رام الله – «القدس العربي»: بالملابس ذاتها منذ قرابة الشهر.. ويعتاشون على الماء والملح بكثير من الكرامة، يواصل الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال إضرابهم المفتوح عن الطعام في مواجهة سلطات السجون الإسرائيلية التي لا تعتبرهم بشراً وسلبت كل حقوقهم الإنسانية المشروعة تحت عنوان «إضراب الحرية والكرامة» وتتلخص المطالب بإنهاء سياسة الاعتقال الإداري وإنهاء سياسة العزل الانفرادي وإنهاء سياسة منع زيارات العائلات وعدم انتظامها، وإنهاء سياسة الإهمال الطبي.
وعلى صعيد الشارع خرجت المدارس الفلسطينية قاطبة إلى خيام الأسرى المتواجدة في مراكز المدن الفلسطينية نصرة لإضراب الأسرى المفتوح، ونفذ طلبة المدارس اعتصاماً ألقوا خلاله الخطابات وهتفوا بشعارات مناصرة للأسرى وحريتهم كما أنشدوا الأناشيد الوطنية.
مركزية حركة فتح تدعم الأسرى ومطالبهم
وجهت اللجنة المركزية لحركة فتح بعد اجتماعها في رام الله، تحية إلى الأسرى وصمودهم وصبرهم في إضرابهم ومعركتهم البطولية معركة الحرية والكرامة بقيادة عضو اللجنة المركزية القائد الأسير مروان البرغوثي. واستعرضت حراك القيادة السياسي والاتصالات على المستويات الوطنية والعربية والدولية، وأكدت بعد بحثها سبل الدعم للأسرى الأبطال استمرار قيادة الحركة والقيادة السياسية بتكثيف الجهود على المسارات كلها لضمان تحقيق مطالبهم المشروعة العادلة المكفولة في القوانين الدولية، والعمل على إطلاق حريتهم جميعا.
أوضاع خطرة وحجب للشمس في سجن الرملة
وفي السياق قالت اللجنة إن الأسرى المضربين عن الطعام في عزل سجن نيتسان الرملة، يعانون أوضاعاً صحية خطيرة تتمثل بجفاف شديد وانخفاض في ضغط الدم واضطراب في عمل القلب وعدم القدرة على الحركة. وأوضح الأسير المضرب ناصر أبو حميد لمحامي الهيئة كريم عجوة الذي زاره «أن إدارة السجن تحتجزهم في زنازين قذرة، وتُصر على مصادرة الملح، وتحرمهم من الفورة عدا عن الاقتحامات الممنهجة وسياسة التنقيل التي تهدف لإنهاك الأسرى والانتقام منهم، لافتاً إلى أن إدارة السجون نقلته منذ بداية الإضراب سبع مرات».
وأكدت أن إدارة عزل سجن نيتسان الرملة تحرم الأسرى المضربين من رؤية ضوء الشمس، بعد أن منعتهم من الخروج للفورة وغطت الشبابيك بحيث تحجب وصول ضوء الشمس. ونقلت محامية نادي الأسير أروى حليحل عن الأسيرين المضربين حسام شاهين وعبد الباسط شوابكة قولهما: «إن الإجراءات التنكيلية والقمعية التي تُنفذها إدارة السجن تتصاعد، لا سيما عمليات التفتيش العقابية والمكثفة. كما أنها تخطط لتبرير عمليات التفتيش عبر تزويد الأسرى المرضى من المضربين بالملح عند خروجهم للعيادة، وبعد أن تزودهم تقتحم الأقسام لمصادرة الملح، كما أن إدارة السجن زودت الأسرى وعددهم 70 أسيراً، بمقص أظافر واحد بعد مطالبات عديدة». وأكد الأسيران للمحامية أن الأسرى ورغم كل ما يمرون به من إجراءات تنكيلية وظروف قاسية وضغوط نفسية هائلة، إلا أن معنوياتهم عالية وهم مستمرون حتى ساعة النصر.
من جهة ثانية قال عبد الناصر فروانة رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين إن المقصود بالتغذية القسرية هو إدخال المواد الغذائية لجسم المضرب عن الطعام بالقوة ورغما عن ارادته بهدف إفشال إضرابه. وأكد أن التغذية القسرية تتم بطريقتين: إما بإدخال المواد الغذائية بالقوة إلى المعدة عبر الفم أو الأنف بواسطة أنبوب مطاطي يُطلق عليه «الزوندة». أو عن طريق إدخال السوائل المغذية والمواد الغذائية عن طريق الحقن داخل الأوردة والأوعية الدموية والتي عُرفت مؤخرا بـ «المدعمات».
