اليمين يؤلب الرأي العام ضد أدائه الضعيف واليمين المتطرف يتهمه بالخضوع لأوامر ميركل

حجم الخط
0

باريس ـ «القدس العربي»: عاكست فرنسا توقعات الاتحاد الأوروبي ونفت رسميا تقارير صادرة عن مؤسساته تقول أن باريس تفكر في منح اليونان قرضاً ثنائياً استثنائيا لمساعدتها في التغلب على أزمة تمويل فورية إلى أن يجري التوصل إلى اتفاق آخر في شأن منح أثينا برنامج إنقاذ ثالثاً.
وبعد تردد وتفكير عميقين خاصة في ظل استغلال اليمين واليمين المتطرف الأزمة اليونانية من أجل تأليب الرأي العام الفرنسي ضد الرئيس أولاند وحكومته وخططها الاقتصادية وطريقة إدارتها الأزمة الأوروبية، قررت الحكومة الفرنسية حسم أمرها في عدم الاستجابة لمطلب مقدم من رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس منح بلاده قرضاً ثنائياً استثنائيا للمساعدة في جمع نحو سبعة بلايين يورو تحتاجها اليونان لتفادي التخلف عن سداد دين للبنك المركزي الأوروبي، ما قد يجبر البنك على وقف تمويل البنوك اليونانية.
غير أن الرئيس الفرنسي وعد رئيس الوزراء اليوناني بعد الاتفاق الذي تم التوصل إليه في بروكسيل بعد مفاوضات ماراثونية ليلية استمرت 17 ساعة كاملة امتدت حتى ساعات الصباح الأولى، وعده بالضغط على نظرائه الأوروبيين خاصة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل من أجل دفع نحو 3.4 بليون يورو في شكل أرباح من حيازات البنك المركزي الأوروبي لسندات يونانية أعيدت إلى الدول الأعضاء واستغلال صندوق حجمه 60 بليون يورو تملكه المفوضية الأوروبية يعرف باسم «آلية الاستقرار المالي الأوروبي» في ذلك.
ورغم إجازة البرلمان الفرنسي بغرفتيه «الجمعية العمومية ومجلس الشيوخ» الاتفاق الذي ساهمت فرنسا في هندسته مع شركائها الأوروبيين لمساعدة اليونان إلا ان أداء الرئيس أولاند خلال الأزمة ومستقبل الديون الفرنسية المستحقة على أثينا وحصة باريس في أي خطط إنقاذ مستقبلية لليونان وإصرار الرئيس الفرنسي على بقاء اليونانيين في منطقة اليورو، كلها مواضيع لا تزال تشغل وسائل الإعلام والأحزاب السياسية الفرنسية حيث انقسم الفرنسيون بشأنها إلى أنصار ومعارضين.
ووافق البرلمان الفرنسي بأغلبية كبيرة على بدء المفاوضات مع اليونان حول منحها برنامج مساعدات ثالثاً وافق عليه قادة منطقة «اليورو»، في ختام مفاوضات طويلة مع رئيس وزرائها في بروكسيل في جلسة تميزت بالسخونة والتوتر بعد أن تحولت إلى تصفية حسابات بين أنصار الرئيس الفرنسي السابق وزعيم حزب الجمهوريين اليميني نيكولا ساركوزي ومعسكر الاشتراكيين الذين ينتمي إليهم الرئيس الفرنسي.
غير أن موافقة البرلمان في فرنسا تبقى غير ملزمة لحكومتها لبدء المفاوضات، بل إن مناقشة البرلمان للخطة جاءت بناء على رغبة الحكومة الفرنسية لتحديد الخطوط العريضة لسياستها تجاه اليونان وحصد دعم نواب الأمة وتهدئة مخاوف الفرنسيين وذلك بخلاف الحال في ألمانيا التي لم تطرح الأمر للنقاش في برلمانها.
