انتخابات الأردن: أبواب الإخوان المواربة

حجم الخط
17

 

إلى جانب الإشكاليات التي تتصل بقانون الانتخابات الأردني الجديد ـ خاصة حول ما إذا كان ينقل النظام التمثيلي خطوة إلى الامام، أم يردّه خطوات إلى وراء، أم يبقيه مراوحاً في المكان رغم موجبات التقدّم… ـ ثمة طارىء واحد، حتى الساعة، جدير بالمراقبة واستقصاء الدلالة: عودة جماعة الإخوان المسلمين، ممثلة بحزب «جبهة العمل الإسلامي»، بعد غياب امتدّ تسع سنوات، ونجم عن قرار الجماعة بالمقاطعة.
وقد لا يكون السؤال الأهمّ ذاك الذي يرتبط بما ستحققه التحالفات الإسلامية من نتائج، وما ستنجح في إرساله إلى مجلس النوّاب من ممثليها، بل في مدى اقتران تلك النتائج بواقع حال الحركات الإسلامية الأردنية عموماً، ثمّ مزاج الشارع الشعبي العريض استطراداً. ذلك لأنّ البيت الإخواني، في ذاته أولاً، بات موزعاً على أربع كُتل، قد يكون ما خفي فيها وحولها أكبر مغزى مما بان؛ ولأنّ المآل هذا اختُبر من قبل، انتخابياً، على صعيد نقابي مثلاً (انتخابات المعلمين، والخسران الأفدح للجماعة في نقابة هيمنوا عليها طويلاً). هذا إذا وضع المرء جانباً حقيقة السجالات داخل الصفّ الإسلامي، حول مسائل عقائدية وتنظيمية، وأخرى سياسية محلية أردنية وفلسطينية وعربية. وهذا، كذلك، إذا افترض المرء إياه أنّ التناحرات الأجيالية، بين القيادات الشائخة والكوادر الشابة، وبين الهرم والقاعدة، لن تدخل في أطوار أكثر حدّة ونزوعاً إلى الاستقطاب، وربما الكسور والانشقاقات.
ثمة ما يشبه العودة إلى الحياة السياسية، في مستواها النيابي الراهن على الأقلّ، عبر أبواب أبقتها الجماعة مواربة عن سابق قصد وتصميم؛ لا لأنّ فعل المواربة يتيح مرونة أكبر، ومناورة أوسع تالياً، فحسب؛ بل أساساً لأنّ تاريخ علاقة الحركات الإسلامية الأردنية بهذا الطراز من المشاركة السياسية سار على منوال مماثل، حكمته الكبرى تمزج بين الانحناء البارع أمام العواصف، واغتنام الرياح إذا هبّت مواتية؛ وغالباً ما يكون التوقيت محكماً، والتكتيك مطابقاً.
ومن الإنصاف التذكير بأنّ أقدار إسلاميي الأردن غير منفصلة عن أقدار إسلام شعبي، أو شعبوي في أمثلة كثيرة، استقطب أمزجة متنوعة وشرائح اجتماعية متباينة، وأحسن استغلال موجات التديّن العامّ، وامتطى سخط الجماهير من الأنظمة المستبدة، وسعى إلى توظيف احتجاج الشارع… فاكتسب، كما بات معروفاً وجلياً، مقادير متفاوتة من الشعبية، كانت في كلّ حال أكبر مما استطاعت اكتسابه تيارات علمانية يسارية أو ليبرالية زعمت تمثيل آمال الناس ومطامحهم.
على قدم المساواة، لا تختلف اسباب قصور إسلاميي الأردن عن أسباب قصور أقرانهم هنا وهناك في الأقطار العربية؛ خاصة خلوّ البرامج من المعالجات الملموسة للهموم الشعبية، والوطنية، فضلاً عن تقلّب المواقف السياسية ومهادنة الأنظمة وخيانة العهود والمواثيق. ولم يكن عجيباً، كما بات واضحاً وجلياً هنا أيضاً، أن يُتاح لـ»إسلام» آخر أن يصعد بقوّة ـ في إهاب أسامة بن لادن، أو الزرقاوي، أو البغدادي، أو الجولاني… ـ وأن يجمّد نفوذ الحركات الإسلامية التقليدية، ثم ينتقل من التجميد إلى التجنيد، وصولاً إلى شقّ الصفوف وشرذمة التنظيمات.
وقبل أشهر معدودات، حين تفاقمت أزمات الحركات الإسلامية الأردنية على صعيد حياتها التنظيمية الداخلية، وكُرّست الانشقاقات عملياً؛ تردد، ليس دون صواب في الواقع، أنّ هذه الحركات فقدت الكثير من جاذبيتها، السياسية والعقائدية، وبالتالي لم تعد أبوابها مواربة بما يكفي لتسهيل الدخول والخروج معاً، وتوجب أن تتنازل عن بعض، أو معظم، طموحاتها في اجتذاب السخط الشعبي واستثماره. وانتخابات العشرين من أيلول (سبتمبر) الجاري محكّ أوّل لكي يتأكد إسلاميو الأردن من أنّ لهم في كعكة المجلس النيابي حصة دسمة.
أم تراهم لا يطمحون إلا إلى الحصة الأدسم؟

