تعز ـ «القدس العربي»: خالد الحمادي: ذكرت مصادر محلية ان انتشار ظاهرة (السوق السوداء) للوقود والغاز المنزلي منذ سيطرة الانقلابيين الحوثيين على السلطة في العاصمة اليمنية صنعاء تقف وراء تمويل المجهود الحربي، لجماعة الحوثي ومصدر ثراء لقيادة الجماعة، في الوقت الذي ازدادت فيه معاناة السكان جراء ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق.
وقالت لـ«القدس العربي» ان «ارتفاع أسعار الوقود واختفاءه من محطات البيع الرسمية، تقف وراءها قيادات حوثية، تسعى إلى الثراء الفاحش، جراء استثمارها لذلك عبر بيع الوقود في السوق السوداء بأسعار خيالية والذي تملك فيه نصيبا كبيرا».
وأوضحت أن «القيادات الحوثية تسعى بين الحين والآخر إلى اختلاق أزمات في الوقود لتسهيل رفع أسعارها في السوق السوداء إلى أعلى مستوى ممكن، وبالذات مادتي البنزين والغاز المنزلي، التي ارتفعت أسعارها بشكل جنوني في السوق السوداء، خلال الأيام الماضية بعد انعدامها من الأسواق».
واختفت مادة الغاز المنزلي تماما من الأسواق منذ نحو شهر، وتباع في نطاق ضيق بالسوق السوداء بأكثر من 9000 ريال للاسطوانة الواحدة، بينما سعرها الرسمي في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة لا يتجاوز 1200 ريال، وهو ما اضطر الكثير من سكان العاصمة صنعاء إلى اللجوء لاستخدام الحطب ومخلفات الحيوانات في عمليات الطبخ المنزلي.
ونشطت السوق السوداء بصنعاء لمادتي البنزين بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، لدرجة أصبحت هي المصدر الوحيد لتزويد السيارات بالبنزين بأسعار خيالية، تصل إلى 400 ريال للتر الواحد، بينما السعر الرسمي له لا يتجاوز 190 ريالا، في المناطق القريبة لصنعاء من المدن التي تقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية.
وذكرت مصادر اقتصادية أن السوق السوداء تدر على الانقلابيين الحوثيين مبالغ تقدر بأكثر من 120 مليار ريال يمني شهريا (الدولار يساوي 470 ريالا يمنيا)، وهو مبلغ يكفي لتغطية راتب شهرين من رواتب موظفي القطاع المدني والعسكري، غير أن قيادات الحوثيين تستثمر جزءا من هذه المبالغ في تغطية نفقات المجهود الحربي فيما تصادر البقية لحساباتها البنكية الخاصة، وتحرم الموظفين الحكوميين من رواتبهم منذ أكثر من عام، بذريعة عدم وجود سيولة نقدية.
وتعتمد السوق السوداء في بيع البنزين على محطات متنقلة محمولة فوق سيارات المهربين، بالاضافة إلى محطات عشوائية لبيع مادة الغاز، تفتقر لأي ضابط من ضوابط إجراءات السلامة المهنية، والتي تتسبب في الكثير من الحوادث التي تعرض حياة السكان للخطر. وذكرت مصادر إعلامية أن عدد حرائق المنازل بلغت خلال العام الماضي بالعاصمة صنعاء، نحو83 حادثاً، وأرجعت الأسباب الرئيسية لها إلى المحطات العشوائية لبيع الغاز.
وأعلن تقرير صادر عن مركز العاصمة الإعلامي عن وجود 933 محطة عشوائية لتعبئة الغاز في العاصمة صنعاء، حيث ارتفع عدد تلك المحطات من 43 محطة عام 2015، إلى933 عام 2017، برعاية وحماية المسلحين الحوثيين.
وتحتكر جماعة الحوثي، التي تسيطر على شركة الغاز بالعاصمة صنعاء، عملية توزيع مادة الغاز للمستهلكين، إلا عبر المحطات التابعة لها أو لقياداتها، والتي يديرها نافذون في جماعة الحوثي.
وتمارس ميليشياتها الابتزاز للتجار غير الموالين لها في استمرارها بالتحكم في منع توزيع الكميات المطلوبة لمحطات تعبئة الغاز ومحلات البيع الاعتيادية، وفرض مبالغ مالية باهضة على التجار المستوردين وهو ما يبرر ارتفاع أسعاره بشكل كبير.
وتسبب انعدام مادة الغاز في ارتفاع أجور النقل والمواصلات العامة في العاصمة صنعاء بنسبة 100٪ نظرا لأن الكثير من حافلات المواصلات العامة تعمل بالغاز.
وكانت بعض أحياء العاصمة صنعاء، شهدت احتجاجات محدودة للسكان تخللتها قطع شوارع رئيسة بإطارات محروقة، غير أن المسلحين الحوثيين جابهوا تلك الاحتجاجات بالقمع والاسراع في احتوائها قبل ان تستفحل في المدينة.
وتحتكر قيادات جماعة الحوثي عملية استيراد المشتقات النفطية في العاصمة صنعاء منذ منتصف العام 2015، وتدير أكثر من 680 سوقاً سوداء لبيعها في صنعاء وحدها، تُدر عليها أرباحاً يومية تقدر بـ 1,5 مليون دولار، وفقا لمصادر اقتصادية.
وشهدت العاصمة صنعاء طفرة خلال السنتين الماضيتين في شراء العقارات الفارهة من قبل القيادات الحوثية، التي كانت معدمة وأصبحت تظاهي بالثراء من خلال شرائها أغلى الفلل والعمارات وأحدث السيارات.
وعلمت «القدس العربي» أن العديد من القيادات الحوثية اشترت عقارات ضخمة أيضا في الخارح، وفتحت شركات استثمارية عديدة في دبي ولبنان وفي العديد من الدول الأوروبية، وتركت السكان الواقعين في نطاق سيطرتها يعيشون حالة مريرة من المعاناة جراء مصادرة الحوثيين لكل مصادر الدخل لهم، بما في ذلك رواتب الموظفين.