لم يكن مفاجئاً لي الإعلان الغريب لأسرة الشريف المصرية في ولائها للسيسي ما عدا وليد الذي وُصف بالولد العاق، أتفهّم هذه العائلة جيّداً.
رأيت إعلاناً مشابهاً قبل سنوات في إحدى قرانا في الجليل على متجر كبير، «سوبر ماركت فلان الفلاني وأولاده ما عدا فلان»، يبدو أن الاسم الذي جرى استثناؤه من المصلحة التجـــــارية سبَّب لها خسائر بعمل ما قام به، قد يكون عملاً غير أخلاقــــي ترفضــه العائلة وتتبرّأ منه، وذلك تحاشياً للمقاطعة التجـــارية والاجتماعية التي قد تُفرض على المتجر وعلى العائلة تلقائياً من قبل الجمهور الواسع، فاضطرت العائلة لمثل هذا الإجراء، وذلك أن النظام القبلي والقروي الضيّق يأخذ العائلة كلها بذنب أحد أفرادها.
الحقيقة الخفية وراء إعلان عائلة الشريف المصرية، هي أن وليد العاق قد يُعرّض مصلحة العائلة للخطر، وبهذا تعلن العائلة من دون أن تدري بأن هذا النظام الدكتاتوري لا يؤتمن جانبه، وقد يعاقب كل أفراد العائلة بسبب تمرّد أحد الأبناء على الطاعة، لأن النظام الدكتاتوري معتاد أن يعاقب الجميع بجريرة الفرد. هذا أحد أساليب النظام الدكتاتوري في إحكام قبضته على الناس، فهو يحوّل الجميع إلى رقباء على الجميع وكلهم يخشون العقاب فيقاطعون ويحاربون الخارج عن السرب.
وقد يقاطع الناس عائلة ما في تجارتها خوفاً من شبهة التقرّب منها ومن إبنها»سيّء السمعة»، وبهذا يشتركون بمعاقبة أسرة المعارض ليكون المجتمع كله شريكاً في القمع. قد يكون وليد من المشبوهين في قضية سياسية وحتى أمنية خطيرة، ولكن ما ذنب العائلة كلها حتى ترتعب وتعلن مثل هذا الإعلان في الولاء سوى خوفها من الدكتاتور والقطيع المؤذي الموالي له!
في معظم قرانا العربية تأسست المجالس المحلية في الستينيات، ورغم أن انتخاب الرئيس والأعضاء يجري بشكل ديمقراطي وسري، إلا أن هذه السرّية في القرى الصغيرة كانت شبه علنية، فالاصطفاف العائلي يتّضح قبيل الانتخابات بأشهر، وأي تغيير في الموقف مهما كان ضئيلاً، قد يقلب النتيجة أو يرجّحها لطرف ضد آخر، هؤلاء الذين يخرجون عن إجماع العائلة ويغيّرون النتيجة يطلق عليهم بكل بساطة تسمية الخَوَنة، وقد تقاطعهم العائلة والحلف، وسوف يذكرون لهم موقفهم «الخياني» لسنين قادمة، خصوصاً إذا أضر هذا الموقف بالفوز بالرئاسة أو العضوية أو بالحصول على وظيفة ما.
عادة كان يترشح للرئاسة في قريتنا إثنان، كل واحد منهما يرأس عائلة كبيرة متحالفة مع عائلات أقل عدداً، يفتح كل منهما ديوان بيته قبل الانتخابات بأشهر، ليتحوّل إلى مقر للنشطاء والمؤيدين للسهر والسّمر وحسابات الأصوات.
في إحدى الجولات في مطلع السبعينيات صادف أن حضر ديوان أحد مرشحيّ الرئاسة رجل بعكس توجّه عائلته، وكانت له غاية من المرشح، فقد ظن أن بقدرته تخفيف ثلث المدة التي تمنح للسجناء الجنائيين عن ابنه السجين الأمني، وذلك بسبب علاقة المرشح الخاصة مع أحد رجال السلطة الكبار.
كان في السهرة رجل ضرير، له ثأر قديم مع هذا الرجل، فأراد أن يلمز ويغمز من جانبه، فاستأذن بأن يحكي، ثم قال: هذا يا جماعة كان لدى شخص ما ديك من الحجل، يرشّ له الحَبَّ في ساحة بيته ويطلقه، فيأخذ هذا بنقد الحب فيجذب غيره من الطيور، وحين تجتمع حول الحبّ يلقي الرجل شبكته عليها فيصطاد بعضها لتكون وجبة لغدائه، وقد اعتاد أن يفعل هذا في كل بضعة أيام.
