رغم بعض المفاجآت المحدودة، والتقدم أو التراجع الطفيفين في حصيلة الكتل النيابية الرئيسية، تشير نتائج الانتخابات التشريعية اللبنانية إلى ثبات نسبي في توازن الأحزاب والقوى، وبالتالي تعيد التأكيد على إعادة إنتاج الأمر الواقع كما كان قبيل السادس من أيار/ مايو حين توجه اللبنانيون إلى صناديق الاقتراع.
في عبارة أخرى، تراجعت كتلة «المستقبل» بالقياس إلى عدد النوّاب، لكنّ رئيسها سعد الحريري بقي الأوفر حظاً للتكليف بتشكيل الحكومة المقبلة. وخسر «حزب الله» مرشحاً شيعياً في جبيل، لكنه اكتسب مرشحين جدداً من صفوف السنّة ليسوا حلفاء للحزب فحسب، بل هم أقرب منه إلى النظام السوري. وإذا كانت المجموعات المسيحية قد خسرت هنا او ربحت هناك، فإن التحالف القديم الذي جمع «القوات» مع «الوطني الحرّ» سوف يُستأنف سريعاً بعد إحالة صناديق الاقتراع إلى المستودعات.
ولعل كبرى المفاجآت لم تكن نجاح «المجتمع المدني» في اختراق الأسوار الحصينة التقليدية، وانتخاب نائبتين آتيتين أصلاً من صفوف الإعلام والصحافة تحديداً، ومن قلب الأقليات الأدنى سطوة، رغم ما انطوى عليه هذا التطور من مغزى هام. المفاجأة الكبرى صنعتها، في المقابل، نسبة اقتراع لم تبلغ الـ50٪، أي أقلّ من دورة 2009، وذلك رغم إقرار قانون النسبية والصوت التفضيلي الذي كان من المتوقع أن يجذب المزيد من الناخبين، أكثر من القانون السابق في أقل تقدير. ذلك يعني أن ثقة المواطنين في الانتخابات، وربما في المجلس النيابي ذاته ومن ورائه المؤسسات السياسية إجمالاً، هي جوهر العزوف وهي الآخذة في التناقص.
الدرس الثاني هو أن شرائح واسعة من أبناء الطائفة الشيعية ما تزال ملتفة حول «حزب الله»، رغم أن خياراته في التدخل العسكري إلى جانب نظام بشار الأسد وتحويل «بندقية المقاومة» نحو الداخل السوري بدل المواجهة مع إسرائيل، كان يُنتظر منها أن تتسبب في تآكل بعض شعبيته في الوسط الشيعي على الأقل. ذلك يشير أيضاً إلى أن قدرة الحزب على تأمين خدمات اجتماعية واقتصادية وسياسية لأبناء الطائفة تظل بين أبرز العوامل التي تمكّن مرشحيه من الحفاظ على التأييد وحصد الأصوات. ولهذا يصح القول مجدداً بأن الحزب لم يعد دولة داخل الدولة فقط، بل هو يملك ما تعجز عن توفيره الدولة الرسمية ذاتها.
الدرس الثالث إقليمي يتجاوز لبنان ويتصل بما تشهده المنطقة من محاور وإعادة توزيع للأوراق والمواقف، وهو أن جميع القوى اللبنانية خاضت غمار الانتخابات، فكسبت أو خسرت أو راوحت في مكانها، ولكن الرابح الأكبر كان طهران ومحورها الذي تتوطد حلقاته من العراق إلى اليمن، مروراً بسوريا ولبنان، خاصة وأن معطيات الانتخابات التشريعية المقبلة في العراق تشير إلى جولة فوز ثانية لصالح إيران.
وبالنظر إلى أن العداء بين الجمهورية الإسلامية وكل من الولايات المتحدة وإسرائيل يستحكم أكثر فأكثر حول مسائل عديدة، من الاتفاق النووي مع الغرب إلى مناطق النفوذ الإيرانية المتعاظمة، فإن من سوء طالع اللبنانيين أن بلدهم سوف يستمر في وضعية الرهينة، ضحية تقاطع النيران.
رأي القدس
لم يشرح لنا أحد لماذا فازت إيران ؟؟؟ هل الأمر كما قال أنصار الحريري ــ جعجع لقناة فرانس 24 ” أن حزب الله يمارس غسل أدمغة الشعب اللبناني ” هل حقا يستطيع حزب أو حركة التأثير على شعب بكامله يتكون من 13 طائفة ” كما تقول مناهج وزارة التربية و التعليم ” و نسبة الأمية فيه أقل من 10 في المئة ؟؟؟ أما أن الشعب اللبناني قسّم السياسيين إلى تحالفين لا ثالث لهما : الأول فيه الحريري و جعجع و السعودية و فرنسا و أمريكا و إسرائيل طبعا ” الجار الطيب” و تحالف ثان فيه أمل و حزب الله و إيران طبعا و كل القوى التي تتخندق ضد التكفير و الدولة الدينية …الشعب اللبناني يعرف أن نصر الله حليف قوي لبشار و مع ذلك منحه أصواتا تفوق أصوات الذين يحاولون إقناع العالم أنهم صح الصح و أن استبدال العدو الصهيوني بعدو وهمي فيه منافع للناس … الديموقراطية هي أن يشارك الناس في انتخاب ممثليهم و قد فعلوا و عاقبوا البعض و أعلوا من شأن البعض الآخر … أمامنا خياران إما أن نقول هذه هي نتائج الديموقراطية و نترك الفائز يطبق برنامجه و هو أمر مستبعد لدى العائلات الإقطاعية في كل الوطن العربي و لبنان لا يشذ على هذه القاعدة .. و إما أن نتحدث عن عظمة الشعب اللبناني حين نفوز و نرفض خياراته و نتحدث عن المال الإيراني و سلاح المقاومة و الفلتان و الزعران حين يطلب الشعب تجديد الأحصنة الهرمة و يحيلها على التقاعد ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