وأيد 412 عضوا من النواب بيان رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، بشأن المحادثات مع اليونان، مقابل معارضة 69.
كما وافق ممثلو المعسكر المحافظ المعارض في الجمعية الوطنية على أحدث محاولات إنقاذ اليونان من الإفلاس، إلا أنهم انتقدوا رئيس وزراء اليونان، أليكسيس تسيبراس، بشدة أثناء المناقشات كما انتقدوا ما أسموه الأداء الضعيف للرئيس أولاند الذي اتهموه بالتغريد خارج السرب وبأن فرنسا كانت تقريبا الدولة الوحيدة التي تصر على بقاء اليونان داخل فضاء دول مجموعة اليورو أكثر من اليونانيين أنفسهم.
وقبيل التصويت أعلن مانويل فالس رئيس الحكومة الفرنسية إصرار حكومته على ضرورة خفض صندوق النقد الدولي، من قيمة ديون اليونان، وقال «أنا ما أزال ملتزمًا برأيي».
وأشار «فالس» خلال كلمته، إلى أن «أوروبا لن تترك اليونان وحدها، ولن تقبل بفكرة خروجها من منطقة اليورو بشكل مؤقت» مــؤكــدا أن مجــمـــوعة اليورو «تدرس حــزمة من الــتــدابير المستــدامة، لإعـادة تنفس الاقتصاد اليونان الصعداء».
وكان قادة منطقة اليورو، توصَّلوا الإثنين الماضي، إلى اتفاق يتعلق بإطلاق حزمة إنقاذ ثالثة لليونان، عقب مفاوضات ماراثونية مع أثينا استمرت 16 ساعة، في بروكسل. واضطر رئيس الوزراء اليوناني «ألكسيس تسيبراس» إلى التراجع عن غالبية وعوده الانتخابية، منها إنهاء سياسة التقشف اليوناني، وشطب الديون، والتخلص من ترويكا الدائنين (المفوضية الأوروبية، والبنك المركزي الأوروبي، وصندوق النقد الدولي)، بينما اشترط قادة منطقة اليورو على أثينا التي لم تتمكن من التخلص من أزماتها المالية، رغم حزمتي الإنقاذ السابقتين، تمرير حزمة إصلاحات جديدة، مقابل الإفراج عن حزمة إنقاذ ثالثة، تبلغ 86 مليار دولار.
واتهم اليمين المتطرف الفرنسي الرئيس أولاند بالخضوع للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل و الإئتمار بأوامرها ما تسبب من وجهة نظره في غياب موقف فرنسي قوي خلال الأزمة.
وكان وزير المالية اليوناني السابق يانيس فاروفاكيس قد أعلن أن المانيا تريد إخراج بلاده من منظومة اليورو من أجل إخافة فرنسا واجبارها على القبول «بالنموذج المنضبط» لمنطقة اليورو الذي تنادي به برلين.
وقال «اعتقادي هو أن وزير المالية الألماني يريد إخراج اليونان من منظومة اليورو لاخافة الفرنسيين وإجبارهم على القبول بالنموذج الذي يروج له لمنظومة يورو منضبطة».
وأضاف فاروفاكيس «إن الألمان، الذين ينظر إليهم بوصفهم صرافي الرواتب بالنسبة لأوروبا وأكبر الداعين لسياسات التقشف، يريدون استخدام اليونان كعبرة من أجل ترهيب فرنسا».
ويواجه الرئيس الفرنسي معارضة قوية من اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبان التي ما فتئت تدعو إلى خروج فرنسا من منطقة اليورو والعودة إلى العمل بالفرنك الفرنسي ومحاسبة الرئيسين السابق نيكولا ساركوزي والحالي فرانسوا أولاند على ما أسمته منحهم أموال دافعي الضرائب في فرنسا إلى دول أوروبية مفلسة كاليونان لسداد ديونها معتبرة ذلك خيانة عليا لمصالح فرنسا والشعب الفرنسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية