تعز ـ «القدس العربي»: اتخذ الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي قرارات صارمة حيال الوضع الأمني على خلفية التفجير الإرهابي الذي أودى بحياة أكثر من 50 قتيلا من المدنيين في عدن أمس الأول، وأصدر قرارا بإقالة رئيس الجهاز المركزي للأمن القومي، ومدير فرع الجهاز في عدن.
وقالت المصادر الرسمية الحكومية ان الرئيس أقال رئيس جهاز الأمن القومي في اليمن وأصدر قرارا جمهوريا مساء أمس الاول رقم 115 لسنة 2016 قضى بتعيين العميد احمد عبدالله ناصر المصعبي رئيسا لجهاز الأمن القومي (الاستخبارات) وترقيته إلى رتبة لواء، في أول خطوة تصحيحية للوضع الأمني في اليمن.
وتزامن هذا القرار مع صدور قرار مماثل بتعيين العقيد قائد محمد مساعد رئيساً لجهاز الأمن السياسي في عدن ويرقى إلى رتبة عميد، وذلك في محاولة من الرئيس هادي إلى رفع جاهزية الأجهزة الأمنية وعدم التهاون مع اي مقصر في أداء مهامه وعمله الحكومي، مهما كانت نسبة الثقة به أو من المقربين.
وجاءت هذه القرارات الرئاسية على خلفية التدهور الأمني في عدن ووقوع سلسلة من العمليات الإرهابية سقط خلالها المئات من المدنيين خلال الشهور الماضية، آخرها العملية الانتحارية عبر السيارة المفخخة التي استهدفت تجمعا لطالبي التجنيد أمام بوابة مدرسة تم تحويلها إلى معسكر لقوات المقاومة في منطقة الشيخ عثمان في محافظة عدن. وقالت مصادر مقربة من الرئاسة اليمنية لـ(القدس العربي) ان هذه القرارات الصارمة وغير المسبوقة التي أصدرها الرئيس هادي، «جاءت لتضع حدا لحالة التدهور الأمني الذي وصلت اليه محافظة عدن، والتي تعتبر العاصمة المؤقتة لليمن، خاصة وأن الحكومة تعتزم الانتقال اليها للاستقرار فيها بشكل نهائي».
وأوضحت أن الرئيس هادي حزم أمره، و»قرر التعامل بكل حزم وصرامة مع كل من يقصّر في أداء مهامه الحكومية وبالذات مع المسؤولين الأمنيين، الذين تقع على عاتقهم حفظ الأمن والسلامة للمواطنين، وتقصيرهم يسهم في إزهاق أرواح المدنيين الأبرياء».
واستغل رئيس الوزراء السابق خالد بحاح حادثة التفجير الإرهابي في عدن أمس الأول لينتقد سلطة الرئيس هادي بشدة، فقال «يحق لكل الأهالي أن تقتص لهم العدالة ممن قتلوا ابناءهم، وتحميل القيادة العليا المسؤلية أمام الله والشعب والوطن».
وتسببت العمليات الإرهابية المتكررة في محافظة عدن في إزهاق أرواح المئات من المدنيين والعسكريين اليمنيين، خلال العام المنصرم منذ تحرير محافظة عدن من الميليشيا الحوثية ومن قوات الرئيس المخلوع علي صالح، الذي لا زالت أصابع الاتهام تتجه نحوه عقب كل عملية إرهابية في عدن، نظرا لاختراقه لكل الجماعات الإرهابية والمسلحة في الجنوب، وتسخيرها لخدمة توجهاته الانتقامية من سلطة الرئيس هادي ومن الذين وقفوا أمامه وأطاحوا به من السلطة مطلع العام 2012، بعد نحو عام من الثورة ضد نظامه.