وكان له جار، انتبه لما يفعله، فأتى إليه وعرض عليه أن يشتري منه ديك الحجل وأغراه بالمال حتى وافق، وما أن تسلّمه حتى استل سكيناً من جيبه وذبح ديك الحجل ورماه للقطط، فقال الرجل مندهشاً: «لماذا ذبحته وقد دفعتَ ثمنه باهظاً، فقال جاره: لأنه خائن لأبناء جنسه والخائن يحلُّ ذبحه».
فهم الحضور أن القصة موجهة إلى هذا الرجل الخارج عن إجماع عائلته، وأن الرجل الضرير قصد إهانته، إلا أن هذا الرجل «الخائن» لم يكن هيّناً، فاستأذن بالحديث وقال: وحّدوا الله يا جماعة.. فقالوا: لا إله إلا الله، فقال: هذا يا جماعة، عندما قذف الحوت سيدنا يونس من جوفه، كان جسده طرياً مثل العجين تؤذيه الشمس، فاستظل ببيت من اليقطين، وكان على الشاطئ أطفال يلعبون ويمرحون باستثناء ولد أعمى وقف جانباً محروماً، فتوجه يونس إلى ربّه متسائلاً: «يا ربُّ، لِمَ حرمت هذا الطفل من نعمة النظر! لم لا تجعله مبصراً كي يلعب مثل رفقائه! فاستجاب الله لرغبة يونس، وفتّح الولد وأبصر، وكان أول شيء وقعت عليه عينا الطفل هو يونس عليه السلام، فتناول حجراً ورماه به، ثم دعا بقية الأطفال ليفعلوا مثله، وراحوا كلهم يلقون الحجارة على سيدنا يونس فتلتصق الحجارة بجسده الطري فيتألم ويصرخ، يا إلهي..الرحمة يا رب، ماذا فعلتُ حتى تعاقبني!»، فأرسل له الله وحياً قال له: «تأدّب يا يونس، ولا تتدخل في ما لا يعنيك فتلقى ما لا يرضيك».
وأضاف الرجل على لسان الوحي أنه قال: «وين بتشوف أعمى إكسر له عصاه واسكب له عشاه، إنت مش أَولى من ربّه اللي عماه».
إنها الديكتاتورية التي تأخذ العائلة وحتى الحي والقرية كلها بجريرة أحد أبنائها، وهي القبلية التي ترى بالخارج عن السرب خائناً، وهو المجتمع الذي يعاقب عائلة بذنب ابنها، وطبعاً لا ذنب لعميان العالم بشقاوة الولد الذي رجم سيدنا يونس.
سهيل كيوان
جميل ما خط قلمك استاذ سهيل
انها واقع حياة ومنهاج في الانتخابات
واذا تمعنّا في واقعنا اليوم نجد انّ العنصرية
القبلية اخذت موقفا صعبا هذه الايام
فاللسان اليوم لا يجرح كما كان سابقا
الايدي عمياء صماء تحمل الحجر الأعمى
دون ان تدري ..اللسان اذا كان حكيما اخذ حقه
دون اراقة دماء ..وهذا ما حدث في القصة التي وردت في مقالك
دمت بخير ودام نبض قلمك اخضرا ..
قصة الولد الأعمى مع نبي الله يونس ملفقة وغير صحيحة لأنه نزل بأرض لا بشر فيها ولا حيوان ولا نبات
والدليل هو بعد بسم الله الرحمن الرحيم :
۞ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ (146) الصافات
ولا حول ولا قوة الا بالله
إحدى زوجاتي لا تنتخبني بالمجلس البلدي لأنها لا تحب رئيسة الحزب الذي أنتمي إليه !
والأخرى لا تنتخبني بل تنتخب إحدى بناتي منها وبتشجيع مني !!
أنا إنسان ديموقراطي ولا أخون أحداً !!!
ولا حول ولا قوة الا بالله
ههههه اخ كروي أراك تدير حملة انتخابية ودعائية لنفسك على صفحات القدس العربي، فهل اقتربت الانتخابات في النرويج؟ تحية لك وتحية عطرة للاستاذ سهيل وللجميع.
