تعز ـ «القدس العربي»: حلّ شهر رمضان هذا العام على اليمنيين في ظل ظروف شديدة أشد قسوة وتعقيداً، اقتصاديا وسياسيا وأمنيا في مختلف المحافظات والمناطق اليمنية، يعجز فيه أغلب اليمنيين عن شراء الأساسيات الغذائية لاستقبال هذا الشهر الفضيل، الذي بدأ أمس السبت في أغلب دول العالم العربي والاسلامي.
وبعد أن كان الشهر الفضيل عنواناً للتفرغ للعبادات والتنافس بين المساجد على إحياء صلاة التراويح بأفضل الأئمة والقرّاء، فقد أًصبحت المساجد في العديد من المدن خاوية وقليلة الرواد، وبعضها الآخر تحولت إلى خرابات لشدة القصف عليها، وفرغت الأسواق من المشترين وخلت الدكاكين من البضائع والمواد الغذائية الرمضانية، وحتى ان وجدت، انعدمت القدرة الشرائية عند أغلب الناس، والذي يقدر على الشراء يجد مرارة في حلقه عند الشراء لأن بقية أهله وجيرانه لا يستطيعون ذلك.
رمضان هذا العام في اليمن، أقسى من كل الرمضانات السابقة، في كل المحافظات والمدن والأرياف اليمنية على حد سواء، حيث لم يعد اليمنيون يبحثون فيه عن الكماليات التي تزيّن الموائد الرمضانية، بقدر ما يبحثون فيه حاليا عما يسدّ رمقهم ويخفف جوعهم، ويخفف من معاناتهم بعدما غابت سبل العيش الكريم وانعدمت مصادر الدخل بعد أن ضربت الحرب الوضع الاقتصادي في مقتل حتى عجز الناس عن إيجاد حلول للحصول على أي دخل وانعدام الحيلة للتعايش مع الوضع الاقتصادي الصعب، الذي أثر حتى على أصحاب رؤوس الأموال ورجال الأعمال الذين لم يجدوا متنفسا لإدارة أعمالهم وتشغيل تجارتهم، لما يتعرضون له من ابتزاز مستمر من قبل الميليشيا الحوثية في كل مكان.
رمضان اليمني هذا العام، مأساوي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، جوع وفقر وخوف لانعدام الأمن وأيضا لشدة البطش من قبل الميليشيا الحوثية في المناطق التي يسيطرون عليها.
يضاف إلى ذلك أيضا الخوف الشديد والقلق البالغ من أزيز طائرات التحالف العربي في المناطق المستهدفة وهدير المدفعيات الحوثية في المناطق والأحياء السكنية التي تتعمد الميليشيا قصفها دون مراعاة لحرمة الشهر الفضيل، وفي مقدمة ذلك مدينة تعز، التي تتعرض أحياؤها السكنية منذ مطلع الأسبوع المنصرم لموجة قصف عنيف بشكل عشوائي سقط جراءها العشرات من الضحايا بين قتيل وجريح، وكأنه إيذان باستقبال الشهر الفضيل، الذي يحرم فيه القتال، ولكنهم يتعمدون الايغال في إيذاء سكان المدينة انتقاما منهم لأنهم قاوموا اجتياح الحوثيين لها.
وما يزيد الوضع تعقيدا والناس ألما انسداد الأفق أمام أي تحرك سياسي لحل الأزمة اليمنية، والتي تدخل كل يوم منعطفا خطيرا يجر البلاد والعباد إلى أتون نفق له بداية ولا يعرف له نهاية، بدليل تعثّر الجهود الأخيرة التي حاول المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الى اليمن اسماعيل ولد الشيخ من خلالها التوصّل إلى هدنة إنسانية خلال شهر رمضان تفضي إلى وقف كامل لإطلاق النار، واستغلال ذلك في تهدئة النفوس ومحاولة جر الأطراف المتحاربة إلى حلبة السلام بعد أن عجز كل طرف منهم الحسم لصالحه في حلبة الصراع المسلح.
خالد الحمادي