وأوضح فروانة أن إدارة السجون الإسرائيلية لجأت إلى الطريقتين في التعامل مع الأسرى المضربين عن الطعام، دون اكتراث للقانون الدولي وما يمكن أن يسببه ذلك من أضرار جسدية ونفسية للأسير المضرب، فبينما كانت تستخدم «الزوندة» في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، لادخال الطعام للمعدة، وبسببها سقط ثلاثة أسرى شهداء تحولت في السنوات الأخيرة إلى استخدام الحقن في مجرى الدم (الأوردة) لإدخال المواد الغذائية البديلة للجسم، وهذا ما يفسر إطالة مدة الإضرابات الفردية لأكثر من 66 يوما، هي المدة القصوى التي من الممكن أن يتحملها جسد الإنسان دون تناول مواد غذائية.
رئيس الوزراء رامي الحمد الله
واعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله أن أسرى الحرية في سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي، سيما المضربين عن الطعام، إنما هم ثائرون في وجه الظلم والقهر وقساوة الأسر والسجان، ويصرون على نيل حقوقهم العادلة، ومواصلة إضراب الحرية والكرامة، لفضح ممارسات إسرائيل اللاإنسانية ونظامها القضائي والقانوني غير العادل.
وطالب الأسرة الدولية، بما فيها الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف، والأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان واللجنة الدولية للصليب الأحمر والهيئات الحقوقية والدولية، بالتدخل بشكل عاجل بل وفوري لإنقاذ حياة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال والضغط على إسرائيل، وإجبارها على وقف ممارساتها ضدهم والاستجابة لمطالبهم المشروعة، كمقدمة للإفراج عنهم جميعا دون قيد أو شرط.
نداء من الكتاب العرب دعماً للأسرى
وعلى صعيد المناصرة الخارجية أصدر الروائيون العرب المشاركون في ملتقى فلسطين الأول للرواية العربية نداءً بشأن الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام، قالوا فيه «نحن الكتاب العرب الموقعين على هذا النداء، المجتمعين في ملتقى فلسطين الأول للرواية العربية برام الله تابعنا ونتابع مجريات إضراب الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، الذي طال حتى بلغ يومه الرابع والعشرين، من دون الاستجابة لمطالبهم المشروعة، بما في ذلك معالجة مرضاهم والسماح لهم بالتعبير الحر عن إرادتهم، ومن دون أن يحرك العالم ساكناً إزاء الإجراءات التعسفية بحقهم، التي تصل من جراء فظاعتها الجرائم ضد الإنسانية».
واعبتروا ان هذا الإضراب الذي ينفذه الأسرى الفلسطينيون رداً على إجراءات الاحتلال الإسرائيلي التعسفية ضدهم، ليمثل جزءاً من حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره والعيش بكرامة على تراب وطنه، ونيل حقوقه كاملة وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. كما ان هذا النداء الذي نطلقه نحن الكتاب العرب في ملتقى فلسطين الأول للرواية العربية، في هذه الظروف الحرجة التي يعيشها أسرى الكرامة والحرية، وهو دعوة لكل الشعوب العربية وكتابها ومثقفيها وسياسييها على اختلاف توجهاتهم وتجمعاتهم، من أجل العودة إلى إقرار الحق العربي في فلسطين، واتخاذ المواقف والإجراءات التي تليق بثقافتنا العربية في معركتها التاريخية ضد الثقافة الصهيونية التي تستهدف تاريخنا ومنجزات أمتنا ككل.
وحمّل الموقعون سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة الأسرى، فإنهم يطالبون كل دول العالم وشعوبه ومنظماته ومثقفيه بضرورة التدخل الفوري لإرغام هذه السلطات على الاستجابة لمطالب أسرانا الذين يضحون بحياتهم من أجل قضيتهم العادلة، مؤكدين في الوقت ذاته أن السكوت عما تقوم به سلطات الاحتلال ضد الأسرى المضربين عن الطعام، إنما يضفي أشكالاً من المشروعية على عمليات تصفيتهم جسدياً، ويشرع الأبواب أمام المزيد من الإجراءات الإسرائيلية ضدهم.
فادي أبو سعدى