حياك الله عزيزي الدكتور رياض من ألمانيا وحيا الله العزيز أبو عمر من إسبانيا وحيا الله الجميع
الإنتخابات البلدية في النرويج السنة القادمة وأود أن أعطي الفرصة للجيل الثاني ليقوموا بالمهمة تحت توجيهاتنا
الحال كذلك في إدارة مدرسة القرآن والمسجد والنشاطات حتى تتجدد الدماء لتتفجر الطاقات عن مشاريع ثقافية تنفع المسلمين
ولا حول ولا قوة الا بالله
يقول كاتب النبي جبران خليل منذ بدايات القرن العشرين: “أنا دولاب يدور على اليمين بين دواليب تدور على اليسار” والمقصود هنا أن هناك اناس كالأنعام يسيرون خلف شخص ما وهناك دائما من يخالف القطيع ويتمرد عليه فتصيبه اللعنة ولو كان على حق
والولد العاق وليد لأنه على حق تبرأت منه العائلة خوفا على مصالحها مع النظام الديكتاتوري الذي يعاقب الجماعة على فعل عاق من أحدهم كما يفعل نظام المجرم ابن المجرم بشار الكيماوي في سوريا وكل ديكتاتوري العالم. لكن ما يجري اليوم في مصر هو نسخة مصغرة جدا لما يجري في سورية، لأن وليد العاق لو كان في سورية لأصابه كما أصاب ديك الحجل..
صباح الخير..
مقالتك تتناغم والمرحلة التي نعيشها ..اولا احببت تداخل القصص في بعضها البعض واعجبت بحجة كل منهم…
بعيدا وقريبا عن ما حدث فان واقع الانتخابات الذي نعيشه يغيب اصحاب الراي والفكر ويصنف المنتخبين الى اسراب متجانسة وغيرها خارج عن النغمة نشاز حتى وان كان لديهم الكثير مما يقدمونه فان التصويت العائلي يلغي الفرد شكلا ومضمونا ويحسب عليها كرقم ..نحتاج بشدة لاعادة بناء فكر جديد يعزز مكانه الفرد ويحترم حرية الاختيار دون ان يلغيه
صباحك جديد استاذ سهيل
اعجبني.
في حالة النجاح الف اب يتبنى وفي حال الفشلالكل بتخلا .
في هذا المقال افق واسع
استطاع الكاتب الصحفي سهيل كيوان ان يمرر الفكرة للقراء بطريقة مثيرة
الصورة السائدة هي اقصاء الأغصان الفاسدة من الشجرة حتى تنمو وتزهر بصورة صحيحة
هذا بالنسبة للمزروعات
لكن بالنسبة للبشر صعب الاهل يستأصلوا ابنائهم
في الدين كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته حتى لو كانت الرعية غير مرغوب فيها وخرجت من تحت سيطرة رب الاسرة . هناك ارتباط وثيق بين الاهل والابناء حتى لو تخلا الآباء عن أبنائهم وألقوا بهم في مهب الريح . اسم الوالد يبقى ملاصق لأسم الابن العاق الفاشل المنحرف
عندما يشاهدون الابن العاق الفاشل اجتماعيا وعمليا وأخلاقيا ينادوا عليه يا ابن فلان .
راح ابن فلان وجاء ابن فلان
ابن فلان عمل كذا وكذا
ابن فلان سكران ورائحة الخمر تنبعث من فمه .
والد فلان مش قادر يربيه تاركه بالشوارع !!!
الهروب والتنصل من المسؤولية والتبري عن الابناء مش حل .
الحل استخدام جميع الطرق لتحسين سلوك الابناء والوصول بهم الى بر الامان .
بالنسبة للصور التي وضعها الكاتب في المقال
وقصة الاعمى والخائن اختيار موفق جدا وجيد
الي بده يلعب مع القط بده يتحمل خراميشه
الخائن استطاع بتلفيق قصة غير صحيحة أن يصفع الأعمى ويلقنه درسا مؤلما جدا .
عندما قال : وين بتشوف اعمى اكسر عصاه واسكب له عشاه .انت مش اولى من ربه الي عماه .
هذا تطاول على الذات الآلهية .
الله سبحانه وتعالى عادل في حكمه ولا يظلم احد
الابتلاء في الدنيا منح وليس محن
تصيب المؤمن حتى يختبر الله سبحانه وتعالى قوة صبره .وهل هناك صورة اوضح من صورة صبر سيدنا أيوب عليه السلام على الأبتلاء!!!
تزييف الدين في سبيل الوصول الى عقول الناس والمس بأهم المعتقدات هي قمة الخيانة
خيانة العقيدة وخيانة البشر
اضحكتني يا أخي كروي. انت تستخدم منبر أخينا سهيل للدعاية الانتخابية :).
يا سلام عليك وعلى عقلك كيف يعمل أنت!!
