر لتضحياته الجمة في سبيل شعب عاق ناكر للجميل.
المواطن الذي لا يزال حياً
من صفات المواطن السوري المحافظ على حياته أنه يتكلم مادحاً السيد الرئيس دائماً، ويحلم برؤية السيد الرئيس يوماً ولمس بعض ظهره الطاهر، ويضحك حين يعلم أن السيد الرئيس ضحك، ويبكي حين يعبس السيد الرئيس، ولا يؤيد إلا السيد الرئيس، ولا يحب إلا السيد الرئيس، فحب النساء يجلب التعاسة والهوان والأحزان بينما حب السيد الرئيس يجلب الأمن والأمان وبعض العظام.
ويطيب للمواطن السوري المتشبث بحياته أن يحمد الله باستمرار، ولكنه يحرص على أن يحمد السيد الرئيس أولاً بصوت عال، فبالحمد تدوم النعم.
صلاة الجماعة
تعالت أصوات المؤذنين داعية إلى صلاة الفجر، ودخلت كل غرفة من غرف المنازل النائمة، ولم تنجح أية غرفة موصدة الباب والنوافذ في الفرار منها، فأنصت سالم الخطاب لأصوات المؤذنين، ومسح الدم عن عينيه وفمه، وتخيل أنه يصلي وحيداً في أرض مقفرة بينما كان المحقق ينصحه بالاعتراف بكل ما لديه من معلومات إذا كان يريد التخلص من تعذيب سيزداد قسوة وشراسة، ويركله طالباً إليه المسارعة إلى الاعتراف، فحنى سالم الخطاب رأسه، وابتدأ يبوح بصوت متهدج بكل ما يعرفه عن ارهابيين مجهولين لم تتمكن يد العدالة من الوصول إليهم، فأمه إرهابية تنقل القنابل الموقوتة تحت ملاءتها السوداء، وأخوه التلميذ في الصف الأول الابتدائي موهوب في صنع القنابل، ويحوّل دماه قنابل شديدة الانفجار، وأخوه الآخر الذي يكبره في السن ويتظاهر بالبلاهة منذ أن ولد هو الخبير في تحويل الرجال من مسالمين إلى قتلة وإرهابيين لا يبالون بالموت، وأخته الصبية الجميلة هي أبرع من اختطف واغتال، وأبوه هو العقل المدبر لكل العمليات الإرهابية في السنوات العشر الأخيرة، وجدّته العجوز الذي يفوق عمرها التسعين سنة تخطط لاختطاف مركبة فضائية واستخدامها في عملية انتحارية ضد المركز الرئيسي لبنك تشيز مانهاتن، وقد أصغى المحقق مفتوح العينين إلى اعترافات سالم الخطاب مستغرباً أن تتمكن كومة من اللحم المهشم من الحفاظ على قدرتها على السخرية والمزاح المرح، ولكنه لاحظ أن سالم الخطاب لم يكن يمزح أو يهزل أو يسخر بل كان يتكلم بصدق وجدّ، وينتحب كالنساء لأنه اضطر إلى الوشاية بمن يحبهم أصدق حب، فأمر المحقق بإحضار كل الذين اعترف سالم الخطاب بجرائمهم، وتبين له بعد دقائق أنهم كانوا معتقلين لدى محقق آخر، وتم التخلص منهم قبل يومين، ولم تدفن جثثهم بعد، ولا تزال محفوظة في برادات مستشفى حكومي، فأمر بجلبها من دون إبطاء، وأمر في الوقت نفسه رجاله بالتأهب لانتزاع الاعترافات من رجال ونساء وأطفال يتصفون بالخبث والدهاء، وسيتظاهرون أنهم صم بكم موتى.
زكريات تامر
أرجو من الله عز وجل أن يتغير وضع سوريا للأفضل
بلا اعتقالات ولا اغتيالات عدا التعذيب والاغتصاب
وأرجو من الله عز وجل ان ينعم بالحرية والاستقرار
لكل شعوبنا المضطهده من حكام قساة ظلمه لا يخافون عقاب الله
وسيرى الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون – صدق الله العظيم
ولا حول ولا قوة الا بالله