وذكرت مصادر قريبة من صناعة القرار اليمني لـ(القدس العربي) «ان الإجراءات الرئاسية لتصحيح الاختلالات الأمنية في محافظة عدن، لن تقف عند حدود إقالة مسؤولي جهاز الأمن القومي، بل ستمتمد لتطال مسؤولين آخرين في محافظة عدن وخارجها، وقد يكون في مقدمة المستهدفين بذلك مدير عام شرطة محافظة عدن وكذا محافظ المحافظة».
وأضافت أن «الوضع الأمني في محافظة عدن أصبح لا يحتمل أي تسويف في معالجة اختلالاته، وبالتالي اتخذ الرئيس هادي هذه الإجراءات الضرورية في محاولة لانقاذ الوضع الأمني والعمل بجدية نحو استتبابه، للتهيئة لعاصمة آمنة».
في غضون ذلك كشف رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر، أن الحكومة اليمنية تتجه نحو نقل موارد الدولة إلى فرع البنك المركزي بعدن بدلا من مقر البنك في العاصمة صنعاء الذي يسيطر عليه ميليشيا الحوثي.
وجاء هذا القرار الحكومي بعد إعلان ممثل صندق النقد الدولي عن دعمه لإعادة الاعمار في اليمن بـ15 مليار دولار خلال ورشة العمل التحضيرية للتعافي وإعادة الإعمار ما بعد الصراع في اليمن، والذي سبقه العديد من الإجراءات الحكومية الاقتصادية بشكل تدريجي لتحويل أنشطة البنك المركزي إلى محافظة عدن.
وقال بن دغر في مقابلة صحافية «سيطر الانقلابيون على البنك المركزي في العاصمة صنعاء منذ بداية الحرب، وقد أفرغوه من كل الامكانات التي يتمتع بها، والعملات الاجنبية والمحلية وبددوا ثروات اليمن ولم يحافظوا عليها كما حافظنا عليها طيلة الـعشرين عاما الماضية، الأمر الذي جعل البلاد تمر بأزمة مالية ونقدية كبيرة، والشعب اليمني يدفع الآن ثمن هذا التصرف غير المسؤول من قبل المتمردين».
وبدأت الإجراءات الحكومية في اتجاه مقاطعة التعامل المالي مع البنك المركزي بصنعاء تحقق نتائجها بالانهيار التدريجي للبنك المركزي الذي تسيطر عليه ميليشيا الحوثيين بصنعاء، من خلال النقص الحاد في السيولة وعجزه خلال الشهر الحالي عن صرف رواتب وأجور والنفقات التشغيلية للوزارات الحكومية في العاصمة التي تقع تحت سلطة الحوثيين، ومن المتوقع أن يشهد انهيارا كاملا خلال الاسابيع المقبلة مع جفاف مصادر تمويل النفقات والصرفيات.
ميدانيا، قتل أكثر من 18 مسلحاً من الحوثيين والقوات العسكرية الموالية للرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح، أمس الثلاثاء، في مواجهات مع قوات الجيش والمقاومة الشعبية، في محافظة الجوف 143/ كم شمال شرق صنعاء. وقال عبدالله الأشرف، الناطق باسم مقاومة الجوف، إن أكثر من 18 من ميليشيا الحوثي و صالح قتلوا وجرح العشرات في مواجهات مع الجيش والمقاومة، بمديرية المتون غرب المحافظة.
وأشار إلى أن رجال الجيش والمقاومة تمكنوا خلال تلك المواجهات من «تحرير» منطقة الحزمة من قبضة الحوثيين وقوات صالح.
وحسب الأشرف، فأن مقاتلات التحالف العربي، شنت عدة غارات جوية على مواقع الحوثيين وقوات صالح، في حين ما تزال المواجهات مستمرة بين الطرفين بشكل عنيف.
ومنذ أكثر من عام ونصف، تشهد محافظة الجوف معارك عنيفة بين الحوثيين وقوات صالح من جهة، ورجال الجيش والمقاومة الذين استطاعوا مؤخرا السيطرة على معظم مواقع المحافظة.
خالد الحمادي