اليمنيون لم يعودوا يتامى

مع دخول الجيش اليمني مسنودا بغطاء سياسي ومعنوي ولوجيستي من انصار الله الحوثيين، الى محافظة عدن و استكماله السيطرة العملية على اقليم الجنوب باعتباره آخر موقع كان لا يزال خارج سلطة الدولة الوطنية اليمنية انهى عمليا حقبة الهيمنة السعودية على اليمن مرة واحدة والى الابد.
كان هذا كافيا لوحده ان يثير حفيظة المملكة السعودية الى الحد الاقصى ويزيد من غيظها المتفاقم كلما كانت تسمع اخبارا جديدة عن نجاحات انصار الله الحوثيين وتقدمهم واقتدارهم في تشكيل اوسع دائرة وحدة وطنية حرة و مستقلة في قرارها عن «الدرعية» في التاريخ اليمني الحديث.
فاذا ما اضفنا الى ذلك وصول نفوذ وتأثير هذا اللاعب اليمني الجديد الى مضيق باب المندب وتحكمه عمليا في اخطر واهم مضيق استراتيجي في المنطقة العربية والاسلامية بكل ما يعنيه ذلك من تحول اليمن الجديد الى لاعب اساسي في المعادلة الدولية….
تلك المعادلة التي هي اصلا في طور التشكل على اطلال معادلة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية عندها نستطيع فعلا ان نفهم عمق «الفاجعة» التي تكون قد حلت في الدوائر الغربية.
فان تخسر اليمن تابعا ثم تفشل في تحويله الى صديق ومن بعد ذلك تفشل في منعه من التحول الى لاعب منافس في الاقليم لابد ان ذلك يزيد في تفاقم الضائقة التي حلت بحكام الرياض.
فكيف اذا ما علمت او تأكد لها ان هذا التحول الكبير سيحول اليمن مع مضي وقت قليل نسبيا الى مارد عملاق ولاعب قوي في شؤون الاقليم الذي تخسر فيه السعودية آخر اوراقها و الوحدة الجغرافية الاكثر التصاقا بها والاقرب اليها جغرافيا وتاريخيا اعني اليمن القديم الفقير صاحب بيرق الدولة الفاشلة كما كانت الرياض تتمنى له دوما ان يكون وتحرص على ابقائه في تلك المحطة الى ما لانهاية كما يردد اليمنيون.
الى هنا لوحده يكفي ان تنام الرياض ولا تغفو الا وتفيق على «ايران ثانية» ولكن هذه المرة على تخوم نجران وجيزان وعسير وعلى بعد 800 كم فقط من الركن اليماني في مكة المكرمة.
اذا اضفنا الى كل ما تقدم زيارة وفد يمني رفيع المستوى الى طهران وعودته من هناك بعقود تعيد لليمن عزته ونفطه الممنوع من التنقيب عنه واعادة تشكيل بنيته التحتية الممنوعة من الصرف سعوديا و28 رحلة اسبوعيا بين طهران وصنعاء لتنشيط وانعاش سماء اليمن فضلا عن اعادة بناء موانئه واسطوله البحري كما اعلن في نص التوافقات الثنائية، فماذا سيكون حال حكام الدرعية حينئذ.!؟
انه الفخ الذي رمت به الرياض نفسها هروبا من واقع مر لم تستطع تجرعه عندما قررت ان ترمي بنفسها في تهلكة ارادتها لها اسرائيل وامريكا المتخوفتين والمترددتين في خوض حرب مفتوحة ضد محور بات يملك ليس فقط قراره المستقل بل والقدرة على رسم ملامح معادلة العالم الجديد.
لا احد يستطيع اقناعنا مطلقا بانها حرب سعودية على اليمن فحسب فضلا عن كونها ضد الحوثيين لوحدهم، فهذا هو العنصر الغريزي المحرك نعم.
لكن الرياض التي لم تعد تملك قرارها لوحدها، لم يبق لها القدرة وهي المنهكة الا ان تقبل بتنفيذ سيناريو الحرب على اليمن كآخر اوراق متاحة لدى ساكن البيت الابيض ليلعبها ضد طهران وموسكو وبكين، في محاولة منه لخلط الاوراق.
ليرضي بذلك غرور «الدرعية» اولا اذا ما ربحت الحرب ولو مؤقتا.
وليضغط على طهران وموسكو وبكين ثانيا في حوارات السقف العالي ان كان حول النووي او في اوكرانيا او بشأن المحيط الهادئ….
وان يخلط اوراق الاقليم ثالثا لعله يؤخر ولو قليلا تسارع انحطاط امبراطوريته وافول نجمها في الاقليم على الاقل كما يؤجل قدر الامكان توسع وتقوية حلف المقاومة والممانعة الاوسع اقليميا الممتد من المتوسط الى الاحمر ومن هرمز الى باب المندب.
عرضت هذه المهمة على انقرة اولا فرفضتها ثم عرضت على القاهرة فتذمرتها ولما اوكلت الى الرياض تحمست لها واما العشرة «المبشرون» بالوحدة العربية ممن يسمون بالتحالف فلن يكون لهم اي دور حقيقي في المهمة الموكولة هذه سوى التشويق والتشجيع والتصفيق.
وحدها الرياض ستدفع ثمنا غاليا على فعلتها هذه غير المحسوبة بكل الموازيين والمقاييس العقلانية والاخلاقية، واول الثمن فشل حملتها فشلا ذريعا و استمرار تطهير المحافظات الجنوبية من القاعدة والتكفيريين وميليشيات هادي بعزيمة وقوة اكبر على يد الجيش واللجان اليمنية الوطنية الثورية، رغم الغارات والقصف الجوي السعودي الامريكي العشوائي المتواصل.
واما القادم من الايام والاسابيع والاشهر فانه يحمل في طياته بالاضافة الى رد مزلزل من جانب ثوار اليمن وجيشه وصاعق كما يؤكد اصحاب الشأن اليمني، فانه سيشعل لا محالة الصراع الداخلي بين الاجنحة السعودية التي بدأت تلوح ملامحه في الافق.
هذا ناهيك عن استعدادات يمنية على قدم وساق لاستعادة «اراضيهم المحتلة» من المحافظات الثلاث، وهو الملف الذي فتح بقرار سعودي ارادوا ذلك ام لم يريدوه ولن يغلق الا باسترجاع تلك الاراضي حربا او سلما كما يؤكد اليمنيون.
ذلك ان اليمنيين اليتامى ! ليس فقط لم يعودوا يتامى، بل غدوا حسب خارطة الجغرافيا السياسية الجديدة سادة المحيط الهندي والبحر الاحمر واسياد الجزيرة العربية كما ستثبت نتائج الحرب السعودية الامريكية المفروضة كما بدأ يسميها اليمنيون.

