اليمن: ساعات عصيبة تسبق موعد انطلاق مباحثات جنيف 2 .. تحرك في المسار الدبلوماسي وجمود في الجانب الميداني

حجم الخط
0

تعز ـ «القدس العربي» خالد الحمادي تشهد القضية اليمنية ساعات عصيبة مع اقتراب موعد انطلاق المباحثات الثنائية بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين وحلفائهم، المزمع انعقادها في جنيف الثلاثاء المقبل، والتي استغرق الإعداد لها فترة طويلة من العمل الدبلوماسي المتواصل والمكثف للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد.
وبلغت المخاوف ذروتها إثر القلق الكبير من فشل انعقاد هذه المباحثات في الساعات الأخيرة قبيل الجلوس إلى طاولة المفاوضات، إثر عدم التزام الحوثيين بوقف إطلاق النار في المناطق التي يشنون عليها حربا شعواء، وحصارا مطبقا وفي مقدمتها محافظات تعز ومأرب والجوف، كما لم يلتزموا برفع الحصار عن مدينة تعز ولا بالافراج عن المعتقلين السياسيين لديها من المعارضين.
وذكر مصدر سياسي رفيع لـ«القدس العربي» فضّل عدم الكشف عن هويته «نلمس تقدما ملحوظا على الصعيد الدبلوماسي ولكننا لا نرى أي خطوات عملية على الأرض من الناحية العسكرية والإنسانية، باتجاه إنجاح المباحثات في جنيف».
وأوضح أن «هناك عدم مواكبة للجهود الدبلوماسية الرامية إلى إحلال السلام في اليمن ولا دلائل من قبل الحوثيين على إثبات حسن النوايا في اتجاه مؤتمر جنيف حتى الآن». مشيرا إلى أن «الحكومة والمتمردين يستعدون للذهاب إلى جنيف للمباحثات وقد أعلنوا عن تشكيل وفودهم التفاوضية، بينما القصف العشوائي للميليشيات الحوثية على تعز والحصار المطبق عليها في تصاعد مستمر». وأضاف «إذا استمر الحال على هذا النحو خلال اليوم الأحد ويوم الاثنين فإنه لن يكتب لهذه المباحثات النجاح وستظهر مؤشرات فشلها منذ اليوم الأول لانعقادها، حتى لو التزمت دول التحالف بوقف اطلاق النار من طرف واحد، أيام المباحثات».
وكانت الحكومة اليمنية والمتمردون الحوثيون أعلنوا عن تسليم قائمة أسماء وفودهم التفاوضية إلى مؤتمر جنيف للأمم المتحدة التي ترعى هذه المباحثات، وأن الطرفين يستعدان للتوجه إلى هناك لخوض غمار هذه المباحثات التي تعتبر الأهم والأصعب على كل الأطراف، حيث أن فشلها سيخلف وضعا كارثيا على كل الصعد السياسية والعسكرية والأمنية والإنسانية، وسيفتح الباب على مصراعيه أمام المستقبل المجهول لليمن واليمنيين.
الحكومة اليمنية ودول التحالف العربي وفي مقدمتها السعودية تواجه ضغوطا دولية كبيرة وبالذات من الأمم المتحدة، باتجاه وقف إطلاق النار ووضع نهاية عاجلة لهذه الحرب التي خلّفت وضعا إنسانيا كارثيا على اليمنيين، ودفعت بنحو 80 في المئة من السكان إلى حافة المجاعة بسبب ندرة المواد الغذائية وتعثّر وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة. وفي الطرف الآخر، فالمتمردون الحوثيون لا يأبهون بأي ضغوط أو خسائر مادية أو بشرية في هذه الحرب، لعدم شعورهم بالمسؤولية الإنسانية أو الاجتماعية حيال الشعب لأنهم لم يجيدوا لعب الدور الحكومي، كسلطة أمر واقع في العاصمة صنعاء وبقية المناطق التي يسيطرون عليها، كما لم يحترموا سكان بقية المناطق المعارضة لهم، وهي التي تتعرض حاليا من قبلهم لأعنف قصف عشوائي وحصار إنساني غير مسبوق.
ويعتقد العديد من المحللين السياسيين في اليمن أن مباحثات جنيف المقبلة محفوفة بالقليل من التفاؤل والكثير من التشاؤل والاحباط وأن عوامل فشلها أكثر من مؤشرات نجاحها في ظل عدم الشروع حتى الآن في إثبات النوايا الصادقة وخطوات بناء الثقة بين المتفاوضين، «غير أنها تظل محطة مهمة وخطوة ضرورية للبدء في مسار السلام ووضع حد لهذه الحرب المجنونة التي أكلت الأخضر واليابس في اليمن ودمرت البلاد والعباد» على حد تعبيرهم.
وكان نائب الرئيس اليمنى، رئيس الوزراء خالد بحاح أعلن مساء الجمعة في اجتماعه بالوفد الحكومي إلى مباحثات جنيف حرص الحكومة اليمنية المستمر على «إيقاف الحرب بأسرع وقت ممكن وترحيبها بأي مشاورات جادة لإنهاء القتل والدمار في مختلف المحافظات اليمنية وإنهاء المعاناة التي أنهكت أبناء شعبنا اليمني جراء عمليات الحرب التي تشنها الميليشيات ضد الأبرياء».
وشدد على أن المباحثات في جنيف مع المتمردين الحوثيين يجب أن تستند على تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 2216، والمبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني «والذي يفضي إلى سلام دائم ويضمن عودة الدولة وكافة مؤسساتها في جميع محافظات الجمهورية واستئناف استكمال العملية السياسية في بلادنا».
وعلى الصعيد العسكري، شهدت كافة الجبهات بين الجانبين اشتدادا ملحوظا للمعارك وارتفاع وتيرة المواجهات بين القوات الموالية للرئيس عبدربه هادي من الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من جهة وبين الميليشيات الحوثية وحلفائها من القوات التابعة للمخلوع علي صالح، وكانت أعنف المواجهات المشتعلة خلال اليومين الماضيين هي التي شهدتها جبهات محافظة الجوف شمال اليمن، وجبهات المحور الغربي لمدينة تعز، وسط اليمن.
وأما الوضع الإنساني فكان كارثيا بكل المقاييس، ويخشى العديد من المراقبين ان يكون السبب الرئيسي في إفشال مفاوضات جنيف، حيث تفرض ميليشيا الحوثي حصارا منقطع النظير على مدينة تعز من جميع الجهات ووصل الحد قبل ثلاثة أيام إلى إغلاق كافة الطرق والمداخل المؤدية إليها، بماف يها المنافذ الترابية، وبدأت جراء ذلك، المواد الغذائية والمستلزمات الطبية والأدوية بالنفاد من الأسواق.
وأعلنت اللجنة الطبية في مدينة تعز الجمعة عن حال الطوارئ القصوى لانتهاء اسطوانات الأوكسجين الطبية والكثير من العلاجات الضرورية من مستشفيات المدينة ومن الأسواق أيضا، بسبب الحصار الحوثي المفروض على المدينة منذ عدة أشهر وارتفعت وتيرته خلال الأسابيع الأخيرة حتى وصل إلى حد الخنق الكامل للمدينة من كافة الأطراف.
ويزداد الوضع الإنساني سوءا في تعز، إثر قطع ميليشيا الحوثي للمساعدات الإنسانية التي تبعث بها المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة، وتحوّيلها إلى السوق السوداء لبيعها في المناطق التي تخضع لسيطرتها وبأسعار خيالية، ولا تصل أيا منها لمدينة تعز أو للأرياف المحيطة بها في إطار محافظة تعز.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية