■ على عجل التقى وزير الخارجية السعودي نظيره الأمريكي جون كيري في واشنطن الاسبوع الماضي، معلنا بعد هذا اللقاء عن وجود الخطة (ب) في حال عدم التوصل إلى وقف إطلاق النار في سوريا.
الخطة المقترحة تتضمن، تزويد المعارضة السورية بأسلحة ضد الجو، وإنشاء مناطق آمنة في الشمال والجنوب السوري، والزج بقوات نخبة سعودية وعربية لدعم المعارضة على الارض. سبق ذلك إعلان المملكة استعدادها للتدخل العسكري البري مع حلفاء خليجيين، وربما من دول إسلامية أخرى، في المشهد العسكري السوري، وقبل ذلك كله تدخلت في اليمن ومازالت.
هنا لابد من الإشارة إلى أنها اليوم ترفع رايات ثلاثة أحلاف عسكرية. الحلف الدولي لمحاربة الدولة الاسلامية، والحلف العربي في اليمن، والحلف المقترح للتدخل في سوريا بريا. فهل دخلت السياسة السعودية عصر القوة الصلبة؟
على مدى سبعين عاما من عمر المملكة، كانت السياسة السعودية سياسة محافظة. كانت ضد كل تغير في الوضع القائم في المنطقة، حتى في موضوع الحق العربي في فلسطين اعتبرته أمرا واقعا، وكانت لا تحبذ الدخول في حروب مع إسرائيل، لذلك كرهت جمال عبدالناصر وصدام حسين، لأنهما حاولا استرجاع الحق العربي بالقوة. السبب هو أن أي تغير في الوضع القائم يؤثر على المعادلات في المنطقة ويضرب ما تريده المملكة. رغبتها في سكون الوضع الاقليمي، سمح بأن يكون للسياسة الامريكية القول الفصل حتى على حساب المصالح السعودية، على الرغم من أن حجم المصالح بينهما يرتب للمملكة موقع الندية للولايات المتحدة. وقد شهدت العقود المنصرمة عطاء سعوديا كبيرا في كافة المجالات، بدون الحصول على ما يقابله، وهذه خطيئة كبرى في العلاقات الدولية، لكن مبرر قبولهم ذلك، هو أن معادلة الأمن وطنيا وإقليميا، المستندة إلى مبدأ الأمن مقابل النفط، هي الحاكم في هذه اللعبة، وهي تلعب دورا مهما في رسم السياسة الخارجية السعودية، وأن الامريكان هم الحليف الإستراتيجي الذي يضمن هذه المعادلة، لكن غاب عن ذهن صانع القرار السعودي أن فهمهم هذا ليس بالضرورة هو فهم واشنطن في حال تبدلت الظروف.
وقد حدث هذا التحول بالفعل في الوضع الدولي والعلاقات الدولية، والوضع الاقتصادي لواشنطن والوضع الإستراتيجي لدول أخرى، وقيمة النفط، فوجدت المملكة أن المعادلة التي حرصت عليها مع واشنطن قد تغيرت من طرف واحد. هذا هو منطق السياسة الدولية والعلاقات بين الدول، وليس منطق شرف الكلمة، الذي يُعطى في دواوين العرب. فكل تحول يكون فيه تأقلم جديد، وفيه رابح وخاسر، وخطوط حمراء جديدة لهذا الطرف أو ذاك. وعليه اضطرت المملكة إلى القيام بحالة مراجعة، ساعدها في ذلك التغيير الذي حصل في قمة هرم العرش، فوجدت أن كل أفعال حليفها الامريكي تُعزز الشك وليس الاطمئنان، فهي لم تنفذ تهديداتها بضرب الاسد، وأنها أعطت العراق إلى إيران، وتركت حلفاءها في شرق آسيا تحت رحمة الصين، وصمتت عن قضم روسيا لجزيرة القرم، وتخلت عن الحليف حسني مبارك. كما أنها وجدت أن نموذج أوباما هو ليس نموذج جورج بوش.
أوباما حريص على عدم التدخل العسكري المباشر، الا إذا كان الأمن القومي الامريكي الحيوي مهددا، وعبر تحالف دولي وغطاء قانوني. كما وجدوا أن الامريكان يستثمرون التناقضات والصراعات بين قوى الإقليم، وأنهم يعملون على خلق حالة عدم استقرار، لأن ذلك يساعدهم على إيجاد التوازن في المنطقة، ولجوء المتصارعين إليهم. حينئذ حاولت السعودية اللعب بخيارات أخرى، مثل تسليح الجيش اللبناني بأسلحة فرنسية وليست أمريكية، والجيش المصري باسلحة روسية وليست أمريكية، ومع ذلك لم تنجح لان عينها على الحليف الاول، ولانها مازالت محسوبة عليه من قبل أطراف دولية أخرى. لكن متطلبات الظرف الذي تعيشه، وخياراتها الإستراتيجية بأن يبقى الداخل مستقرا، والمحيط المباشر، خاصة اليمن ودول الخليج، مسيطرا عليه، أجبرها على التحرك لاستغلال ما لديها من إمكانيات، فحدث تحول مهم في استراتيجية المملكة من السياسة الناعمة إلى الصلبة، بهدف تأمين الداخل اجتماعيا، وشراء تحالفات خارجية.
فكانت أول قرارات القمة الخليجية عام 2013 خلق قوة عسكرية موحدة، ثم تلا ذلك وبخطوات متسارعة السعي لتجميع قوى ذات وزن ديموغرافي وعسكري، كالاردن والمغرب ومصر وتركيا.