٭ كاتب من ايران

محمد صادق الحسيني

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول مغاربي:

    نحن في اقصى الوطن العربي الكبير لا نعرف ما ذا يجري في المشرق بالضبط ،وكل ما نعرفه ان السعودية هي حامية الدين الاسلامي والمحافظة عليه وخادمة الحرمين الشريفين ، ونعرف انها سلمية في سياساتها ، ولا تملك طائرات كما يشاع
    وهي الان تقصف بها اليمن البلد العربي الجار والشقيق ..ولوكانت لها هذه الطائرات لما بخلت او خافت باستعمالها في حرب اليهود مع الفلسطينيين خاصةحرب غزة الاخيرة ..
    واذا هي بالفعل عازمة على تدمير اليمن بالالة الامريكية او الروسية فانها تكون قد تخلت عن مهمتها في خدمة الاسلام والاشراف على مقدساته…وعلى المسلمين في ارجاء العالم ان يرتدوا عليها ..
    واننا نسمع ايضا ان دولة فارسية تسمى ايران مجوسية في دينها ومع ذلك فانها تساعد الفلسطينيين ، وتساعد اشقاءنا العرب في ما يتعرضون له من التنظيمات الارهابية المصنوعة بايد امريكية ومدعومة اسرائليا..وكل ما نحتاج اليه هو الفهم ، اذ لا يستساغ ان يكون هذا صحيحا : المجوس يساعدون العرب .ارشدونا يرحمكم الله.هل السعودية تقصف اليمن فعلا ..

  2. يقول لكل شيء إذا ما تم نقصان:

    يقول الشاعر : لكل شيء إذا ما تم نقصان … نقصان إيران سيكون هو اليمن . لا تنسى يا أخي الكاتب أن من أسقط روسيا هم السعوديون و هم من سيسقط إيران.

  3. يقول الحريزي الإدريسي - المغرب الكبير:

    هنيئا للعرب عاصفة الحزم و لا عزاء للحاسدين.

  4. يقول احمد المعشني . عمان:

    هنيئا لليمن خروجها بثلة وطنية لا تمتهن لقرار من احد لا الرياض ولا طهران . لكن اخي العربي اذا لم يكن لديه بد من الامتهان لاحد فاشرف وانبل واكرم ان يكون تحت امرة اخيه ولا يكون قراره مرهونا بالعمايم

  5. يقول Ali:

    تحية من القلب لكل الدول المشاركة في عملية عاصفة الحسم بقيادة المملكة العربية السعودية٠
    أن جماعة الحوثيين لايفهموا الا بهذه الطريقة٠
    هم ظنوا يستطيعون بيع اليمن لحليفهم الأيراني٠
    فما ربحت تجارتهم وماربح الايراني٠
    نتمنى من العلي القدير تكون اليمن نهاية التمدد الصفوي٠
    عاشت الأمة العربية والأسلامية وعلى رأسها السعودية وتركيا والخزي والخزي والعار للاعداء الأمة العربية٠

  6. يقول خالد بن الوليد:

    و ماذا عن الجزر العربيه المحتله من إيران ؟

    ماذا عن الأحواز العربيه المحتله ؟

    ماذا عن الإحتلال المجوسي لعراق العروبه ؟

    لبنان في يد الفقيه من زمان ..

    سورية عصيه عليكم يا مجوس

    وانشالله ستعودون من حيث أتيتم …

  7. يقول تاشفين:

    بزغ فجر الاستقلال و الخروج من الوصاية السعودية و ما النصر للشعب اليمنى الحكيم بقيادة انصار الله الا مسألة أيام

  8. يقول MHassan-USA:

    عم بلي وسح ولكن اضحو او اضحى اليمنيون ارامل وثكالى ومعوقين بفضل ايران وثعالب المرجعية المقدسة في قم وقم والنجف.

  9. يقول talal al assad:

    النصر دائما للشعوب المستظعفة
    والخزي والعار والهزيمة للمعتدي السعودي وسيده الامريكي.

إشترك في قائمتنا البريدية