هل سيأتي اليوم يا ترى ونتغير ونصبح أكثر وعيا وحرية؟ أم اننا سنظل هكذا الى يوم القيامة؟
برغم المتعة التي شعرت بها اثناء القراءة خاصة
ذكاء كل واحد من الطرفين وكيف قصف الاخر قصفا … الا انه أمر مؤلم جدا اننا ما زلنا على هذا الوضع
فالمتعلم والمثقف والجامعي والامي وقت الانتخابات كلهم سواء
اما العائلية واما الاتهام بالخيانة حتى لو كان المرشح حمارا يحمل أسفارا
محزن جدا
شكرا شكرا لأنك دوما تلمس بعصا سحرية وممتعة كل ما يؤلمنا وكل ما نعيشه بل وكل ما نتناساه كاتبنا الرائع سهيل كيوان
اولًا يحق للشاعر ما لا يحق لغيره!! كذلك الحال بالنسبة لسهيل الكيوان المجدلاني ؟!
سيدنا يونس بحسب رواية استاذنا سهيل كان عند خروجه من بطن الحوت يتمتع بجسمٍ طري مثل العجين ؟؟! ولهذا التصقت كل الحجارة بجسمه!! ما اجمل وصفك واعتمادك حتى وان كانت منبثقة من احداث الاساطير؟؟
ليس من حق هذا الاعمى اتهام من يغرد خارج السرب , بالخائن واستباحة ذبحه ؟؟!! وخصوصًا اذا كان هذا الخارج غايته هو تمرده على روتين الولاء المقيت والسير بنهج القطيع وما يملى عليه ؟! وبالمقابل ليس من باب اللباقة مقابلة ابداء الرأي بردٍ مهين وفيه من التجريح اكثر مما فيه من الاصلاح , «وين بتشوف أعمى إكسر له عصاه واسكب له عشاه، إنت مش أَولى من ربّه اللي عماه». لا…ليس هذا قول رحمن رحيم؟؟
اما بالنسبة لمفهوم التبعية ومحاولة البعض الافلات من وزر هذه التبعية… فنحن بهذا النهج لا نختلف عن نهج الدكاتوريات في دولنا العربية ( البرهان على صدق ما اقول ما يحدث حاليًا في مصر ) اذا كان السُقم يعشعش في راس الهرم !! فكيف تتعافى يقية الاجزاء؟؟!
سوف نصل نحن العرب الى المبتغى المطلوب , باستمرار المطالبة بتغيير الموجود بمنشود مرغوب وألا…سوف يقذفنا التيار الى تعاريج المسدود والمفقود والسلام.
بورك قلمك اخي سهيل , ففي كل خميس تاتي بالنفيس ,وفي كل مرة تجيد بعبقرية وتجديد .
مقاله سياسيه ساخره قمه في الروعة تناولت خلالها كاتبنا قضيه ممزوجه بكثير من المرارة فابدعت بتوظيف الاضداد في اللغة كنسب العمى للبصر والبصيرة واسقاط صفات سلبية على الوحي لا تتناسب مع صفات الخير التي من المفروض أن يتمتع بها ،مما جعل المقالة ترفع من التشاؤم على حساب التفاؤل لكن دون أن تخفي الحقيقة ،كما تفوقت بقدرتك على الربط بين العصبية القبلية التي تؤدي إلى تفتت المجتمع وتناحره وظهور الانقسامات والخلافات الداخلية فيه وبين الانتخابات القريبة وعلاقة الطرفان بالنظام الدكتاتوري الذي يتعامل بنفس الطريقة فيعاقب المجموعة بجرائر اي عضو فيها.قصة ديك الحجل جميله جدا ذكرتني برواية ريتشارد باخ النورس جوناثان ليفنجستون حيث قرر ذلك النورس ان يحلق بعيدا عن السرب لان الطيران كان متعته الوحيدة، باقي السرب رأى شذوذا بالامر فطرده بسبب حماقته المتكررة ، خلال رحلة طيرانه تعرف على معلم نصحه باتباع فكر جديد ، مما جعل النورس يكتشف سماء غير السماء ولكنه بالنهاية اختار العودة إلى موطنه وسربه ، فحتى الخائن في الانتخابات يجالس أفراد عائلته باجتماعاتهم جسده معهم وفكره ومبادئه في مكان آخر وهذا ما يمنع تقدم مجتمعاتنا فيستسلم الافراد للضغط الجماعي ويبيعون مبادئهم ويخافون الحرية والتحرر، سلم فكرك الراقي وروحك المبدعه الساحره وخيالك الخصب الذي يحبل بكل جميل.