انتخابات الأردن: أبواب الإخوان المواربة

صبحي حديدي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    لو تم تجاوز الإخوان المسلمين فالتطرف هو البديل !
    ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول حسام محمد:

      الاخوان المسلمين هم أصل التطرّف يا كروي، الم تقراء سيد قطب بعد؟

    2. يقول الكروي داود النرويج:

      حياك الله عزيزي حسام وحيا الله الجميع
      سيد قطب هو أديب وليس مفتي وقد كتب كتابين وهو بالسجن العسكري الرهيب نتيجة التعذيب
      البنا هو مفتي الجماعة الأول ولهذا فالجماعة سلمية 100%
      ولا حول ولا قوة الا بالله

    3. يقول محمد صلاح:

      مع تحياتى اخ كروى
      الاخوان قبل سقوط الملكية فى مصر اغتالوا اثنين من روساء مصر فى عصر الملك فاروق
      واثنين وزراء داخلية
      وحكمدار القاهرة (مدير الأمن)
      وقاضى محاكمة بعض الاخوان
      واعترف حسن البنّا بذالك
      وبعد ثورة ٥٢ اعترف الاخوان انهم من نفذوا عمليات الاغتيال بواسطة القسم السرى لهم
      وكل ذالك منشور ومعلن على الانترنت

  2. يقول سامح // الاردن:

    * بدون يمين لو الملايين التي يتم صرفها
    على ( الحملات الإنتخابية) ذهبت للفقراء
    لن تجد فقير ف الأردن.
    * ما يستفيد المواطن الفقير المطحون
    من (برلمان) اعرج لا يهتم بفقره
    وتحسين معيشته..؟؟؟
    * هل البرلمان ( للزينة ) وديكور فقط..؟؟؟
    سلام

    1. يقول منى-الجزائر:

      “ذاك الهم اللي بكيت انا”كما يقال في المثل الجزائري….
      على كل ،هو الاستبداد ؛ صانع التطرّف والتخلف والارهاب والفساد وووو،،،،،
      وكل جهد في التغيير لاينال من ركائز المستبد ويخلخل اركانه هو العبث بعينه؛ولعب في الوقت بدل الضائع؛؛؛
      تحية لكاتبنا الكبير صبحي حديدي،وتحية لك أخي سامح و اخي لكروي داوود ولكل المعلقين
      سلاام….

    2. يقول الكروي داود النرويج:

      حياك الله أخت منى وحيا الله الجميع
      وووو هذه مفردة للكروي داود بدلاً من كلمة (إلخ) وكذلك هههههه
      ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول خليل ابورزق:

    الى الاخ سامح:
    كثيرا ما تتردد مقولة “لو انفقت تلك الاموال على الفقراء..فلن تجد فقيرا.” و هذا في الحقيقة تبسيط يكاد يكون تضليلا. لان توزيع المال علاج وقتي. وان معالجة الفقر اعمق من ذلك بكثير. و تبدأ بالحرية والعدل والتعليم و الصحة. و كل هذه منوطة بالنظام السياسي. الحرية لتطوير الفكر و الابتكار و الابداع و العدل لتكريس القيم السامية. و اعطاء الاولية للتعليم و الصحة. اما في حالة انظمتنا غير المستقرة فانها تعطي الاولوية للجيوش و الامن و الاعلام الهابط و تلقين الاطفال بدون جدوى بل تعمد تشوية العقول و حرية الفساد و كلها من اسباب الفقر

  4. يقول محمد حاج:

    لو كان المرشحون في الانتخابات في الدول العربية يغذون العقول ، ويتصفون بالقوة والأمانة ، ولا يهتمون فقط بملء البطون ، لأصبح البرلمان سدا منيعا ضد الفساد والظلم .