هذه التحركات السياسية والعسكرية، بغض النظر عن نجاحها أو فشلها، تدل على شعور المملكة بأن هنالك نظاما جديدا قد تشكل، وهي تحاول أن تكون جزءا منه، لأن قلقها كبير من تحولها إلى لاعب ثانوي، تحت ظل قـــــوة إقليمية تسيطر على الاقليم برضى دولي. السؤال الان هل تحقق هذا الظرف، وهو الذي قاد إلى هذا التغير في الموقف السعودي؟
يقينا هذه هي الحقيقة التي أدركتها المملكة بصورة متأخرة. صحيح أن السعودية لازالت حليفا مهما في نظر الولايات المتحدة وتتعهد بأمنها. وصحيح أيضا أن لها أهمية في السياسة الامريكية، باعتبارها المركز الروحي للمسلمين في العالم، وزاوية المثلث العربي الممتد من سوريا ومصر، وهي قلب المخزون النفطي العالمي, لكن الامريكان يقولون علنا للمملكة بأن هنالك تغييرا جذريا في قواعد لعبتهم في الإقليم، وأن على السعودية القبول بالوضع الجديد، بما فيه من خسارة لها. فالملفات المهمة بين واشنطن وطهران ليس كمثلها بين الرياض وواشنطن. وقد كان الامريكان صادقين في طرحهم هذا، لكن السعوديين انعدمت ثقتهم بالامريكان بعد الحوار مع طهران، وهم يشعرون بأن الامريكان فضلوا عدم التدخل في سوريا إكراما لعيون الايرانيين، وألقـــــوا وجـــهة النظر والمصالح السعودية في سوريا خلف ظهورهم، وبالتالي لابد من صنع إطار جديد للدور السعودي في المنطقة، قائم على أساس تلازم المسارين السياسي والعسكري، والابتعاد عن طريقة تهدئة المنطقة بتبويس اللحى. كما أن العامل الأبرز في نهوض دور سعودي حقيقي هو في بناء القدرة الذاتية لها، بما يتوافق مع حجمها الجغرافي ومركزها المادي والمعنوي. بهذه العوامل يمكن للمملكة محو النظرة السلبية التي تركتها في نفوس الغالبية العظمى من شعبنا العربي لها، والتي صنعتها لنفسها بسياسات كارثية، تراكمت عبور عقود طويلة من الزمن، كانت فيها مصالحها الوطنية ومصالح أمتنا العربية في أدنى سلم أولوياتها، وكان حرصها على الشريك الامريكي هو المتقدم دائما، بل إنها كانت العامل الرئيسي في التغول الإيراني في المنطقة، وهي من كسر البوابة العراقية، التي بعدها انداح الطوفان جارفا الامن القومي العربي إلى أبعاد سحيقة.
إن الارض والمياه والاجواء الاقليمية لدولة ما، تتسع إلى ابعد من الحدود المعترف بها دوليا، عندما تكون القدرات العسكرية موازية لحجم الدولة الجغرافي، وبالتالي تجد السياسة الخارجية مجالا رحبا في رسم أدوارها وتحقيق مصالحها.
٭ باحث سياسي عراقي
د. مثنى عبدالله
مقالة هامة ذات بعد استراتيجي قرات بقلم رشيق مبسط جزءا هاما من ازمة المنطقة ووجهت ونصحت وصورت الواقع بدقة متناهية من دون wish ful thinking ! وهي مقالة في صميم الحدث والتحول الكبير في المنطقة والذي لا يمكن معرفة على ماذا سيستقر الا بعد ان تتحرك الدول الاقليمية بما يتناسب وحجمها شكرا للمقالة التي التهمتها كلوح شوكولا جاء على فاقة هههه شكرا لقلمك د مثنى ودم مشعلا لقراءك
هذه التحركات السياسية والعسكرية، بغض النظر عن نجاحها أو فشلها، تدل على شعور المملكة بأن هنالك نظاما جديدا قد تشكل، وهي تحاول أن تكون جزءا منه، لأن قلقها كبير من تحولها إلى لاعب ثانوي، تحت ظل قـــــوة إقليمية تسيطر على الاقليم برضى دولي. السؤال الان هل تحقق هذا الظرف، وهو الذي قاد إلى هذا التغير في الموقف السعودي؟
(انتهى الاقتباس)
البعض يشكك في صدق نوايا هذا التغيير المثير للجدل حتى في الداخل
السعودي نفسه.وهنا مربط الفرس فيما يخص نجاح او فشل هذا النظام الجديد؟
فاذا كانت النوايا صادقة( ومستقلة) مع قليل من الحنكة والكثير من الجرأة
ينجح ان شاء الله.
اعتقادى ان هدف الغرب واسرائيل الان هو اشعال حرب سنية شيعية تستمر اطول فترة ممكنة يكون اطرافها السعودية وايران اساسا ولامانع من ان تشمل من يريد ان يساهم ….. بحيث يترتب عليها بيع سلاح – القضاء على ايران وقوتها التى تقلق اسرائيل …الوضع الان محاولة دفع السعودية وتركيا لبدا الطلقة الاولى لحرب لن تنتهى الا بعد ان تخلص على الاخضر واليابس وترجع السعودية الى تربية المعيز والابل …ايران واعية للخطر وكذلك تركيا …..
لو كانت السعودية ودوّل الخليج جادين فعلاً في مساعدة السوريين فلماذا لا يسلحوهم بمضادات جوية خفيفة ومتنقلة وبعضها يحمل على الكتف ورخيصة جداً … السعودية نفسها مستهدفة من الروس والفرس والغرب وتلك هي نهاية الارتماء في أحضان الشيطان الأمريكي والغربي الإستعماري الصليبي الصهيوني لأكثر من قرن!