  5. يقول بلحرمة محمد المغرب:

    الانتخابات في البلدان العربية وضمنها طبعا الاردن لا تعدو كونها عملية تجميلية للنظام فهي لا تقدم ولا تؤخر فقد تابعت هدا الصباح روبورتاجا في قناة فرنسا 24 في نسختها العربية حول الانتخابات الاردنية حيث تم استجواب بعض المواطنين الدين عبروا جميعهم عن مقاطعة هده الانتخابات بفعل عدم جدواها وعدم فعاليتها فنقولها بكل اسى واسف ودون لف او دوران ان البرلمانات العربية لا تستحق فعلا صفة مؤسسات نواب الامة لانها لم تكن ابدا في خدمة الشعوب العربية كما انها لم تكن قط مدافعة عن همومها وما اكثرها وما اعظمها بقدر ما كانت دائما تمثل وسيلة لتمرير المشاريع الحكومية والمصادقة على القوانين التي ترتضيها الانظمة لاغراق الشعوب في مزيد من المعاناة بدل انتشاله من عداباته اليومية او على اقل التخفيف منها كما حدث في المغرب حيث صوتت غرفتا المستشارين والبرلمان على قانون التقاعد المشؤوم ليضيفا جرحا عميقا للجراح المتعددة والكثيرة التي يئن تحت وطئتها الموظفون البسطاء فما الفائدة من انتخابات ثبت بالدليل والبرهان انها مجرد مضيعة للوقت والهاء للشعوب؟ ولمادا لا يتم توفير هده المبالغ الباهضة في ما ينفع البلاد والعباد بدل صرفها على عملية تسمى مجازا بالانتخابات؟ فمتى تتوقف هده المهزلة في عالمنا العربي؟

  6. يقول عادل:

    مشكلة العرب في الاستبداد وسوء توزيع الثروة. لو كانت الثروات موزعة بشكل عادل وتصرف فيما يفيد الشعب لما رأينا فقرا مدقعا وتخلفا في مختلف المجالات. و رحم الله الكواكبي حين قال: (الاستبداد اصل لكل فساد) وقال ايضا:(تراكم الثروات المفرطة مولد للاستبداد، ومضر بأخلاق الأفراد.)

  7. يقول سلام عادل:

    المشكلة ليست بمن ننتخب فكل الاحزاب بلا برامج حقيقية يمكن ان تخدم المواطن بل في الشعب الذي لا يعرف مصلحته فكل ما سيفعلة الناخب قراءة اسم المرشح فلو كان من اقرباءه او عشيرته سينتخبه بغض النظر عما سيقدمه له وان لم يجد احد من اقرباءه سينتخب احد الملتحين وان كان لا يحب الملتحين سينتخب من هو ضدهم.هذا كل ما في الامر

  8. يقول سلام عادل:

    تنويه لالاخ الكروي(لو تم تجاوز الإخوان المسلمين فالتطرف هو البديل) الا تعتقد انك بتعليقك اعلاه تدين الاخوان المسلمين انفسهم

    1. يقول الكروي داود النرويج:

      حياك الله عزيزي سلام وحيا الله الجميع
      نعم هناك متشددين بكل جماعة أوحزب سياسي ويُسمَون بالصقور لكن الأغلبية مسالمين ومتمسكين بالسلمية
      ألم تسمع ما قاله مرشد جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع برابعة العدوية حين قال سلميتنا أقوى من الرصاص ؟
      ولا حول ولا قوة الا بالله

  9. يقول رؤوف بدران- فلسطين:

    لو كان العرب غير ما هم , لكان اجدى لهم…والسلام

  10. يقول سامح // الاردن:

    * حياك الله أخت منى والعزيز الكروي رئيس
    حزب ( المثنى والثلاث والرباع ) والجميع.
    * عزيزي خليل كلامك ( بالمجمل ) صحيح
    ولكن في دولنا العربية الديموقراطية للدعاية
    وللزينة فقط.
    * الإنتخابات مهزلة ومسخرة وضحك ع الذقون
    والنتائج يتم إعدادها في دوائر المخابرات..؟؟؟
    والأفضل توزيع الأموال ع الفقراء وصغار
    الموظفين واسعادهم ولو لفترة بسيطة وشكرا.
    سلام

    1. يقول الكروي داود النرويج:

      حياك الله أستاذنا العزيز سامح وحيا الله الجميع
      جميع برلمانات العرب عاجزة بسبب أنه لا سلطة حقيقية لها
      الحاكم ببلادنا يا أستاذ بيدة كل شيئ والبرلمان زينة كما قلت وللتصديق فقط
      ولا حول ولا قوة الا بالله

إشترك في قائمتنا البريدية